عين على الحقيقة (⮫)



 المقدمة

يُعد هذا الكتاب ملخصًا لإلقاء الضوء على الرسالة الأصلية التي دَعا إليها المسيح عليه السلام، وهي الإيمان بإله واحد أحد، والذي ليس له شريك في ملكه ولا ولد، وعبادته مباشرة وليس من خلال قديس ولا قسيس ولا حجر أو صنم.

وفي هذا الملخص سيتم الإشارة إلى الآيات القرآنية التي ذُكرت فيها قصة المسيح وأمه مريم الصِّديقة، بالإضافة إلى نصوص حالية من العهد القديم والعهد الجديد وهي من العهود التي لا يؤمن المسلم بأنهما حافظت على كلام الله، ولكن يؤمن بأن لهما أصل صحيح أنزله الله على أنبيائه موسى والمسيح وهما التوراة والإنجيل، ولعل هذه النصوص من بقايا الحق التي تؤكد رسالة المسيح الحقيقية.

يخاطب هذا الكتاب أصحاب العقول المستنيرة والباحثين عن الحقيقة ليخبرهم أن ما أرسله الخالق (الله) [1] لكل الأمم وعلى ألسنة كل الرسل وعلى مر التاريخ كانت رسالة واحدة فريدة، وهي التوحيد الخالص. وقد كان المسيح أحد رسل الله الأتقياء الذين سعوا لهداية الناس إلى الحقيقة، لكن بعض الناس ضلوا عن الطريق الصحيح وابتعدوا عن التعاليم النبوية.

أدعو الله أن يكون هذا الكتاب نافعًا للجميع وسببًا للهداية والسعادة في الدنيا والآخرة.


 التمهيد

بدأت فكرة الإيمان بإله واحد كمفهوم لاهوتي في مرحلة مبكرة جدًا من التاريخ. وفي الواقع فإن هذا الاعتقاد سبق بقُرون فكرة الإيمان بالثالوث الذي لم يُذكر في تعاليم أنبياء الله كإبراهيم وموسى وحتى تعاليم المسيح نفسه. [2]

فقد حمل الأنبياء جميعهم نفس الرسالة لكل الشعوب. رسالة بسيطة صريحة تعد شرط الخلاص واﻷمان في الدنيا واﻵخرة وهي: الإيمان بإله واحد (الخالق) وتوحيده في العبادة. وقد كان سبيل الخلاص لكل شعب هو: رسوله، باتباع تعاليمه والاقتداء به في عبادته وليست عبادة النبي نفسه أو أي واسطة من (صنم أو قديس أو كاهن أو...إلخ). فمن حق الخالق أن يُعبد وحده ومن حق كل إنسان أن تكون علاقته بالخالق مباشرة دون وسيط.

كان نبي الله إبراهيم (جد يهوذا) الذي انتسب إليه اليهود، وكان اليهود لديهم إيمان راسخ بإله واحد أحد. فقد علَّم يهوذا شعبه الدين الذي كان عليه إبراهيم وسائر الأنبياء قبله، وهو التوحيد الخالص (الإيمان بإله واحد وتوحيده في العبادة). وهذا هو أدق تعريف للإسلام، فهو الدين الذي بدأ منذ النبي آدم وخُتم مع النبي محمد آخر الأنبياء.


 مفهوم الثالوث

سعى نبي  الله عيسى المسيح كأحد هؤلاء الأنبياء الأتقياء لهداية شعبه للحقيقة، لكن كثيرًا من الناس اتبعوا أهواءهم وحادوا عن تعاليمه النبوية. فقد جاء المسيح لتأكيد رسالة موسى عليهم السلام.

"لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمّل". (متى 5: 17)

كان من الصعب جدًا التوفيق بين الرسالة الأصلية للمسيح - النبي البشري المكرم الذي دعى إلى رسالته في القدس- وبين النصرانية الثالوثية التي تؤمن بأن المسيح هو الإله أو ابن الإله المعلنة في مجمع نيقية بعد ثلاثة قرون. ووفقًا لما ذُكر عن المسيح:

"فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل. الله إلهنا رب واحد". (مرقس 12: 29)

"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته". (يوحنا 17: 3)

ووفقًا ل "ويل ديورانت" فإن عقيدة الثالوث التي تم التأكيد عليها في القرن الرابع بعد الميلاد لا تحمل أي تشابه مع التعاليم الأصلية للمسيح. وهذا يُعد انحرافًا كاملاً عن تعاليمه.

 ويل ديورانت:

"عندما غزا النصارى روما، فإن الدين الجديد (النصرانية) تداخل مع أصول الدين الوثني القديم: مثل لقب المطران وعبادة الأم والإبن، وعدد لا يحصى من الآلهة التي تبعث الطمأنينة. كل هذا دخل إلى النصرانية كما يدخل دم الأم إلى جنينها. وقد سلمت الإمبراطورية المتحضرة السلطة والإدارة إلى البابوية، واستُبدل تأثيرالكلمة بتأثير السلاح. وبدأ وعّاظ الكنيسة يأخذون مكانتهم في السلطة، وبدلاً من أن تضع النصرانية حدًا للوثنية، أكدت عليها، فعادت العقيدة الرومانية متمثلة في شرائع وعقائد الكنيسة والقديسين الرهبانيين." [3]

إن عقيدة الثالوث المقدس وفكرة عبادة الأم والطفل، وفكرة الوحدة الروحية للرب جاءت من بلاد مصر وأدت إلى ظهور مذهب الأفلاطونية واللاأدرية ومحو العقيدة النصرانية.

ازدهرت الديانة الميثرائية في بلاد فارس قبل حوالي ستة قرون من ميلاد المسيح والتي وصلت إلى روما بعد ميلاد المسيح بحوالي 70 سنة وانتشرت في الأراضي الرومانية، ثم وصلت إلى بريطانيا وانتشرت بعدها في عدد من المدن البريطانية.

×      كان "ميثرا" وسيطا بين الله والإنسان (كما في العقيدة النصرانية).

×     وُلد في كهف أو في زاوية من الأرض.

×     وُلد يوم 25 ديسمبر (وهو يوم عيد للنصارى باعتباره يوم ميلاد المسيح).

×     كان له إثنا عشر تابع.

×     مات من أجل خلاص العالم.

×     دُفن لكنه رجع مرةً أخرى إلى الحياة.

×     أُطلِقَ عليه المُخلِّص.

×     من بين رموزه التعميد.

×     كان يوم الأحد معظّمًا لديه.

ماذا يقول علماء الإنجيل عن الثالوث؟

 جوزيف ليون:

"كان أصل مفهوم الثالوث موجودًا في الفلسفة اليونانية، وبخاصة في الأفكار الفارسية الجديدة، والتي أُخذت من بلاتو قواعد فكرة الثالوث كرؤية عن خالق الكون، ثم تطورت إلى مدى بعيد بحيث أصبح التشابه كبيرًا بين هذه الفكرة والنصرانية. لذلك فإن من وجهة نظرهم أن الخالق هو الذي له الكمال المطلق، وقد اتخذ واسطتين بينه وبين البشر، وهما منبثقين منه ويُعدان جزءًا منه في نفس الوقت، والذي يعني أن كلاهما يحويان ذاته. وهذان الكيانان يُعدان أرواحًا إلهية ".[4]

ثم قال:

"إن اقتران المعتقد اليهودي مع الفلسفة اليونانية لم تُنتِج فلسفة فحسب، بل أنتجت دينًا أيضًا وهو: "النصرانية "، التي تشربت أفكارًا عديدة من اليونانيين. فالمفهوم النصراني عن الألوهية مأخوذ من نفس مصدر الأفلاطونية الحديثة، وبالتالي تُوجد العديد من التشابهات بين الإثنين، على الرغم من أنهم قد يختلفوا في التفاصيل. حيث يعتمد كلاهما على عقيدة الثالوث والتي تشير إلى ثلاثة ذوات في واحد".

وقد أخبر الله تعالى عن هذا الأمر في القرآن الكريم بقوله:

".. وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ". (التوبة:30)

 دريبر:

"إن الوثنية ومذهب تعدد الآلهة دخلا في النصرانية من خلال تأثير المنافقين الذين احتلوا مراكز التأثير والمراكز العليا في دولة روما بادعائهم النصرانية، ولكنهم لم يهتموا بأمور الدين ولم يكونوا مخلصين أبدًا. وبنفس الطريقة قضى قسطنطين حياته في الظلام والشر ولم يتّبع أوامر الكنيسة باستثناء فترة قصيرة في آخر حياته".[5]

الفقرة الوحيدة في العهد الجديد التي يُمكن أن تؤخذ كدليل على الثالوث:

"فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد". (يوحنا الأول 5: 7-8 نسخة الملك جيمس)

وعلى الرغم من ذلك، فإنه من المعروف جيدًا أن هذه الفقرة قد أضافتها الكنيسة مُؤخرًا. فكل نُسخ العهد الجديد الحالية وغيرها لا تحوي هذه الفقرة.

 بارت إيهران:

"...، هذا يمثل الحالة الأكثر وضوحًا للفساد المدفوع لاهوتيًا في المخطوطات التقليدية للعهد الجديد".[6]

هذه الفقرة تُعد من التعديل اللاتيني الذي وجد طريقه في الترجمة اليونانية للإنجيل على الرغم من عدم وجوده في آلاف النسخ الإنجيلية الأخرى.

تُعرف هذه الفقرة جيدًا بلقب خاص أُطلق عليها وهو" الفاصلة اليوحناوية".

 وقد جاءت تراجم الإنجيل الحديثة من مخطوطتين:

المخطوطة السينائية، والتي أجري عليها تعديلات أكثر من أي مخطوطة أخرى في التاريخ الإنجيلي وقد بلغ عددها (14800 تعديل).

المخطوطة الفاتيكانية.

ولم تحوِ أيًا من هاتين المخطوطتين الفاصلة اليوحناوية. كما لم تُذكر في أي من تراجم الإنجيل الحديثة، إلا في نسخة الملك جيمس الجديدة، وأُضيفت إليها لتتماشى مع نسخة الملك جيمس. ومن المُمكن أن يكون هذا بسبب أن نسخة الملك جيمس للعهد الجديد تم تجميعها من 5000 نسخة من نسخ المخطوطات الأصلية التي اندثرت منذ فترة طويلة. وقد عُثر على هذه الفقرة المُضافة في نسخة واحدة فقط من 5000 نسخة إضافية. وبالتالي لا يَعترف بهذه الفقرة كبارعلماء الدين النصراني.

وفي نسخة الملك جيمس، نجد هذه الفقرات:

"(7) فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. (8) والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد".  (يوحنا الأول 5 :7-8)

توماس نيلسون:

" تم الاتفاق الآن على أن هذه االفقرة التي يُطلق عليها الفاصلة اليوحناوية عبارة عن تعليق دخل إلى النص من اللاتينية القديمة والنسخة اللاتينية للإنجيل قديمًا، لكن وَجد طريقه في النص اليوناني فقط في القرنين الخامس والسادس عشر".[7]

إن الفقرة الموجودة في إنجيل يوحنا (5: 7-8) في النسخة الدولية الجديدة ومعظم تراجم الإنجيل الأخرى هي:

"(7) فإن الذين يشهدون ثلاثة: (8) الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة هم واحد".

تعد "Novum Instrumentum omne" لديسيدريوس إيراسموس أول نسخة للعهد الجديد صدرت في اليونان، ولم تذكر الفاصلة اليوحناوية المعيبة المذكورة في يوحنا5: 7-8 في إصدار عام 1516 أو 1519. وعلى الرغم من ذلك فقد صنعت طريقها في الإصدار الثالث في عام "1522 "بسبب الضغط المُوجه من الكنيسة الكاثوليكية.

وقد أثار نشر الإصدار الأول عام ١٥١٦ ضجة كبيرة بسبب غياب الفاصلة التي جادل من أجلها إيراسموس مدافعًا عن نفسه، أنه لم يضف المعادلة الثلاثية المذكورة في الفاصلة لأنه لم يجدها في أي من المخطوطات اليونانية. ومنذ أن صدرت -المخطوطة 61- والتي كتبها روي أو فرويد في أكسفورد 1520، اضطرإلى إضافتها في الإصدار التالي. وربما غيّر إيراسموس النص بسبب القلق السياسي اللاهوتي الاقتصادي، فلم يرد أن تُحطم سمعته ويؤثر على بيع كتابه الجديد. لذلك دخلت الفاصلة إلى العهد الجديد اليوناني لستيفانوس عام ١٥٥١ (أول عهد جديد بالفقرات) والذي أطلق عليه النص المتلقى، والذي أصبح قاعدة لنسخة جنيف للعهد الجديد عام ١٥٥٧، ونسخة كنج جامس الموثقة عام 1611.

 بنجامين ويلسون:

"هذا النص الخاص بالشهادة لم يُذكر في أي من المخطوطات اليونانية، والتي كُتبت قبل حوالي خمس عشر قرنًا. فلم يذكرها أحدًا من الكُتاب الإكلركيين؛ ولا من آباء اللاتينية، ولذلك تبدو بوضوح أنها زائفة ".[8]

وقد رفض مارتن لازر إضافة هذه الفقرة في ترجمته الألمانية للإنجيل 1545. لكن في عام 1574 أضافها الطابع فيرابيند في الإصدار الأخير لترجمة لازر.

 إيدوارد جيبون:

"إن جميع المخطوطات الموجودة حاليًا  البالغ عددها الثمانون، يرجع بعضها إلى أكثر من 1200 عام، وأصبحت نسخ الأرثاذوكس الخاص بالفاتيكان وروبرت ستيفنز مخفية؛ ولا يمكن استثناء مخطوطيّ دابلين وبرلن. وفي القرن الحادي والثاني عشر، قام بتصحيح الإنجيل كلاً من لان فرانك، رئيس أساقفة كأنتربيري، ونيكولاس، وكاردينال وأمين مكتبة الكنيسة الرومانية.  وعلى الرغم من هذه التصليحات، فإن النص لايزال مفقودًا في خمس وعشرين مخطوطة لاتينية تُعد الأقدم والأعدل؛ وهما ميزتان نادرًا ما يجتمعان إلا في المخطوطات. وقد تم تثبيت النص في عهودنا اليونانية ".[9]

إن اكتشافات جيبونز قد دعمها المعاصرون كالعالم البريطاني البارز ريتشارد بورسون، الذي عمل على نشر أدلة ختامية على أن فقرة (يوحنا الأول 5: 7) قد تم إضافتها الى الكنيسة في عام 400 بعد الميلاد.

وعلى الرغم من إجماع أكثر علماء النصرانية على أن هذه الفقرة تعد مما أدخلته الكنيسة مؤخرًا، فلم يتم منع تواجد النص في الأناجيل الحديثة. وحتى يومنا هذا، فإن الإنجيل الذي بين أيدي معظم النصارى كنسخة الملك جيمس ما زال يحوي هذه الفقرة باعتبارها كلام موحى من الله بدون أي هامش، مع أن هناك إجماع من علماء النصرانية البارزين بأن هذه الفقرة تعد من الإختلاق المتأخر.

كانت المخاوف من الاستجوابات التي أعادت إسحاق نيوتن إلى كشف هذه الحقائق علنًا. ووفقا لنيوتن فإن هذه الفقرة ظهرت لأول مرة في الإصدار الثالث في العهد الجديد لإيراسماس (1466-1536). كما أن النص الموجود في (يوحنا الأول 5: 7) موجود فقط في ثماني مخطوطات يونانية. فهذه المخطوطات تحوي الفقرة كترجمة من النصوص المنقحة من النسخة اللاتينية للإنجيل. وأربعة من النسخ الثمانية تحوي هذه الفقرة كقراءة مختلفة مكتوبة في الهامش لتحديدها كإضافة مؤخرة إلى المخطوطة.

ولم ينقل هذا النص أيًا من الآباء اليونانيين، مما يؤكد أنه تم اعتمادها في الخلافات الثالوثية. وكان ظهورها الأول في اليونان في نسخة يونانية لقوانين مجمع لاتيران (اللاتيني) عام 1215.

وعلاوةً على ذلك، فإن النص لم يوجد في مخطوطات النسخ القديمة كلها مثل (السريانية والقبطية والأرمنية والأثيوبية والعربية والسلافية)، باستثناء النسخة اللاتينية؛ كما أنها لم توجد في النسخة اللاتينية القديمة في شكلها القديم (ترتيليان قبرصي أوغاسطن)، أو النسخة اللاتينية للإنجيل.[10]

   لوف بوورو:[11]

"لم تظهر كلمة الثالوث في أي مكان في نسخ الكتاب المقدس، والنص الأساسي الذي من المفترض أن يشير إليه هو (يوحنا الأول 5: 7) الذي يعد إدخالاً".[12]

في الحقيقة إن هذا النص لا يعد" حجةً دينية قوية" على كل حال. فلا يظهر النص في أي من المخطوطات اليونانية القديمة التي ترجع إلى ما قبل القرن الثالث عشر تقريبًا بعد الميلاد.  فعلى الرغم من دخولها إلى الترجمة الأصلية للملك جيمس إلى الإنجليزية عام1611، فإنه بعيد الاحتمال كثيرًا عن وجودها في النسخة الأصلية ليوحنا وكأنه كتبها.

 دينيس فورتين:

"إن العهد الجديد لا يحوي أي نص صريح عن الثالوث غير ما ذُكر في يوحنا5:7، والتي تم رفضها باعتبارها إضافةً للنص من القرون الوسطى".[13]

 عندما قام ثلاث وعشرون عالمًا بالإنجيل مدعومون من خمسين طائفة نصرانية معًا بجمع النسخة القياسية المنقحة للإنجيل اعتمادًا على أقدم المخطوطات الإنجيلية المتاحة لديهم اليوم، كانت هناك بعض التغيرات الواسعة جدًا، ومن بينها كان الرفض غير الرسمي باعتبار نص يوحنا الأول 5: 7إضافةً مختلقة التي لا تنتمي مطلقًا إلى كلام الله.

وعلى أي حال فإن هذه الإضافة لا تؤكد على عقيدة الثالوث. فهي إضافة غير شرعية تُمثل الأب والكلمة والروح القدس كشهود. فهي لا تقدم شرحًا عن شخصية كل من الثلاثة، و كلمة (الثالوث) لم يكن لها استخدام شائع كمصطلح ديني حتى بعد انعقاد مجمع نيقية في الخامس من شهر مايو 235 بعد الميلاد، فقد كانت بعد عدة قرون من اكتمال آخر كتاب للعهد الجديد، وفي الحقيقة لم يكن مصطلحًا إنجيليًا والذي قد أُثبتت نشأته من عبادة الشمس الوثنية.

وقد ذكر جيمس وايت عددًا من النصوص المنافية للثالوث، ولم يغير أبدًا موقفه اتجاه عقيدة الثالوث حتى في سنة وفاته عام 1881 عندما قال: " إن الأب كان أعظم من الإبن في كونه أولاً".


 البراءة من الخطيئة الأصلية

"وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰٓ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِۦ ۚ وَإلى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ". (فاطر: 18)

فلا يمكن أن يُلام البشر على ذنوب غيرهم، كما لا يمكن لهم الحصول على الخلاص إن كانوا قد ظلموا وأفسدوا في الأرض. لن يحاسب اﻹنسان عن ذنب لم يقترفه، كما أنه لن ينال النجاة إلا بإيمانه وعمله الصالح.

وفقًا للدين الإسلامي:

·        يولد اﻹنسان نقيًا بلا خطيئة، ثم يُصبح مسؤولاً عن أعماله ابتداءً من سن البلوغ. وقد كان أول درس عن المغفرة حينما قبل الله توبة آدم عندما أكل من الثمرة المحرمة.

·        منح الله الحياة للإنسان وأعطاه إرادة اﻹختيار للإمتحان واﻹبتلاء، وهو مسؤول فقط عن تصرفاته. مما يُظهر عدل الخالق.

"يَا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ". (لقمان 33)

·        الخالق عادل. فلا أحد يُعذب إنسان على ما اقترف غيره من ذنب. فلا يُمكن لك أن تُضحي بابنك من أجل ذنوب آخرين.

·        اﻹله وحده من يملك الكمال المطلق والقدرة المطلقة. وهو ليس بحاجة لأن يموت من أجلنا كما يعتقد البعض، فهو الذي يمنح الحياة وهو الذي يسلبها، لذلك هو لم يمت كما أنه لم يبعث، هو الذي حمى وأنقذ رسوله المسيح من القتل والصلب، كما يفعل مع عباده الصالحين في حمايتهم وحفظهم.

·        الخالق رحيم بخلقه أكثر من رحمة الأم بولدها، فهو يغفر لهم كلما رجعوا وتابوا إليه.

ووفقًا للدين النصراني:

"لا يُقتل الآباء عن الاولاد ولا يُقتل اﻷولاد عن الآباء. كل إنسان بخطيئته يُقتل". (سفر التثنية 24: 16)

وقد كان من تقدير الله أن يجعل الأرض مسكنًا للبشر من قبل أن يخلق آدم. فالإسلام لا يَعتبر أن حياة البشر على الأرض عقابًا لهم، ولكنه جزءًا من تقدير الله. فقد خلق البشر ليعبدوه.

" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ الْإِنْسَ  إِلَّا لِيَعْبُدُونِ". (الذاريات: 56)

" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ". (البقرة: 30)

 قصة آدم عليه السلام في القرآن

 علّم الله آدم اﻷسماء:

" وَعَلَّمَ آدم الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ا لْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أنت الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ". (البقرة: 31-32)

 أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم:

" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ  أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ". (البقرة: 34)

وأسكنَ الله آدم وحواء الجنة وأمرهما أن يأكلا من أشجار الجنة إلا شجرةً واحدة. كما جاء في القرآن:

" وَقُلْنَا  يَا آدم اسْكُنْ أنت وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ". (البقرة: 35)

 أغوى إبليس آدم وحواء ليأكلوا من الشجرة المحرمة:

"فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ(120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ(121)" (طه : 120))

وكما علّم الله آدم اﻷسماء، أراد أيضًا أن يُعلمه كيف يتوب عندما يُذنب.

 تلقى آدم كلمات التوبة من الله:

" فَتَلَقَّى آدم مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ أنه هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ". (البقرة: 37)

وكانت هذه المغفرة اﻷولى لرب العالمين للبشر. فقد كانت اختبار ليعلم البشرية طريقة التوبة، فمتى أذنب الإنسان وجب عليه أن يتوب كما فعل آدم، لذلك لم يكن الذنب نفسه هو الميراث، بل طريقة التوبة من الذنب.

الدرس الذي علمه الله للبشرية عند قبوله توبة آدم بسبب أكله من الشجرة المحرمة هو بمثابة أول مغفرة لرب العالمين للبشرية، حيث أنه لا معنى للخطيئة الموروثة، فلا تزر وازرة وزر أخرى، فكل إنسان يتحمل ذنبه وحده، وهذا من رحمة الخالق بنا.

وقد ذكر القرآن هنا أيضًا أن حواء ليست المسؤولة عن هذا الذنب. فكُلاً منهما اعترف بذنبه، وتابا إلى الله وسألاه المغفرة، فغفر الله لهما. وبذلك رُفعت المسؤولية عن المرأة.

 أخبر الله آدم أنه سيرسل الهداية له ولذريته:

"قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ". (البقرة: 38)

وأخبرنا الله أن هذه الحياة ليست نهاية المطاف. لم يخلق الله الإنسان للأكل والشرب والتكاثر فحسب، وإلا  لكانت الحيوانات أفضل من البشر في ذلك، فهي تأكل وتشرب وتتناسل، ولكنها لن تحاسب على أعمالها. لقد شرف الله اﻹنسان بمهمة الخلافة في اﻷرض، وكرمه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. إن حياة الإنسان عبارة عن اختبار، وكُل نفس مسؤولة عن أعمالها، ومن ثم تجازى على أعمالها في اﻵخرة.

"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدم وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا". (اﻹسراء: 70)

 منذ عهد آدم أبي البشر[14]، كان الخالق يختار اﻷتقى في قومه كرسول لهم كلما حُرفت رسالة النبي السابق وحاد أصحابها عن الطريق المستقيم، واختلفوا فيما بينهم بعبادة غير خالقهم،  ورسالة الخالق هي الإيمان به على أنه الواحد اﻷحد الذي ليس له شريك ولا ولد، وعبادته وحده، وليس عبادته من خلال قديس ولا قسيس. وكلما انحدر الناس في الفساد الأخلاقي وحرفوا رسالة رسولهم (بعبادة أشياء أو أشخاص من دون الله)، أرسل رسولاً آخر ليُذكِّر الناس بهذه الرسالة الخالصة.

"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ". (البقرة: 285)

وقد ذُكر في القرآن أسماء بعض الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله إلى شعوب مختلفة (مثل المسيح وموسى وإبراهيم ونوح وداود وسليمان وإسماعيل وإسحاق ويوسف..إلخ)، والبعض اﻵخر لم يُذكر.

لذلك فإن احتمالية كَون بعض الرموز الدِينية في الهندوسية والبوذية (مثل راما وكرشنا وغوتاما بوذا ) أنبياء أرسلهم الله فكرة غير مستبعدة، فكما جاء في القرآن:

"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ". (غافر: 78)

 قصة النبي إبراهيم عليه السلام

لا يؤمن المُسلمون بأنّ العهد القديم والعهد الجديد الموجودان حاليًا هما كلام الله (مثل القرآن)، لكنهم يؤمنون بأن كلاهما له مصدر صحيح، والذي هو التوراة والإنجيل (وهو ما أوحاه الله إلى أنبيائه: موسى والمسيح عيسى). لذلك فإن أجزاءً منهما من عند الله والأخرى ليست كذلك. وقد خضع العهد الجديد والقديم لتغييرات كثيرة لإخفاء طبيعة وحدانية الإله، وحقيقة نبوة محمد وأهمية مدينة مكة وغيرها من المفاهيم.

 الإبن الموعود

"قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إبراهيم وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ". (البقرة: 136)

وعلى الرغم من أن المسلمين لا ينكرون نبوة إسحاق عليه السلام، إلا أن اﻹبن الموعود عندهم هو نبي الله إسماعيل عليه السلام (أبو العرب)، والذي انحدر من نسله النبي محمد خاتم الأنبياء عليه السلام. وهنا بعض الدلائل من الإنجيل على هذا المعتقد:

 أخذ الله عهدًا مع النبي إبراهيم قبل مولد أبناءه:

"في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقًا قائلاً: لنسلك أُعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات". (تكوين 15: 18)

واستقَر نسل إسماعيل في الجزيرة العربية، وهي المنطقة الواقعة بين النيل والفرات.

"وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو آشور. أمام جميع إخوته نزل". (تكوين 25: 18)

وتقع حويلة وفقًا للعهد القديم جنوب غرب الجزيرة العربية، كما تقع آشور شمال شرقي الحدود المصرية، وتعد آشور عاصمة الإمبراطورية الآشورية القديمة (العراق حاليًا).

لذلك فقد استقر نسل إسماعيل في هذه المنطقة الممتدة جنوب الحجاز (الجزيرة العربية) وشمالها، بحيث تشمل أرض باران (وهي مكة وفقًا للعهد القديم)، والتي سكنها إسماعيل.

 هاجر زوجة شرعية لنبي الله إبراهيم:

"فأخذت ساراي إمرأة إبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة أبرام في أرض كنعان وأعطتها لأبرام رجلها زوجة له". (تكوين16 : 3)

 إسماعيل ابن شرعي لنبي الله إبراهيم:

وكلمة إسماعيل تعني ’ الله يسمع‘. حيث استجاب الله لدعاء إبراهيم بأن يرزقه الولد. وقد اختار الله هذا الاسم لإسماعيل. كما لم يُذكر مطلقًا في العهد القديم أن إسماعيل كان ابن غير شرعي.

"وقال لها ملاك الرب: ها أنت حبلى فتلدين ابنا وتدعين اسمه إسماعيل لأن الرب قد سمع لمذلّتك". (تكوين16: 11)

 تعهد الله بأن يبارك إسماعيل ويُخرِج من نسله أمةً كبيرة:

"وأما اسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرًا جدًا. اثني عشر رئيسًا يلد واجعله أمة كبيرة ". (تكوين 17: 20)

 إسماعيل هو الابن الموعود:

"وحدث بعد هذه الأمور أن الرب امتحن إبراهيم. فقال له: يا إبراهيم. فقال: هأنذا.  فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض المُريِّا واصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك". (تكوين22: 1-2)

وهنا نجد التعارض؛ فقد ذُكر في النص ’ خذ ابنك وحيدك إسحاق‘. وقد كان إسماعيل هو ابن نبي الله إبراهيم الوحيد لمدة أربعة عشر عامًا حتى مولد النبي إسحاق. وعندما وُلِدَ إسحاق لم يعد إسماعيل هو الابن الوحيد. فمن المعتقد أن يكون اسم إسماعيل قد استبدل باسم إسحاق في هذه الفقرة وبقيت كلمة ’ الوحيد‘كما هي، برحمة الله، لتُشير إلى حقيقة التبديل.

ووفقًا لفقرة العهد القديم التالية، فإن هاجر وإسماعيل قد أُرسلا بعيدًا بسبب غيرة سارة. وقد ذُكر هذا الموقف في الإسلام على أنه تقدير من الله، وقد حدث قبل مولد نبي  الله إسحاق. ومن خلال فقرات العهد القديم التالية، يمكننا ملاحظة أن الرواية الإسلامية لهذه القصة كانت أكثر دقة.

"فكبر الولد وفطم. وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحاق. ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح. فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها. لان ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق". (تكوين 21: 8-10)

"فبكر إبراهيم صباحًا وأخذ خبزًا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر، واضعًا إياهما على كتفها والولد، وصرَّفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع. ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار". (تكوين21: 14-15)

كان إبراهيم يبلغ من العمر 86 عامًا عندما وُلد إسماعيل.

"وكان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر اسماعيل لأبرام". (تكوين 16: 16)

وكان قد بلغ مائة عام عندما وُلد إسحاق.

"وكان إبراهيم ابن مئة سنة حين ولد له إسحاق ابنه". (تكوين 21: 5)

لذلك فإن إسماعيل كان قد بلغ أربعة عشر عامًا عند مولد إسحاق. فكما ذُكر أن الحادثة قد وقعت بعدما فُطم إسحاق، وقد جرت العادة لديهم على فطام الطفل في حوالي الثالثة من عمره. لذلك عندما تحركت هاجر وإسماعيل، كان إسماعيل قد صار شابًا راشدًا، حيث بلغ حوالي سبعة عشر عامًا. والشاب لا يُمكن أن يُحمَل ويُوضَع تحت الشجيرات. فوفقًا لما ذُكر في فقرة العهد القديم، فإن إسماعيل يجب أن يكون رضيعًا وليس شابًا في ذلك الوقت. فهذا يُعد تعأرضًا آخر في العهد القديم.

 ختان إسماعيل قبل مولد إسحاق:

"وكان إبراهيم ابن تسع وتسعين سنة حين خُتن في لحم غُرلته. وكان إسماعيل ابنه ابن ثلاث عشرة سنة حين خُتن في لحم غُرلته. في ذلك اليوم عينه خُتن إبراهيم وإسماعيل ابنه. وكل رجال بيته ولدان البيت والمبتاعين بالفضة من ابن الغريب خُتنوا معه". (تكوين 17: 24-27)

فقد خُتن إبراهيم وإسماعيل ورجال بيته لكن قبل مولد إسحاق. أما إسحاق فقد ولد بعدها بعام، وختن في عمر الثامنة.

"وختن إبراهيم إسحاق ابنه وهو ابن ثمانية أيام كما أمره الرب. وكان إبراهيم ابن مئة سنة حين وُلد له إسحاق ابنه". (تكوين 21: 4-5)

لذلك عندما نُفِّذ العهد (الختان والتضحية) كان إبراهيم يبلغ من العمر تسعة وتسعين عامًا، بينما بلغ إسماعيل الثالثة عشر. ووُلدَ إسحاق بعدها بعام حينما بلغ إبراهيم مائة عام من عمره.

 إبراهيم موحد خالص:

وكان نبي الله إبراهيم جد يهوذا الذي انحدر اليهود من نسله. لذلك لا يُمكننا القول بأن إبراهيم كان يهوديًا لأنه ببساطة جاء قبل يهوذا.

"مَا كَانَ إبراهيم يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ". (آل عمران: 67)

وكما ذكرنا في المقدمة أن يهوذا علَّم أُمته الدين الذي كان عليه إبراهيم وجميع الأنبياء قبله، وهو التوحيد الخالص (الإيمان بإله واحد وتوحيده في العباده). وهذا هو التعريف الصحيح للإسلام؛ فهو الدين الذي بدأ من عهد نبي الله آدم واستمر إلى مجئ نبي الله محمد، وبالتالي انتقال القيادة الدينية إلى العرب وانتقال قِبلة الصلاة إلى مكة.

الأرض الموعودة

 عندما سُئِل المسيح عن مكان العبادة، ذَكر أن العبادة سوف تُؤدى في مكان آخر غير القدس.

فهذه إشارة إلى تغيير قبلة الصلاة من القدس إلى مكة، وتحول القيادة الدينية من بني إسرائيل إلى العرب.

"قالت له المرأة يا سيد أرى أنك نبي. آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون أنَ في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه. قال لها يسوع: يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب. أنتم تسجدون لما لستم تعلمون. أما نحن فنسجد لما نعلم. لأن الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن اﻵب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا". (يوحنا 4: 19-24)

تحدث المسيح هنا عن المؤمنين الحق الذين سيعبدون الله في مكان غير القدس. ففي العهد الجديد، أشار المسيح إلى حجر يُنكره البناؤون، ثم يُصبِح هذا الحجر الركن الأساسي. كما ذَكر أن مملكة الله ستُنزَع، وتُعطى للأمة التي تنتج ثمارها.

"قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الله كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم أن ملكوت الرب ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره". (متى 21: 42-43)

ووفقًا للرواية الإسلامية لهذه القصة، فقد أخذ نبي الله إبراهيم إسماعيل وهاجر وأسكنهم في مكة (باران في العهد القديم)، وهي المدينة التي يقع فيها وادي بكة.

"رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ". (إبراهيم: 37)

 ذكر وادي بكة في العهد القديم:

" ما أحلى مساكنك يا رب الجنود. تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب. قلبي ولحمي يهتفان بالإله الحي. العصفور أيضًا وجد بيتًا والسّنونة عشًّا  لنفسها حيث تضع أفراخها، مذابحك يا رب الجنود، ملكي وإلهي. طوبى للساكنين في بيتك أبدًا يسبحونك. سلاه. طوبى لأناس عزهم بك. طرق بيتك في قلوبهم. عابرين في وادي بكة يصيرونه ينبوعًا. أيضًا ببركات يغطون مورة يذهبون من قوة إلى قوة. يرون قدام الله في صهيون يا رب إله الجنود اسمع صلاتي واصغ يا إله يعقوب. سلاه. يا مجننا أنظر يا الله والتفت إلى وجه مسيحك. لأن يومًا واحدًا في ديارك خير من ألف. اخترت الوقوف على العتبة في بيت إلهي على السكن في خيام الأشرار. لأن الرب الله شمس ومجن. الرب يعطي رحمةً ومجدًا. لا يمنع خيرًا عن السالكين بالكمال" . (المزامير 84: 1-11)

يدّعي البعض أن هذه الآيات السابقة تشير إلى منطقة صهيون المزعومة كما أثارت جدلاً واسعًا حول مكان وجودها. وعلى أي حال، فإن الأوصاف المذكورة تنطبق كثيرًا على مكة المكرمة كما تشير إليه الآيات القرآنية التالية:

"وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْها وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ". (الحج: 27-28)

 أبواب مكة مفتوحة ليل نهار:

"وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إبراهيم مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إلىٰ إبراهيم وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ". (البقرة: 125)

  يُحرَّم في مكة العنف والتخريب والتدمير والمطاردة:

" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ". (الحج: 25)

 مكة حيث يسعى الحجاج من جبل إلى جبل (من قوة إلى قوة):[15]

وقد قرأنا في فقرات العهد القديم السابقة (المزامير84: 11) ’ يذهبون من قوة إلى قوة‘. وفي النص العبري، فإن الكلمة الأصلية لكلمة "قوة" كانت تُستخدم في هذا النص بمعنى تل أو جبل أو حاجز. وهذا يبدو وصفًا واضحًا جدًا لأحد شعائر المسلمين[16] في مكة المكرمة خلال الحج، في السعي من تل الصفا إلى تل المروة.

بدأت الفقرة بطوبي لأُناس عِزهم بك. ويبدو أنه يُشير إلى محمد خاتم الأنبياء الذي جاء برسالة التوحيد الخالصة.[17]وبالإضافة إلى ذلك، ذُكر وادي بكة بوضوح كإسمٍ صحيح في الإنجيل، ولذلك فهو مكان حقيقي وليس مجازًا كما يعتقده آخرون.

وصفت فقرات الإنجيل مكانًا مقدسًا. وفي الحقيقة فإن جميع هذه الأوصاف تنطبق على مدينة مكة.

بينما يعتقد المسلمون بأن مدينة القدس مكانًا مقدسًا، فهم يعتبرون مكة هي مدينة صهيون المتنبأ بها في العهد القديم.  كلمة صهيون[18] تعني ’ المكان المرتفع ‘. فهذا الوصف المجازي للمكان المقدس ينطبق على عدة مدن. فقد استُخدم لوصف الكنيسة وإسرائيل في سَبي بابل، لذلك يبدو أنها تُستخدم لعدة مجموعات أو حشد من الناس يعبدون الله أو يُشير إلى موقع جغرافي محدد والتي يمكن أن تنطبق هنا على مكة.

وقد طبعت كنيسة نيوزلاندا الإنجليكانية كتاب الصلوات، وقد استبدلت فيها كلمة صهيون بكلمة "جبل الله"، وكلمة إسرائيل بكلمة "شعب الله "، وذلك بطريقة متتالية لتوضيح المعنى، وحتى لا تختلط عند الناس المفاهيم السياسية بالمفاهيم الدينية.

وعلاوةً على ذلك، فإن فكرة إخبار النص عن الماضي شائع جدًا في لغة العهد القديم، فالتعبير عن الحادثة في زمن الماضي يُستخدم في لغة العهد القديم بغض النظر عن وقوعها في التاريخ أو المستقبل. وتقول اسبينوزا: "استخدم الكُتّاب القدماء زمن المستقبل ليشيروا إلى الحاضر والماضي، بدون تمييز بينهما، واستخدموا زمن الماضي ليشيروا إلى المستقبل، مما أدى إلى تشابهات عديدة".

ومن المعروف جيدًا أن المعبد في القدس بُني بعد نبي الله إبراهيم بزمن طويل، بينما كان بيت المقدس في مكة قبل إبراهيم. وقد أخبرنا القرآن أنه كان في الواقع أول بيت للعبادة مخصصًا للبشرية، بناه نبي الله آدم بمساعدة الملائكة، فقد كان آدم هو من شيد أسس البيت ثم أعاد بناءه نبي الله إبراهيم وإسماعيل فيما بعد.

" إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ". (آل عمران: 96)

وقد كانت الكعبة دائمًا مذكورة في أخبار التاريخ؛ يزورها الناس سنويًا حتى من أبعد بقاع الجزيرة العربية؛ وتحترم قدسيتها كل الجزيرة العربية. واليوم يأتيها الزوار من جميع أنحاء العالم، وقدسيتها معروفة جدًا عند المؤمنين.

وفي الفقرة التالية أمرٌ للمؤمنين بأن يحمدوا الخالق في الأودية التي سكنتها قيدار، فيُعظموه ويحمدوه في مكة على أن قيدار هو ابن إسماعيل وجد العرب. وقد سكن نسله الجزيرة العربية. كما نقرأ في هذه الفقرة:

"غنوا للرب أغنية جديدة، تسبيحه من أقصى الأرض. أيها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها. لترفع البرية ومدنها صوتها، الديار التي سكنها قيدار. لتترنم سكان سالع. من رؤوس الجبال ليهتفوا". (أشعياء 42: 10-11)

فنبي الله إسماعيل هو أساس شجرة عائلة نبي الله محمد من خلال قيدار. فيُعلي المسلمون أصواتهم بحمد الله تعالى وتعظيمه في مكة. وفي الصلوات الخمس اليومية، يُثني المسلمون على نبي الله إبراهيم وأتباعه مع الثناء على نبي الله محمد وأتباعه.

"وهذه أسماء بني اسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم. نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام ". (تكوين 25: 13)

 مكة هي المدينة التي تغطيها كثرة الجمال وغنم قيدار تجتمع إليها:

"تغطيك كثرة الجمال، بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا. تحمل ذهبًا ولبانًا وتبشر بتسابيح الرب. كل غنم قيدار تجتمع إليك. كباش نبايوت تخدمك. تصعد مقبولة على مذبحي وأزيّن بيت جمالي". (أشعياء 60: 6-7)

وتقع مكة بين المدينة (شمال السعودية) وشيبا (اليمن)، وقيدار ونبايوت هم أولاد إسماعيل: وفقًا لما ذُكر في سِفر التكوين 25: 13، فقد كان قيدار الإبن الثاني لإسماعيل، وهو جد نبي الله محمد. بينما نبايوت هو الإبن الأول لإسماعيل.

وقد قرر نبي الله إبراهيم أن يُسكن إسماعيل وأُمه هاجر هناك بأمرٍ إلهي. ولم تجد هاجر الماء؛ فأخذت تجري سبع مرات بين هضبتين بحثًا عن الماء. وهذا هو أصل شعيرة واحدة يُؤديها المسلمون خلال موسم الحج في مدينة مكة – وهي نفسها الشعيرة المشار إليها سابقًا بالقُوتيْن.

"ومضت وجلست مقابله بعيدًا نحو رمية قوس. لأنها قالت: لا أنظر موت الولد. فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها: ما لك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لأني سأجعله أمة عظيمة. وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء. فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران. وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر". (تكوين 21: 16-21)

ويخبرنا العهد القديم أن بئر الماء تدفق في صحراء باران (وتستخدم غالبًا كلمة ’ باران‘ أو ’ فاران‘ لتشير إلى البرية أو الجبال القريبة من مكة)[19] والتي شربت منها هاجر وابنها.

وهذا يتوافق مع الفقرة السابقة التي تُشير إلى وادي بكة على أنه مكان ينبوع. وهذا البئر موجود اليوم ويُطلق عليه بئر زمزم. وكما ذكرنا سابقًا، أن إبراهيم وإسماعيل أعادوا بناء الكعبة (بيت العبادة) لاحقًا في مكة. كما أن المكان الذي اعتاد أن يُصلي فيه إبراهيم بالقرب من الكعبة ما زال هناك (ويُطلق عليه مقام إبراهيم). وخلال موسم الحج، يقتدي الحجاج من جميع أنحاء العالم  بفداء إبراهيم ابنه إسماعيل بالكبش.

وحقيقة وجود مدينة أخرى في فلسطين تُسمى فاران، لا تنفي وجود فاران أخرى سكنها إسماعيل في الحجاز (الجزيرة العربية)، حيث قام نبي الله إسماعيل وأبيه بإعادة بناء الكعبة، وهناك انفجرت بئر زمزم، كما اعترف بذلك عددًا من المؤرخين مثل جيروم والعالم اللاهوتي يوسابيوس اللذان يعتقدان أن فاران كانت مكة.

وفي الصورة نجد خريطة رُسمت في المحكمة الفرنسية في حكم لويس الرابع عشر، تُظهر موقع جبال فاران في الجزيرة العربية. وتاريخيًا، فإن بئر السبع[20] يُعد اسمًا من أسماء بئر زمزم في مكة وليس اسمًا لمدينة في فلسطين، حيث لا تنطبق خصائصه الجغرافية مع الخصائص الجغرافية لمنطقة جنوب فلسطين. وفي الحقيقة لا يُوجد مكان على الأرض غير مكة تدفق فيه بئر لتشرب منه هاجر وابنها ثم يعيش فيه إسماعيل وينجب فيه أٌمًة كبيرة.

" فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكًا في الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه. فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع "يهوه يرأه”. حتى أنه يقال اليوم في جبل الرب يرى. ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء وقال بذاتي أقسمت يقول الرب. أنى من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك. أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيرًا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر. ويرث نسلك باب أعدائه. ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض. من أجل أنك سمعت لقولي". (تكوين22: 13-18)

والفقرة هنا تتحدث عن المكان الذي أوشك فيه إبراهيم أن يضحي فيه بولده –المكان الذي سوف تعبد الأجيال فيه الله. وبناءً على العهد القديم هو هذا المكان الذي سوف يتعبد فيه المؤمنون ويقتدون بطاعة إبراهيم لأمر خالقه وعبادته له فيه. وعلى الرغم من ذلك، فإن المسلمون يتعبدون إلى الله في هذه المناسبة في مكة المكرمة؛ التي تنطبق عليها نبوءة العهد القديم تمامًا، وكأن النبوءة تحققت في شعائر وأماكن عبادة المسلمين.

كما نقرأ أيضا في هذه الفقرة:

"آتي بهم إلى جبل قدسي وأفرحهم في بيت صلاتي وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحي، لأن بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب". (أشعياء 56: 7)

ولفظ كل الشعوب المذكور في هذه النبوءة لخير إشارة إلى أمة اﻹسلام، فأمة اليهود هي قومية واحدة، بخلاف العالم الإسلامي الذي يتكون من عدة أمم وقوميات مختلفة. لذلك، فإن هذه النبوءة إن صحت فتكون قد أشارت إلى شعائر موسم الحج في مكة المكرمة.

وتكون هذه الفقرة قد أشارت إلى:

-         الجبل المقدس (جبل عرفة): الوقوف على جبل عرفة، و هو أهم أركان شعيرة الحج في الإسلام.

-         الأضاحي: وفي خلال الحج تُذبح الأكباش لإطعام الفقراء لإحياء سنة نبي الله إبراهيم.


 نظرة دقيقة على حياة المسيح

" قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ. اللَّـهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ". (اﻹخلاص)

الخالق واحدٌ أحد، لا يليق بجلاله أن يتخذ ولدًا أو زوجة أو أن يلد أو يولد، فلا شبيه له سبحانه. فالله خالق الزمان والمكان يتعالى حتمًا عن ارتباطه بهما. فالسببية قانون لنا نحن البشر، الذين نعيش في مكان وزمان، أما هو سبحانه لا يُقيده زمان ولا مكان، ومن الخطأ أن نعتقد ذلك. فالله هو الذي خلق قانون السببية فلا يمكن أن يخضع لقانون هو خلقه بنفسه، بمعنى أنه قبل كل شيء وبعد كل شيء ولا يحيط به شيء من مخلوقاته. مع أن له طلاقة القدرة سبحانه. لقد خلق الله الزمان ولذلك فهو لا يخضع للزمان. ولا يمر بنفس مراحل الزمان التي نمر بها، فلا يتعب، كما لا يحتاج أن يضع نفسه في شكل جسدي أو ينزل إلى الأرض كما يزعم النصارى.

 فلا يمكننا رؤيته في هذه الحياة لأننا محصورون في زمان ومكان بينما هو سبحانه يتجاوزهما. ولا يحتاج أن يموت من أجلنا. فهو يهب الحياة والموت، وبالتالي فإنه لم يمت ولم يُبعث. وكما يمنح المعونة والحماية لعباده المؤمنين، فقد حفظ المسيح وحماه من أعدائه. والله هو الرحيم بخلقه، فرحمته أوسع من رحمة الأم بابنها، فيغفر لهم إذا تابوا وعادوا إليه.

وبالنسبة لعقيدة المسلمين، فهم لا يؤمنون بأن المسيح أو الخالق قد ماتوا على الصليب من أجل البشر كما يزعم النصارى. وهناك العديد من النصارى القدامى لديهم نفس الاعتقاد، حيث أنهم أنكروا صلب المسيح؛ فقد ذكر ذلك مجموعة من المؤرخون النصارى. [21]فعلى سبيل المثال اعتقد أتباع بسيليدس [22] أن المسيح لم يُصلب، كما تبنى هذا الاعتقاد 15 مجموعة على الأقل من النصارى المتقدمين، مثل كورنثوس وماركيس. كما أن بعض هذه المجموعات - التي ظهرت في فترة قريبة من زمن عيسى - يعتقدون أن أحد تلاميذ المسيح قد صُلب بدلاً منه. واستمر إنكار فكرة صلب المسيح لدى جون الراهب والأودوروس (650 بعد الميلاد)، والأسقف وهو ابن حاكم قبرص (610 بعد الميلاد).

كما كان إنكار فكرة صلب المسيح لدى مؤلف كتاب ’ دم وكأس المسيح المقدسة‘. وقد ذكر في كتابه أن المسيح لم يُصلب بل صُلب الخائن (يهوذا الإسخريوطي) بدلاً عنه. وعلى الرغم من أن القرآن الكريم لم يَذكر اسم الشخص الذي صُلب بدلاً عن المسيح، فسوف نُحاول اتباع المنطق الذي يُشير إلى هذا الافتراض.

 دلائل من القرآن والإنجيل على نجاة المسيح

 لا تزر وازرةً وزر أُخرى:

"فَتَلَقَّى آدم مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ أنه هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم". (البقرة: 37)

"وَإبراهيم الَّذِي وَفَّى، أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإنسان إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى " . (النجم: 37-41)

"النفس التي تخطئ هي تموت. الإبن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون". (حزقيال 18: 20)

"لا يُقتل الآباء عن الأولاد ولا يُقتل الأولاد عن الآباء. كل إنسان بخطيئته يُقتَل". (التثنية 24: 16)

إن الدرس الذي تتعلمه البشرية من قبول الله لتوبة آدم عندما أكل من الشجرة المحرمة، هو طلب المغفرة من الله. مما يدحض مفهوم الخطيئة الأصلية. فكل نفس تتحمل نتائج أفعالها. فهذا يظهر رحمة الله وعدله. فالمغفرة والعدل لا يمنع أحدهما الآخر.

 لا تضحية بالبشر:

"يَا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ". (لقمان: 33)

"وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ". (النساء: 27)

"إني أريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الرب أكثر من محرقات. ولكنهم كآدم تعدّوا العهد. هناك غدروا بي". (هوشع 6: 6-7)

"بمحرقات وذبائح للخطية لم تسرّ". (ا لعبرانيين 10: 6)

"فلو علمتم ما هو. أنى اريد رحمة لا ذبيحة. لما حكمتم على الأبرياء". (متى 12: 7)

"هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل. ضموا محرقاتكم إلى ذبائحكم وكلوا لحمًا. لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة. بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً: اسمعوا صوتي فأكون لكم إلهًا وأنتم تكونون لي شعبًا وسيروا في كل الطريق الذي أوصيكم به ليحسن إليكم. فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنهم بل ساروا في مشورات وعناد قلبهم الشرير وأعطوا القفا لا الوجه". (أرمياء 7: 21-24)

 وعد الله بحفظ أنبياءه والمؤمنين:

"وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ". (الصافات: 107)

"فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو أنتقَامٍ". (إبراهيم:47)

"ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ". (يونس: 103)

"ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ ". (محمد: 11)

"ولما كان المساء اتكأ مع الإثني عشر. وفيما هم يأكلون قال: الحق أقول لكم أن واحد منكم يسلمني. فحزنوا جدًا وابتدأ كل واحد منهم يقول له: هل أنا هو يا رب. فأجاب وقال. الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني. إن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. ولكن ويلٌ لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد. فأجاب يهوذا مسلمه وقال: هل أنا هو يا سيدي. قال له أنت قلت". (متى 26: 20-25)

"كما تكلم بفم انبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر. خلاص من أعدائنا ومن أيدي جميع مبغضين". (لوقا 1: 70-71)

 كان المسيح حزينًا، لا يريد أن يموت، كما أكد أنه لن يموت:

"لا تتركني يا رب. يا إلهي لا تبعد عني. أسرع إلى معونتي يا رب يا خلاصي". (المزامير 38: 21-22)

"لا أموت بل أحيا، وأحدث بأعمال الرب. تأديبًا أدبني الرب، وإلى الموت لم يسلمني. افتحوا لي أبواب البر. ادخل فيها واحمد الرب. هذا الباب للرب. الصديقون يدخلون فيه. أحمدك لأنك استجبت لي وصرت لي خلاصًا. الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية. من قبل الله كان هذا وهو عجيب في أعيننا". (المزامير 118: 17-23)

 المسيح يدعو الله ليخلصه:

"ثم تقدم قليلًا وخرّ على الأرض وكان يصلّي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن". (مرقس 14: 35)

"بك يا رب احتميت فلا أخزى إلى الدهر". (المزامير 71: 1)

"أما أنا فأرجو دائمًا أزيد على كل تسبيحك. فمي يحدث بِعدْلكَ اليوم كله بخلاصك لأني لا أعرف لها أعدادًا". (المزامير 71: 14-15)

"بِعدْلك نجني وأنقذني، أمِل إليّ أذنك وخلّصني. كن لي صخرة ملجأ أدخله دائمًا. أمرت بخلاصي لأنك صخرتي وحِصْني. يا إلهي نجني من يد الشرير من كف فاعل الشر والظالم". (المزامير 71: 2-4)

 خطة الأعداء وتقدير الله:

"فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتقَامٍ". (إبراهيم:47)

"لماذا ارتجّت الأمم وتفكّر الشعوب في الباطل. قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه قائلين: لنقطع قيودهما ولنطرح عنا ربطهما. الساكن في السماوات يضحك. الرب يستهزئ بهم. حينئذٍ يتكلم عليهم بغضبه ويرجفهم بغيظه. أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي". (المزامير 2: 1-6)

" أما الأشرار فيبادون جميعًا. عقب الاشرار ينقطع". (المزامير 37: 38)

انتظارًا انتظرت الرب فمال إليّ وسمع صراخي. وأصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجليّ. ثبت خطواتي". (المزامير 40: 1-2)

 أنقذ الله نبيه المسيح من الموت:

" وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا". (النساء: 157)

"إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ". (آل عمران: 55)

"هذا المسكين صرخ، والرب استمعه ومن كل ضيقاته خلصه". (المزامير 34: 6)

"يحفظ جميع عظامه. واحد منها لا ينكسر". (المزامير 34: 20)

"الذي في أيام جسده، إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت، وسمع له من أجل تقواه". (العبرانيين 5: 7)

"فلننظر هل أقواله حق ولنختبر كيف تكون عاقبته. فإنه إن كان الصديق ابن الله فهو ينصره وينقذه من أيدي مقاوميه". (سفر الحكمة 2: 17-18)

 يبقيه الله على قيد الحياة:

"بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا". (النساء: 158)

"طوبى للذي ينظر إلى المسكين. في يوم الشر ينجيه الرب. الرب يحفظه ويحييه. يغتبط في الأرض ولا يسلمه إلى مرام أعدائه". (المزامير 41: 1-2)

 يشكر المسيح ربه:

"قال لها يسوع ألم اقل لك إن آمنت ترين مجد الرب. فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعًا، ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال: أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي". (يوحنا 11: 40-41)

 ندم الخائن ومعاناته من تبعات خطيئته:

وعلى الرغم من أن كثيراً من النصارى يعتقد بأن الفقرات التالية تتكلم عن المسيح، لكن المسلمون يعتقدون أنها تتكلم عن الغادر الذي خان المسيح.

" إلهي إلهي لماذا تركتني. بعيدًا عن خلاصي عن كلام زفيري. إلهي في النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هدوء لي. وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل. عليك اتكل آباؤنا. اتكلوا فنجّيتهم.  ‎إليك صرخوا فنجوا. عليك اتكلوا فلم يخزوا. أما أنا فدودة لا إنسان. عار عند البشر ومحتقر الشعب. كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه وينغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه. لينقذه لأنه سرّ به. لأنك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئنًا على ثديي امي. عليك ألقيت من الرحم. من بطن أمي أنت إلهي. لا تتباعد عني لأن الضيق قريب. لأنه لا معين". (المزامير 22: 1-11)

 لا إله إلا الله:

" وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرض سُبْحَانه وَتَعَإلىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ". (يونس:18)

" أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي. نطّقتك وأنت لم تعرفني". (أشعياء 45: 5)

 أكد المسيح على طبيعته البشريه وعلى عبوديته للرّب:

" قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا". (مريم: 30)

" آه يا رب. لأني عبدك. أنا عبدك ابن أمتك. حللت قيودي". (المزامير 116: 16)

" قال لها يسوع لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم أنى أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم". (يوحنا 20: 17)

 أشار المسيح إلى أنه ابن إنسان:

" فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو ولست أفعل شيئًا من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علمني أبي". (يوحنا 8: 28)

" لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك". (لوقا 19: 10)

 وأشار المسيح عدة مرات أنه نبي الله:

"بل ينبغي ان أسير اليوم، وغدًا وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم". (لوقا 13: 33)

" فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل". (متى 21:11)

 كما أشار المسيح إلى بشريته:

"ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. هذا لم يعمله إبراهيم". (يوحنا 8: 40)

" هذا أخذتموه مسلّمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق، وبأيدي آثمة صلبتموه وقتلتموه". (أعمال الرسل 2: 23)

" لأنه أقام يومًا هو وفيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدمًا للجميع ايمانًا إذ أقامه من الأموات". (أعمال الرسل 17: 31)

" لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح". (الأول تيموثاوس2: 5)

ومن الواضح هنا أن كلمة وسيط أتت بمعنى رسول.

" ولكن ليس كالخطية هكذا أيضًا الهبة. لأنه إن كان بخطية واحد مات الكثيرون، فبالأولى كثيرًا نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين". (رومية 5: 15)

إن كلمة " إنسان" في هذه الفقرات ما هى إلا ترجمة للكلمة اليونانية anthropos.

وتعني الكلمة اليونانية (Anthropos) كائن بشري بشكل عام، ذكرًا كان أم أنثى، ليشمل كل كائن بشري، ليميز الإنسان عن غيره من السلالات".

تستخدم كلمة (anthrops) لتصف آدم (الإنسان الأول). كما استخدمت في نفس الفقرة(رومية 5: 15) لتصف المسيح.

ومن ناحية أخرى، يقول الكتاب المقدس" ليس الله إنسانا".

" ليس الله إنسانا فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي". (العدد 23: 19)

"لا أجري حمو غضبي، لا أعود أخرب أفرايِم، لأني الله لا إنسان. القدوس في وسطك فلا آتي بسخط". (هوشع 11: 9)

ولأن ميلاد المسيح كان معجزة، اعتقد بعض أتباع المسيح أنه ابن الله (المولود). بينما يعتقد المسلمون أنه إذا استطاع الله خلق آدم من تراب بدون والدين، فيمكنه بسهولة أن يخلق المسيح بدون والد.

" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ". (آل عمران: 59)

 تصديق شريعة موسى:

" قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إبراهيم وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ". (البقرة: 136)

"وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ". (المائدة: 46)

" وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم: أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير". (لوقا 24: 44)

 إدانة المسيح لقومه:

" وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأنت قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أقول مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أنت عَلَّامُ الْغُيُوبِ". (المائدة: 116-117)

" وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا. وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أنهم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا".( الكهف: 52- 53)

" كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم أني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الاثم". (متى 7: 22-23)

" يقول أين آلهتهم الصخرة التي التجأوا اليها. التي كانت تأكل شحم ذبائحهم وتشرب خمر سكائبهم. لتقم وتساعدكم وتكن عليكم حماية. انظروا الآن. أنا أنا هو وليس إله معي. أنا أميت وأحيي، سحقت، وأني أُشفي وليس من يدي مخلّص". (التثنية 32: 37-39)

 التوحيد جوهر رسالة المسيح

" وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ". (مريم: 36)

" فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد". (مرقس 12: 29)

" حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان. لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد". (متى 4: 10)

" وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته". (يوحنا 17: 3)

ومن الواضح هنا أن عبارة يسوع المسيح الذي أرسلته، قد أتت بمعنى إرسال رسول.

  جاء نبي الله محمد ليُذكر العالم برسالة المسيح:

" وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ". (مريم19: 36)

" قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا". (الكهف: 110)

وإذا رجعنا إلى تاريخ الديانات قبل ظهور النصرانية، نجد أن أتباع هذه الديانات اعترت بعض الأبطال آلهة. فما اعتقده الهنود في كريشنا والبوذيين في بوذا واليونانيين في باخوث والبابليون في بعل والسوريون في أدونيس هو الاعتقاد الذي تبنته النصرانية بشأن المسيح، ولقد حرر الإسلام أتباعه من هذه الخرافات. فرفض معتقد تجسيد الله أو تجسيمه في شيء من خلقه.

وأكد الإسلام على هذه المعتقدات:

-         لا يمكن للمسيح أو أي إنسان آخر أن يكون إلهًا.

-         حياة الإنسان اختبار وكل نفس مسؤولة عن أفعالها.

-         يُولد الناس بدون خطيئة؛ ثم يبدأ حسابهم على ذنوبهم فقط بعد الوصول لسن الرشد أو البلوغ.


 أنت تسأل والمسيح يجيب

" مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانه ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ". (القرآن 19: 35)

 المسيح ليس ابن الله

" قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: أنى أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". (يوحنا 20:17)

 مريم العذراء ليست الوحيدة التي أُخبرت بأن الرّوح القدس سوف يأتي لها:

وفقًا للعهد الجديد امتلأت والدة يوحنا بالروح القدس.

" فقال له الملاك: لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابنًا، وتسميه يوحنا. ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته. لأنه يكون عظيمًا أمام  الرب وخمرًا ومسكرًا لا يشرب. ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس". (لوقا 1: 13-15)

ونقرأ:

" لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا في أورشليم، وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض". (أعمال الرسل1 :8)

كما نقرأ أيضًا:

" فبينما بطرس يتكلم بهذه الامور حلَّ الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة". (أعمال الرسل 10: 44)

هل المسيح من أُطلق عليه ’ ابن الله‘ فقط؟

لم يستخدم مصطلح ’ ابن الله‘ حرفيًا قط، فنجد في العهد القديم، أن الله يُشير إلى كثير من عباده المختارين بمصطلح’ ابن‘. ويعتقد اليهود أن الله واحد، وليس له زوجة ولا ابن بالمعنى الحرفي، لذلك فالمصطلح ’ ابن الله‘ يعني عبد الله. لكن بعض أتباع المسيح الذين جاءوا من أصول يونانية أو رومانية أساءوا استخدام هذا المصطلح، لإشارة مصطلح ’ ابن الله‘ في تراثهم إلى تجسيد الإله.

ونقرأ في العهد القديم:

يعقوب هو ابن الله واﻹبن الأول:

" فتقول لفرعون هكذا يقول الرب. إسرائيل ابني البكر". (الخروج 4:22)

سليمان هو ابن الله:

" هو يبني بيتًا لإسمي، وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أبًا وهو يكون لي ابنًا. أن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم". (صموئيل الثاني 7: 13-14)

" لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله". (رومية 8: 14)

" أنتم أولاد للرب إلهكم. لا تخمشوا أجسامكم، ولا تجعلوا قرعة بين أعينكم لأجل ميت". (التثنية 14: 1)

" بن انوش بن شيت بن آدم ابن الله". (لوقا 3: 38)

وهكذا يفهم المؤمن أنه إذا استطاع الله خلق آدم من تراب بدون والدين فيمكنه بسهولة خلق المسيح بدون والد.

" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ". (آل عمران: 59)

ويعتقد المسلمون أيضًا أن المسيح هو ’ كلمة الله‘، ولكن هذا الوصف لا يعنى أن المسيح هو ابن الله بالمعنى الحرفي، ولكنه بالمعنى الرمزي الذي يعني أنه يتكلم بكلام الله.

"قف في باب بيت الرب، وناد هناك بهذه الكلمة وقل: اسمعوا كلمة الرب يا جميع يهوذا الداخلين في هذه الأبواب لتسجدوا للرب". (أرمياء 7: 2)

ونقرأ:

" فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون. لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم". (متى 10: 19-20)

 هل أُطلق على المسيح لقب "عمانوئيل"؟

" ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل. زبدًا وعسلاً يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير". (أشعياء 7: 14)

ذكرت النبوءة أن اسمه سيكون ’ عمانوئيل ‘ بمعنى (الله معنا)، ولم تذكر أنه نفسه سيكون عمانوئيل. ولم تدعُ مريم ابنها ’ عمانوئيل‘قط. ووفقًا للعهد الجديد،  أطلق عليه اسم يسوع اتباعًا لتعاليم الملَك.

" ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع". (متى 1: 25)

لم يطلق أبدًا على المسيح اسم ’ عمانوئيل‘، وإذا افترضنا أن هذا الاسم كان للمسيح، فهذا أيضًا لا يجعله هو الله، فكثيرون في الإنجيل كانوا في معيّة الله. ولذلك فإن ترجمة عمانوئيل " الله معنا"  لا يعني أن معيّة الله خاصة بالمسيح فقط. فالله مع أنبياءه وعباده الصالحين في كل زمان ومكان. وهنا يمكننا أن نرى أسماءً أخرى مرتبطة بإسم الله (في اللغة العبرية لكتابة El أو Yah) تنتمي إلى أشخاص آخرين.

فعلى سبيل المثال:

صموئيل يعني: اسم الله.

إليهو يعني: هو ربي نفسه.

أشعياء يعني: خلاص الله.

أدبئيل يعني: معجزة الله.

اوريئيل يعني: نور الله.

ايليا يعني: الله الملك القوي.

وقد أخبرالملَك السيدة مريم أن ’ الله معك‘ قبل أن تحمل بالمسيح، وهذا يعني أنها كانت في معيّة الله قبل أن تحمل وتلد.

" فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها. الرب معك مباركةً أنت في النساء". (لوقا 1: 28)

وكان الله مع نبيه يوسف.

" ورؤساء الآباء حسدوا يوسف وباعوه إلى مصر وكان الله معه". (أعمال الرسل 7: 9)

وكما نقرأ في السياق فإن ميلاد الطفل وتسميته عمانوئيل، كان إشارة للملك آحاز وشعبه، أن الله سيكون معهم وسينصرهم، عند محاولة مملكتين عدوتين غزوهم.

"ثم عاد الرب فكلم آحاز قائلاً اطلب لنفسك آية من الرب إلهك. عمق طلبك أو رفّعه إلى فوق. فقال آحاز لا أطلب ولا أجرب الرب. فقال: اسمعوا يا بيت داود هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا إلهي أيضًا. ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. هالعذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل. زبدًا وعسلاً يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير. لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير تخلى الأرض التي أنت خاش من ملكيها". (أشعياء 7: 10-16)

وتحقق وعد الله وانتصروا.

" فسمع له ملك آشور وصعد ملك آشور إلى دمشق وأخذها وسباها إلى قير وقتل رصين". (الملوك الثاني 16: 9)

لم يذكر النص العبري الأصلي (أشعياء 7: 14) أن عذراءً ستلد، بل إمرأة شابة. فالكلمة العبرية (almah) استخدمت في (أشعياء 7: 14) بمعنى إمرأة شابة وليس عذراء. أما الكلمة العبرية لعذراء فهي (b'tulah). وتعد النسخة المنقحة المعيارية للكتاب المقدس أحد الأناجيل النصرانية القليلة التي استخدمت ترجمة ’ امرأة شابة ‘ بدلاً من ’ عذراء‘.

ويستخدم اليهود الأسماء الرمزية كثيرًا في الإنجيل. فالعديد من الأسماء لا يمكن أن تؤخذ بمعناها الحرفي.

"في تلك الايام يخلص يهوذا وتسكن أورشليم آمنة وهذا ما تتسمى به الرب برنا". (أرمياء 33: 16)

" فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل. قائلاً لأني نظرت الرب وجهًا لوجه ونجّيت نفسي". (تكوين 32: 30)

"فبنى موسى مذبحًا ودعا اسمه يهوه نِسّي". (الخروج 17: 15)

"فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يراه. حتى أنه يقال اليوم في جبل الرب يرى". (تكوين 22: 14)

 أكد المسيح على نبوته وعلى استسلامه وعبوديته لرب العالمين، وعلى أنه بشرًا رسولاً:

" قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أين مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا". (مريم: 30-31)

" ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. هذا لم يعمله إبراهيم". (يوحنا 8: 40)

" هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرّت به نفسي. أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق". (متى 12: 18)

" فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته". (مرقس 6: 4)

 هل المسيح نور العالم؟

 أتباع المسيح نور العالم:

" أنتم ملح الأرض. ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح. لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجًا ويداس من الناس. أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قُدّام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات". (متى 5: 13-16)

 أتباع المسيح أبناء النور:

" جميعكم أبناء نور وأبناء نهار. لسنا من ليل ولا ظلمة". ( تسالونيكي الأول  5: 5)

 المسيح نور العالم:

" ثم كلمهم يسوع أيضًا قائلاً: أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة". (يوحنا 8: 12)

لذلك عندما وصف المسيح نفسه بأنه نور العالم لم يكن وصفًا حرفيًا ولكن رمزيًا، كما أن هذا الوصف يمكن أن ينطبق على غيره.

الله تعالى وحده هو النور الحقيقي للعالم. فالله هو مصدر النور الحقيقي لخلقه بما فيهم المسيح.

" وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به، أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة. إن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق". (يوحنا الأول 1: 5-6)

"الرب نوري وخلاصي ممن أخاف. الله حصّن حياتي ممن أرتعب". (المزامير27: 1)

 الله ليس هو المسيح

" ولست أنا بعد في العالم، وأما هؤلاء فهم في العالم، وأنا آتي إليك. أيها الأب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطىتني ليكونوا واحدًا كما نحن". (يوحنا 17: 11)

 المسيح يشرح معنى وحدته مع الله:

"أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد. فتناول اليهود أيضًا حجارة ليرجموه. أجابهم يسوع: أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي، بسبب أي عمل منها ترجمونني. أجابه اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا. أجابهم يسوع أليس مكتوبًا في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة؟ إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله، ولا يمكن أن ينقض المكتوب. فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنك تجدف لأني قلت إنى ابن الله؟ إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال، لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه. فطلبوا أيضًا أن يمسكوه فخرج من أيديهم". (يوحنا 10: 29-39)

ويمكننا هنا نفهم معنى وحدته مع الله المذكور بالنص، وهو أن المسيح قد قام بمعجزات بإذن الله، وكثيرًا من الرسل قاموا بمعجزات كهذه المعجزات بإذن الله، وكان من بينهم نوح وموسى وغيرهم من الأنبياء المذكورين في العهد القديم مثل حزقيال وإليا وغيرهم كثير، وذلك لإثبات صدق النبي. وقد أشار المسيح إلى أنه كما أُطلق على اليهود (آلهة) لأن كلمة الله صارت إليهم، فكذلك أُطلق عليه ’ ابن الله ‘ لأن كلمة الله صارت إليه.

 المسيح وأتباعه واحد:

" ليكون الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الأب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطىتني ليكونوا واحد كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكملين إلى واحد، وليعلم العالم إنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني". (يوحنا 17: 21-23)

ومن الواضح جدًا أنه لم يكن وصفًا حرفيًا بل رمزيًا.

" فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد". (كورنثوس الأول 10: 17)

وهنا نقرأ:

" فإنه كما في جسد واحد لنا أعضاء كثيرة ولكن ليس جميع الأعضاء لها عمل واحد. هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضًا لبعض كل واحد للآخر". (رومية 12: 4-5)

 الزوجة وزوجها واحد:

" وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الإثنان جسدًا واحدًا". (متى 19: 5)

وهذه إشارة لمدى قرب الرجل من المرأة بعد زواجهما. لذلك فإن وحدة الله والمسيح لا تعني أن المسيح هو الله، أو حتى ابن الله، وإنما هو رمز استخدم ليُظهر مدى قرب المسيح وتعلقه بالله كأحد أنبيائه ورسله.

ويمكننا ملاحظة المعنى أيضًا في كلام المسيح حين وصف العلاقة بين الله والمؤمنين (الله والمسيح والأتباع هم واحد). فهذا استخدام رمزي ليظهر مدى قرب الأتباع من الله والمسيح. وهذا الرمز يشير إلى معيّة الله ومساعدته وحفظه. فالله واحد وأشار إلى نفسه رمزيًا (الأب) وأن المسيح معلم.

" إله وأب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم". (أفسس 4: 6)

" وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد، المسيح وأنتم جميعًا إخوة. ولا تدعوا لكم أبًا على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين لأن معلمكم واحد المسيح". (متى 23: 8-10)

 وحدانية الله هي أساس رسالة المسيح:

" لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح". (الأول تيموثاوس 2: 5)

" وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته". (يوحنا 17: 3)

 المسيح يستنكر عبادته من دون الله:

" وباطلاً يعبدونني". (متى 15: 9)

 هل المسيح مثل يونان (نبي الله يونس)؟

أطلقت السيدة مريم على ابنها اسم يسوع  اتباعًا لتعاليم المَلَك. وصرَّح المسيح أنه المسيح بعد تعميده على يد يوحنا المُعمَّد.

" ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سُمي يسوع كما تَسمى من الملاك قبل أن حبل به في البطن". (لوقا 2: 21)

كما أن المسيح ليس اسمًا، ولكنه لقب. وهو ترجمة للكلمة العبرية Messiah وتعني "ممسوح". والترجمة اليونانية لكلمة "ممسوح" هيChristos  والتي جاءت منها كلمة المسيح.

ويُعد القسيس والمَلِك "ممسوح" إذا تكرس لمنصبه. وقد منح العهد القديم هذا اللقب حتى للملك "كورش" الغير مؤمن.

" هكذا يقول الله لمسيحه، لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أممًا وأحقاء ملوك أحل، لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق". (أشعياء 45: 1

تستند عقيدة النصارى اليوم بصلب ودفن المسيح ثلاث ليالي وثلاثة أيام على قصة نبي الله يونس (يونان) في العهد القديم، وهي كما يلي:

أراد اليهود دليلاً يُثبت أنه المسيح.

" حينئذٍ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلّم نريد ان نرى منك آية". (متى 12: 38)

فأجاب المسيح:

" فأجاب وقال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال". (متى 12: 39-40)

أمر الله يونان بأن يذهب إلى نينوى لينذر أهلها.

" وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم". (يونان 3: 8)

لكن يونان تردد أن يذهب كمنذر لأهل نينوى، فذهب إلى جوبا بدلاً من نينوى وأخذ قاربًا هروبًا من أمر الله. وبينما كان في القارب جاءت عاصفةً قويةً. ووفقًا للخرافات السائدة في ذلك الوقت، فإن العاصفة إشارة إلى وجود شخص هارب من أمر ربه.

فقال البحارة لبعضهم البعض:

" وقال بعضهم لبعض هلم نلقي قرعًا لنعرف بسبب من هذه البلية. فألقوا قرعًا فوقعت القرعة على يونان". (يونان 1:7)

فقال يونان متطوعًا:

" فقال لهم خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم لأنني عالم أنه بسببي هذا النوء العظيم عليكم". (يونان 1:12)

 المسيح يختلف عن يونان:

·       يونان قدم نفسه متطوعًا ليلقى في البحر.

·       بكى المسيح حينما أخذوه للصلب.

كان يونان حيًا عندما أُلقي في البحر. كما ظل حيًا عندما ابتلعته السمكة.

" فصلّى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت". (يونان 2: 1)

وظل يونان حيًا لمدة ثلاثة أيام وثلاثة ليالي حتى ألقته السمكة على شاطئ البحر.

وتنبأ المسيح عن نفسه قائلاً:

" كما كان يونان، هكذا يكون ابن الإنسان".

فإذا كان يونان حيًا لمدة ثلاثة أيام وثلاثة ليالي، فإن المسيح أيضًا يجب أن يكون حيًا في القبر وفقًا للنبوءة! ولكن النصرانية قائمة على مفهوم موت المسيح من أجل البشرية.

عاش يونان ومات المسيح فما هو التشابه بينهما! قال المسيح "مثل يونان" وليس بخلاف يونان. إذا كان هذا صحيحًا فوفقًا لاختباره يُعتبر المسيح ليس المسيح الحقيقي لليهود.

ووفقًا لما ذُكر في العهد القديم فإن اليهود أسرعوا في التخلص من المسيح. لذلك قاموا بمحاكمتة في منتصف الليل ثم أرسلوه في الصباح إلى "بيلاتو"، ومنه إلى "هيرود" ثم أرجعوه ثانيةً إلى "بيلاتو"، حيث كانوا في خوف شديد من عامة الشعب، فقد كان المسيح بطلهم. ولذلك كما أسرعوا في تعليقه على الصليب أسرعوا أيضًا في إنزاله قبل غروب شمس يوم الجمعة، لتفادي دخول يوم السبت المقدس لديهم، والذي يبدأ في حوالي الساعة 6 مساء يوم الجمعة. ووفقًا للعهد القديم فإن المصلوب "ملعون من الله" ولا يُسمح لهم أن يظل مُعلقًا حتى يوم السبت.

" فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم. لأن المعلّق ملعون من الله. فلا تنجس أرضك التي يعطيك الله إلهك نصيبًا". (التثنية 21: 23)

ثم وضعت الجثة في القبر قبل حلول الليل.

ومن المفترض أن يكون المسيح في القبر ليلة الجمعة وحتى صباح يوم الأحد الذي من المفترض أن يكون قد خرج منه، فبالتالي فهو ليس كيونان الذي بقي حيًا في جوف السمكة، وهذا تمامًا بخلاف ما حدث للمسيح ادعاءً، فقد ظل المسيح ميتًا لنفس المدة التي كان فيها يونان حيًا.

ونضيف إلى ذلك عامل الوقت الذي كان ثلاثة أيام وثلاثة ليالي. فوفقًا لما ذُكر في الإنجيل، فإنه قبل شروق شمس يوم الأحد (أول أيام الأسبوع) ذهبت مريم المجدلية إلى قبر المسيح ووجدته فارغًا. وبطرح 3 أيام و3 ليالي من صباح يوم السبت نجد أن المسيح يجب أن يكون قد مات يوم الأربعاء وليس الجمعة لتتحقق النبوءة. لذلك يمكننا ببساطة أن ندحض هذه النبوءة التي لم تتحقق أصلاً ونعتبرها ليست من كلام الله.


 أين كتاب المسيح؟

يعتقد المسلمون أن الله تعالى أرسل المسيح  رسولاً بشرًا لبني إسرائيل ليؤكد على رسالة نبي الله موسى، ويبشر بقدوم نبي الله محمد عليهم جميعًا الصلاة والسلام. نبي الله المسيح بالنسبة للمسلمين كان المسيح المرتقب الذي ذكرت نبوءته في التوراة - كتاب موسى.

وقد جاء المسيح إلى العالم من إمرأة عزباء بدون أي تدخل ذكري، فكان معجزة من الخالق لبني إسرائيل. ووفقًا لعقيدة المسلمين فإن المسيح قد أرسله الله بوحي تلقاه من الملك جبريل بلغته –الآرمية.

وقد خضع كتاب المسيح - الإنجيل - لتغييرات جذرية حتى اختفى، واستبدله بعض أتباع المسيح بالعهد الجديد. ويتكون العهد الجديد من عدة كتب كتبها بعض أتباع المسيح وكتبها آخرون ممن لم يقابلوا المسيح أبدًا ومنهم القديس بولص.

ويعتقد النصارى اليوم أن المسيح لم يتلقَ أي وحي من الله بل يعتبرون العهد الجديد كتابهم المقدس الذي أوحاه الله إلى بعض أتباع المسيح.

 بورتون ماك:

" وعلى الأقل فإن بعض المجتمعات النصرانية رأت أن المسيح معلم الحكمة، وهو الرجل الذي حاول أن يعلم الأخرين كيف يعيشوا، وهو ليس إلهي ولكن إنسانًا بالكامل. فأتباع المسيح الأوائل يختلفون عن غيرهم من النصارى الذين ارتكزت شعيرتهم وعملهم على موت المسيح وبعثه. " [23]

 تعاليم المسيح الصحيحة

قدم اكتشافٌ عارضٌ في مصر عام 1945 إجابة على هذه الأسئلة بطريقة مدهشة. فأثناء بحث أخوان عن سماد في قاعدة جرف في المنطقة المصرية نجع حمادي، وفي طريقهم ضرب أحدهما (محمد علي) شيئًا مخفيًا تحت الأرض من غير قصد. وكان يبدو وعاءً خزفيًا كبيرًا مغلقًا بطبق أحمر سطحي، فكسره ووجد اثني عشرة كتاب ملفوفين بجلد غزال.

أثبتت هذه الكتب أحد أهم الاكتشافات الأثرية للقرن العشرين وكان من أسباب أهميتها أنها أثبتت دليلاً قيمًا لوجود مجموعة أقوال عرفت بالحرف “Q”.

وكان الحرف "Q” تسمية للإنجيل الذي لم يعد موجودًا، لكن اعتقد الكثير أنه يجب أن يكون موجودًا في وقت ما. وفي الحقيقة، على الرغم من عدم وجود نسخة من هذا الإنجيل بشكل مستقل، وجد بعض علماء القرن التاسع عشر أجزاءً من هذه المجموعة النصرانية القديمة دمجت في إنجيلي متى ولوقا.

وبمقارنة هذين الإنجيلين بإنجيل مرقس، أدرك العلماء أن كلاهما اتبع ترتيبه وصياغته إلى حد كبير في حكاية قصة المسيح. وعلى الرغم من هذا الملخص القصصي المشترك، أضاف كلاً من متى ولوقا على أقوال وتعاليم المسيح. فعلى الرغم من أن متى ولوقا لم يضعا هذه الأقوال بنفس الترتيب، إلا أنهما أعادوا كثيرًا من نفس الأقوال وأحيانًا ما تكون حرفيًا.

ولهذه الأسباب يستبعد أن يكون متى أو لوقا قد طبع أحدهم من الآخر، فكيف نفسر هذا النوع من التوافق بينهما؟ وتظهر الإجابة في أن متى ولوقا كان لديهم مصدرين مشتركين: إنجيل مرقس وإنجيل أخر وهو مجموعة الأقوال المفقودة التي عرفت بالوثيقة Q.

ويشير الحرف ق (Q) إلى الكلمة الألمانية " Quelle" وتعني المصدر.  وعلى الرغم من عدم العثورعلى نسخة حقيقية للوثيقة (Q)، اعتقد كثيرًا من العلماء أن هذه الوثيقة انتشرت مرة في المجتمعات النصرانية القديمة. ومنذ أن كان من الصعب التطلع لشئ غير موجود، ظلت الوثيقة (Q) افتراضًا مؤجلاً على حافة الأبحاث العلمية.

وقد احتوت المخطوطات المعروفة بمخطوطات نجع حمادي على مخطوطة كاملة لإنجيل توما. وقد عثر قديمًا على جزء من هذا الإنجيل مكتوبًا باليونانية في مدينة أوكسيرينخوس في مصر، ولكنها كانت أجزاءً. وقد كُتب نص مخطوطة نجع حمادي باللغة القبطية والتي كانت اللغة المصرية المستخدمة في الوقت الإمبراطوري الروماني.

وعلى أساس هذا النص إلا أن العلماء كانوا قادرين على أن يعيدوا صياغة إنجيل توما باليونانية، فهي اللغة الأساسية لها. وبهذا المعنى، فقد كانوا قادرين على مقارنة محتواها بالكتابات الموجودة في العهد الجديد.

فقد كان إنجيل توما يختلف عن الأناجيل التي أصبحت جزءً من العهد الجديد. فهي تحوي مادة غير مروية، كما أنها لم تحوِ أي قصة عن ميلاد المسيح أو حياته أو حتى وفاته. بل تتكون فقط من أقوال بلغت 114 قول بشكل إجمالي، تسبق كل واحدة منها عبارة (وقال المسيح). بينما حددت الأقوال المجمعة من إنجيل توما بكاتبها " هذه هي الاقوال السرية التي نطق بها يسوع الحيُّ".

وتشابهت كثيرًا بعض أقوال إنجيل توما مع الأقوال الموجودة في إنجيلي متى ولوقا.

وبالنسبة لعلماء العهد الجديد، نجد أن الأمر المثير للاهتمام أن كاتب هذا الإنجيل (Didymos Judas Thomas) استخدم أقوالاً من نفس المجموعة التي استخدمها كلاً من متى ولوقا. ولكن بالنسبة لهذا الكاتب ومجتمعه فإن معنى هذه الأقوال كان مختلفًا كثيراً.

ولذلك فقد أثبت إنجيل توما دليلاً جديدًا مثيرًا لوجود مجموعة الأقوال القديمة التي استخدمتها مجتمعات نصرانية متنوعة. وفي عام 1989، بدأ فريق من الباحثين بقيادة جيمس روبنسون، رئيس معهد الأثار والمسيحية في جامعة كليرمونت (CA بمهمة وهي: إعادة تكوين الوثيقةَ “Q” .

وقد قام روبنسون وفريقه بهذه المهمة اعتمادًا على تحليل أدبي مفصل جدًا عن أناجيل متى ولوقا وتوما. وقد قام عملهم الدقيق بفحص "فقرة فقرة وكلمة كلمة وقضية قضية". وبعد حوالي عشر سنين من العمل كان قد أوشك إصدار نتائج جهودهم بمسمى الإصدار النقدي للوثيقة”Q”.

وقد أثار استرجاع الوثيقة “Q” جدلاً حول طبيعة المجتمعات النصرانية بل وأصول النصرانية نفسها بشكل أعم. ووفقًا لما ذكر في التاريخ، فقد ظهر 74 كتابًا بعد رحيل المسيح، اُستبعد منهم 70 كتابًا اعتبرهم آباء الكنيسة القدامى غير موثقين، وبقي 4 حواهم العهد الجديد.

وقد اُستبعدت أغلب الكتب التي تتحدث عن الطبيعة البشرية للمسيح ووحدانية الخالق ونجاة المسيح من الصلب. وأما عن السؤال المتكرر من النصارى للمسلمين "أين كتاب المسيح"؟ فالإجابة هي: أعيدوا الكتب السبعين، لنريكم الكتاب.


 بشارة المسيح بقدوم خاتم الرُّسل

" الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَأنت عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". (اﻷعراف: 157)

حتى مولد المسيح عليه السلام كان بنو إسرائيل (بنو النبي يعقوب) ينتظرون قدوم نبي جديد والمسيح.

" وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت. فاعترف ولم ينكر وأقرّ أنى لست أنا المسيح. فسألوه إذًا ماذا؟ ايليا أنت؟ فقال لست أنا. النبي أنت؟ فأجاب لا". (يوحنا 1: 19-21)

ولم يزل بني إسرائيل (يعقوب) ينتظرون النبي المتنبأ به في سفر التثنية.

" أقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به". (التثنية 18: 18)

 ويفهم جيدًا من هذه الفقرة أنها تشير إلى النبي محمد (عليه الصلاة السلام). وقد جاء كلاً من موسى ومحمد بعهد جديد للناس في زمانهم. بينما لم يأت المسيح بعهد جديد بل جاء مؤكدًا وشاهدًا على شريعة موسى الموجودة. ونجد أن:

-          ميلاد موسى ومحمد كان طبيعيًا.

-         وفاة موسى ومحمد كانت طبيعية أيضًا.

-         نجح كلاً من موسى ومحمد في تحقيق قيادة وسلطة على مجتمعهما.

وذكرت الفقرة " من وسط اخوتهم". وهم إخوة؛ لأن إسماعيل وإسحاق أولاد نفس الأب، وهو نبي الله إبراهيم.

لذلك فإن أبناء الشخص الواحد "إخوة" لأبناء الآخر. وأبناء يعقوب (ابن إسحاق) هم اليهود وأبناء إسماعيل هم العرب فيكونوا بذلك "إخوتهم". وقد أكد العهد القديم على هذا في الفقرة التالية:

" وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو آشور. أمام جميع إخوته نزل". (التكوين 25: 18)

كما أكد العهد القديم أيضًا أن النبوءة ستكون لنبي من العرب وليس من بني إسرائيل.

" ولم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى، ....". (التثنية 34: 10)

واستمرت الفقرة:

 " وسأضع كلماتي في فمه"

 فكلمات القرآن جميعها كانت من الملَك جبريل، وليس منها ما هو كلام محمد عليه الصلاة والسلام، بل أعاد فقط ما "وضع في فمه".

" أو يُدفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة ويقال له اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف القراءة". (أشعياء 29: 12)

وكما هو معروف أن نبي الله محمد كان أميًا، وعندما طلب منه الملك جبريل أن يقرأ قال: لا أعرف القراءة.

وبعد إنكار (نبوة المسيح)، آخر نبي لبني إسرائيل، جاء وقت تحقيق وعد الله وهو أن يجعل من إسماعيل أمة كبيرة.

" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً. اثني عشر رئيسًا يلد وأجعله أمة كبيرة". (التكوين 17: 20)

ويؤكد المسيح على انتقال القيادة الدينية إلى العرب.

" لذلك أقول لكم أن ملكوت الله يُنزع منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره". (متى 21: 43)

كما يؤكد المسيح أيضًا على نبوة نبي الله محمد.

" وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم". (يوحنا 14: 16- 17)

ووفقًا للنصرانية فإن المُعزي الذي ذكره المسيح في هذه الفقرة هو الروح القدس – الذات الثالثة في الثالوث. وعلى الرغم من ذلك، فإن المسلمون يعتقدون أن هذه النبوءة إن صحت فهي عن نبي الله محمد. وتثير دائمًا كلمة "Paraclete" جدالاً في الإنجيل. ويدور الجدال حول أن كلمة "Paraklytos" في الإنجيل اليوناني كانت أصلاً "Periklytos" وتغيرت خلال ترجمتها من السريانية إلى اليونانية. كما أن كلمة "Paraclete" تحمل معنيين في اليونانية:

- معزي ومؤيد ومساعد: (παρακλητος) Paraklytos كما يعتقدها النصارى. وهذا يعتمد على نطق الكلمة الذي يحتوي على صوت حرف العلة "a".

- محمد أو أحمد (الإنسان الممدوح): (Περικλητος) Periklytos كما يعتقد المسلمون. أما نطق الكلمة هنا يكون بدون صوت حرف العلة "a".

وبالإضافة إلى أن المعنى الثاني تؤيده الأدلة، فإن كلاً المعنيين ينطبق على نبي الله محمد. ونذكر بعضًا من هذه الأدلة كالآتي:

1-      فقد أثبت أن اللغة السريانية لا تحوي حروف العلة حتى القرن الخامس. فهي تحوي حروف الصحاح فقط، أما حروف العلة فقد أدخلت بعد القرن الخامس، من خلال نظام وضع النقاط فوق أو تحت الحروف، لتشير إلى أصوات حروف العلل. ولنطق صوت حرف "a" بالأخص توضع نقطة فوق وتحت الحرف. وترجم هذا الصوت إلى a أو ă، ويطلق عليه في اللغة السريانية (Pṯāḥā).

ويمكن أن نستنتج من هذا أن نطق اللغة السريانية لا يحوي صوت حرف" a"  وأن إضافة الحرف’ a‘ كان ترجمة خاطئة ليوافق لوازم اللغة اليونانية أو لإخفاء حقيقة نبوءة النبي محمد. لذلك فإن الكلمة Paraclete تشير إلى المعنى الثاني وهو أحمد أو محمد (الإنسان الممدوح).

2- كما أن الترجمة الحرفية لكلمة comforter في اللغة اليونانية هي "Parakalon"أو "Parygorytys" وقد استخدمت هاتين الكلمتين في مواضع مختلفة في الإنجيل بمعاني مختلفة. لذلك يجب أن يكون للكلمة "Periklytos" معنى فريد. 3- وبالإضافة إلى ذلك فإن حرف "s" في نهاية الكلمة يشير عادة إلى اسم شخص مذكر مفرد، وليس صفة في اللغة اليونانية. 4- وبتحليل آيات القرآن والكتاب المقدس نجدها تؤيد كثيرًا نبوة محمد.

" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إليكم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ". (الصف: 6)

 من هو المعزّي (البارقليط)؟

 المعزي رَجُل:

" أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا اﻷرواح هل هي من الله، لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم". (يوحنا الأول 4:1)

فيمكن أن تُطلق كلمة "روح" على إنسان. ووفقًا لما ذكر في التاريخ، فقد فهم كثير من النصارى القدامى أن "المعزي" رجل وليس روح. فقد ادعى رجال كثيرون قبل زمن نبي الله محمد أنهم "المعزي" المرتقب. وكان النجاشي ملك الحبشة نصرانيًا ينتظر قدوم "المعزي".

 يتكلم المعزي بما يسمع:

" وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية". (يوحنا 16: 13)

في الحقيقة هذا وصف لنبي وليس لإله. فالنبي يتكلم بما يسمع من الله. هذا دليل على أن الفقرات لا تشير إلى الذات الثالثة في الثالوث (كما يعتقد النصارى)، بل تشير إلى نبي يرسله الله. (ويخبركم بامور آتية) كما فعل نبي الله محمد. ومثال ذلك انتصار الرومان بعد هزيمتهم على أيدي الفرس. وقد ذُكر ذلك في القرآن.

" غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ". (الروم: 2-5)

تتحدث هذه الآيات عن هزيمة البيزنطيين على أيدي الفرس في معركة أنطاكيا. وقد كان وعد للمسلمين أن تنقلب الهزيمة  "في بضع سنين"  إلى انتصار للبيزنطيين. وقد كان انتصارهم أمرًا  مهمًا للمسلمين، لأنهم كانوا نصارى ويُعدوا من أتباع دين سماوي. بينما يعُد الفرس من أتباع الديانة الزرادشتية وهي ديانة وثنية. وقد دارت المعركة في المنطقة المحيطة بالبحر الميت وهي أقرب اﻷماكن التي كان الروم يحتلونها إلى الجزيرة العربية، (يقع في أخدود وادي الأردن). والحقيقة المثيرة للاهتمام والتي اكتشفت مؤخرًا من خلال الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة اليوم أن المنطقة المحيطة بالبحر الميت هي الأقل ارتفاعًا على الأرض. وهذه معجزة قرآنية، فلم تكن هذه الحقيقة معروفة أو متوقعة لأحد في القرن السابع، حيث لم تكن الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة متاحة في ذلك الوقت. والتفسير الممكن الوحيد هو أن نبي الله محمد قد تلقى وحيًا إلهيًا من الله خالق الكون ومبدعه.

وبعد حوالي 7 سنوات من نزول الوحي بهذه الآيات انتصر القرآ ن انتصارًا مدهشًا على الفرس. فتحقق وعد الله بانتصار الرومان في القرآن بإعجاز.

 المُعزّي يُدين العالم:

" ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة". (يوحنا 16: 8)

وقد أدان القرآن اليهود على عدم إيمانهم بالمسيح  كنبي أرسله الله، كما أدان النصارى على اعتقادهم بالثالوث وبألوهية المسيح: والذي يُعد ذنبًا، فلم يدعِ المسيح أنه الله أو ابن الله المولود. وعندما أشار المسيح عن نفسه في الإنجيل بأنه ابن الله أوضح أنه ليس الابن المولود ولكن نحن كلنا أبناء الله مجازًا.

" إني اصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". (يوحنا 20: 17)

ووفقًا للعهد القديم في أعمال الرسل (يوم الخمسين)، عندما نزل الروح القدس إلى الأتباع جعلهم يتكلمون بلغات مختلفة لكنهم لم يدينوا العالم ولم يبشروا بالمسيح.

فإذا كان المعنى المقصود من هذه الفقرة أن الروح القدس سوف يبشر بالمسيح ويقنعهم به، فلا حاجة لدعوة المبشرين إلى النصرانية والدفاع عنها فقد أنجز الروح القدس هذه المهمة.

 المُعزّي يأتي بعد رحيل المسيح:

" لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن انطلق. لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم". (يوحنا 16: 7)

لا يمكن أن تكون هذه الفقرة إشارة إلى الروح القدس (الملك جبريل بالنسبة للمسلمين)، والذي قد كان موجودًا بالفعل. فقد جاء الروح القدس إلى مريم (لوقا1: 35)، وجاء إلى سمعان (لوقا 2: 25)، كما جاء في أحداث أخرى ذكرت في الكتاب المقدس. إضافة إلى حقيقة عدم وجود نبي الله محمد في ذلك الوقت، وبذلك يبدو منطقيًا أن الفقرة تشير إلى مجيء نبي الله محمد بعد رحيل المسيح.

 المُعزّي يُرشد إلى الحق:

" وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويُذكركم بكل ما قلته لكم". (يوحنا 14: 26)

وتنطبق هذه الفقرة إن صحت على نبي الله محمد، فقد علَّم أتباعه وأرشدهم إلى طريق الحق، وما عليهم أن يفعلوه، وما عليهم أن يجتنبوه من خلال ما يُوحيه الله إليه. كما علم النبي محمد أتباعه القرآن. وذكَّرهم أيضًا بما قاله المسيح.

" فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي اسمع يا اسرائيل. الله إلهنا رب واحد". (مرقس 12: 29)

" حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان. لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد". (متى 4: 10)

 وقد ذكَّر النبي محمد العالم بالعقيدة الخالصة وهي: (الإيمان بإله واحد وتوحيده في العبادة).

" قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ". (الكهف: 110)

 المُعزّي يمجد المسيح:

" ذاك يمجدني ...". (يوحنا 16: 14)

احترام نبي الله محمد وتمجيده للمسيح:

  • قال النبي محمد: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، في الأُولَى وَالآخِرَةِ قالوا: كيفَ؟ يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: الأنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فليسَ بيْنَنَا نَبِيٌّ (بين المسيح وبيني)(رواه مسلم).
  • ذُكر اسم المسيح في القرآن أكثر من اسم النبي محمد ( 25 مرة مقابل 4 مرات).
  • فضلت مريم أم المسيح على نساء العالمين وفقًا لما جاء في القرآن الكريم.
  • مريم العذراء هي المرأة الوحيدة التي ذُكرت باسمها في القرآن.
  • هناك سورة كاملة في القرآن باسم السيدة مريم.

" لا يمكن أن تشهدوا الآن"، فقد أخبر المسيج أتباعه بأنهم لن يمكنهم أن يشهدوا الحق الآن. وقد جاء نبي  الله محمد بالحق عن المسيح وعن الله. فقد جاء بالقرآن الذي حفظه الله من أي تغيير حتى يوم القيامة؛ شهادة الحق إلى الأبد.


 كتب المؤلف:

s         الرسالة الحقيقية للمسيح عليه السلام في القرآن والإنجيل. 2017، صدر بالإنجليزية  ومترجم إلى18 لغة.    

s         المفهوم الحقيقي للإله. 2018، صدر بالإنجليزية ومترجم إلى 7 لغات.

s         لماذا الإسلام؟  2019، صدر بالإنجليزية ومترجم إلى13 لغات.

s         عين على الحقيقة. 2020، صدر بالإنجليزية ومترجم إلى 4 لغات.

s         لماذا الدين؟ رحلة من الذاكرة، 2021، صدر بالعربية ومترجم إلى الإنجليزية.

s         اﻹلحاد: إعلان نجاح أم فشل؟ 2021. صدر بالعربية ومنرجم إلى اﻹنجليزية واﻹسبانية.

s         هل القرآن كلام الله؟  2021، صدر بالعربية ومترجم إلى اﻹنحليزية.

s         لماذا الدين؟ صدر باﻷلمانية ومترجم إلى اﻹسبانية.

s        سؤال وجواب حول اﻹسلام، 2021 صدر بالعربية.

s        دين عالمي، 2022 صدر بالعربية.


 مراجع:

-        www.islamhouse.com

-        www.quranenc.com

-       www.fatensabri.com

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده وخاتم رسله. وأشهد أن المسيح وموسى عباده ورسله.






[1]  يستخدم النصارى واليهود والمسلمون في الشرق الأوسط كلمة (الله) إشارة إلى الإله. وهي تعني الإله الواحد الحق. ذكرت كلمة الله في النسخة القديمة للعهد القديم 89 مرة.( راجع سفر التكوين 2:4، سفر دنيال 6:20، الترجمة العبرية والعربية للإنجيل).

[2]2   الموسوعة الأمريكية (27\294).

[3]    قصة الحضارة 14\418، للكاتب والمؤرخ والفليسوفي الأمريكي.

[4] مقدمة عن الفلسفة الإسلامة. مستشرق فرنسي.

[5] دريبر.  تاريخ الصراع بين الدين والعلم، للعالم الإنجليزي الأمريكي جون ويليام.

[6] تاريخ النشر: 1996. صفحة 116. عالم أمريكي بالعهد الجديد.  الفساد الأرثوذكسي للكتاب المقدس.

[7] .The Thomas Nelson & Sons catholic commentary.1953

[8]   “Emphatic Diaglott.”  الرسالة الحقيقية للمسيح.

[9]   تدهور وسقوط الإمبراطورية الرومانية، الإصدار السادس، الكاتب جيبون، صفحة 418.

[10] أصدر جيروم مخطوطة فولدينسيس (نسخت 541- 546 قبل الميلاد) ومخطوطة أمياتينوس (نسخت 716 بعد الميلاد).

[11] J.N. Loughborough

[12]  جاي إن لوغبوروغ 5 نوفمبر 1861.

[13]  الرب والثالوث والسبتية. دينيس فورتين، أستاذ في اللاهوت التاريخي.

[14]   أول إنسان خلقه الله.

[15] دكتور زغلول النجار. انظر الرابط:http://www.elforkan.com/7ewar/printthread.php?t=1210

[16]https://en.wikipedia.org/wiki/Safa_and_Marwa

[17] دكتور زغلول النجار. انظر الرابط:http://www.elforkan.com/7ewar/printthread.php?t=1210

[18]  هداية الحيارى. انظر الرابط: https://en.wikipedia.org/wiki/Ibn_Qayyim_al-Jawziyya

[19] الأستاذ سيد أحمد خان (1870). سلسلة مقالات عن حياة محمد: بالإضافة إلى موضوعات فرعية. لندن:Trübner& co. pp. 74–76

[20]http://en.wikishia.net/view/Zamzam

http://neurotherapy-of-christian-brain.blogspot.com/2013/05/well-of-zamzam-or-wilderness-of.html

[21] انظر الرابط:

https://www.manyprophetsonemessage.com/2017/06/30/the-early-christians-who-believed-jesus-was-saved-from-crucifixion

[22] سيليدس: معلم ديني نصراني غنوصي في مدينة الأسكندرية بمصر من عام 117 إلى 137 بعد الميلاد. وقد كانت هذه الفترة قريبة من زمن الأتباع، فمن المعتقد أن يكون قد تلقى تعاليمه من بيتر وغيره من أتباع المسيح.

[23]   أسطورة البراءة: مرقس وأصول النصرانية. تاريخ النشر: 12 أغسطس 2015.