الأصول التي يسأل عنها المرء في قبره ويوم حشره (⮫)


 الأصول التي يسأل عنها المرء في قبره ويوم حشره

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمدالله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..

أما بعد:

فهذه أوراق كتبتها عن الأصول التي يسأل عنها المرء في قبره ويوم حشره، أسأل الله تعالى أن ينفع بها.


 مقدمة

 مسائل ينبغي معرفتها:

قبل أن نبدأ بالكلام عن الأصول التي يسأل عنها في القبر والمحشر هناك مسائل لا بد من معرفتها والحرص عليها لأنها من أهم المهمات وأعظم الواجبات وهي:

أولاً- العلم: ويقصد به العلم الشرعي الذي يتوصل به إلى المقاصد وهو ما جاء عن الله على لسان رسله كقوله تعالى: ﴿فَٱعْلَمْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنۢبِكَ ...﴾ الآية[1].

وهذا يدرك بالتعلم، فالذين تعلموا كانوا علماء وبالعلم صاروا ورثة الأنبياء الذين لم يورثوا شيئاً من المال وإنما ورّثوا العلم، من أخذه أخذ بحظ وافر.

«ومن سلك طريقاً يطلب به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة»[2]، قال جلّ ذكره: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[3]، وقال: ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾[4]، وقال ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾[5]، وقال: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[6] .

وقال النبي ﷺ: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم»[7]، وقال أبو ذر رضي الله عنه: «لو وضعتم الصمصامة[8] على هذه وأشار إلى قفاه ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي ﷺ قبل أن تجهزوا علي لأنفذها»[9]، وقال ابن عباس: «كونوا ربانيين حلماء فقهاء»[10].

ولما كان العلم أساس معرفة الله المعبود الخالق الرازق ومعرفة دينه ورسله كان طلبه عبادة لله تعالى.

وقد بين النبي ﷺ فضل العلم، فقال في حديث أبي الدرداء- مرفاعاً-: «من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن طالب العلم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم..»[11].

وعن أبي هريرة مرفاعاً: «ما من رجل يسلك طريقاً يطلب فيه علماً إلا سهل الله له به طريقاً إلى الجنة..» الحديث[12].

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما ولاه وعالماً ومتعلماً»[13].

ثانياً- العمل: وبعد أن عرفنا أهمية العلم ووجوب تعلمه فلا بد أن ننعرف بأن العلم من أجل العمل، وكل علم لا يُعمَل بمقتضاه يكون وبالاً على صاحبه حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ۝ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾[14].

وقد بين الرسول ﷺ أهمية العمل بالعلم، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه- قال: كان من دعاء النبي ﷺ: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن دعاء لا يُسْمَع، ومن قلب لا يَخشَع، ومن نفسٍ لا تَشبَع»[15].

وعن أبي هريرة -أيضاً- قال: كان رسول الله ﷺ يقول: «اللهم انفعني بما علّمتني وعلّمني ما يَنفعني وزدني علماً»[16]. وعنه ايضاً قال: قال رسول الله ﷺ: «إن مَثَل عِلم لا ينفع كمثل كنز لا ينفع في سبيل الله»[17].

وعن سفيان ابن عيينه قال: «أجهل الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل بما يعلم، وأفضل الناس أخشعهم لله» ([18]).

ثالثاً -الدعوة: ومن العمل الدعوة إلى الله، فكل علم يحتاج إلى دعوة الناس إليه وبيانه لهم، والدعوة مسئولية الأمة ولها فضل عظيم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ ([19] وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ([20]).

رابعاَ -الصبر: إذا علمت هذا فاعلم أن طلب العلم، والعمل به، والدعوة إلى الله، كل ذلك بحاجة إلى صبر، وقد وردت أدلة كثيرة تبين فضل الصبر وتحث عليه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا﴾ ([21] وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ([22] وقال: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ([23]).

وقال النبي ﷺ: «والصبر ضياء» ([24] وقد جمع ذلك كله في سورة العصر قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ ([25]).

ففي هذه السورة يبين لنا ربنا عز وجل بأن الناس كلهم في خسارة إلا من اجتمعت فيه هذه الأوصاف الأربعة وهي: الإيمان بالله تعالى بأنه رب العالمين، وأنه المستحق للعبادة وحده دون غيره، إيمان مبني على علم ثم العمل الصالح المبني على دليل شرعي نزل من عند الله على لشان رسول من رُسُله الذين ختموا بمحمد ﷺ، ثم الدعوة إلى هذا الإيمان، والعمل الصالح على بصيرة وحكمة، وهي من التواصي بالحق والإرشاد إليه والإلتزام به، وبعد ذلك الصبر على هذه الأمور كلها.

 الأصول التي يسأل عنها في القبر:

ولكي ننجو من الخسران المبين ونفوز بالنعيم المقيم، يجب علينا معرفة ما سوف نسأل عنه بعد الرحيل من هذه الدنيا والانتقال إلى الدار الآخرة، وهي أمور ثلاثة:

1- السؤال عن الرب وهو المعبود الحق.

2- والسؤال عن الدين وهو المعتقد المعمول به في هذه الدنيا.

3- والسؤال عن النبي المرسل هل أُستجيب لدعوته أم لا؟

حال المؤمن والكافر عند الموت والقبر:

وقد ورد في الحديث عن النبي ﷺ بأن الإنسان يمتحن في قبره، فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟، لحديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع النبي ﷺ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله ﷺ مستقبل القبلة وجلسنا حوله، وكان على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه، ثلاثاً، فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر»، مرتين، أو ثلاثاً، ثم قال: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً»، ثم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيضُ الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط ([26]) من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مَدّ البصر، فيقول: أيتها النفس الطيبة "وفي رواية: المطمئنة" أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما يسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها، وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلـى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم، فإذا أخذها لم يدعوها في يده حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط فذلك قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾([27]) ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون -يعني بها- على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان ابن فلان بأحين أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عزوجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ۝ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ۝ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾([28])، فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فيُردُّ إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولّوا عنه مدبرين، فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: مادينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله ﷺ، فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمن به وصدقت، فينتهره فيقول له: من ربك؟ مادينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حين يقول الله عزوجل: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ([29]) ،فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد ﷺ، فينادي مناد في السماء: أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه (وفي رواية: يمثل له) رجل حَسَنُ الوجه حَسَنُ الثياب طيّبُ الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي توعد فيقول له: وأنت، فبشرك الله بخير، من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في إطاعة الله، وبطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً، ثم يفتح له باب من الجنة وباب من النار، فيقال هذا منزلك لو عصيت الله أبدلك الله به هذا، فإذا رأى من الجنة قال: رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال له: اسكن.

قال: وإن العبد الكافر -وفي رواية الفاجر- إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة غلاظٌ شدادٌ سود الوجوه معهم المسوح ([30]) من النار فيجلسون منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود ([31]) من الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فيأخذها فإذا أخذها لم يعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها عل ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله ﷺ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾([32]) فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده ثم قرأ: ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾([33])، فتعاد روحه في جسده، قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه ويأتيه ملكان شديدا الإنتهار فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان: مادينك؟ فيقول: هاه هاه ([34]) لا أدري! فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه، فيقال: محمد؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دريت، ولا تلوت، فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه فبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه (وفي رواية: ويمثل له) رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: وأنت، فبشرك الله بالشر، من أنت؟ فوجهك الوجه يجئ بالشر! فيقول: أنا عملك الخبيث فوالله ما علمت إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعاً إلى معصية الله، فجزاك الله شراً، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه ضربة حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، ويمهد من فرش النار، فيقول: رب لا تقم الساعة» ([35]).

في هذا الحديث ونحوه دلالة واضحة على أن الإنسان يُسأل عن أصول التوحيد، فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟، فالمسلم يقول: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد ﷺ نبيي، وهذا معنى قوله تعال: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ ([36] فعلى الإنسان ذكراً كان أو أنثى أن يعرف:

الأصل الأول:

أن الله ربه الذي خلقه ورزقه وأسبغ عليه نعمه، وأنه لم يخلقه عبثاً ولم يتركه هملاً بل أرسل الرسل إليه رسولاً يتلو عليه آيات الله ليدله على الصراط الله خلقه لعبادته وحده، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ([37] وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ ([38]).

فإن عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أنه لا يرضى أن يُعبَد غيرُه ولا يُعبد ويُشركَ معه في عبادته أحد، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ ([39] وقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ ([40])، وعُلمَ أنه يُحب عباده المؤمنين، ولا يحب الكافرين، فلذلك يجب على المسلم أن يحب ما يحبه الله ويكره ما يكرهه الله ويعادي الكافرين لما يحملونه من الكفر والشرك في قلوبهم، فهذه مسائل ثلاث لابد من العلم بها:

1- أنّ الله خلق الخلق لعبادته، وأنه لم يخلقهم سدىً ولم يتركهم هملاً بل أرسل إليهم رسلاً من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، وأمره بأن يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وأن يجتنبوا عبادة الطاغوت، والطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من متبوع أو معبود أو مطاع، ورؤوس الطواغيت خمسة: أ- إبليس الذي لعنه الله وطرده من رحمته. د- من دعا الناس لعبادة نفسه. ب- من عُبد وهو راض. هـ- من ادعى شيئاً من علم الغيب. جـ- من حكم بغير ما أنزل الله.

2- وأن الله لا يرضى أن يُشرَكَ به شيئاً في جميع أنواع العبادة من صلاة وصيام وصدقة وركوع وسجود وخوف ورجاء واستعانة واستغاثة في ما لا يقدر عليه إلا الله.

3-  وأنه لا بد من موالاة أولياء الله المؤمنين ومحبتهم ونصرتهم والترحم عليهم والدعاء لهم والاستغفار، خاصة أهل بيت الرسول ﷺ وهم قرابته من بني هاشم وأفضلهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وابناه الحسن والحسين وعمه العباس -رضي الله عنهم- ويدخل من أهل بيت الرسول -ﷺ- أزواجه أمهات المؤمنين وكذلك صحابته أجمعين إبتداءً بالخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ثم العشرة المبشّرين بالجنة ثم بقية الصحابة أجمعين وبعد ذلك عامة المسلمين وأنه لا بد من معاداة أعداء الله من الكفار وأعوانهم الذين يدّعون الإسلام وهم لا يعملون بأحكامه ولا يحترمون أهله، ولكن هذه العداوة لا تبيح لنا ظلمهم بأخذ أموالهم وانتهاك أعراضهم ما لم يكونوا محاربين لنا، بل يجب علينا دعوتهم ودلالتهم على الخير، وحفظ حقوقهم والنصح لهم، قال تعالى: ﴿ لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ۝ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾([41] وقال تعالى: ﴿ لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ﴾([42] وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ﴾([43]).   

 بما يعرف العبد ربه؟  

يعرف الإنسان ربه بأمور كثيرة جداً في الآفاق وفي الأنفس، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾([44])، فالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم المسخرات بأمره كلها من آيات الله الدالة عليه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾([45] لذلك يجب على العبد إذا قيل: له من ربك؟ أن يقول: ربي الله الذي ربّاني وربّى جميع العالمين بنعمه، فالله هو الرب، وما سواه العالمين خلقهم وربّاهم بنعمه، خلقهم لعبادته، لذلك يجب التسليم له والإذعان لكل ما أمر به وشرعه لعباده في كتابه العزيز وفي ماصح عن رسوله ﷺ من الأحاديث التي صححها العلماء والعمل بمقتضى ذلك كله سواء ظهرت لنا الحكمة أم لا؟ لأن الازم للعبد طاعة الله في أمره ونهيه. هذا، وإذا عرفنا أن العبادة لله وحده ولا يصح أن يصرف شيء منها لغير الله.

 فما هي العبادة؟

العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فهي فعل ما أمر الله به حسب الاستطاعة، فيجب على العبد أن يتبع أمر الله ويجتنب نهيه، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ([46] وقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ([47])، ويترك كل ما نهى الله عنه، لأن الترك لا يحتاج إلى كلفة، قال ﷺ «ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه» ([48]).

 والعبادات أنواع كثيرة منها:

 الدعاء: قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ ([49] وقال تعالى: ﴿وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ﴾ ([50]).

ومنها: الخوف، والرجاء: قال تعالى: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ([51] وقال: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ ([52]).

ومنها: التوكل: قال تعلى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ([53]).

ومنها: الرغبة والرهبة والخشوع: قال تعالى: ﴿نَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ ([54]).

 ومنها: الاستعانة والاستغاثة: قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ([55] وفي الحديث عن النبي ﷺ: «إذا استعنت فاستعن بالله» ([56]).

ومنها الاستعاذة، قال تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ([57]).

ومنها السجود والركوع والانحناء، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ([58]) وقوله: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ ([59]) قال المفسرون منحني الرؤوس.

ومنها تحكيم شرع الله في كل ما شجر بين العباد، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ([60])، وغير ذلك من أنواع العبادة.

الأصل الثاني:

وعلى المرء أن يعرف دينه معرفة مبنية على علم ويقين مبنيان على دليل وبرهان من ربه مما صح عن رسوله ﷺ الذي ختم به الرسالات كلها، فالله تعالى أنزل عليه القرآن ليتدبر ويعمل به فهو الهدى والنور المبين، والدين هو الإسلام، ليس هناك دين صحيح بعد بعثة النبي محمد ﷺ غير الإسلام بدليل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾([61] فهذا الدين ختم الله به الأديان كلها وارتضاه لعباده ديناً وتعهد بحفظه من التبديل والتغيير بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾([62] وقوله: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ..﴾([63] وقوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾([64]) وقوله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾([65]).

مراتب الدين: وهذا الدين على مراتب ثلاث:

 الإسلام – الإيمان – والإحسان.

فالإسلام: معناه الاستسلام لله، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهو اعتقاد وعمل، اعتقاد بالقلب بوجوب الطاعة لله، وعمل بالجوارح بما شرعه الله، وله خمسة أركان يجب الإيمان بها وعملها بالجوارح:

أولها: ﴿شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله﴾. فمعنى ﴿لا إله إلا الله﴾: لا معبود بحق إلا الله، فـ ﴿لا إله﴾ نفي لجميع الآلهة التي تعبد من دون الله، لأنها لست حقا، بل كل ما يعبد من دون الله باطل، و ﴿إلا الله﴾ إثبات بأن الله هو الإله الحق المستحق للعبادة وحده.

ومعنى ﴿شهادة أن محمداً رسول الله﴾: طاعته فيما أمر وتصديقه بما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجلا وألا يعبد الله إلا بما جاء به من الشرع، ودليل الشهادة قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ([66] وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾([67]).

وثانيها: إقامة الصلوات الخمس، وإقامتها أن يأتي بها المرء كاملة على الوجه المشروع.

وثالثها: الزكاة ودليلها، قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ ([68]).

ورابعها: صوم رمضان، والدليل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وقوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ ([69]).

وخامسها: الحج، والدليل قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً﴾ ([70]).

وأما الإيمان فهو: قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ ([71] وقال ﷺ: «والإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» ([72] وأركانه سته:

1- الإيمان بالله تعالى: بأنه خالق الخلق أجمعين، ورب العالمين، لا ربَّ ولا معبود سواه.

2- الإيمان بالملائكة: بأن لله ملائكة خلقهم من نور، يعملون بطاعته فلا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون.

3- الإيمان بالكتب: المنزلة من عند الله على رسله، منها التوراة التي أنزلت على موسى، والإنجيل الذي أنزل على عيسى، والمقصود أصل هذين الكتابين، والمتداول الآن منهما دخله التحريف والتعديل والزيادة والنقصان فاختلط الأصل بما زيد ونقص، والزبور الذي أنزل على داود، وآخرها القرآن المنزل على محمد ﷺ، وهو الآن محفوظ لم يطرَأ عليه تغيير أو تبديل وهو مهيمن على جميع الكتب المنزلة.

4- الإيمان بالرسل: إجمالاً وتفصيلاً الذين ختموا بمحمد ﷺ. وقد ذكر في القرآن منهم خميسة وعشرون رسولاً.

5- الإيمان باليوم الآخر: وبكل ما أخبر الله به من أمور الغيب أو أخبر به رسوله ﷺ.

6- الإيمان بالقدر خيره وشره: من الله تعالى وهو الإيمان بعلم الله الشامل العام لكل شيء، وأنه كتب ما علم أنه كائن وأن شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه الخالق وحده لكل مخلوق.

ودليل هذه الأركان قوله تعالى: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ...﴾ ([73]) وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر﴾ ([74]).

ومن أنكر واحداً منها أو كفر به فقد كفر بالجميع والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ ([75]).

أما الإحسان: فهو ركن واحد وهو درجتان أحدهما أعلى من الأخرى:

الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه.

والثانية: أن تعبد الله عالما موقناً بأنه يراك، ودليل المراتب الثلاث من السنة حديث جبريل عليه السلام المروي عن عمر -رضي الله عنه- قال: «بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي ﷺ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا»، قال صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه! قال فأخبرني عن الإيمان؟، قال «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»، قال: صدقت، فأخبرني عن الإحسان؟ قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، قال: فأخبرني عن الساعة؟، قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل»!، قال فأخبرني عن أماراتها؟، قال: «أن تلد الأمَة ربّتها وأن ترى الحفاة العراة العالة، رعاء الشاة يتطاولون في البنيان»، ثم انطلق، فلبثت مَلياً، ثم قال: «يا عمرُ، أتدري من السائل؟» قلت: اَلله ورسوله أعلم، قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» ([76]).

الأصل الثالث: وعلى الإنسان أن يعرف نبيه ﷺ، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. وهاشم من قريش وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولد في مكة عام الفيل بعد ولادة عيسى عليه الصلاة والسلام بخمسمائة وواحد وسبعين عاماً، بُعثَ بمكة وهاجر منها إلى المدينة بعد ما بعثه الله رسولاً بثلاثة عشر عاماً، وكان أول ما أُنزل عليه قوله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (2) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (3) ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (4) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾([77]) وبهذا الوحي صار نبياً ثم نزل عليه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ (1) قُمۡ فَأَنذِرۡ﴾([78]) بهذا الوحي كانت بداية إرساله إلى الناس كافة بديل قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾([79] وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾([80])، وقد عاش بعد الهجرة عشر سنين، ثم توفي فيها بعد أن أتم الله به دينه وأتم به النعمة، وكان عمره حين وفاته – 36عاماً – لا خير إلا دلّ الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، وقد هاجر من مكة إلى المدينة وهو خاتم الرسل فلا نبي بعده، قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾([81])، وتتم معرفته بالنظر في سيرته وأحواله التي تجعل الناظر مقتنعاً تمام الاقتناع بأنه رسول من عند الله ولذلك تجد من يطلع على ما ذكر يقتنع بصحة رسالته وبصحة ما جاء به من عند الله، والهجرة سنته ﷺ، وهي: الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، وحكمها باق إلى أن تنقطع التوبة، والتوبة لا تنقطع حتى تطلع الشمس من المغرب، وحيث تواصلت البلاد في هذا الزمن وتقاربت في أعمالها ومعاملاتها، فخير للإنسان أن يبحث عن البلد الذي تقام فيه شعائر الإسلام أكثر من غيره، ويستطيع المسلم أن يقوم فيه بما أوجب الله عليه من أمور دينه من القيام بعبادة الله تعالى، والدعوة إلى دين الله، والجهاد في سبيله؛ لأن في اجتماع المسلمين بأبدانهم وفي اجتماع كلمتهم، وتوحيد صفوفهم قوة للإسلام والمسلمين، ولذلك شرع الله الهجرة، وتوعد من تركها بالنار، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ۝ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلً ۝ فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ ([82]).

هذا بيان ما يسأل عنه الإنسان في قبره وما يجب عليه اعتقاده وعمله في حياته الدنيا ليحصل على النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة بحسن الإجابة على تلك الأسئلة.

والأسئلة التي يسأل عنها الإنسان في قبره يعاد السؤال عنها بصيغة أخرى لجميع أهل المحشر يوم القيامة، وهي:

1- السؤال عن المعبود: فمن كان يعبد الله موحدا له في عبادته نجا وأفلح ومن كان غير ذلك هلك، والتوحيد هو إفراد الله بالعبادة، عبادة الله بما شرعه على لسان رسوله ﷺ والإخلاص في ذلك بأن تكون العبادة خالصة لله لا رياء فيها ولا سمعة ولا شرك، أما من كان في عبادته شرك أو نفاق أو كانت على غير ما شرعه الله أي بغير دليل فإن ذلك كله لا ينفع صاحبه ولا ينجيه يوم القيامة، قال تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ۝ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ۝ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ۝  مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ ۝ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ۝ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ۝ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ۝ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ۝ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ([83] وقوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾ ([84] وجاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الله عنه قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «(( يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا» ، والحديث مخرج في الصحيحين ([85]) وهو حديث طويل مشهور.

2- السؤال عن العمل: فمن كان عمله خالصا لله تعالى موافقا لشرعه فهو الناجي يوم القيامة، قال تعالى ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ([86]).

وقد جاء عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره في أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه» ([87]) وهذا من السؤال عن العمل.

3- السؤال عن إجابة المرسلين: فمن كان متبعاً لرسول الله ﷺ في عبادته فإنه ينجو في ذلك الموقف، وإن كان غير ذلك تكون إجابته بقوله: ى أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، أما المؤمن فيقول: قرأت كتاب الله وآمنت به، وفي موقف يوم القيامة يقال للناس: ماذا أجبتم المرسلين، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ ([88]).

 ومما يجب أن يعلم ويعتقد:

1-  أن الله خالق الخلق ورب العالمين أجمعين، فهو المعبود وحده وأنه لا يرضى أن يعبد غيره، ولا يُعبد ومعه غيره، ومن أشرك في عبادته تركه وشركه، وأنه المتصف بصفات الكمال المنزه عن كل نقص، وأنه لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأنه لا وسيط بينه وبين خلقه وأنه فوق العالم كله مستوٍ على عرشه بائن من خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، قد أحاط بكل شيء رحمة وعلما.

2-  وأن الإسلام دين حق نسخ الله به جميع الأديان السابقة، وأنه المهيمن عليها، المشتمل على ما كان فيها من عند الله تعالى وأنه لا يرضى إلا به.

3-  وأن الرسول محمد ﷺ آخر الرسل، وأن رسالته هي الخاتمة، فلا نبي بعده وأن الوحي انقطع من عند الله تعالى بعد وفاة النبي ﷺ، ومن ادعى أنه يُوحى إليه من عند الله فهو كافر، وأن ما يتلقاه هو من وساوس الشيطان.

4-  وأن القرآن هو آخر الكتب المنزلة من عند الله وأن الله تكفل بحفظه وسيبقى محفوظا إلى أن يأذن الله برفعه في آخر الزمان كما جاء في الحديث الذي رواه الدارميّ بإسناده عن ابن مسعود قال: «ليُسرينّ على القرآن ذات ليلة ولا يُتْرَك آية في المصحف ولا في قلب أحد إلا رفعت» ([89]) أ0هـ، ومن ادعى أن فيه زيادة أو نقص فهو كافر خارج عن الإسلام.

5-  وأن صحابة الرسول ﷺ أفضل الخلق بعد الرسل والأنبياء، وقد رضي الله عنهم واصطفاهم لصحبة نبيه نصرة دينه، وأنهم قد نقلوا إلينا سنة الرسول ﷺ بأمة وصدق، ولم يخفوا شيئاً منها، وهم الذين نقلوا إلينا جميع أقواله وأفعاله وصفاته، بلغوا ذلك كله لمن بعدهم من الناس صحيحاً صريحاً مشافهةً من غير لبس ولا غموض، وأن من أبغضهم أو انتقص أحداً منهم أو كفّرهم أو كفّر بعضهم فهو كافر.

هذا ما تم جمعه في هذا الموضوع، أسأل الله تعالى أن ينفع به المسلمين في كل مكان وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



[1] الآية 19 من سورة محمد.

[2] رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة، كما ذكره البخاري في صحيحه (الفتح3/243).

[3] الآية 28 من سورة فاطر.

[4] الآية 43 من سورة العنكبوت.

[5] الآية 10 من سورة الملك.

[6] الآية 9 من سورة الزمر.

[7] ذكره البخاري تعليقاً في صحيحه في كتاب العلم- باب العلم قبل القول والعمل.

[8] السيف.

[9] ذكره البخاري تعليقاً في كتاب العلم- باب العلم قبل القول والعمل.

[10]ذكره البخاري تعليقاً في كتاب العلم- باب العلم قبل القول والعمل.

[11] رواه الدارمي في مسنده (1/83 في المقدمة)، وأبو داوود في سننه (3/317ح 3641) -كتاب العلم (باب الحث على طلب العلم)، والترمذي في سننه 4/153ح2822 – كتاب العلم باب في فضل الفقه على العبادة) كلهم من حديث أبي الدرداء وله قصه، وقال محقق سنن الدارمي السيد عبد الله هاشم اليماني المدني رواه ايضاً: الإمام احمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي في الشعب والحاكم في المستدرك بإسناد حين وأبو يعلي والطبراني في الكبير وصحح البخاري بعض طرقه.

[12] رواه الدارمي في مسنده 1/83ح351 المقدمة -باب فضل العلم والعالم من حديث أبي هريرة.

[13] رواه ابن ماجه في كتاب الزهد – باب مثل الدنيا.

[14] الآية 2-3 من سورة الصف.

[15] رواه ابن ماجه في سننه (1/92ح250 المقدمة -باب الانتفاع بالعلم.

[16] رواه ابن ماجه في نفس المصدر السابق (ح251).

[17] رواه الامام أحمد في مسنده (2/499).

([18]) رواه الأثر الدارمي في مسنده (1/ 81ح 337).

([19]) الآية 47 من سورة المائدة.

([20]) الآية 33 من سورة فصلت.

([21])الآية 200 من سورة آل عمران.

([22])الآية 153 من سورة البقرة.

([23]) الآية 10 من سورة الزمر.

([24]) رواه مسلم في صحيحه (1/203ح223) ، كتاب الطهارة باب فضل الوضوء من حديث أبي مالك.

([25]) سورة العصر.

([26]) ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة.

([27]) الآية 61 من سورة الأنعام.

([28]) الآيات 19-22 من سورة المطفيين.

([29]) الآية 27 من سورة إبراهيم.

([30]) جمع مسح، بكسر الميم، وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفاً وقهراً للبدن.

([31]) السّفود: عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوي. جمع سفافيد، أنظر المعجم الوسيط 1/432.

([32]) الآية 60 من سورة الأعراف، وسم الخياط معناه: ثقب الإبرة. "تصحيح: الآية رقم 40"

([33]) الآية 31 من سورة الحج.

([34]) هي كلمة تقال في الضحك والإيعاد وقد تقال للتوجع.

([35]) أخرجه أبو داود (2/281) والحاكم (1/37-40) والطيالسي (753) وأحمد (4/287و288و295و296) والسياق له والآجري في الشريعة (347-370) ، وروى النسائي (1/282) وابن ماجه (1/469-470) جزءً منه إلى قوله: «وكأن على رؤوسنا الطير»، وهو رواية لأبي داود (2/70) بأخصر منه، وكذا أحمد (4/297) وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، وأقره الذهبي، وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين (1/214) وتهذيب السنن (4/337) ، ونقل فيه تصحيحه عن أبي نعيم وغيره.

([36]) الآية 27 من سورة إبراهيم.

([37]) الآية 56 من سورة الذاريات.

([38]) الآية 36 من سورة النحل.

([39]) الآية 48 من سورة النساء.

([40]) الآية 18 من سورة الجن.

([41]) الآية 8-9 من سورة الممتحنة.

([42]) الآية 22 من سورة المجادلة.

([43]) الآية 6 من سورة التوبة.

([44]) الآية 53 من سورة فصلت.

([45]) الآية من سورة الأعراف.

([46]) الآية 16 من سورة التغابن.

([47]) الآية 286 من سورة البقرة.

([48]) رواه البخاري في صحيحه (8/143) كتاب الإعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ من حديث أبي هريرة.

([49]) الآية 55 من سورة الأعراف.

([50]) الآية 29 من سورة الأعراف.

([51]) الآية 175 من سورة آل عمران.

([52]) الآية 110 من سورة الكهف.

([53]) الآية 23 من سورة المائدة.

([54]) الآية 90 من سورة الأنبياء.

([55]) الآية 4 من سورة الفاتحة. "تصحيح رقم الآية 5"

([56]) رواه الإمام أحمد (1/307) والترمذي في سننه (4/76ح2635) كتاب القيامة، كلاهما من حديث ابن عباس.

([57]) الآية 1 من سورة الناس.

([58]) الآية 77 من سورة الحج.

([59]) الآية 58 من سورة البقرة.

([60]) الآية 65 من سورة النساء.

([61])الآية 85 من سورة آل عمران.

([62]) الآية 9 من سورة الحجر.

([63])الآية 3 من سورة المائدة. "تصحيح رقم الآية 48"

([64]) الآية 3 من سورة المائدة.

([65]) الآية 28 من سورة سبأ.

([66]) الآية 18 من سورة آل عمران.

([67]) الآية 128 من سورة التوبة.

([68]) الآية 5 من سورة البينة.

([69]) الآيتان 183، 184 من سورة البقرة. "تعديل الآيتان 183، 185 من سورة البقرة"

([70]) الآية 97 من سورة آل عمران.

([71]) الآية 124 من سورة التوبة.

([72]) الحديث خرجه مسلم "كتاب الإيمان" باب عدد شعب الإيمان... رقم 12 الحديث رقم 57.

([73])الآية 177 من سورة البقرة.

([74]) الآية 49 من سورة القمر.

([75]) الآية 134 من سورة النساء.

([76]) رواه مسلم في صحيحه (36 – 38ج8) كتاب الإيمان – باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان.

([77]) الآية 1-5 سورة العلق.

([78]) الآية 1-2 من سورة المدثر.

([79]) الآية 158 من سورة الأعراف.

([80]) الآية 28 من سورة سبأ.

([81]) الآية 40 من سورة الأحزاب.

([82] الآيات 97-99 من سورة النساء.

([83] الآيات 90-98 من سورة الشعراء.

([84] الآية 41 من سورة القلم.

([85] رواه البخاري في كتاب التوحيد برقم (24) ، ومسلم في كتاب الإيمان برقم (302).

([86] الآية 84 من سورة النمل.

([87] رواه الترمذي من حديث أي برزة الأسلمي.

([88] الآية 65 من سورة القصص.

([89] (2/315،ج3346) كتاب فضائل القرآن -باب في تعاهد القرآن. (جـ2/391) سنن ابن ماجه، كتاب أبواب الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم، من حديث حذيفة بن اليمان.