الصفــــات الإلهية تعر يـفها وأقســـامها ()

محمد بن خليفة بن علي التميمي

كتاب نافع تناول فيه المؤلف جزئية الصفات الألهية مع مواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات، مع إعطاء الأهمية لتحرير قول أهل السنة والجماعة في المسألة مع الإشارة إلى أقوال المخالفين.

|

 الصفــــات الإلهية  تعر يـفها  وأقســـامها

 المقــــدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده  الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ }  [آل عمران 102 ].

{ يَأَيّهَا النّاسُ اتّقُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [النساء  1 ].

{ يَأَيّهَا االّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُّطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب 71 - 72 ].

أما بعد

فإن شرف العلم تابع لشرف المعلوم، ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السموات والأراضين، الملك الحق المبين، الموصف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص وعن كل تشبيه وتمثيل في كماله.

ولا ريب أن العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأفضلها، ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات([1]).

وكما أنه أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، فهو أصلها كلها، فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر في تحقيق ذاته إليه، فالعلم به أصل كل علم ومنشئه، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، فعلى أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها، فلا حياة للقلوب ولا نعيم، ولا سرور، ولا أمان، ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها ويكون أحب إليها مما سواه، والإنسان بدون الإيمان بالله لا يمكنه أن ينال معرفة ولا هداية، وبدون اهتدائه إلى ربه لا يكون إلا شقياً معذباً، كما هو حال الكافرين. لذلك فإن من في قلبه أدنى حياة أو محبة لربه، وإرادة لوجهه وشوق إلى لقائه، فطلبه لهذا الباب وحرصه علىمعرفته وازدياده من التبصر فيه، وسؤاله واستكشافه عنه هو أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، وأجل غاياته، فهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه؛ وله خُلِقَ الخلق؛ ولأجله نزل الوحي؛ وأرسلت الرسل؛ وقامت السموات والأرض؛ ووجدت الجنة والنار، ولأجله شرعت الشرائع، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وهو قطب رحى الخلق، والأمر الذي مداره عليه.

وهو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه([2]).

وبابٌ هذه أهميته حريّ بأن تُوْلَى مسائلهُ ومباحثهُ حقها من العناية والاهتمام والدراسة، وإن من بين مباحث هذا الباب مسألة: (( تعريف الصفات الإلهية وبيان أقسامها )).

فأحببت تناول هذه الجزئية بالبحث آخذاً في الاعتبار إعطاء الأهمية لتحرير قول أهل السنة والجماعة في المسألة مع الإشارة إلى أقوال المخالفين بحسب ما تدعو إليه الحاجة وذلك في فصلين تسبقهما مقدمة وتعقبهما خاتمة وفهارس فنيّة:

المقدمة

الفصل الأول: تعريف الصفات والعلاقة بينها وبين باب الأسماء وباب الإخبار، وتحته ثلاثة مباحث

المبحث الأول: تعريف الصفات، وضَمَّ مطلبين

المطلب الأول: تعريف الصفات

المطلب الثاني: الفرق بين الوصف والصفة

المبحث الثاني: أنواع المضافات إلى الله، وانتظم ثلاثة مطالب

المطلب الأول: التعريف بالنوعين

المطلب الثاني: أقوال العلماء في تقرير المسألة

المطلب الثالث: موقف المخالفين من المسألة

المبحث الثالث: العلاقة بين باب الصفات وباب الأسماء وباب الإخبار، وفيه مطلبان

المطلب الأول: العلاقة بين الأبواب الثلاثة

المطلب الثاني: الألفاظ المجملة وحكم دخولها في باب الصفات وموقف أهل السنة من استعمالها

الفصل الثاني: أقسام الصفات، وهو في مبحثين

المبحث الأول: أقسام الصفات عند أهل السنة والجماعة، واحتوى مطلبين

المطلب الأول: أقسام الصفات عموماً

المطلب الثاني: أقسام الصفات الثبوتية

المبحث الثاني: أقسام الصفات عند المخالفين، واشتمل مطلبين

المطلب الأول: أقسام الصفات عند من ينكر جميع الصفات الثبوتية

المطلب الثاني: أقسام الصفات عند من يثبت بعض الصفات وينكر بعضها

وختمت ذلك بخاتمة وثبت للمراجع وآخر للموضوعات، وإني لا أدعي أني وصلت بهذا البحث إلى درجة الكمال، ولكن حسبي أني اجتهدت، فإن وفقت فذلك فضل من الله وحده، وإن كان غير ذلك، فهذا من طبيعة البشر، فأرجو ممن وقف على شيء من ذلك أن يبادرني بالنصيحة، وأسأل الله عز وجل أن يتقبل مني هذا الجهد وأن يجعله عملاً صالحاً ولوجهه خالصاً، وأن لا يجعل لأحد فيه شيءاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


 الفصل الأول: تعريف الصفات والعلاقة بينها وبين باب الأسماء وباب الإخبار.

 وفيه ثلاثة مباحث:

 المبحث الأول: تعريف الصفات

وفيه مطلبان

المطلب الأول: تعريف الصفات.

حدود الأشياء وتفسيرها الذي يوضحها، تتقدم أحكامها، فإن الحكم على الأشياء فرع عن تصورها. فمن حكم على أمر من الأمور - قبل أن يحيط علمه بتفسيره، ويتصوره تصوراً يميزه عن غيره - أخطا خطأً فاحشاً([3]).

فلابد عند الحكم على الشيء من أن يكون مسبوقاً بتصور ماهية المحكوم عليه والمحكوم به، فإن كل تصديق بشيء لابد أن يكون مسبوقاً بتصور([4]).

والغرض من وضع الحدود والتعريفات هو التمييز بين المحدود وبين غيره من جهة.

وكذلك فإن من وظيفته تفصيل ما دل عليه الاسم بالإجمال، فالحدود والتعريفات تساعد على تصور حقيقة المحدود، ولذلك كان من شرطها أن تكون جامعة مانعة.

فلابد أن يكون الحد جامعاً حتى يتصور السامع حقيقة المحدود، ولابد كذلك أن يكون مانعاً ليتميز المحدود عن غيره([5]).

ومن هذا المنطلق لابد من تعريف للصفات يساعد على تصور مضمون هذا اللفظ من جهة ويحدد الفروق بين الصفة والاسم من جهة، وبين الصفة والخبر من جهة أخرى.؛ كما يحدد الفرق بين ما يضاف إلى الله إضافة صفة وما يضاف إلى الله إضافة تشريف وتكريم

والتعريف الذي سأذكره هاهنا هو تعريف الصفات الثبوتية، وأما تعريف الصفات السلبية (أي المنفية) فسيأتي عند ذكر أقسام الصفات.

ضابط الصفات: هي ما قام بالذات الإلهية مما يميزهاعن غيرها، ووردت به نصوص الكتاب والسنة.

شرح مفردات التعريف:

أ- (( ما قام بالذات )) يخرج من هذا التقييد ما كان من إضافة المُلْك والتشريف، إذ الإضافة إلى الله نوعان:

النوع الأول :إضافة مُلْك وتشريف وضابطها: كل ما يضاف إلى الله ويكون عيناً قائمة بنفسها، أو حالاً في ذلك القائم بنفسه.

ومثال ما يضاف ويكون عيناً قائمة بنفسها قوله تعالى { ناقة الله وسقياها }([6]).

ومثال ما يكون حالاً في ذلك القائم بنفسه قوله تعالى { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي }([7]) فهذا لا يكون صفة لأن الصفة قائمة بالموصوف.

النوع الثاني :إضافة الصفة إلى الله وضابطها: ما كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به([8]) وهي المقصودة هنا.

فالله لا يتصف إلا بما قام به لا بما يخلقه في غيره، وهذا حقيقة الصفة، فإن كل موصوف لا يوصف إلا بما قام به لا بما هو مباين له، صفة لغيره([9]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وأما إضافة الوصف إلى الله فتعريفها: ما كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به ))([10]) أي قبل الإضافة والتخصيص.

ومن فوائد هذا التقييد الرد علىزعم الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم الذين زعموا أن الصفة هي مجرد قول الواصف([11])، فزعموا أن إضافة الصفات هي إضافة وصف من غير قيام معنى به([12]) وهذا باطل، فإن حقيقة الصفة هي ما قام بالموصوف، فإن كل موصوف لا يوصف إلا بما قام به لا بما هو مباين له([13]).

 أ ـ (( بالذات الإلهية ))

لفظ (( الذات )) في أصل اللغة تأنيث ذو، وهذ اللفظ لا يستعمل إلا فيما كان مضافاً إلى غيره كأسماء الأجناس، ويتوصلون به إلى الوصف بذلك فيقال:فلان ذو علم وذو مال وشرف.

وحيث جاء لفظ ذو في القرآن أو لغة العرب وكذا لفظ (( ذات )) لم يجىء مقرونا إلا بالإضافة كقوله { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم }([14]) وقوله { عليم بذات الصدور }([15])، وقول خُبيب رضي الله عنه الذي في صحيح البخاري

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يبارك علىأوصال شلو ممزع([16])

فاسم الذات في كلام النبي e، والصحابة، والعربية المحضة بهذا المعنى.

ثم أطلقه المتكلمون وغيرهم على النَّفْس، فإنهم لما وجدوا الله في القرآن قال { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك }([17]{ ويحذركم الله نفسه }([18]) وصفوها فقالوا: نفس ذات علم، وقدرة، ورحمة، ومشيءة، ونحو ذلك. ثم حذفوا الموصوف وعرفوا الصفة فقالوا: الذات. وهي كلمة مولدة.ليست من العربية العرباء.

فهذا لفظ يقتضي وجود صفات تضاف الذات إليها([19])، فأطلق بإزاء النفس([20]).

ب ـ (( مما يميزها عن غيرها ))

في هذا إشارة إلى وظيفة الصفة، فالله عزوجل وصف نفسه بصفات كثيرة، تَعَرَّفَ بها إلى عباده، وهذه الصفات هي التي تميز الخالق عزوجل عما سواه وتُظْهِرُ للعباد كمال الرب عزوجل وعظمة شأنه، وجلال قدرته، وتزيد العبد معرفة بالله عزوجل، ولا شك أن حاجة الناس إلى معرفة ربهم هي أعظم الحاجات، ولذلك تَعَرَّفَ الله لعباده بصفاته، ليكون ذكرهم له أعظم وأكثر، (( وكلما كانت حاجة الناس إلى معرفة الشيء وذكره أشد وأكثر، كانت معرفتهم به وذكرهم له أعظم وأكثر، وكانت طرق معرفته أكثر وأظهر، وكانت الأسماء المعرِّفة له أكثر، وكانت على معانيه أدل ))([21]).

وهذا الشأن حاصل في باب أسماء الله وصفاته، فالله هو أجل معلوم وأعظمه وأكبره. ولذلك كان العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، فمن عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، فالعلم بالله أصل كل علم وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكوا به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته([22]).

وعلى أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها.

فالمعرفة لله تَلْزَمُ العبد المؤمن لينعقد بها أصل الإيمان ولتجعله في سلامة من الكفر والشرك المخرجين من الإيمان.

جـ ـ (( ووردت به نصوص الكتاب والسنة ))

أي يجب الوقوف في هذا الباب على ما جاءت به نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته.

قال الإمام أحمد: (( لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله e لا يُتَجاوز القرآن والحديث ))([23]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( القول الشامل في جميع هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يُتَجاوز القرآن والحديث ))([24]).

ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفات ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: التصريح بالصفة

كالعزة في قوله تعالى { فلله العزة جميعاً }([25]).

وقوله e: (( أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت ))([26]).

 والقوة في قوله تعالى { أن القوة لله جميعا }([27]).

والرحمة في قوله تعالى { وربك الغني ذو الرحمة }([28]).

 واليدين في قوله تعالى { بل يداه مبسوطتان }([29]).

والبطش في قوله تعالى { إن بطش ربك لشديد }([30]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( إضافة الصفة إلى الموصوف كقوله تعالى { ولا يحيطون بشيء من علمه }([31])، وقوله { إن الله هو الرزاق ذو القوة }([32])، وفي حديث الاستخارة (( اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك ))([33])، وفي الحديث الآخر (( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق ))([34])، فهذا في الإضافة الاسمية.

وأما بصيغة الفعل فكقوله { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم }([35])، وقوله { علم أن لن تحصوه فتاب عليكم }([36]).

أما الخبر الذي هو جملة اسمية فمثل قوله تعالى { والله بكل شيء عليم }([37])، وقوله تعالى { والله على كل شيء قدير }([38]).

وذلك لأن الكلام الذي توصف به الذوات:

1- إما جملة          2- أو مفرد

فالجملة إما إسمية: كقوله تعالى { والله بكل شيء عليم }.

أو فعلية: كقوله { علم أن لن تحصوه }.

أما المفرد فلا بد فيه من:

1ـ إضافة الصفة لفظاً أو معنى كقوله { بشيء من علمه } وقوله { هو أشد منهم قوة }([39]).

2ـ أو إضافة الموصوف كقوله { ذو القوة }([40]) ))([41]).

الوجه الثاني: تضمن الاسم للصفة

فمن الأمور المتقررة في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أسماء الله الحسنى متضمنة للصفات، فكل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر.

                   ·  فالعزيز متضمن لصفة العزة وهو مشتق منها.

                   ·  والخالق متضمن لصفة الخلق وهو مشتق منها.

                   ·  والرحيم متضمن لصفة الرحمة وهو مشتق منها.

فأسماء الله مشتقة من صفاته.

وترجع أسماء الله الحسنى من حيث معانيها إلى أحد الأمور التالية:

                 1ـ  إلى صفات معنوية: كالعليم، والقدير، والسميع، والبصير.

                 2ـ  ما يرجع إلى أفعاله: كالخالق، والرازق، والبارئ، والمصور.

                       3ـ  ما يرجع إلى التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتاً إذ لا كمال في العدم المحض: كالقدوس، والسلام، والأحد.

                       4ـ ما دل على جملة أوصاف عديدة ولم يختص بصفة معينة بل هو دال على معنى مفرد نحو: المجيد، العظيم، الصمد([42]).

الوجه الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها أي ما فيها معنى الصفة والفعل

 مثل قوله تعالى { وكلم الله موسى تكليما }([43]).

وقوله تعالى { إنما أمره إذا أراد شيءاً أن يقول له كن فيكون }([44]).

 وقوله تعالى { إن الله يحكم ما يريد }([45]).

وقوله تعالى { فعال لما يريد }([46]).

 وقوله تعالى { وغضب الله عليه ولعنه }([47]).

وقوله تعالى { ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه }([48]).

 وقوله تعالى { رضي الله عنهم ورضوا عنه }([49]).

وقوله تعالى { وقل رب اغفر وارحم }([50]).

 وقوله تعالى { خلق السموات والأرض }([51]).

وقوله تعالى { ثم استوى على العرش }([52]).

وقوله تعالى { وجاء ربك والملك صفاً صفا }([53]).

وبما تقدم من شرح لمفردات التعريف أرى أنه هذا التعريف هو المناسب لتعريف الصفات والله أعلم.

المطلب الثاني: الفرق بين الوصف والصفة.

كل واحد من لفظ (( الوصف )) و(( الصفة )) مصدر في الأصل كـ (( الوعد -والعِدَة )) و(( الوزن- والزِنة ))([54]).

فالصفة: مصدر وصفتُ الشيء  أصفه صفة([55]).

 والوصف والصفة:

                 1▄تارة يراد به: الكلام الذي يوصف به الموصوف، مثاله: قول الصحابي في { قل هو الله أحد }([56]): أحبها لأنها صفة الرحمن([57]).

                 2▄وتارة يراد به: المعاني التي دل عليها الكلام كالعلم والقدرة،

والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذا ويقولون: إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، فقالوا: إن إضافة الصفات إلى الله من إضافة وصف من غير قيام معنى به([58]).

والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد يفرقون بين الوصف والصفة، فيجعلون الوصف: هو القول، والصفة: المعنى القائم بالموصوف([59]).

فأدخلوا في الوصف (الذي هو القول عندهم) صفات الأفعال حتى ينفوا قيامها بالذات.

وأدخلوا في الصفة (التي هي المعنى القائم بالذات) ما أثبتوه من الصفات كصفات المعاني السبعة (العلم، الحياة، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، الكلام) ليتأتى لهم على هذا التقسيم اعتبار بعض الصفات قائماً بالذات، وبعضها غير قائم بها، فأرادوا بذلك نفي صفات الأفعال واعتبروها نسباً وإضافات لا تقوم بالذات.

قال ابن القيم في الرد على زعمهم هذا :

فالحق أن الوصف ليس بمورد التقـــــ

ــــسيم هـذا مقتـضى البرهـان

بـل مـورد التـقسـيـم مـا قـد قـــــام

بالــذات التي للواحــد الرحمـن

فهمـا إذا نـوعـان أوصـاف وأفـعــــــ

ـــــال فـهـذي قـسمـة التـبيــان

فالوصـف بالأفـعـال يســتدعي قيــــا

م الفعـل بالمـوصــوف بالبرهـان

كالوصف بالمعنى سوى الأفعال ما

أن بين دينــك قـط من فـرقـــان

فالحق أن مورد القسمة هو نفس ما يقوم بالذات، فيقال إن ما يقوم بالذات ويكون وصفاً لها، إما أن يكون

                 1▄صفة معنى لازماً للذات.              2ـ وإما أن يكون صفة فعل.

والوصف بالفعل يستدعي قيام الفعل بالموصوف، كالوصف بالمعنى سواء بسواء.

فإذا كان وصفه سبحانه بأنه عليم، قدير، حي، ... الخ، يقتضي قيام العلم والقدرة والحياة به.

فكذلك وصفه بأنه خالق أو رازق أو مقدم أو مؤخر يقتضي قيام هذه الأفعال من الخلق والرزق والتقديم والتأخير ونحوها به([60]).

(( ومن قال الصفات تنقسم إلى صفات ذاتية وفعلية، ولم يجعل الأفعال تقوم به، فكلامه فيه تلبيس، فإنه سبحانه لايوصف بشيء لا يقوم به.

وإن سلم أنه يتصف بما لايقوم به فهذا هو أصل الجهمية الذين يصفونه بمخلوقاته ويقولون: إنه متكلم مريد وراض وغضبان ومحب ومبغض وراحم للمخلوقات يخلقها منفصلة عنه لا بأمور تقوم بذاته ))([61]).


 المبحث الثاني: أنواع المضافات إلى الله

 المطلب الأول: التعريف بالنوعين

يجب التفريق بين نوعين من الإضافة وردا في النصوص هما:

الأول: إضافة ملك.

الثاني: إضافة وصف.

                                 1▄أما إضافة الملك فتعريفها: هي كل ما يضاف إلى الله ويكون عيناً قائمة بنفسها، أو حالاً في ذلك القائم بنفسه ومن أمثلتها:

1-قوله تعالى: { ناقة الله وسقياها }([62])، فإضافة الناقة إلى الله هنا من إضافة الملك والتشريف فالناقة عين قائمة بنفسها.

2-قوله تعالى:{ فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا }([63])، فالروح هنا هو جبريل عليه السلام.

3-قوله تعالى: { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }([64]).

4-وقوله تعالى: { الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون }([65]).

5-وقوله تعالى: { وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود }([66]).

6-وقوله تعالى: { وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول }([67]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( إن المضاف إن كان شيءاً قائماً بنفسه أو حالاًّ في ذلك القائم بنفسه، فهذا لا يكون صفة لله، لأن الصفة قائمة بالموصوف.

فالأعيان التي خلقها الله قائمة بأنفسها، وصفاتها القائمة بها تمتنع أن تكون صفات لله، فإضافتها إليه تتضمن كونها مخلوقة مملوكة، لكن أضيفت لنوع من الاختصاص المقتضي للإضافة لا لكونها صفة، والروح الذي هو جبريل من هذا الباب، كما أن الكعبة والناقة من هذا الباب، ومال الله من هذا الباب، وروح بني آدم من هذا )([68]).

وأما إضافة الوصف إلى الله فتعريفها: ما كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به([69]).

فإذا كان المضاف إليه لا يقوم بنفسه، بل لا يكون إلا صفة كالعلم، والقدرة، والكلام، والرضا، والغضب، فهذا لا يكون إلا إضافة صفة إليه فتكون قائمة به سبحانه([70]).

ومن أمثلة هذا القسم:

قوله تعالى: { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله }([71])، فالكلام لا يقوم بنفسه إلا بالمتكلم فإضافته إلى المتكلم إضافة صفة إلى موصوفها.

وقوله تعالى: { لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه }([72])، فإضافة العلم إلى الله إضافة صفة إلى موصوفها.

وفي الحديث: (( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ))([73])، فعلمه صفة قائمة به وقدرته صفة قائمة به.

وفي الحديث:(( أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ))([74])، فرضاه وسخطه قائم به، وكذلك عفوه وعقوبته.

وأما أثر ذلك وهو ما يحصل للعبد من النعمة واندفاع النقمة فذلك مخلوق منفصل عنه ليس صفة له([75]).

  (( تنبيه )):

وقد يعبر بلفظ المصدر عن المفعول به فيسمى المعلوم علماً والمقدور قدرة والمأمور أمراً والمخلوق بالكلمة كلمة فيكون ذلك مخلوقاً ومن أمثلة ذلك:

قوله تعالى: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه }([76]) والمراد بالأمر هنا المخلوق المكوَّن بالأمر.

وقوله تعالى: { إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة }([77]).

وقوله تعالى: { إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه }([78]) فإذا قيل المسيح (( كلمة الله )) فمعناه المخلوق بالكلمة، إذ المسيح نفسه ليس كلاماً([79]).

وكقوله في الحديث الصحيح للجنة: (( أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي )) كما قال للنار:(( أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها ))([80]).

فالرحمة هنا عين قائمة بنفسها لا يمكن أن تكون صفة لغيرها ([81]).

 المطلب الثاني: أقوال العلماء في تقرير المسألة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(( ما ذكر في القرآن أنه منه أو أضيف إليه، فإن كان عينا قائمة بنفسها، أوأمراً قائماً بتلك العين كان مخلوقا. كقوله في عيسى: { وروح منه }([82]) وقوله تعالى: { وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه }([83]) وقوله تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله }([84]).

وأما ما كان صفة لاتقوم بنفسها، ولم يذكر لها محل غير الله كان صفة له، فكالقول، والعلم، والأمر إذا أريد به المصدر كان المصدر من هذا الباب كقوله تعالى: { ألا له الخلق والأمر }([85]) وإذا أريد به المخلوق المكون بالأمر كان من الأول كقوله تعالى: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه }([86]).

وبهذا يفرق بين كلام الله سبحانه، وعلم الله، وبين عبد الله وبيـت الله وناقـة الله وقولـه: { فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً }([87]).

وهذا أمر معقول في الخطاب، فإذا قلت علم فلان وكلامه ومشيءته لم يكن شيءا بائناً عنه، والسبب في ذلك أن هذه الأمور صفات لما تقوم به، فإذا أضيفت إليه كان ذلك إضافة صفة لموصوف، إذ لو قامت بغيره لكانت صفة لذلك الغير لا لغيره ))([88]).

وقال رحمه الله (( إضافة الروح إلى الله إضافة ملك لا إضافة وصف،.إذ كل ما يضاف إلى الله: إن كان عيناً قائمة بنفسها فهو ملك له، وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به فهو صفة لله.

 ومن أمثلة القسم الأول:

قوله تعالى: { ناقة الله وسقياها }([89]).

وقوله تعالى: { فأرسلنا إليها روحنا } وهو جبريل { فتمثل لها بشراً سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا }([90]).

وكقوله تعالى: { ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا }([91]).

وقال تعالى عن آدم: { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }([92]).

 ومن أمثلة القسم الثاني:

كقولنا علم الله، وكلام الله، وقدرة الله، وحياة الله، وأمر الله.

ولكن قد يعبر بلفظ المصدر عن المفعول به فيسمى المعلوم علما، والمقدور قدرة، والمأمور أمراً، والمخلوق بالكلمة كلمة، فيكون ذلك مخلوقا.

كقوله تعالى: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه }([93]).

وكقوله تعالى: { إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة }([94]).

وكقوله تعالى: { إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه }([95]).

وكقوله في الحديث الصحيح للجنة (( أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي )) كما قال للنار: (( أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها  )) ))([96]).

وقال السفاريني:(( ومما ينبغي أن يعلم أن المضاف إلى الله سبحانه نوعان:

الأول: صفات لا تقوم بأنفسها كالعلم، والقدرة، والكلام، والسمع، والبصر فهذه إضافة صفة إلى موصوف بها فالعلم والقدرة ... الخ صفات له تعالى غير مخلوقة، وكذا وجهه ويده ونحو ذلك من الصفات الخبرية والذاتية وكذا الفعلية من التكوين والمحبة والرضا ونحوها، في مذهب السلف.

الثاني: إضافة أعيان منفصلة كبيت الله، وناقة الله، وعبد الله، ورسول الله، وكذلك روح الله، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه، ومصنوع إلى صانعه لكنها تقتضي تخصيصاً أو تشريفاً يتميز به المضاف إليه عن غيره (( كبيت الله )) وإن كانت كل البيوت لله ملكاً له، وكذلك (( ناقة الله )) والنوق كلها ملكه وخلقه، ولكن هذه إضافة إلى إلهيته تقتضي محبته لها وتكريمه وتشريفه، بخلاف الإضافة العامة إلى ربوبينه، حيث تقتضي خلقه وإيجاده.

فالإضافة العامة تقتضي الخلق والإيجاد، والخاصة تقتضي الاختيار { وربك يخلق ما يشاء ويختار }([97])، فإضافة الروح إليه تعالى من هذه الإضافة الخاصة لا من العامة، ولا من باب إضافة الصفات، فتأمل هذا الموضع فإنه نفيس ))([98]).

 وقال ابن القيم رحمه الله:

والله أخبـــر في الكتــاب بـأنـــه

منه ومجـــرور بـمن نوعـــــــان

عينٌ ووصفٌ قائم بالعين فـالأعيــــ

ــــان خَلْــقُ الخــالق الرحمــان

والـوصــف بالمجـــرور قــام لأنـــه

أولى به في عرفِ كل لسان

ونظير ذا أيضاً ســـواء ما يضــاف

إليـه من صفــة ومـن أعيــــان

فإضـافـة الأوصـــاف ثـابتـة لمــن

قامت به كـإرادة الرحمـــان

وإضــــــافـة الأعـيـــــان ثـــابتـة لــه

مُـلْكاً وخَلْـقاً ما هما سِيَّـــان

فانظـــر إلى بيــت الإلــه وعلمـــه

لَمَّــا أضيـفـا كيف يفتـرقـــان

وكــــلامـه كحيـــاتـه وكــعـلمــه

في ذي الإضـافة إذ هما وصفان

لَكِــنَّ نــــاقـتــه وبيــت إلـــــــهـنا

فكعبــده أيضـاً هما ذاتـــان

فانظر إلى الجهمي لما فاته الحــ

ــق المبين الواضــح التبيــــان

كــان الجميــع لديه بــاباً واحــد اً

والصبح لاح لمن له عينــان([99])

قال الشيخ الدكتور محمد خليل هراس في شرح هذه الأبيات: (( يريد المؤلف في هذا الفصل أن يفرق بين ما كان من الأعيان مخبراً عنه أنه من الله؛ وبين ما كان من الأوصاف كذلك. وأن يفرق أيضاً بين ما كان من الأعيان مضافاً إلى الله، وبين ما كان من الأوصاف كذلك.

فالمخبر عنه بأنه من الله على نوعين لأنه

إما أن يكون عيناً من الأعيان.

أو وصفاً قائماً بالعين.

فإن كان عيناً فمعنى كونه من الله أنه هو خالقه سبحانه كما في قوله تعالى { ما أصابك من حسنة فمن الله }([100])، وقوله { قل كل من عند الله }([101])، وقوله { وسخر لكم ما في السموات والأرض جميعاً منه }([102])، وقوله تعالى عن عيسى عليه السلام { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه }([103]) والآيات كثيرة في هذا الباب.

وإن كان وصفاً فمعنى كونه من الله أنه صفة له كما في قوله تعالى { قل نزله روح القدس من ربك بالحق }([104])، وقوله تعالى { تنزيل من الرحمن الرحيم }([105])، وقوله تعالى { تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم }([106]).

ومعنى قول المؤلف: ( والوصف بالمجرور قام ) يعني أن ما أخبر عنه بمن إن كان وصفاً فهو قائم بالمجرور بها لأنه أحق به في عرف أهل اللغات جميعاً.

ومثل ذلك تماماً يقال فيما يضاف إلى الله عزوجل.

                   ·  فإن كان عيناً مثل بيت الله، وناقة الله، وعباد الرحمن، فنسبته إليه ثابتة خلقاً وملكاً، وتكون إضافته للاختصاص والتشريف.

                   ·  وأما إن كان وصفاً كعلم الله، وقدرته، وإرادته، وكلامه، وحياته، فهذه الإضافة تقتضي قيامها بالله وأنه موصوف بها.

وتدبر هذا الفرق بين قولك بيت الله، وعلم الله، فإن كُلاًّ منهما يضاف إلى الله، ولكن لما كانت إضافة الأول إضافة ذات دلت على أنه مخلوق.

ولما كانت إضافة الثاني إضافة معنى دلت على أنه صفة للمضاف إليه.

ولهذا لما اهتدى السلف لهذا الفرق هُدُوا إلى الصراط المستقيم، ولما ضل عنه الجهمي الزائغ جعل الجميع باباً واحداً، ولم يفرق بين الأوصاف والأعيان، فوقع في الضلال والبهتان ))([107]).

 المطلب الثالث: موقف المخالفين من المسألة

موقف الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم

ينكر الجهمية والمعتزلة صفات الله عزوجل ولذلك فهم لا يعترفون بالقسم الثاني من أقسام الإضافة إلى الله الذي هو إضافة الصفة إلى الموصوف.

فالمعتزلة يرون امتناع قيام الصفات به، لاعتقادهم أن الصفات أعراض، وأن قيام العرض به يقتضي حدوثه، فردوا جميع ما يضاف إلى الله إلى إضافة خلق، أو إضافة وصف من غير قيام معنى به([108]) لأنهم يقولون إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، وينفون أن يكون لله وصف قائم به علم أو قدرة أو إرادة أو كلام([109]).

 موقف الكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية

يفرقون بين الوصف والصفة.

                   ·  فيجعلون الوصف:هو القول.

 ويجعلون الصفة: المعنى القائم بالموصوف([110]).

فقالوا: إن الوصف الذي هو القول يراد به الأفعال، وزعموا أنها لا تقوم به، والصفة: هي الصفات اللازمة القائمة بالذات.

فظنوا أن هناك نوعان مختلفان من الصفات:

أحدهما: قائم بالذات لازم لها، كصفات المعاني السبعة التي هي العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام.

والثاني: صفات أفعال لا تقوم عندهم بالذات، بل هي نسب إضافية عدمية تنشأ من إضافة المفعول لفاعله، ولا يعقل لها وجود إلا بتلك الإضافة، فوجودها أمر سلبي، وليس لها وجود في نفسها، فليس ثمت عندهم موجود إلا المفعولات، وأما الأفعال فنسب وإضافات([111]).


 المبحث الثالث: العلاقة بين باب الصفات وباب الأسماء وباب الإخبار.

المطلب الأول: العلاقة بين الأبواب الثلاثة

أولاً: يجب أن يُعْلَم أن توحيد الأسماء والصفات يشتمل على ثلاثة أبواب:

الباب الأول: باب الأسماء.

الباب الثاني: باب الصفات.

الباب الثالث: باب الإخبار.

فنحن إذا وقفنا وقفةَ تأمل عند نصوص الكتاب والسنة الواردة في هذا الشأن نجد الحقائق التالية:

أن الله أطلق على نفسه أسماء كـ (( السَّميع )) و(( البصير ))، وأوصافاً كـ (( السمع )) و(( البصر ))، وهكذا أخبر عن نفسه بأفعالها فقال { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } [ المجادلة 1 ]، وقال تعالى { والله بصير بالعباد } [ آل عمران 15 ]. فاستعملها في تصاريفها المتنوعة، مما يدل على أن مثل ذلك يجوز إطلاقه عليه في أي صورة ورد.

وأطلق على نفسه أفعالاً كـ (( الصُّنع )) و(( الصِّبغة )) و(( الفعل )) ونحوها. قال تعالى { صنع الله الذي أتقن كل شيء } [ النمل 88 ]، وقال تعالى { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } [ البقرة 138 ] وقال تعالى { إن ربك فعال لما يريد } [ هود 107 ]، لكنه لم يتَّسم ولم يصف نفسه بها ولكن أخبر بها عن نفسه، ممَّا يدل على أنَّها تخالف الأوَّل في الحكم فوجب الوقوف فيها على ما ورد.

ووصف نفسه بأفعال في سياق المدح كـ (( يريد )) و(( يشاء )) فقال جلَّ شأنه { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام } [ الأنعام 125 ] وقال تعالى { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } [ التكوير 29 ] إلا أنه لم يشتق له منها أسماء فدل على أن هذا النوع مخالف للقسمين الأولين، فوجب رده إلىالكتاب والسنة وذلك بالوقوف حيث أوقفنا الله ورسوله e.

ووصف نفسه بأفعال أخرى على سبيل المقابلة بالعقاب والجزاء فقال تعالى { يخدعون الله وهو خادعهم } [ النساء 142 ] وقال تعالى { ويمكرون ويمكر الله } [ الأنفال 30 ]. ولم يشتق منها أسماء له تعالى فدل ذلك على أن مثل هذه الأفعال لها حكمٌ خاصٌ فوجب الوقوف على ما ورد.

فهذه الحقائق السابقة قررت عند العلماء النتائج التالية:

1ـ أن النصوص جاءت بثلاثة أبواب هي (( باب الأسماء )) و(( باب الصفات )) و(( باب الإخبار )).

2ـ أن باب الأسماء هو أخص تلك الأبواب، فما صح اسماً صحَّ صفة وصحَّ خبراً وليس العكس.

3ـ باب الصفات أوسع من باب الأسماء، فما صحَّ صفة فليس شرطاً أن يصحَّ اسماً، فقد يصحُّ وقد لا يصح، مع أن الأسماء جميعها مشتقة من صفاته.

4ـ أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، فالله يُخْبَرُ عنه بالاسم وبالصفة وبما ليس باسم ولا صفة كألفاظ (( الشيء )) و(( الموجود )) و(( القائم بنفسه )) و(( المعلوم ))، فإنه يخبر بهذه الألفاظ عنه ولا تدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا.

إن باب الأسماء والصفات توقيفيان.

فالأصل في إثبات الأسماء والصفات أو نفيهما عن الله تعالى هو كتاب الله وسنة نبيه e، فما ورد إثباته من الأسماء والصفات في القرآن والسنة الصحيحة فيجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما فيجب نفيه.

وأما ما لم يرد إثباته ونفيه فلا يصح استعماله في باب الأسماء والصفات إطلاقاً([112]).

قال الإمام أحمد رحمه الله: (( لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله e لانتجاوز القرآن والسنة )).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وطريقة سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله e ))([113]).

أما باب الإخبار فالسلف لهم فيه قولان:

القول الأول: أن باب الإخبار توقيفي، فإن الله لا يُخْبَرُ عنه إلا بما ورد به النص، وهذا يشمل الأسماء والصفات، وما ليس باسم ولا صفة مما ورد به النص كـ (الشيء) و(الصنع) ونحوها.

وأما مالم يرد به النص فإنهم يمنعون استعماله([114]).

القول الثاني: إن باب الإخبار لا يشترط فيه التوقيف، فما يدخل في الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، كـ (الشيء) و(الموجود) و(القائم بنفسه)، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنىوصفاته العليا، فالإخبار عنه قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيِّئ، أي باسم لا ينافي الحسن، ولا يجب أن يكون حسناً، ولا يجوز أن يخبر عن الله باسم سيِّئ([115]) فيخبر عن الله بما لم يرد إثباته ونفيه بشرط أن يستفصل عن مراد المتكلم فيه، فإن أراد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أراد به معنى لا يليق بالله عزوجل وجب رده([116]).

المطلب الثاني: الألفاظ المجملة وحكم دخولها في باب الصفات وموقف أهل السنة من استعمالها

يمكن تقسيم الألفاظ المجملة -أي التي لم يرد استعمالها في النصوص- على النحو التالي:

أولاً: ألفاظ ورد استعمالها ابتدأ في بعض كلام السلف.

ومن أمثلة ذلك لفظ (الذات) و(بائن).

وهذه الألفاظ تحمل معان صحيحة دلت عليها النصوص.

وهذا النوع من الألفاظ يجيز جمهور أهل السنة استعمالها.

وهناك من يمنع ذلك بحجة أن باب الإخبار توقيفي كسائر الأبواب.

والصواب أنه ما دام المعنى المقصود من ذلك اللفظ يوافق ما دلت عليه النصوص، واستعمل اللفظ لتأكيد ذلك فلا مانع.

كقول أهل السنة: ( إن الله استوى على العرش بذاته ).

فلفظة (بذاته) مراد بها أن الله مستو على العرش حقيقة وأن الاستواء صفة له.

وكقولهم: ( إن الله عالٍ على خلقه بائن منهم ).

فلفظة (بائن) يراد بها إثبات العلو حقيقة، والرد على زعم من قال إن الله في كل مكان بذاته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( والمقصود هنا أن الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة، لما فيها من لبس الحق بالباطل، مع ما تُوقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة، بخلاف الألفاظ المأثورة، والألفاظ التي بينت معانيها، فإن ما كان مأثوراً حصلت به الألفة، وما كان معروفاً حصلت به المعرفة ))([117]).

وقال أيضاً: (( فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل.

ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.

ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه.

ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة، وقالوا إنما قابل البدعة ببدعة ورد باطلاً بباطل ))([118]).

فيستفاد من كلام شيخ الإسلام المتقدم أن الألفاظ على أربعة أقسام:

القسم الأول: الألفاظ المأثورة وهي التي وردت بها النصوص.

القسم الثاني: الألفاظ المعروفة وهي التي بُيِّنَت معانيها.

القسم الثالث: الألفاظ المبتدعة التي تدل على معنى باطل.

القسم الرابع: الألفاظ المبتدعة التي تحتمل الحق والباطل.

فلفظ (الذات) و(بائن) هي من القسم الثاني.

وهذه الألفاظ كما أسلفنا إنما تستعمل في باب الإخبار ولا تستعمل في باب الأسماء والصفات، ولذلك لما اعترض الخطابي على استعمالها بقوله: (( وزعم بعضهم أنه جائز أن يقال له تعالى حد لا كالحدود كما نقول يد لا كالأيدي فيقال له: إنما أُحْوِجْنَا إلى أن نقول يد لا كالأيدي لأن اليد قد جاء ذكرها في القرآن وفي السنة فلزم قبولها ولم يجز رَدُّها. فأين ذكر الحد في الكتاب والسنة حتى نقول حد لا كالحدود، كما نقول يد لا كالأيدي؟! ))([119]).

فرد شيخ الإسلام ابن تيمية على قول الخطابي من وجوه منها:

(( أن هذا الكلام الذي ذكره إنما يتوجه لو قالوا: إن له صفة هي الحد، كما توهمه هذا الراد عليهم. وهذا لم يقله أحد، ولا يقوله عاقل؛ فإن هذا الكلام لا حقيقة له إذ ليس في الصفات التي يوصف بها شيء من الموصوفات -كما وصف باليد والعلم- صفة معينة يقال لها الحد، وإنما الحد ما يتميز به الشيء عن غيره من صفته وقدره ))([120]).

فأهل السنة لم يثبتوا بهذه الألفاظ صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة، بل بينوا بها ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى ومباينته من خلقه وثبوت حقيقته )([121]).

ثانياً: ألفاظ ورد استعمالها في كلام بعض السلف تارة لإثباتها وتارة لنفيها.

ومن أمثلة ذلك: لفظ (الحد) ولفظ (المماسة) ،فإطلاق السلف لها ليس من باب الصفات وإنما هو من باب الإخبار ، ولهم في حال الإثبات والنفي توجيه ليس هذا محل بسطه

ثالثاً: ألفاظ ورد استعمالها في كلام بعض السلف وفي كلام خصومهم.

ومن أمثلة ذلك: لفظة (الجهة).

رابعاً: ألفاظ ورد استعمالها في كلام الخصوم ولم يرد استعمالها في كلام السلف.

ومن أمثلة ذلك: لفظ (الجسم) و(الحيز) و(واجب الوجود) و(الجوهر) و(العرض).

وأما النوع الثالث والرابع فالجواب عن ذلك أن نقول الأصل في هذا الباب أن الألفاظ نوعان:

النوع الأول: نوع مذكور في كتاب الله وسنة رسوله وكلام أهل الإجماع، فهذا يجب اعتبار معناه، وتعليق الحكم به، فإن كان المذكور به مدحاً استحق صاحبه المدح، وإن كان ذماً استحق الذم، وإن أثبت شيءاً وجب إثباته، وإن نفى شيءاً وجب نفيه، لأن كلام الله حق، وكلام رسوله حق، وكلام أهل الإجماع حق.

وهذا كقوله تعالى { قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد } [ الاخلاص 1-4 ]، وقوله تعالى { هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن } [ الحشر 22-23 ]، ونحو ذلك من أسماء الله وصفاته.

وكذلك قوله تعالى { ليس كمثله شيء } [ الشورى 11 ]، وقوله تعالى { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } [ الأنعام 103 ]، وقوله تعالى { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } [ القيامة 22-23 ]، وأمثال ذلك مما ذكره الله تعالى ورسوله e، فهذا كله حق.

النوع الثاني: الألفاظ التي ليس لها أصل في الشرع.

فتلك لا يجوز تعليق المدح والذم والإثبات والنفي على معناها، إلا أن يبين أنه يوافق الشرع، والألفاظ التي تعارض بها النصوص هي من هذا الضرب، كلفظ (الجسم) و(الحيز) و(الجهة) و(الجوهر) و(العرض)([122]). فإن هذه الألفاظ يدخلون في مسماها الذي ينفونه أموراً مما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله، فيدخلون فيها نفي علمه وقدرته وكلامه، ويقولون إن القرآن مخلوق، ولم يتكلم الله به، وينفون رؤيته لأن رؤيته على اصطلاحهم لا تكون إلا لمتحيز في جهة وهو جسم، ثم يقولون: والله منزه عن ذلك فلا تجوز رؤيته. وكذلك يقولون إن المتكلم لا يكون إلا جسماً متحيزاً، والله ليس بجسم متحيز فلا يكون متكلماً، ويقولون: لو كان فوق العرش لكان جسماً متحيزاً، والله ليس بجسم متحيز، فلا يكون متكلماً فوق العرش وأمثال ذلك )([123]).

الموقف من هذا النوع:

(( إذا كانت هذه الألفاظ مجملة -كما ذُكر- فالمخاطب لهم إما:

1- أن يفصل لهم ويقول: ما تريدون بهذه الألفاظ؟

فإن فسروها بالمعنى الذي يوافق القرآن قُبلت. وإن فسروها بخلاف ذلك رُدَّت.

2- وأما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه الألفاظ نفياً وإثباتاً. ولكن يلاحظ.

إن الإنسان إذا امتنع عن التكلم بها معهم فقد ينسبونه إلى الجهل والانقطاع.

وأن الإنسان إذا تكلم بها معهم نسبوه إلى أنه أطلق تلك الألفاظ التي تحتمل حقاً وباطلاً، وأوهموا الجهال باصطلاحهم أن إطلاق تلك الألفاظ يتناول المعاني الباطلة التي ينزه الله عنها ))([124]).

ولعل الراجح في المسألة أن الأمر (( يختلف باختلاف المَصْلَحَةِ.

1- فإن كان الخصم في مقام دعوة الناس إلى قوله وإلزام الناس بها أمكن أن يقال له: لا يجب على أحد أن يجيب داعياً إلا إلى ما دعا اليه رسول الله e، فما لم يثبت أن الرسول دعا الخلق إليه لم يكن على الناس إجابة من دعا إليه، ولا له دعوة الناس إلى ذلك، ولو قدر أن ذلك المعنى حق.

وهذه الطريق تكون أصلح إذا لَبَّسَ مُلَبِّسٌ منهم على ولاة الأمور، وأدخلوه في بدعتهم، كما فعلت الجهمية بمن لبسوا عليه من الخلفاء حتى أدخلوه في بدعتهم من القول بخلق القرآن وغير ذلك، فكان من أحسن مناظرتهم أن يقال: إئتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلى ذلك وإلا فلسنا نجيبكم إلى ما لم يدل عليه الكتاب و السنة.

وهذا لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع  إلا كتاب منزل من السماء، وإذا ردوا إلى عقولهم فلكل واحد منهم عقل، وهؤلاء المختلفون يدعي أحدهم أن العقل أدَّاه إلى علم ضروري ينازعه فيه الآخر، فلهذا لا يجوز أن يجعل الحاكم بين الأمة في موارد النزاع إلا الكتاب والسنة.

وبهذا ناظر الإمام أحمد الجهمية لما دعوه إلى المحنة، وصار يطالبهم بدلالة الكتاب والسنة على قولهم.

فلما ذكروا حججهم كقوله تعالى { خالق كل شيء } [ الأنعام 102 ]، وقوله { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } [ الأنبياء 2 ]، وقول النبي e: (( تجيء البقرة وآل عمران ))، وأمثال ذلك من الأحاديث.

أجابهم عن هذه الحجج بما بين به أنها لاتدل على مطلوبهم.

ولما قالوا: ما تقول في القرآن أهو الله أو غير الله؟

عارضهم بالعلم فقال: ما تقولون في العلم أهو الله أو غير الله؟

ولما ناظره أبو عيسى محمد بن عيسى برغوث -وكان من أحذقهم بالكلام- ألزمه التجسيم، وأنه إذا أثبت لله كلاماً غير مخلوق لزم أن يكون جسماً.

فأجابه الإمام أحمد: بأن هذا اللفظ لا يُدرى مقصود المتكلم به، وليس له أصل في الكتاب والسنة والاجماع، فليس لأحد أن يلزم الناس أن ينطقوا به ولا بمدلوله.

وأخبره أني أقول: هو أحد، صمد،لم يلد ولم يلد، ولم يكن له كفواً أحد، فبين أني لا أقول هو جسم ولا ليس بجسم، لأن كلا الأمرين بدعة محدثة في الاسلام، فليست هذه من الحجج الشرعية التي يجب على الناس إجابة من دعا إلى موجبها، فإن الناس إنما عليهم إجابة الرسول فيما دعاهم إليه وإجابة من دعاهم إليه رسول الله e، لا إجابة من دعاهم إلى قول مبتدع، ومقصود المتكلم بها مجمل لا يُعرف إلا بعد الاستفصال والاستفسار، فلا هي معروفة في الشرع، ولا معروفة بالعقل إن لم يستفسر المتكلم بها.

فهذه المناظرة ونحوها هي التي تصلح إذا كان المناظر داعياً.

2- وأما إذا كان المناظر معارضاً للشرع بما يذكره، أو ممن لايمكن أن يرد إلى الشريعة.

مثل من لا يلتزم الاسلام ويدعو الناس إلى ما يزعمه من العقليات أو ممن يدَّعي أن الشرع خاطب الجمهور، وأن المعقول الصريح يدل على باطن يخالف الشرع، ونحو ذلك.

أو كان الرجل ممن عرضت له شبهة من كلام هؤلاء.

فهؤلاء لابد في مخاطبتهم من الكلام على المعاني التي يدعونها إما:

1- بألفاظهم.

2- وإما بألفاظ يوفقون على أنها تقوم مقام ألفاظهم، وحينئذ يقال لهم الكلام إما:

  أ- أن يكون في الألفاظ.

ب- وإما أن يكون في المعاني.

جـ- وإما أن يكون فيهما.

فإن كان الكلام في المعاني المجردة من غير تقييد بلفظ كما تسلكه المتفلسفة ونحوهم ممن لا يتقيد في أسماء الله وصفاته بالشرائع بل يسميه علة وعاشقاً ومعشوقاً ونحو ذلك.

فهؤلاء إن أمكن نقل معانيهم إلى العبارة الشرعية كان حسناً.

وإن لم يمكن مخاطبتهم إلا بلغتهم، فبيان ضلالهم ودفع صيالهم عن الإسلام بلغتهم أولى من الإمساك عن ذلك لأجل مجرد اللفظ. كما لو جاء جيش كفار ولا يمكن دفع شرهم عن المسلمين إلا بلبس ثيابهم، فدفعهم بلبس ثيابهم خير من ترك الكفار يجولون في خلال الديار خوفاً من التشبه بهم في الثياب.

وأما إذا كان الكلام مع من قد يتقيد بالشريعة.

فإنه يقال له: إطلاق هذه الألفاظ نفياً وإثباتاً بدعة، وفي كل منها تلبيس وإيهام، فلابد من الاستفسار والاستفصال. أو الامتناع عن إطلاق كلا الأمرين في النفي والإثبات.

وقد ظن طائفة من الناس أن ذم السلف والأئمة للكلام إنما لمجرد ما فيه من الاصطلاحات المحدثة كلفظ (الجوهر) و(الجسم) و(العرض)، وقالوا: إن مثل هذا لا يقتضي الذم، كما لو أحدث الناس آنية يحتاجون إليها، أو سلاحاً يحتاجون إليه لمقاتلة العدو، وقد ذكر هذا صاحب الإحياء وغيره.

وليس الأمر كذلك: بل ذمهم للكلام لفساد معناه أعظم من ذمهم لحدوث الألفاظ، فذموه لاشتماله على معان باطلة مخالفة للكتاب والسنة، ومخالفته للعقل الصريح، ولكن علامة بطلانها مخالفتها للكتاب والسنة، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل قطعاً. ثم من الناس من يعلم بطلانه بعقله، ومنهم من لا يعلم ذلك.

وأيضاً: فإن المناظرة بالألفاظ المحدثة المجملة المبتدعة المحتملة للحق والباطل إذا أثبتها أحد المتناظرين ونفاها الآخر كان كلاهما مخطئاً، وأكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء، وفي ذلك من فساد العقل والدين ما لا يعلمه إلا الله.

 فإذا رد الناس ما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة فالمعاني الصحيحة ثابتة فيهما، والمحق يمكنه بيان ما يقوله من الحق بالكتاب والسنة([125]).


الفصل الثاني: أقسام الصفات

 وفيه مبحثان:

المبحث الأول: أقسام الصفات عند أهل السنة والجماعة.

 تنوعت تقسيمات أهل السنة للصفات وذلك بحسب الاعتبارات التي يرجع لها كل تقسيم، ومن تلك التقسيمات مايلي:
 المطلب الأول: أقسام الصفات عموماً

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( الصفات نوعان:

أحدهما: صفات نقص؛ فهذه يجب تنزيه الله عنها مطلقاً؛ كالموت، والعجز، والجهل.

والثاني: صفات كمال؛ فهذه يمتنع أن يماثله فيها شيء ))([126]).

وتنقسم الصفات باعتبار ورودها في النصوص إلى قسمين:

1- صفات ثبوتية            2- صفات سلبية (أي منفية)

القسم الأول: الصفات الثبوتية

وتعريفها: هي ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله e.

والصفات الثبوتية كثيرة جداً منها: العلم - والحياة - والعزة - والقدرة - والحكمة - والكبرياء - والقوة - والاستواء - والنزول - والمجيء، وغيرها.

والصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات السلبية([127]).

إضافة إلى أن معرفة الله الأصل فيها صفات الإثبات والسلب تابع ومقصوده تكميل الإثبات، بل كل تنزيه مدح به الرب ففيه إثبات([128]).

القسم الثاني: الصفات السلبية

وتعريفها: هي ما نفاه الله سبحانه عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله e.

والصفات المنفية كلها صفات نقص في حقه.

ومن أمثلتها: النوم - الموت - الجهل - النسيان - العجز - التعب - الظلم.

فيجب نفيها عن الله عزوجل مع إثبات أن الله موصوف بكمال ضدها([129]).

وتجدر الإشارة هنا إلى الأمور التالية:

الأمر الأول: أن معرفة الله ليست بمعرفة صفات السلب، بل الأصل فيها صفات الإثبات، والسلب تابع ومقصوده تكميل الإثبات([130]).

(( فإن السلب لا يراد لذاته، وإنما يقصد لما يتضمنه من إثبات الكمال، فكل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله e من صفات النقص فإنه متضمن للمدح والثناء على الله بضد ذلك النقص من الأوصاف الحميدة والأفعال الرشيدة ))([131]).

الأمر الثاني: أن صفات التنزيه يجمعها معنيان:

الأول: نفي النقائص عنه، وذلك من لوازم إثبات صفات الكمال.

الثاني: إثبات أنه ليس كمثله شيء في صفات الكمال الثابتة له.

الأمر الثالث: الصفات السلبية تذكر غالباً في الأحوال التالية:

الأولى: بيان عموم كماله

كما في قوله تعالى { ليس كمثله شيء }([132]).

و قوله تعالى { ولم يكن له كفواً أحد }([133]).

والثانية: نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون

كما في قوله تعالى { وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيءاً إداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً أن دعوا للرحمن ولداً وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً }([134]).

والثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين

كما في قوله تعالى { وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين }([135]) )([136]).

الأمر الرابع: أن الصفات السلبية إنما تكون كمالاً إذا تضمنت أموراً وجودية([137]).

فلا يوصف الرب من الأمور السلبية إلا بما يتضمن أموراً وجودية، وإلا فالعدم المحض لا كمال فيه.

فينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتاً، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال.

والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء فهو كما قيل ليس بشيء فضلا عن أن يكون مدحاً وكمالاً.

لأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع؛ والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال.

ولهذا كان عامة ما يصف الله به نفسه من النفي متضمناً لإثبات مدح.

كقوله تعالى { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم }([138]) فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام.

وكذلك قوله { ولا يؤده حفظهما }([139]) أي لا يكرثه ولا يثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها؛ بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته وعيب في قوته.

وكذلك قوله { لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض }([140]) فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السموات والأرض.

وكذلك قوله { ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب }([141]) فإن نفي مس اللغوب -الذي هو التعب والإعياء- دل على كمال قدرته ونهاية القوة بخلاف المخلوق الذي يلحقه من التعب والكلال ما يلحقه.

وكذلك قوله { لا تدركه الأبصار }([142]) إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة كما قاله أكثر العلماء، ولم ينف مجرد الرؤية، لأن المعدوم لا يرى، وليس في كونه لا يرى مدح، إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوحاً، وإنما المدح في كونه لا يحاط به وإن رؤي، كما أنه لا يحاط به وإن علم، فكما أنه إذا علم لا يحاط به علماً، فكذلك إذا رؤي لا يحاط به رؤية، فكان في نفي الإدراك من إثبات عظمته ما يكون مدحاً وصفة كمال، وكان ذلك دليلاً على إثبات الرؤية مع عدم الإحاطة وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها.

وإذا تأملت ذلك وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتاً هو مما لم يصف به نفسه )([143]).

ثم إن النفي المجرد مع كونه لا مدح فيه، فيه إساءة أدب مع الله سبحانه، فإنك لو قلت لسلطان: أنت لست بزبال ولا كسَّاح ولا حجام ولا حائك لأدبك على هذا الوصف وإن كنت صادقاً.

وإنما تكون مادحاً إذا أجملت النفي فقلت: أنت لست مثل أحد من رعيتك، أنت أعلى منهم وأشرف وأجل، فإن أجملت في النفي أجملت في الأدب )([144]).

فأهل الكلام المذموم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل فيقولون: ليس بجسم ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا دم ولا شخص ولا جوهر ولا عرض إلى آخر تلك السلوب الكثيرة التي تمجها الأسماع وتأنف من ذكرها النفوس والتي تتنافى مع تقدير الله تعالى حق قدره([145]).

الأمر الخامس: أن الرسل عليهم صلوات الله جاءوا بإثبات مفصل ونفي مجمل.

والمعطلة ناقضوهم فجاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل.

فإن الرسل أخبرت كما أخبر الله في كتابه الذي بعث به رسوله أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه حكيم عزيز، غفور ودود، وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليماً، وتجلى للجبل فجعله دكاً، وأنه أنزل على عبده الكتاب، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته.

وقال في النفي { ليس كمثله شيء }([146]{ ولم يكن له كفواً أحد }([147]{ هل تعلم له سميا }([148]).

وهؤلاء الملاحدة جاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل، فقالوا في النفي: ليس بكذا ولا كذا، فلا يقرب من شيء ولا يقرب منه شيء، ولا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة، ولا له كلام يقوم به، ولا له حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا غير ذلك، ولا يشار إليه ولا يتعين، ولا هو مباين للعالم ولا حال فيه،ولا داخله، ولا خارجه، إلى أمثال العبارات السلبية التي لا تنطبق إلا على المعدوم.

ثم قالوا في الإثبات هو وجود مطلق، أو وجود مقيد بالأمور السلبية )([149]).

وبذلك عكسوا منهج القرآن والسنة، فأكثروا من وصف الله تعالى بالأمور السلبية التي لم يرد بها النص، وأفرطوا في ذلك إفراطاً عجيباً، بينما أنكر بعضهم جميع الصفات الثبوتية، والبعض الآخر لم يثبت سوى القليل منها.

الأمر السادس: للتفريق بين الصفات السلبية التي ورد بها النص والصفات السلبية التي أحدثها المعطلة النفاة نقول: إن الصفات السلبية التي ورد بها النص متضمنة لثبوت كمال الضد كما تقدم شرح ذلك.

وأما الصفات السلبية التي هي من نسج المعطلة واختراعهم فلا تتضمن ثبوت كمال الضد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( كل تنزيه مدح فيه الرب ففيه إثبات، فلهذا كان قول (( سبحان الله )) متضمناً تنزيه الرب وتعظيمه، ففيها تنزيهه من العيوب والنقائص، وفيها تعظيمه سبحانه وتعالى )([150]).

فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهاً محموداً، بل ولا موجوداً.

وكذلك من شاركهم في بعض ذلك، كالذين قالوا لا يتكلم، ولا يُرى، أو ليس فوق العالم، أو لم يستو على العرش، ويقولون: ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا مباين للعالم ولا مجانب له.

إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم، وليس هي صفة مستلزمة صفة ثبوت.

فقولهم إنه لا يتكلم، أو لا ينزل، ليس في ذلك صفة مدح، بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات )([151]).

الأمر السابع: إن سلب النقائص والعيوب عن الله نوعان:

النوع الأول: سلب لمتصل

(( وضابطه: نفي كل ما يناقض صفة من صفات الكمال التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله e، كنفي الموت المنافي للحياة، والعجز المنافي للقدرة، والسنة والنوم المنافي لكمال القيومية، والظلم المنافي للعدل، والإكراه المنافي للاختيار، والذل المنافي للعزة ... الخ.

النوع الثاني: سلب لمنفصل

وضابطه: تنزيه الله سبحانه عن أن يشاركه أحد من خلقه في شيء من خصائصه التي لا تنبغي إلا له.

وذلك كنفي الشريك له في ربوبيته، فإنه منفرد بتمام الملك والقوة والتدبير.

وكنفي الشريك له في أُلهيته، فهو وحده الذي يجب أن يألهه الخلق ويفردوه بكل أنواع العبادة والتعظيم.

وكنفي الشريك له في أسمائه الحسنى وصفاته العليا فليس لغيره من المخلوقين شركة معه سبحانه في شيء منها.

وكذلك نفي الظهير الذي يظاهره أو يعاونه في خلق شيء أو تدبيره، لكمال قدرته وسعة علمه ونفوذ مشيءته، وغيره من المخلوقين عاجز فقير لا حول له ولا قوة إلا بالله، فالشريك والظهير منفيان عنه بإطلاق.

وكذلك ينفى عنه سبحانه اتخاذ الصاحبة والولد الذي نسبه إليه النصارى عابدو الصلبان، والصابئة الذين يقولون إن الملائكة بنات الله.

قال تعالى { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل }([152]).))([153]).

 المطلب الثاني: أقسام الصفات الثبوتية

أ ـ تنقسم الصفات الثبوتية من جهة تعلقها بالله إلى قسمين([154]):

القسم الأول: الصفات الذاتية

القسم الثاني: الصفات الفعلية

وكلا النوعين يجتمعان في أنهما صفات له تعالى أزلاً وأبداً، لم يزل متصفاً بهما ماضياً ومستقبلاً لائقان بجلال رب العالمين([155]).

أما القسم الأول: الصفات الذاتية

فضابطها: هي التي لا تنفك عن الذات([156]).

أو: التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها.

أو: الملازمة لذات الله تعالى.([157]).

ومنها: الوجه - اليدين - العينين([158]) - الأصابع - القَدَم - العلم - الحياة - القدرة - العزة - الحكمة.

القسم الثاني: الصفات الفعلية

وضابطها: هي التي تنفك عن الذات.

أو: التي تتعلق بالمشيءة والقدرة.([159]).

ومنها: الاستواء - المجيء - الإتيان - النزول - الخلق - الرزق - الإحسان - العدل.

فالفرق بين القسمين:

أن الصفات الذاتية لا تنفك عن الذات، أما الصفات الفعلية يمكن أن تنفك عن الذات على معنى أن الله إذا شاء لم يفعلها.

ولكن مع ذلك فإن كلا النوعين يجتمعان في أنهما صفات لله تعالى أزلاً وأبداً لم يزل ولا يزال متصفاً بهما ماضياً ومستقبلاً لائقان بجلال الله عز وجل([160]).

وتنقسم الصفات الفعلية من جهة تعلقها بمتعلقها إلى قسمين:

                  أ‌-  متعدية: وهي ما تعدت لمفعولها بلا حرف جرّ مثل: خلق، ورزق، وهدى، وأضل، ونحوها.

                 ب‌-لازمة: وهي ما تتعدى لمفعولها بحرف جر كالإستواء والمجيء والإتيان والنزول ونحوها.

وإنما قسمت كذلك  نظراً للإستعمال القرآني من جهة ولكونها في اللغة كذلك([161] قال ابن القيم:( فأفعاله نوعان: لازمة، ومتعدية كما دلت النصوص التي هي أكثر من أن تحصر على النوعين )([162] وقال رحمه الله: ( المجيء والإتيان والذهاب والهبوط هذه من أنواع الفعل اللازم القائم به، كما أن الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والقبض، والبسط أنواع الفعل المتعدي وهو سبحانه موصوف بالنوعين وقد يجمعهما كقوله:{ خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش }([163]) ([164]).

مواقف الطوائف من الصفات الذاتية والفعلية:

                 1ـ  موقف أهل السنة والجماعة

أثبت أهل السنة جميع الصفات الذاتية منها والفعلية، وأثبتوا أن الله متصف بذلك أزلاً، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة([165]).

                 2.موقف المعتزلة ومن وافقهم

أثبتوا الذات مجردة عن الصفات، وزعموا أن الله لا يقوم به صفة ولا أمر يتعلق بمشيءته واختياره وهو قولهم: لا تحله الأعراض ولا الحوادث.

وبذلك نفوا قيام الصفات الذاتية والفعلية بالله تعالى، وجعلوا إضافة الصفات إلى الله تعالى إما من باب إضافة الملك والتشريف أو من إضافة وصف (أي القول) من غير قيام معنى به([166]).

                 3.موقف المتأخرين من الأشاعرة ومعهم الماتريدية:

نفوا جميع الصفات ما عدا الصفات السبع وهي: ( العلم ـ الحياة ـ القدرة ـ الإرادة ـ السمع ـ البصر ـ الكلام ). وزاد الباقلاني وإمام الحرمين من الأشاعرة صفة ثامنة هي: ( الإدراك )([167]). وزاد الماتريدية صفة ( التكوين )([168]).

                 4.موقف الكلابية ومن وافقهم من قدماء الأشاعرة وغيرهم

يثبتون الصفات الذاتية وينفون الأفعال الاختيارية، ولم يثبتوا لله أفعالاً تقوم به تتعلق بمشيءته وقدرته، بل ولا غير الأفعال مما يتعلق بمشيءته وقدرته([169]) كالمحبة.

                 4.موقف الكرامية ومن وافقهم

يثبتون الصفات بما فيها أن الله تقوم به الأمور التي تتعلق بمشيءته وقدرته، ولكن ذلك عندهم حادث بعد أن لم يكن، وأنه يصير موصوفاً بما يحدث بقدرته ومشيءته بعد أن لم يكن كذلك، وقالوا :لا يجوز أن تتعاقب عليه الحوادث. ففرقوا في الحوادث بين تجددها ولزومها، فقالوا بنفي لزومها دون حدوثها([170]).

ب - ويمكن تقسيم الصفات الثبوتية كذلك  إلى قسمين([171]):

                   ·  القسم الأول: الصفات اللازمة

وتعريفها: هي الصفات اللازمة للموصوف لا تفارقه إلا بعدم ذاته. أو بعبارة أخرى: هي الصفات التي لا تنفك عن الذات وتنقسم إلى قسمين:

الصفات الذاتية([172]): وهي التي لا يمكن تصور الذات مع تصور عدمها.

ومنها: الوجه - اليد - الأصبع - العين - القدم.

الصفات المعنوية: وهي ما يمكن تصور الذات مع تصور عدمها.

ومنها: الحياة - العلم - القدرة - العزة - العظمة - الكبرياء - الملك - الحكمة - السمع - البصر.

القسم الثاني: الصفات العارضة أو الصفات الاختيارية

وتعريفها: هي الصفات التي يمكن مفارقتها له مع بقاء الذات.

أو: الصفات التي تنفك عن الذات.

أو: الصفات التي تتعلق بالمشيءة والقدرة.

وهي إما من باب الأفعال: كالاستواء، والاتيان، والمجيء، والنزول.

وإما من باب الأقوال والكلمات: التكليم والنداء، والمناجاة، والقول.

وإما من باب الأحوال: كالفرح، والغضب، والرضا، والضحك([173]).

فكل ما كان بعد عدمه فإنما يكون بمشيءة الله وقدرته، وهذا ضابط ما يدخل في الصفات الاختيارية([174]).

الصفات الاختيارية:

وضابطها: هي الأمور التي يتصف بها الرب عزوجل، فتقوم بذاته بمشيءته وقدرته([175]).

والصفات الاختيارية أعم من الصفات الفعلية، لأنها تشمل بعض الصفات الذاتية التي لها تعلق بالمشيءة، مثل: الكلام، السمع، البصر، الإرادة، المحبة، الرضا، الرحمة، الغضب، السخط.

كما أنها -أي الصفات الاختيارية- تشمل الصفات الفعلية غير الذاتية.

مثل: الخلق، الإحسان، العدل، وهذه فعلية متعدية.

ومثل: الاستواء، المجيء، الإتيان، النزول، وهذه فعلية لازمة.

فالكلام (( صفةُ ذاتٍ وفعلٍ )) فهو سبحانه يتكلم بمشيءته وقدرته كلاماً قائماً بذاته.

وكل ما كان بعد عدمه، فإنما يكون بمشيءة الله وقدرته([176])، وما تعلق بالمشيءة مما يتصف به الرب فهو من الصفات الاختيارية([177])، والصفات الصادرة عن الأفعال موصوف بها في القدم، ولم تتغير ذاته من أفعاله، ولم يكتسب عن أفعاله صفات كمال، فهو سبحانه لم يزل كريماً خالقاً.

ومن معتقد أهل السنة والجماعة إثبات قيام جميع هذه الصفات بالذات، خلافاً لقول الكلابية والأشاعرة والماتريدية.

فهذا نوع من تقسيمات الصفات يفصل بين عقيدة أهل السنة من جهة وعقيدة الصفاتية من أهل الكلام وهم ( الكلابية، والأشاعرة، والماتريدية ) من جهة أخرى.

فالكلابية وقدماء الأشاعرة يثبتون الصفات ما عدا صفات الأفعال الاختيارية فإنهم ينفون كونها صفات قائمة بالله.

والمتأخرون من الأشاعرة والماتريدية ينفون الصفات الذاتية والاختيارية ويثبتون سبعاً من الصفات المعنوية هي ( العلم - الحياة - القدرة - الإرادة - السمع - البصر - الكلام ).

 ثالثاً: تنقسم الصفات من حيث أدلة ثبوتها إلى قسمين:

القسم الأول: الصفات الشرعية العقلية

وضابطها: هي التي يشترك في إثباتها الدليل الشرعي السمعي والدليل العقلي، والفطرة السليمة.

وهي أكثر صفات الرب تعالى، بل أغلب الصفات الثبوتية يشترك فيها الدليلان السمعي والعقلي([178]) وإن كان الأصل في ثبوتها الدليل الشرعي.

ومنها: العلم، السمع، البصر، العلو، القدرة، الإرادة، الخلق، الحياة.

وسميت (( شرعية عقلية ))

شرعية: لأن الشرع دل عليها أو أرشد إليها.

وعقلية: لأنها تعلم صحتها بالعقل ولا يقال إنها لم تعلم إلا بمجرد الخبر.

فإذا أخبر الله بالشيء، ودل عليه بالدلالات العقلية صار مدلولا عليه بخبره، ومدلولا عليه بدليل العقل الذي يعلم به، فيصير ثابتاً بالسمع والعقل، وكلاهما داخل في دلالة القرآن التي تسمى الدلالة الشرعية([179]).

القسم الثاني: الصفات الخبرية وتسمى النقلية والسمعية

وضابطها: هي التي لا سبيل إلى إثباتها إلا بطريق السمع والخبر عن الله أو عن رسوله الأمين عليه الصلاة والتسليم([180]).

ومنها: الوجه - اليد - العين - الرضا - الفرح - الغضب - القَدَم - الاستواء - النزول - المجيء - الضحك.

وهي تنقسم إلى قسمين:

                 1ـ  صفات ذاتية مثل: الوجه - اليد - العين - القَدَم.

                       2ـ  صفات فعلية مثل: النزول - الاستواء - الغضب - الفرح - الضحك.

المبحث الثاني: أقسام الصفات عند المخالفين

المطلب الأول: أقسام الصفات عند من ينكر جميع الصفات الثبوتية

وهم الفلاسفة بشتى أصنافهم ، والجهمية ،والمعتزلة ومن وافقهم كالزيدية ،والرافضة الإمامية ،والنجارية ،والضرارية ،والإباضية ،وابن حزم

وهؤلاء ليس عندهم تقسيم للصفات الثبوتية ،لأنهم لايثبتونها أصلاً فضلاًعن كونهم يقسمونها

أما في جانب النفي ــ عند من يقول به منهم فإن ابن سينا ([181]) وهو من الفلاسفة الإسماعلية الباطنية يجعل الصفات إما سلبية محضة وإما إضافية محضة وإما مؤلفة من سلب وإضافة والسلوب والإضافات لا توجب كثرة في الذات ([182]).

1- صفات سلبية محضة:

وهذا النوع إذا وصف به واجب الوجود ــ على حد تعبيرهم ــ ، أفاد أن المقصود به نفس وجوده مع سلب ما يؤدي إليه عنه ، وهو ما يستلزمه مفهوم واجب الوجود ) ([183])

فإذا قيل جوهر : لم يعن به إلا هذا الوجود الواجب مع سلب الكون في موضع عنه

وإذا قيل واحد : لم يعن به إلا الوجود الواجب وسلب الشريك عنه أو سلب الكثرة من كل وجه

وإذا قيل قديم : لم يعن به إلا هذا الوجود الواجب مع سلب العدم عنه أولاً

وإذا قيل باق : لم يعن به إلا هذا الوجود الواجب مع سلب العدم عنه آخراً ([184])

2- صفات إضافية محضة:

وضابطها: هي الأمور المتضايفة التي لا يعقل الواحد منها إلا بتعقل مقابله([185]).

ومن أمثلتها: كونه أولاً مبدأ ، خالقاً ، قديراً ، مريداً ، صانعاً ، مبدعاً ، حكيماً ، جواداً ،كريماً ([186])

( فمثلاً صفة كونه ( أولاً ): هي نفس وجود واجب الوجود لكن مع الوجود إضافة إذا نسب الله تعالى إلى الموجودات غيره ، أي لم يعن إلا إضافة هذا الوجود الواجب إلى الكل

وكونه تعالى ( مبدأ ): إضافة له إلى معلوماته بمعنى إشارة إلى وجوده وإلى أن وجود غيره إنما هو منه

وصفة كونه ( خالقاً ): هي نفس وجود الله تعالى مع إضافة لأن علة الايجاد هي علم واجب الوجود أو تعقله للنظام الفائض منه على مقتضى علمه )([187])

3- صفات مركبة من سلب وإضافة:

وهذا النوع من الصفات إذا وصف به واجب الوجود أفاد أن ذلك له على وجه السلب وعلى وجه النسبة والإضافة أيضاَ، وهو مايستتبعه الاعتقاد بأنه خالق ومدبر للكون.

فإذا قيل واجب الوجود: أي موجود لا علة له وهذا سلب، وهو علة لغيره وهذه إضافة فالسلب والإضافة مجتمعان معاً.

وإذا قيل خالق: فهم منه أن وجوده شريف يفيض عنه وجود الكل فيضاً لازماً، وأن وجود غيره حاصل منه بالتبع.

وإذا قيل عالم: فهم أنه لا يعلم ذاته ما لم يعلم أنه مبدأ للكل.

وإذا قيل جواد: فهم أنه لا ينحو غرضا لذاته وهذا سلب، وأنه يفيض الجود على غيره لأنه مبدأ لكل جود([188]).

قال الشهرستاني :( قالت الفلاسفة: واجب الوجود بذاته لن يتصور إلا واحداً من كل وجه فلا صفة ولا حال ولا اعتبار ولا حيث ولا وجه لذات واجب الوجود بحيث يكون أحد الوجهين والاعتبارين غير الآخر بذاته ، أو يدل لفظ على شيء هو غير الآخر بذاته ولا يجوز أن يكون نوع واجب الوجود لغير ذاته لأن وجود نوعه له لعينه ولا يشاركه شيء ما صفة أو موصوفاً في واجب الوجود والأزلية ولا ينقسم هو ولا يتكثر لا بالكم ولا بالمباديء المقومة ولا بأجزاء الحقيقة والحد ثم .

 له صفات سلبية : مثل تقدسه عن الكثرة من كل وجه ، فيسمى لذلك واحداً حقاً أحداً صمداً([189]).

ومثل تنزهه عن المادة وتجرده عن طبيعة الإمكان والعدم ، ويسمى ذلك عقلاً وواجباً

وله صفات إضافية : مثل كونه صانعاً مبدعاً حكيماً قديراً جواداً كريماً

وصفات مركبة من سلب وإضافة : مثل ( كونه مريداً ): أي هو مع عقليته ووجوبه بذاته مبدأ لنظام الخير كله من غير كراهية لما يصدر عنه ؛ ( وجواداً ) أي هو بهذه الصفة وزيادة سلب أي لا ينحو غرضاً لذاته وأولاً : أي هو مسلوب عنه الحدوث مع إضافة وجود الكل إليه ،

وصفاته عندهم إما سلبية محضة ، وإما إضافية محضة ، وإما مؤلفة من سلب وإضافة ، والسلوب والإضافات لاتوجب كثرة في الذات ) ([190])

المطلب الثاني : أقسام الصفات عند من يثبت بعض الصفات وينكر بعضها

وهم الكلابية والأشاعرة والماتريدية ، ويسمون الصفاتية

وهم في تقسيم الصفات على قسمين :

1 ــ  الكلابية وقدماء الأشاعرة

وهؤلاء يتفقون مع أهل السنة في تقسيم الصفات عموماً إلى قسمين:

القسم الأول: الصفات الذاتية

القسم الثاني: الصفات الفعلية

وكذا في تقسيمها من حيث أدلة إثباتها حيث يقسمونها إلى قسمين:

القسم الأول: الصفات العقلية

القسم الثاني: الصفات السمعية

لكنهم يختلفون مع أهل السنة فيما يثبتونه وطريقة إثباتهم.

2 ــ الأشاعرة المتأخرون والماتريدية

المعروف عن متأخري الأشاعرة والماتريدية من أهل الكلام تقسيمهم الصفات إلى أربعة أقسام:

1- صفات المعاني           2- الصفات المعنوية

3- الصفات السلبية         4- الصفة النفسية.

 القسم الأول: صفات المعاني.

وضابطها في اصطلاحهم هي: ما دل على معنى وجودي قائم بالذات ولم يقر هؤلاء إلا بسبع منها هي ، الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام. ونفوا ما عداها من صفات المعاني كالرأفة والرحمة والحلم([191]).

وهي  القدر الذي عند هؤلاء من الإثبات، أما الأقسام الثلاثة الباقية ليس فيها إثبات على الحقيقة.

 القسم الثاني: الصفات المعنوية

وضابطها :هي الأحكام الثابتة للموصوف بها معللة بعلل قائمة بالموصوف وهي كونه «حياً، ، عليماً، قديراً، مريداً، سميعاً، بصيراً، متكلماً» وهذا العد لا وجه له لأنه في الحقيقة تكرار لصفات المعاني المتقدم ذكرها.

ثم إن من عدها من هؤلاء عدوها بناءً على ما يسمونه الحالة المعنوية التي يزعمون أنها واسطة ثبوتية لا معدومة ولا موجودة.([192]).

والتحقيق أن هذا خرافة وخيال. وأن العقل الصحيح لا يجعل بين الشيء ونقيضه واسطة البتة فكل ما ليس بموجود فهو معدوم قطعاً، وكل ما ليس بمعدوم فهو موجود قطعاً ولا واسطة البتة كما هو معروف عند العقلاء([193]).

 القسم الثالث: الصفات السلبية:

وضابطها عندهم: ما دل على سلب ما لا يليق بالله عن الله من غير أن يدل على معنى وجودي قائم بالذات.

والذين قالوا هذا جعلوا الصفات السلبية خمساً لا سادس لها([194]) وهي عندهم: القِدَمُ، البقاء، والمخالفة للحوادث، والوحدانية، والغنى المطلق الذي يسمونه القيام بالنفس الذي يعنون به الاستغناء عن المخصص والمحل([195]).

وعلى ضابطهم الذي ذكروه فإن هذه الخمس لا تتضمن معنى وجودي. وإنما تتضمن أمراً سلبياً فعلى سبيل المثال:

القدم: المقصود بها نفي الحدوث.

والبقاء: المقصود بها نفي الفناء.

والوحدانية: المقصود بها نفي النظير المساوي له.

والقيام بالنفس: عدم افتقاره للمحل وعدم افتقاره للمخصص: أي الموجد.

 القسم الرابع: الصفة النفسية

وضابطها هي: كل صفة إثبات لنفس لازمة ما بقيت النفس غير معللة بعلل قائمة بالموصوف.

وهي عندهم صفة واحدة هي: الوجود. وهي عندهم لا تدل على شيء زائد على الذات.

يقول شارح جوهرة التوحيد: (واعلم أن الوجود صفة نفسية وإنما نسبت للنفس أي الذات، لأنها لا تتعقل إلا بها فلا تتعقل نفس إلا بوجودها، والمراد بالصفة النفسية: صفة ثبوتية يدل الوصف بها على نفس الذات دون معنى زائد عليها.

فقولنا: (صفة) كالجنس.

وقولنا: (ثبوتية) يخرج السلبية كالقدم والبقاء.

وقولنا: (يدل الوصف بها على نفس الذات) معناه أنها لا تدل على شيء زائد على الذات.

وقولنا: (دون معنى زائد عليها) تفسير مراد لقولنا (على نفس الذات) ويخرج بذلك المعاني لأنها لا تدل على معنى زائد على الذات، وكذلك «المعنوية» فإنها تستلزم المعاني فهي تدل على معنى زائد على الذات لاستلزامها المعاني([196]).

وبهذا يعلم أنه ليس عند هؤلاء من الإثبات إلا الصفات السبع التي يسمونها صفات المعاني وهي ، الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام وما عداها من الصفات الثبوتية لا يثبتونها ولهم في نصوصها أحد طريقين إما التأويل أو التفويض وفي هذا يقول قائلهم:

وكل نص أوهم التشبيها

أَوِّلْهُ أو فَوِّضْ ورم تنزيها([197])

فنصوص الصفات التي وردت في إثبات ما عدا الصفات السبع التي يثبتونها، يسمونها نصوصاً موهمة للتشبيه، فهم يصرفونها عن ظاهرها، ولكنهم تارة يعينون المراد كقولهم استوى: استولى، واليد: بمعنى النعمة والقدرة؛ وتارة يفوضون فلا يحددون المعنى المراد ويكلون علم ذلك إلى الله عز وجل. ولكنهم يتفقون على نفي الصفة لأن ناظمهم يقول: (ورم تنزيهاً) وشارح الجوهرة يقول: (أو فوض) أي بعد التأويل الإجمالي الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره، فبعد هذا التأويل فوض المراد من النص الموهم إليه تعالى([198]).

فهم بذلك متفقون على نفي تلك الصفات، ويخيرون في تحديد المعنى المراد أو السكوت عن ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وأبو المعالي وأتباعه نفوا هذه الصفات -أي الصفات الخبرية- موافقة للمعتزلة والجهمية. ثم لهم قولان:

أحدهما: تأويل نصوصها، وهو أول قولي أبي المعالي، كما ذكره في الإرشاد.

والثاني: تفويض معانيها إلى الرب، وهو آخر قولي أبي المعالي كما ذكره في “الرسالة النظامية” وذكر ما يدل على أن السلف كانوا مجمعين على أن التأويل ليس بسائغ ولا واجب.

ثم هؤلاء منهم من ينفيها ويقول: إن العقل الصريح نفى هذه الصفات. ومنهم من يقف ويقول: ليس لنا دليل سمعي ولا عقلي، لا على إثباتها ولا على نفيها، وهي طريقة الرازي والآمدي)([199])

وقال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان: (( اعلم أن المتكلمين قسموا صفاته جلا وعلا إلى ستة أقسام:

1_ صفة نفسية.

2_ صفة سلبية.

3_ صفة معنى.

4_ صفة معنوية.

5_ صفة فعلية.

6_ صفة جامعة مثل العلو والعظمة مثلاً.

والصفة الإضافية هي تتداخل مع الفعلية.

لأن كل صفة فعلية من مادة متعدية إلى المفعول كالخلق والإحياء والإماتة فهي صفة إضافية، وليست كل صفة إضافية فعلية، فبينهما عموم وخصوص من وجه، يجتمعان في نحو الخلق والإحياء والإماتة.

وتتفرد الفعلية في نحو الإستواء وتتفرد الإضافية في نحو كونه تعالى موجود قبل كل شيء، وأنه فوق كل شيء، لأن القَبْلِيَّةَ والفوقيَّةَ من الصفات الإضافية وليستا من صفات الأفعال ))([200]).


 الخــاتمة

بعد هذا العرض لتعريف الصفات وبيان أقسامها والمسائل المتعلقة بذلك، أعرض أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث، فأقول:

أولاً: إن ضابط الصفات الإلهية عند أهل السنة هو: ما قام بالذات الإلهية ووردت به نصوص القرآن والسنة.

فأهل السنة يثبتون قيام الصفات بالذات سواء الذاتية منها أو الفعلية.

ثانياً: يشترط لثبوت الصفات ورود النص من القرآن أو السنة بذلك، فباب الصفات توقيفي.

ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفات ثلاثة أوجه:

1ـ التصريح بالصفة.

2ـ تضمن الاسم للصفة.

3ـ التصريح بفعل أو وصف دال عليها.

ثالثاً: أن كل واحد من لفظ (( الوصف )) أو (( الصفة )) لا فرق بينهما عند أهل السنة، وأنهما قد يراد بهما الكلام الذي يوصف به الموصوف أو المعاني التي يدل عليها الكلام

بخلاف قول الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم الذين جعلوا الصفات مجرد القول الذي يعبر به عن الموصوف من غير قيام معنى.

وبخلاف الصفاتية الذين يجعلون الوصف: هو القول، والصفة: هو المعنى القائم بالموصوف، فيفرقون بين الوصف والصفة.

رابعاً: المضافات إلى الله على نوعين هما:

1ـ إضافة الملك.

2ـ إضافة صفة.

وصفات الله عز وجل من إضافة الصفة إلى الموصوف، فتكون قائمة به سبحانه. بخلاف قول الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم الذين لا يعترفون بالقسم الثاني من أقسام الإضافة إلى الله، فردوا جميع ما يضاف إلى الله من الصفات إلى إضافة الخلق أو إضافة وصف من غير قيام معنى به.

وبخلاف قول الصفاتية من الكلابية ومن وافقهم الذين ينكرون قيام صفات الأفعال بالذات ويجعلون إضافتها إلى الله على أنها نسب إضافية عدمية.

خامساً: يشتمل توحيد الأسماء والصفات على ثلاثة أبواب:

1ـ باب الأسماء.

2ـ باب الصفات.

3ـ باب الأخبار.

وباب الأسماء هو أخص تلك الأبواب، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء، وباب الإخبار أوسع منهما.

سادساً: أن الألفاظ التي لم ترد بها النصوص لا تدخل في باب الصفات وإنما هي داخلة في باب الإخبار، ولأهل السنة ضوابط في ذلك تقدم تفصيلها.

سابعاً: تنقسم الصفات عموماً إلى قسمين:

1ـ صفات نقص.

2ـ صفات كمال.

والله عز وجل موصوف بالكمال ومنزه عن صفات النقص.

ثامناً: تنقسم الصفات باعتبار ورودها في النصوص إلى قسمين:

1ـ الصفات الثبوتية.

2ـ الصفات السلبية.

والأصل في هذا الباب صفات الإثبات وأما الصفات المنفية فهي تابعة للصفات الثبوتية ومكملة لها.

تاسعاً: تنقسم الصفات السلبية إلى قسمين:

القسم الأول: سلب متصل

القسم الثاني: سلب منفصل

عاشراً: تنقسم الصفات الثبوتية من جهة تعلقها بالله إلى قسمين:

القسم الأول: الصفات الذاتية

القسم الثاني: الصفات الفعلية

وكل من النوعين يجتمعان في أنهما صفات الله تعالى أزلاً وأبداً، لم يزل ولا يزال متصفاً بها ماضياً ومستقبلاً.

الحادي عشر: تنقسم الصفات الثبوتية كذلك إلى قسمين:

القسم الأول: الصفات اللازمة وهي على نوعين:

1ـ ذاتية.

2ـ معنوية.

القسم الثاني: الصفات العارضة.

الثاني عشر: الصفات الاختيارية أعم من الفعلية، فكل صفة فعلية فهي اختيارية وليس العكس.

الثالث عشر: تنقسم الصفات الثبوتية باعتبار أدلتها إلى قسمين:

القسم الأول: صفات شرعية عقلية، وهي ما اشترك في إثباتها الدليل العقلي مع الدليل الشرعي.

القسم الثاني: الصفات الخبرية

وهي ما اقتصر في إثباتها على الدليل الشرعي فقط.

الرابع عشر: ينكر الغلاة من المعطلة الصفات الثبوتية ومن أقر منهم بالصفات السلبية قسمها إلى ثلاثة أقسام:

1ـ صفات سلبية محضة.

2ـ صفات إضافية محضة.

3ـ صفات مركبة من سلب وإضافة.

الخامس عشر: يتفق الكلابية وقدماء الأشاعرة مع أهل السنة في طريقة تقسيمهم للصفات، ولكن يخالفونهم في القدر المثبت.

السادس عشر: يقسم الأشاعرة المتأخرون والماتريدية الصفات إلى أربعة أقسام هي:

1ـ صفات المعاني.

2ـ الصفات المعنوية.

3ـ الصفات السلبية.

4ـ الصفات النفسية.

وليس عندهم من الإثبات إلا صفات المعاني السبع وهي العلم والحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام.

وفي الختام، فهذا جهدي أقدمه للقراء فما كان فيه من صواب فمن فضل الله عز وجل، وما كان فيه من خطأ فمني واستغفر الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلي الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




([1]) انظر: مفتاح دار السعادة 1/86.

([2]) انظر: الفتوى الحموية الكبرى ص 28-29.

([3]) انظر التوضيح والبيان لشجرة الإيمان ص 7.

([4]) التصور: إدراك المفردات، كإدراك لفظ ((محمد)) وكذلك إدراك لفظ ((رسول)).

وأما التصديق: فهو إدراك نسبة الرسالة لمحمد وتصديقك لهذه النسبة.

([5]) درء تنعارض العقل والنقل 3/319، 320 ((بتصرف)).

([6]) الآية 13 من سورة الشمس.

([7]) الآية 29 من سورة الحجر.

([8]) مجموع الفتاوى 17/152.

([9]) مجموع الفتاوى 6/318.

([10]) رسالة العقل والروح -مطبوعة ضمن الرسائل المنيرية 2/38، 39.

([11]) انظر مجموع الفتاوى 6/318، 341.

([12]) انظر مجموع الفتاوى 6/147، 148.

([13]) انظر مجموع الفتاوى 6/318.

([14]) الآية 1 من سورة الأنفال.

([15]) الآية 7 من سورة المائدة.

([16]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله عزوجل ح 7402

([17]) الآية 116 من سورة المائدة.

([18]) الآية 28 من سورة آل عمران.

([19])مجموع الفتاوى 6/98، 341 ((بتصرف)).

([20]) وانظر درء تعارض العقل والنقل 4/140، 141.

([21]) درء تعارض العقل والنقل 3/330.

([22]) مفتاح دار السعادة 1/86.

([23]) مجموع الفتاوى 5/26.

([24]) الفتوى الحموية ص 61.

([25]) الآية 10 من سورة البقرة.

([26]) أخرجه البخاري 4/194

ومسلم 4/2086.

([27]) الآية 165 من سورة البقرة.

([28]) الآية 133 من سورة الأنعام.

([29]) الآية 64 من سورة المائدة.

([30]) الآية 12 من سورة البروج.

([31]) الآية 255 من سورة البقرة.

([32]) الآية 58 من سورة الذاريات.

([33]) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب التهجد ، باب ماجاء في التطوع مثنى مثنى ، انظر ( فتح الباري 3/48 ،ح 1162 )

([34])

([35]) الآية 187 من سورة البقرة.

([36]) الآية 20 من سورة المزمل.

([37]) الآية 35 من سورة النور.

([38]) الآية 41 من سورة الأنفال.

([39]) الآية 15 من سورة فصلت.

([40]) الآية 58 من سورة الذاريات.

([41]) مجموع الفتاوى 6/144، 145.

([42]) بدائع الفوائد 1/159، 160 ((بتصرف)).

([43]) الآية 164 من سورة النساء.

([44]) الآية 82 من سورة يس.

([45]) الآية 1 من سورة المائدة.

([46]) الآية 14 من سورة الحج.

([47]) الآية 93 من سورة النساء.

([48]) الآية 28 من سورة محمد.

([49]) الآية 119 من سورة المائدة.

([50]) الآية 118 من سورة المؤمنون.

([51]) الآية 1 من سورة الأنعام.

([52]) الآية 54 من سورة الأعراف.

([53]) الآية 22 من سورة الفجر.

([54]) مجموع الفتاوى 3/335.

([55]) مجموع الفتاوى 6/340.

([56]) الآية 1 من سورة الإخلاص.

([57]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي e أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، ح 7375 ولفظ البخاري ( فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها )

([58]) مجموع الفتاوى 6/147-148.

([59]) مجموع الفتاوى 3/335. 6/341.التمهيد للباقلاني (ص 244-245).

([60]) انظر شرح القصيدة النونية للهراس 2/121

([61]) شرح العقيدة الأصفهانية ص63

([62]) الآية 13 من سورة الشمس.

([63]) الآيات 17-18-19 من سورة مريم.

([64]) الآية 29 من سورة الحجر.

([65]) الآيات 7-8-9 من سورة السجدة.

([66]) الآية 26 من سورة الحج.

([67]) الآية 7 من سورة الحشر.

([68]) مجموع الفتاوى 17/151.

([69]) رسالة العقل والروح (مطبوعة ضمن الرسائل المنبرية 2/38،39).

([70]) مجموع الفتاوى 17/152.

([71]) الآية 6 من سورة التوبة.

([72]) الآية 166 من سورة النساء.

([73]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، ح 1162.

([74]) أخرجه مسلم في صحيحه 1/352.

([75]) مجموع الفتاوى 17/152.

([76]) الآية 1 من سورة النحل.

([77]) الآية 45 من سورة آل عمران.

([78]) الآية 171 من سورة النساء.

([79]) مجموع الفتاوى 17/152

([80]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله{ وتقول هل من مزيد } ح 485.

وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء 8/151، طبعة دار المعرفة.

([81]) مجموع الفتاوى 17/152

([82]) الآية 171 من سورة النساء.

([83]) الآية 13 من سورة الجاثية.

([84]) الآية 53 من سورة النحل.

([85]) الآية 54 من سورة الأعراف.

([86]) الآية 1 من سورة النحل.

([87]) الآية 17 من سورة مريم.

([88]) شرح العقيدة الأصفهانية ص66،67.

([89]) الآية 13 من سورة الشمس.

([90]) الآيات 17-18-19 من سورة مريم.

([91]) الآية 12من سورة التحريم.

([92]) الآية 29 من سورة الحجر.

([93]) الآية 1 من سورة النحل.

([94]) الآية 45 من سورة آل عمران.

([95]) الآية 171 من سورة النساء.

([96]) رسالة العقل والروح لشيخ الإسلام ابن تيمية مطبوعة ضمن الرسائل المنبرية 2/38

([97]) الآية 68 من سورة القصص.

([98]) لوامع الأنوار البهية 2/36، 37.

وانظر كتاب الروح لابن القيم 2/525.

ومختصر الصواعق 2/220-221.

والكواشف الجلية عن معاني الواسطية ص 242-243.

([99]) شرح القصيدة النونية 1/138.

([100]) الآية 79 من سورة النساء.

([101]) الآية 78 من سورة النساء.

([102]) الآية 13 من سورة الجاثية.

([103]) الآية 171 من سورة النساء.

([104]) الآية 102 من سورة النحل.

([105]) الآية 2 من سورة فصلت.

([106]) الآية 2 من سورة غافر.

([107]) شرح القصيدة النونية 1/138-139 ((بتصرف يسير)).

([108]) مجموع الفتاوى 6/147، 148.

([109])مجموع الفتاوى 3/335.

([110])مجموع الفتاوى 3/335.

([111]) شرح القصيدة النونية للهراس 2/120.

([112]) رسالة في العقل والروح لشيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوعة ضمن مجموعة  الرسائل المنيرية (2/46-47).

([113]) منهاج السنة (2/523).

([114]) انظر رسالة في العقل والروح (2/46-47).

([115]) بدائع الفوائد (1/161)، مجموع الفتاوى (6/142-143).

([116]) رسالة في العقل والروح (2/46-47).

([117]) درء تعارض العقل والنقل (1/271).

([118]) درء تعارض العقل والنقل (1/254).

([119]) نقض تأسيس الجهمية (1/442).

([120]) نقض تأسيس الجهمية (1/442-443).

([121]) نقض تأسيس الجهمية (1/445).

([122]) انظر: درء تعارض العقل والنقل (1/241-241).

([123]) انظر: درء تعارض العقل والنقل (1/228).

([124]) انظر: درء تعارض العقل والنقل (1/229).

([125]) انظر: درء تعارض العقل والنقل (1/228-233).

([126]) الصفدية 1/102.

([127]) القواعد المثلى ص24 ((بتصرف)).

([128]) مجموع الفتاوى 17/112 ((بتصرف)).

([129]) القواعد المثلى ص 23-24.

([130]) مجموع الفتاوى 17/112.

([131]) شرح القصيدة النونية للهراس 2/55.

([132]) الآية 11 من سورة الشورى.

([133]) الآية 4 من سورة الاخلاص.

([134]) الآيات 88 إلى 92 من سورة مريم.

([135]) الآية 16 من سورة الأنبياء.

([136]) القواعد المثلى ص 24.

([137]) مجموع الفتاوى 17/144.

([138]) الآية 255 من سورة البقرة.

([139]) الآية 255 من سورة البقرة.

([140]) الآية 3 من سورة سبأ.

([141]) الآية 38 من سورة ق.

([142]) الآية 103 من سورة الأنعام.

([143]) الرسالة التدمرية ص 21-23.

([144]) شرح العقيدة الطحاوية ص 108-110.

([145]) الصفات الإلهية ص 202.

([146]) الآية 11 من سورة الشورى.

([147]) الآية 4 من سورة الإخلاص.

([148]) الآية 65 من سورة مريم.

([149]) الصفدية 1/116.

([150]) مجموع الفتاوى 17/112.

([151]) الرسالة التدمرية ص23.

([152]) الآية 111 من سورة الإسراء.

([153]) انظر: شرح القصيدة النونية للهراس 2/56-58.

([154]) انظر الكواشف الجلية ص 429.

([155]) شرح العقيدة الطحاوية ص 127.

([156]) الكواشف الجلية ص 429.

([157]) التعريفات للجرجاني ص133.

([158]) مجموع الفتاوى 6/68.

([159]) التعريفات للجرجاني ص 133.

([160]) شرح العقيدة الطحاوية ص 127.

([161]) مجموع الفتاوى 6/233،5/518.

التنبيهات السنية ص69.

([162]) مختصر الصواعق 2/229.

([163]) الآية من سورة

([164]) مختصر الصواعق (2/254) بتصرف يسير.

([165]) مجموع الفتاوى 6/149، 520، 525.

([166]) مجموع الفتاوى 6/147، 148، 520، 521.

منهاج السنة 1/423.

([167]) تحفة المريد ص 76.

([168]) تحفة المريد ص 75.

وانظر: إشارات المرام ص 107، 114، وجامع المتون ص 1208، ونظم الفرائد ص 24.

([169]) مجموع الفتاوى 6/520.

منهاج السنة 1/423-424.

([170]) مجموع الفتاوى 6/524، 525.

([171]) درء تعارض العقل والنقل 3/321-324.

الرد على المنطقيين ص 80.

([172]) ليس المقصود بالذاتية ما يلزم الذات، إذ الجميع لازم الذات.

([173]) درء تعارض العقل والنقل 4/23 ((بتصرف)).

([174])مجموع الفتاوى 6/244 ((بتصرف)).

([175]) مجموع الفتاوى 6/217.

([176])مجموع الفتاوى 6/219.

([177])مجموع الفتاوى 6/244.

([178]) الصفات الإلهية في الكتاب والسنة في ضوء الإثبات والتنزيه ص207.

([179]) مجموع الفتاوى 6/71، 72.

([180]) الصفات الإلهية ص 207.

([181]) انظر كتاب: علاقة صفات الله تعالى بالذات لراجح الكردي ص 119-120 ط دار العدوي عمان الأردن.

([182]) انظر: نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني ص 182.

([183]) الجانب الإلهي لمحمد البهي 2/548

([184]) علاقة صفات الله تعالى بذاته ص 121

([185]) التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية 1/44. أي هي عبارة عن ماهيتين تَعَقُّل كل واحدة لا يتم إلا مع تعقل الأخرى، كالأبوة والبنوة ونحو ذلك، ومن خواص الإضافة أنه إذا عرف أحد المضافين عرف الآخر أيضاَ.

انظر: المبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين ص 112، الفتاوى 17/148-150، المواقف في علم الكلام ص  179-180، المعجم الفلسفي ص 15.

([186]) انظر: نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني ص 181.

([187]) علاقة صفات الله تعالى بذاته ص120

([188]) علاقة صفات الله تعالى بذاته ص 121-122، وانظر: نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني ص 182.

([189]) استدل الفلاسفة باسمه تعالى (الأحد)، واسمه (الصمد) على نفي الصفات عنه جل وعلا، واستدلالهم هذا باطل، وهو يدل على نقيض قولهم، فإن اسم (الصمد) يدل على استحقاق الله تعالى لجميع صفات الكمال، واسم (الأحد) يدل على نفي المشاركة والمماثلة، انظر مجموع الفتاوى 17/107، 10/54، شرح حديث النزول ص 74، منهاج السنة 2/186-187، 529-530.

([190]) نهاية الإقدام في علم الكلام ص 181

([191]) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات  (ص5).

([192]) تحفة المريد (ص77).

([193]) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات (ص10).

([194]) يرى بعضهم أنها ليست منحصرة في هذه الخمسة، إلا أن ما عداها راجع إليها ولو بالإلتزام، أو أن هذه مهماتها. انظر تحفة المريد (ص54).

([195]) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات (ص8).

([196]) تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد (ص54).

([197]) المصدر السابق (ص91).

([198]) تحفة المريد (ص91)

([199]) درء تعارض العقل والنقل (5/249).

([200]) أضواء البيان 2/306.