يهدف هذا الكتاب إلى تقديم تعاليم الإسلام في صورتها الأصيلة النقية، فلا نقدم من خلاله نسخة محددة أو تفسيرًا خاصًا بالإسلام بل نقدم مزاياه كما هي دون تجميل مصطنع، فالإسلام له وجه ومثال واحد يحيا به الإنسان وهو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).[1] يقدم هذا الكتاب نظرة أولية لمبادئ الإسلام الأساسية كما جاء في القرآن، وبينه رسوله (صلى الله عليه وسلم) إلى جانب الإجابة على بعض الأسئلة الشائعة حول الإسلام.
فعلى الرغم من أن أكثر من خُمس سكان العالم مسلمون إلا أنه دين غالبًا ما يُساء فهمه، ويتم تقديمه بشكل خاطئ إلى المجتمعات الغربية المعاصرة. نأمل أن يساعد هذا الكتاب في تسليط الضوء على الإسلام وتوضيحه كما هو في صورته التي أنزلت على رسوله (صلى الله عليه وسلم) وتفنيد أية مفاهيم شائعة خاطئة بشأنه والتي تزيد من شعور التحيز والكراهية بين الناس. نتمنى أيضًا أن ينضم إلينا معتنقو جميع الأديان من أجل الوصول إلى عالم يسوده التسامح واللطف والتفاهم والسلام.
تعني كلمة الإسلام في اللغة العربية "الاستسلام" و"الطاعة"، فالإسلام يعني الاستسلام الكامل والصادق لله - تعالى - حتى يحيا المرء في سلام وطمأنينة. يتحقق السلام (سلام باللغة العربية، شالوم باللغة العبرية) من خلال الاستسلام الحقيقي لوحي الله العدل السلام.[2]
فكلمة الإسلام[3] عالمية المعنى، وعليه فلا ينسب الإسلام إلى قبيلة، أو إلى فرد من الناس كما هو الحال في اليهودية التي سميت نسبة إلى قبيلة يهوذا، والمسيحية نسبة إلى المسيح، والبوذية نسبة لبوذا، فتسميته بهذا الاسم من الله - تعالى - وليس من البشر.
والإسلام عقيدة عالمية ليست مقصورة على بلاد الشرق أو الغرب، فهو أسلوب كامل للحياة في طاعة تامة لله تعالى، فمن استسلم طوعًا[4] لله سمي مسلمًا، وبهذا المعنى لم يكن محمد (صلى الله عليه وسلم) أول المسلمين بل كان آدم (عليه السلام) أول من قدمه للبشرية، ثم بعد ذلك جاء كل نبي ورسول في زمانه ليحث الناس، ويبين لهم مراد الله بيانًا واضحًا حتى اصطفى الله خاتم الأنبياء محمدًا (صلى الله عليه وسلم) ليأتي بالعهد الأخير وهو القرآن الكريم.
وكلمة الله كلمة عربية تعني "الإله الحق الفرد"، وهو اسم علم لله خالق السماوات والأرض، وكذلك يسميه اليهود والمسيحيون ممن ينطقون اللغة العربية. أما المسلمون فتعني عندهم أعظم أسماءه - تعالى - وأشملها لأنه يدل على المألوه المستحق للعبادة خالق جميع المخلوقات.
يعتبر مفهوم التوحيد (كما يطلق عليه في اللغة العربية) أهم مفهوم في الإسلام حيث يشير إلى أولى الوصايا العشر - توحيد الله - والذي يقوم عليه دين الإسلام حيث يدعو البشرية جمعاء إلى عبادة الله الواحد الحق دون ما سواه من سائر المخلوقات، فلا قيمة ولا معنى لأي نوع من العبادات إذا تم المساس بمفهوم التوحيد بأي شكل من الأشكال.
ونظرًا لتلك الأهمية، فينبغي فهم التوحيد (الربوبية والألوهية) بشكل صحيح وكامل، ولتسهيل هذا الطرح يمكن تقسيم التوحيد للأقسام الثلاثة التالية:
1. توحيد الربوبية
2. توحيد الألوهية
3. توحيد الأسماء والصفات
ولا يعد هذا التقسيم الطريقة الوحيدة لفهم التوحيد، وإنما هي طريقة لتسهيل التحليل والمناقشة بشأن ذلك. (يعد مفهوم التوحيد مفتاحًا لفهم دين الإسلام حيث ينصح بالقراءة عنه)
يقصد به إفراد الله بالخلق والسيادة المطلقة على الكون، فلا يقع شيء في الكون إلا بإذنه، وهو الرزاق مقدر آجال عباده القوي القادر المنزه عن كل عيب ونقص. لا ينازعه أحد في سلطانه أو أمره. خلقنا من نفس واحدة إلى أن صرنا إلى ما نحن عليه الآن. خلق أكثر من مائة مليار مجرة بما تحويه من إلكترون ونيوترون وكوارك، قائم على جميع خلقه ومسير لقوانين الطبيعة بشكل مثالي فلا تسقط ورقة شجر إلا بإذنه، وكل ذلك في كتاب حفيظ.
لا نحيط به علمًا، وهو القادر - سبحانه - لدرجة أنه بسهولة يقول للشيء "كن" فيكون، وهو خالق الزمان والمكان، وعالم الغيب والشهادة لكنه بائن من خلقه. تشهد معظم الأديان أنه خالق هذا الكون وحده لا شريك له، وليس جزءًا من خلقه.
ومن الشرك أن يؤمن المرء بأن أحدًا ينازع الله - تعالى - في سلطانه كالاعتقاد الخاطىء بأن العرافين أو المنجمين يمكنهم التنبؤ بالمستقبل الذي هو بيده وحده. فله - تعالى – وحده الحق في بيان ذلك لأحد من خلقه، ولا يمكن لأحد منهم بيان ذلك إلا بإذنه، فالإيمان بأن للسحر والتعويذات أي قوة أو تأثير يعد ضربًا من ضروب الشرك، وكل ذلك منكر في الإسلام.
والله وحده - الشكور - هو المستحق للعبادة، وهو جوهر الإسلام الذي نادى به جميع الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله على مر العصور، وقد أخبر - سبحانه - أن مراده من خلق البشر عبادته وحده، فلب الإسلام هو صرف الناس من عبادة المخلوقات إلى عبادة خالق المخلوقات.
وهو ما يختلف فيه الإسلام عن بقية الديانات الأخرى، فعلى الرغم من أن معظمها تؤمن بأن هناك خالق لجميع المخلوقات إلا أنها نادرًا ما تكون بعيدة عن شكل من أشكال الشرك (الوثنية) في العبادة، فإما أن تدعو هذه الأديان أتباعها إلى عبادة مخلوقات مع الإله الخالق (على الرغم من اعتقادهم أن تلك المخلوقات دونه في المنزلة)، أو يطلبون من أتباعهم اعتبار تلك المخلوقات شفعاء بينهم وبينه.
لذا دعا جميع أنبياء الله ورسله من لدن آدم إلى محمد (عليهم الصلاة والسلام) الناس إلى عبادة الله وحده دون أي وسيط، فهي عقيدة في غاية اليسر والنقاء. ويرفض الإسلام الفكرة التي يتبناها مثقفو علماء الأنثروبولوجيا بأن البشرية كانت في البداية على الشرك، ثم تطورت تدريجيًا نحو التوحيد.
لكن على العكس من ذلك يعتقد المسلمون أن البشرية قد انحدرت نحو عبادة الأصنام خلال الفترات الزمنية الفاصلة بين العديد من رسل الله، وقد قاوم العديد من الناس دعوة الرسل وهم بين أظهرهم، وعبدوا الأوثان رغم بيان الرسل وتحذيرهم، وعليه أمر الله من بعدهم من الرسل بإعادة الناس إلى التوحيد مرة أخرى.
خلق الله البشر حنفاء وفطرهم على عبادته وحده لكن الشيطان في المقابل يبذل قصارى جهده لإبعادهم عن التوحيد وحثهم على عبادة الأوثان حيث يميل معظم الناس إلى عبادة شيء يرونه، أو شيء يمكنهم تخيله، وذلك على الرغم من معرفة غريزية كامنة فيهم بأن خالق الكون أعظم بكثير مما يتصورون. لذا فقد أرسل الله - تعالى - رسله تترا عبر تاريخ البشرية لدعوة الناس إلى عبادة الإله الواحد الحق لكن إغواء الشيطان لهم جعلهم ينحرفون مرارًا وتكرارًا لعبادة المخلوقات (الأوثان).
خلق الله البشر ليعبدوه وحده لذا فإن أكبر ذنب في الإسلام هو عبادة أحد معه - تعالى - حتى لو قصد المتعبد القرب من الله بعبادة غيره معه، لأن الله - الغني - لا يحتاج إلى وسيط أو شفيع، فهو سميع لدعائنا عالم بأحوالنا.
لكنه في الوقت ذاته لا يحتاج لعبادتنا لكنها وسيلة لإرضائه سبحانه فهو الغني عن عباده، وهم فقراء إليه، فلو اجتمع أهل الأرض جميعًا لعبادته، فلن ينفعه ذلك بشيء، ولن يضيف ذلك ذرة إلى ملكه العظيم، وبالمقابل لو أجمع أهل الأرض جميعًا على ترك عبادته، فلن ينقص ذلك من ملكه من شيء، فهو سبحانه - الصمد - الذي لا يحتاج إلى أحد، وعبادتنا له تزكية لأرواحنا، وبها نحقق ذلك الغرض النبيل الذي خُلقنا من أجله.
والعبادة في الإسلام ليست مجرد ممارسات دينية تقليدية، وإنما مفهوم العبادة يشمل جميع أوجه الحياة، فتغيير حفاضات أطفالنا، وبرنا بآبائنا، والتقاط قطعة الزجاج المكسور من رصيف المارة يمكن جميعها أن تكون شكلا من أشكال العبادة إذا كانت النية من وراءها إرضاء الله تعالى. ولو أصبح أي نوع من المكسب سواءًا أكان ثروة، أو وظيفة، أو جاهًا، أو مدحًا أكثر أهمية من إرضاء الله كان ذلك شكلا من أشكال الشرك.
وتوحيد الله بأسمائه وصفاته يعني أنه لا يشبه أحدًا من خلقه ولا يشبهه أحد من خلقه في صفاته، فليس كمثله شيء بأي حال، ولا يمكن تقييد أوصافه بشي لأنه خالق كل شيء. يقول الله تعالى: "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" (سورة البقرة: 255)
لذا فقد نهى الإسلام عن تشبيه الله بخلقه، بل نصفه فقط بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه به نبيه (صلى الله عليه وسلم) في سنته، وهناك العديد من صفات الله - تعالى - لها مثيل عند البشر إلا أن هذا يُعد من باب التكافؤ اللغوي فقط، فصفاته - تعالى - مثل ذاته تختلف عن أي شيء في تصورنا، فعلى سبيل المثال نصف الله بالعلم وكذلك البشر بالعلم لكن علم الله يختلف بالكلية عن علم البشر، فهو سبحانه العليم علمه محيط بكل شيء دون أن يتأثر بالزيادة أو النقصان وليس بمحدود أو مكتسب، أما علم البشر فمكتسب ومحدود، ويزيد وينقص باستمرار، ويخضع للسهو والنسيان.
والله - الجبار- له مشيئة ربانية، والبشر كذلك لديهم مشيئة لكن مشيئته – سبحانه - نافذة على الدوام، وهي كعلمه محيطة بكل شيء في الماضي والحاضر والمستقبل لكن مشيئة البشر مجرد نية ورغبة لا تنفذ إلا أن يشاء الله لها أن تنفذ.
ولا يوصف بشيء من صفات خلقه لأن صفاتهم محدودة، فلا يوصف بالنوع، ولا ينسب إليه الضعف أو النقص، فهو سبحانه منزه عن صفات الجنس البشري والخلق جميعًا، ورغم ذلك نستخدم الضمير الغائب المذكر في الإشارة إليه تماشيًا مع العرف اللغوي، وخلو اللغة الإنجليزية واللغات السامية من ضمير محايد، ويشار إليه في القرآن أيضًا بضمير المتكلم "نحن" إجلالا وتوقيرًا ولا يعني بأي حال من الأحوال تعدد الذات الإلهية حيث يعد وصف الله بصفات المخلوقين شكلا من أشكال الشرك به سبحانه، وكذلك وصف المخلوقين بصفاته تعالى، فوصف غيره - على سبيل المثال - بأنه الحكيم أو القوي يعد شركًا به سبحانه. يقول تعالى: "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" (سورة الرحمن: 78)
وهي عدة أمور يجب أن يوقن بها المسلم حتى يصير مسلمًا، وهي:
1) الإيمان بالله
2) الإيمان بالملائكة
3) الإيمان بالكتب
4) الإيمان بالأنبياء والرسل
5) الإيمان باليوم الآخر
6) الإيمان بالقدر
الله واحد لا شريك له محيط بجميع الكائنات لم يكن له كفوًا أحد، وهو الرحمن المستحق أن يُعبد.
وهم خلق من خلق الله تعالى خلقهم من نور، وأمدهم بقوة خارقة فيفعلون ما يؤمرون، وقد أوجب - سبحانه - الإيمان بهم، وبين لنا أسماء وواجبات بعضهم مثل جبريل وميكائيل كما في القرآن الكريم، فجبريل - مثلا - مختص بحمل وحي الله إلى أنبياءه ورسله.
يؤمن المسلمون بجميع الكتب المقدسة في صورتها التي نزلت بها على رسل الله تعالى، ومنها ما جاء ذكره في القرآن الكريم كما يلي:
1. أنزل الله الصحف على إبراهيم (عليه السلام)
2. أنزل الله التوراة على موسى (عليه السلام)
3. أنزل الله الزبور على داود (عليه السلام)
4 . أنزل الله الإنجيل على عيسى (عليه السلام)[5]
5. أنزل الله القرآن على محمد (عليه الصلاة والسلام)
ولا ينظر المسلمون إلى النصوص المقدسة التي نزلت قبل القرآن - والتي يتم تداولها حاليًا في طبعات ونسخ مختلفة - على أنها تمثيل دقيق لصورتها الأصلية التي نزلت بها، فقد أكد القرآن تعرض تلك الكتب إلى التحريف من جانب أهلها من أجل تحقيق مكاسبهم الدنيوية، واتخذ هذا التحريف أكثر من طريقة مثل الإضافة أو الحذف أو التبديل في المعنى أو اللغة، وبمرور الوقت تم تبني هذا النهج من التحريف حتى تبقى لدينا مزيج من النص الأصلي مع ما اعتراه من تفسير أو تحريف بشري، وعلى الرغم من إيمان المسلمين بجميع الكتب التي نزلت في صورتها الأصلية إلا أن ملاذهم الأخير في الحكم على الأمور المختلفة ومعرفة مواطن الهدى فيها إنما يكون من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
والأنبياء بشر تلقو وحي الله وبلغوه إلى أقوامهم. أرسلهم الله لإعادة الناس إلى التوحيد، وليكونوا أسوة تعيش بين أقوامهم تعلمهم الاستسلام لأمر لله وتوجههم نحو طريق النجاة، فهم بشر ليس لهم من صفات الله الإله شيء لذا يحرم على المسلم أن يعبد أحدًا منهم، أو يتخذه وسيطًا بينه وبين الله في عبادته، ولا يَدْعهم ولا يسأل الله رحمته منهم، أو من خلالهم، وعليه يعد إطلاق مصطلح "المحمدون" على المسلمين إهانة لا ينبغي الاعتماد عليه أبدًا، فقد بين كل نبي ورسول أن مثل هذه الأفعال هي من قبيل الشرك، وأن من يقع فيها فقد خرج من دائرة الإسلام.
ويجب على المسلمين الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله الذين أرسلهم على مر العصور للناس كافة في جميع أنحاء العالم، وقد ذكر الله بعضهم في القرآن مثل: آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، ومحمد (عليهم الصلاة والسلام).[6]
وقد دعا جميع الأنبياء والرسل إلى تعاليم الإسلام، وعليه فكل من دان بالتوحيد على مر التاريخ، وخضع لإرادة الله - تعالى - واتبع وحي الأنبياء في عصره كان مسلمًا. وعليه فلا يحق للمرء الانتساب إلى الإرث الإبراهيمي بالنسب وحده، ولكن من خلال تمسكه بعقيدة إبراهيم (عليه السلام) من توحيد واستسلام لله تعالى، فمن اتبع موسى (عليه السلام) كان مسلمًا، وبالمثل حينما أتى عيسى (عليه السلام) نبي بآيات بينات وجب على قومه الإيمان به دون شرط إن أرادوا اعتبارهم مسلمين.
وكل من أنكر نبوة عيسى (عليه السلام) كافر بالإسلام[7]، وأيضًا إنكار نبوة أي نبي أو كراهيته أمر مناقض للإسلام حيث يجب على المسلمين محبة واحترام جميع أنبياء الله الذين دعوا البشرية إلى عبادة الخالق وحده لا شريك له، وأسلموا جميعًا لله - تعالى - وهو بهذا المعنى دين الإسلام.
فالأنبياء من لدن آدم إلى محمد (عليهم الصلاة والسلام) إخوة في الدين يدعون جميعًا إلى ذات الرسالة الصادقة، وإن اختلفت شرائعهم من أجل هداية أقوامهم في زمانهم إلا أن جوهر دعوتهم واحد وهو عبادة الله الخالق وحده، ونبذ ما سواه.
وقد حاز محمد (صلى الله عليه وسلم) شرف كونه خاتم الأنبياء والمرسلين.[8] وسبب ذلك في المقام الأول أن الله قد أكمل شرعه، ووحيه للبشرية في كتابه القرآن، وضمن حفظه إلى يوم القيامة، والسبب الثاني أن نبيه محمدًا (صلى الله عليه وسلم) قد قدم نموذجًا يحتذى به طيلة ثلاث عشرة سنة من نبوته، ووضح تعاليم الإسلام لجميع الأجيال من بعده، لذا فهو خاتم الأنبياء حيث أكد سبحانه في القرآن أنه لا نبي بعده أو رسول مما يعني أن شريعته التي أوحاها الله إليه للبشرية جمعاء حتى يوم القيامة، فينبغي - حتى يصح إسلامك - أن تؤمن بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وشريعته التي جاء بها بل وبجميع أنبياء الله من قبله الذين استسلموا جميعًا لأمر الله تعالى. وعلى الرغم من إيمان المسلمين بجميع الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) إلا إنهم يتبعون الشريعة التي جاء بها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي وصفه ربه بقوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (سورة الأنبياء: 107)
ويجب على المسلم اليقين باليوم الآخر، وبعث العباد، وإعادة أرواحهم لأجسادهم بقدرة الله تعالى. فكما خلقنا – سبحانه - أول مرة يبعثنا للوقوف للحساب بين يديه، فلا موت بعد هذا اليوم، وإنما الخلود أبدًا. وفي هذا اليوم يُسأل كل امرىء عن ما قدمه في دنياه، ويرى في هذا الموقف المهيب عواقب أفعاله تفصيليًا، وإن كانت مثل مثقال الذر من الخير أو الشر. فلا كذب ولا خداع في هذا اليوم، وإنما جزاء الطائعين الجنة والعاصين النار، وهما حقيقيتان، وليستا كناية أو رموزًا لشيء.
فقد وصف الله - الشكور - جنته بأنها مكان للبهجة والمتعة، مكان مليء بالحدائق البهية التي لا تزول بل تجري من تحتها الأنهار، فلا يشعر ساكنها بحر ولا برد ولا داء ولا تعب ولا شر. فالله - المؤمن - يزيل المرض من قلوب وأجساد أصحابها، وينال المرء كل يتمناه، ويقال لمن دخلها: "تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون". وأعظم النعم فيها رؤية المؤمنين لوجه الله تعالى. وقد ثبت أن كون المرء مسلم في حد ذاته لا يضمن له دخول الجنة إلا إذا مات على الإسلام والخضوع لله الواحد.
وقد وصف الله النار بأنها مكان مروع لا يخطر على قلب بشر وقودها الناس والحجارة، ملائكتها غلاظ شداد يضعون أهلها فيها، ويقولون: "ثمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ" (سورة المطففين: 17)
ونؤمن بأن الله – تعالى - هو الرحمن الرحيم لكنه مع ذلك شديد العقاب لمن يستحقه، ويوصف سبحانه بالعدل المطلق والكمال المطلق، ففي يوم القيامة يحاسب كل إمرىء على عمله بعدله - سبحانه - ويدخل المرء جنته برحمته سبحانه لا بعمله فقط.
والله أزلي أبدي يحيط علمه بجميع خلقه، ويعني هذا لنا - كمخلوقات زائلة - أنه سبحانه محيط يعلم ما كان وما يكون وما سيكون، وهو القاهر فوق عباده، وكل شيء في الكون بمشيئته، فلا يحدث شيء في خلقه إلا تحت قدرته وإرادته وعلمه.
وتعد قضية حرية الإنسان في الاختيار بين الخير والشر واحدة من أهم القضايا التي تناولها الإسلام. فقد كرم الله - الوهاب - البشرية بهذه المنحة العظيمة، ويا لها من مسؤولية جسيمة يوم القيامة أن يحاسب المرء عن استغلاله لهذه المنحة.
ولا تتعارض تلك الحرية - بأي حال من الأحوال - مع حقيقة أن الله - الشهيد - يعرف ما سيكون في خلقه. ولعل سائل يقول: "إذا كان قد سبق في علم الله اقترافي الإثم غدًا، فلا مفر من حدوثه لأن علمه لا يتطرق إليه الخطأ، فما علمه واقع لا محالة". والحقيقة أن علم الله السابق لقرار هذا الشخص لا يعني إجباره على اتخاذ مثل هذا القرار.
فلا تعارض - بأي حال من الأحوال - بين حرية المرء وبين سيادة الله المطلقة على كل شيء في خلقه. كما أنه لا تعارض بين تلك الحرية، وبين حقيقة أن لا شيء يحدث في خلق الله إلا إذا شاءه. وربما يرد البعض بقولهم: "لذا فليس لي حرية الاختيار، وما ذلك إلا وهم". ويرد عليه بأن الصحيح هو العكس تمامًا، فقد خلق الله بداخل كل منا قدرته على تكوين رغباته ونواياه، ويريدنا – سبحانه - قادرين على اتخاذ قراراتنا بمحض إرادتنا، وحينها يخلق الله ما يناسب ذلك من ظروف وإجراءات تسمح بتحقيق نية هذا الشخص، فقد شاء الله - تعالى - أن يكون للبشرية حرية الاختيار رغم أنه لا يرضيه دومًا ما يتخذه البشر من قرارات، لكنه يريدهم قادرين على اتخاذها بإرادة حرة.
ومثال ذلك إرادة المرء عمل الصالحات، فقد ينوي المرء العمل الصالح ولا يفعله إلا أنه – سبحانه - يجزيه على نيته الصالحة، فإذا قام بها، فقد شاء – سبحانه - وقوعه وجزاه على نيته وعمله. أو بعبارة أخرى فإن الله - الحكم – يجزيه على نيته العمل الصالح، وإن لم يفعله، لكنه - مع ذلك - لا يعاقبه على نيته العمل الفاسد إلا إذا اقترفه.
ومن هنا تتأكد أهمية أن اعتناق دين الإسلام لابد أن يتأتى من إرادة واختيار حر، فالغرض من الجنس البشري هو عبادته - سبحانه - بمحض إرادتهم. فلا قيمة ولا قبول لإيمان المرء إلا إذا كان نابعًا من إرادة حرة لا من إكراه وإجبار كما يقول الله اللطيف: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (سورة البقرة: 256)
ويجب على المرء القيام بها، لأن تركها وإهمالها ذنب عظيم حيث يقوم الإسلام عليها، ولا يمكن اعتبار المرء مسلمًا إذا أنكر وجوب واحدة منها، وهي كما يلي:
1) الشهادتان: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
2) إقام الصلاة
3) إيتاء الزكاة
4) صوم رمضان
5) حج البيت
يجب على من أراد اعتناق دين الإسلام أن يشهد ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فبهذه الشهادة الهامة البسيطة يصير المرء مسلمًا، فليس في الإسلام ما يسمى بطقوس أو شعائر التلقين.
ويمكن بيان معاني تلك الشهادة من خلال تحليل كل جزء من أجزاءها الثلاثة: فالجزء الأول "لا معبود بحق..." هو نفي لتعدد الآلهة،[9] ونفي لوجود أي معبود بحق إلا الله تعالى، أو أي كيان يشاركه في صفات ربوبيته. والجزء الثاني "... إلا الله" هو تأكيد وإثبات للتوحيد، فلا معبود بحق إلا الله.
أما الجزء الثالث من شهادة التوحيد "محمد رسول الله" فهو إثبات لنبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) وأنه خاتم الأنبياء[10]، ويستلزم ذلك قبول تام لما جاء به من قرآن وحديث صحيح.
فبنطق المرء لشهادة التوحيد يثبت التوحيد لله - تعالى - ويتبرأ من جميع الآلهة الباطلة، فلا شريك ولا ند له سبحانه، وقد وعد الله - الغفور - بمغفرة جميع ذنوب من نطق بصدق وقال "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله" لدرجة أنه قد يجزي هذا الشخص على أعماله الصالحات التي قام بها قبل إسلامه.
ويجب على كل مسلم أداء الصلاة خمس مرات في كل يوم، ويتوجه في صلاته نحو البيت الحرام بمكة، أول بيت وضع للناس لعبادة الله الواحد، ويسمى هذا البيت بالكعبة، وهي عبارة عن بناء فارغ يشبه المكعب يقع الآن فيما يعرف بالمملكة العربية السعودية، أقامه نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل (عليهما السلام) لعبادة الله وحده.
ويجب على المرء أن يعلم أنه ليس في الإسلام أية آثار أو رموز مقدسة، فنحن لا نعبد الكعبة لكننا نعبد الله ونحن متوجهين نحوها، فاستقبالها للصلاة وحدة للمسلمين في صلاتهم لله الواحد. لذا فمن عبد الكعبة أو أي شيء آخر مخلوق يُعد عابدًا للأوثان، حيث أن المواد التي يتألف منها هذا البيت ليست أكثر قداسة من أي مواد بناء أخرى.
يؤدي المسلم هذه الصلوات يوميًا لتذكيره بواجبه الدائم واستسلامه لله – تعالى - فهي صلة مباشرة بين العبد وربه، وفرصة للإنابة إليه وعبادته، وشكره، وطلب الهداية والرحمة منه سبحانه.
وللمسلم أداء الصلوات النوافل في العديد من الأحيان، ويمكن أداؤها - بمعناها العام وهو الدعاء - في أي وقت أو مكان.
وهي فرض على كل مسلم بلغت أمواله حدًا معينًا بحيث يعطي جزءًا منه للمحتاجين كل عام، ويسمى ذلك في اللغة العربية بالزكاة، وتعني "التطهر" حيث كل شيء ملك لله - الرحمن - والمال أمانة عندنا. يؤدي الأغنياء الزكاة تطهيرًا لنفوسهم وأموالهم الحلال التي أنعم الله بها عليهم، وتقليلا لما ينتابهم من بخل وجشع، وتقوية لجانب الرحمة والكرم بين البشر، وهي كذلك وسيلة لتوزيع الثروة بشكل مباشر لمساعدة الفقراء والمحتاجين بالمجتمع. نسبة هذه الصدقات اثنان ونصف بالمائة من ثروة المرء التي ظلت معه عامًا كاملا، وتشمل مدخراته فقط ولا علاقة لها بدخله.
ويجب على المسلم القادر الصيام في رمضان، وهو شهر له منزلة رفيعة حيث بدأ فيه نزول القرآن على النبي محمد (صلى الله عليه سلم).
ونظرًا لأن السنة القمرية تقل عن مثيلتها الشمسية بأحد عشر يومًا، فإن شهر رمضان يمر بالتدريج عبر جميع فصول السنة. يبدأ الصيام من طلوع الفجر وينتهي عند غروب الشمس بالتوقيت المحلي، ويجب على الصائم أن يمتنع طيلة نهار رمضان عن الأكل والشرب وجماع زوجته،[11] لكن له ذلك من غروب الشمس حتى فجر اليوم التالي.
تعلمنا هذه الشعيرة ضبط النفس والصبر، وتشبه الصلاة في أن كليهما وسيلة لعبادة المرء ربه بصدق، وكذلك الزكاة في هدفها حيث يطهر الصيام روح صاحبه وتطهر الزكاة أمواله.
وللمسلمين عيدان: الفطر حيث يحتفلون بنهاية شهر رمضان، والأضحى حيث يحتفلون بنهاية الحج.
يذكرنا الصيام بأحوال المحتاجين ويلهمنا شكر ربنا على أبسط نعمه التي نراها كالمسلمات مثل شرب كوب من الماء النقي أو تناول طعام عند اشتهائه.
يجب على كل مسلم قادر الحج إلى بيت الله الحرام بمكة مرة واحدة في عمره، حيث تقام شعائره مرة واحدة سنويًا ويزوره ملايين البشر من جميع أنحاء العالم تعبدًا وإرضائًا لله وحده.
وأول من أدى هذه الفريضة نبي الله إبراهيم (عليه السلام) وأعادها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كما كانت. تشجع تلك الشعيرة المسلمين على كسر حواجزهم العرقية والاقتصادية والاجتماعية التي لا تزال تعصف بمجتمعاتهم، كما تدعوهم إلى التحلي بالصبر، وضبط النفس، وتقوى الله – تعالى - حيث يرتدي الحجيج ثيابًا بسيطة تمحي تلك الفروق الطبقية والثقافية التي بينهم.
تحيي كل واحدة من هذه العبادات المذكورة ذكر الله في نفوسنا، وتذكرنا جميعًا بأننا لله وأننا إليه راجعون.
وهو كلام الله المعصوم من الخطأ، وآخر وحيه الذي أنزله جبريل (عليه السلام)[12] على قلب نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم). حفظه وتعلمه أصحابه (رضي الله عنهم أجمعين)، ونُقِل إلينا سماعًا وحفظًا (وسيلة أساسية) وكتابة (وسيلة ثانوية) على مر القرون والأزمان.
وقد أنزل الله على أنبياءه ورسله (عليهم السلام) بعض الكتب قبل القرآن، لكنه بنزول القرآن بين رسالته وأعاد توضيحها، وهو كتاب معجز من نواحٍ عدة حفظه الله - تعالى - بتمامه من الفساد والضياع حتى آخر الزمان.
وينظر إلى القرآن - ليس من جانب المسلمين فحسب، ولكن من جانب مؤرخي الأديان أيضًا - باعتباره أكثر النصوص الدينية أصالة بين أديان العالم،[13] فلم يصلنا أي من الكتب المقدسة الأخرى في لغتها أو شكلها الأصلي، بل إن بعضها - مثل صحف إبراهيم - لم يصل إلينا على الإطلاق، وبمرور الزمن أعيد كتابة أجزاء من الكتب المقدسة الأخرى لدرجة أنه تم إزالة بعض أجزاءها مما أدى إلى تشويه رسالتها، لكنه - تعالى - لم يسمح بتدنيس وتحريف القرآن لأنه آخر وحيه للبشرية جمعاء حتى يوم القيامة.
فلن يرسل الله نبيًا بعد نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولو لم يتكفل - سبحانه - بحفظ كتابه لما وصل إلينا في شكله الأصلي كما أنزل، ولهذا السبب لم يعهد بحفظه إلى البشر.[14]
فلم يكن حفظه - سبحانه - لكتبه السابقة أمرًا من الأهمية بمكان نظرًا لتتابع أنبياءه ورسله في تلك الأزمنة، ولم تكن تلك الكتب مشتملة على تشريعه في شكله النهائي، فقد جاء عيسى (عليه السلام) - على سبيل المثال - بوحي الله مشتملا على إباحة بعض الأمور التي لم تكن كذلك من قبل لكن دون أدنى تغيير لمفهوم التوحيد وجوهره الأساسي.
والقرآن معجز في ذاته وتلك إحدى ميزاته الفريدة، فالمعجزة هي ظاهرة تتعارض مع الترتيب الطبيعي لسير الأشياء، وتدل بوضوح على التدخل المباشر من الله تعالى.
فلقد أتى جميع الأنبياء والمرسلين بمعجزات من الله - تعالى - أظهرت بوضوح صدق نبوتهم، فنجا إبراهيم (عليه السلام) من النار، ولم تمسه بأذى بعد أن ألقي فيها، وضرب موسى (عليه السلام) البحر بعصاه، فانفلق له برحمته سبحانه، ومسح عيسى (عليه السلام) أصحاب الأمراض المزمنة فبرؤا، والموتى فأعادهم إلى الحياة بإذن الله، فقد أيدت كل تلك المعجزات صحة نبوة هؤلاء الأنبياء والرسل، لكنه لم ير تلك المعجزات إلا أقوامهم في هذه الأزمان.
وذلك بخلاف نبوته (صلى الله عليه وسلم)، والتي قد ثبتت بما يشبه تلك المعجزات لكن يبقى القرآن الكريم أهم تلك المعجزات على الإطلاق، فقد تحدى الله - تعالى - كل من يشكك في صحة القرآن بأن يأتي بسورة واحدة من مثله (وتجدر الإشارة إلى أن أصغر سورة في القرآن تتألف من ثلاث آيات قصيرة فقط)، ولم يقابل أحد هذا التحدي رغم وجود العديد عبر التاريخ ممن كانوا يرغبون في تشويهه والتخلص من الإسلام، ولا يزال هذا التحدي قائمًا حتى يوم القيامة.
ومن معجزات القرآن أنه بلغت فصاحته ذروة التميز الأدبي، فهو النثر العربي الأكثر فصاحة مطلقًا، فلا يبارى أسلوبه ولا يضاهى حيث لا مثيل له اللغة العربية، وهو متاح لجميع الناس بلغته العربية الأصلية التي لا يزال يتحدث بها ملايين الناس في جميع أنحاء العالم، فقد فُقدت النصوص الأصلية للعديد من الكتب المقدسة الأخرى بمرور الوقت، وكانت مكتوبة بلغات لم تعد شائعة ومستخدمة في عصرنا الحالي.
وليس في القرآن كلمة واحدة من كلام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وإنما كله كلام الله تعالى، فقد كان محمد (صلى الله عليه وسلم) أميًا لا يقرأ ولا يكتب، لكنه قرأ القرآن كما نقله جبريل (عليه السلام) إليه، وحفظه أصحابه منه مباشرة في صدورهم، وكتبوه في صحفهم.
والقرآن كلام الله على الحقيقة، وكلمته الوحيدة التي بين أيدينا اليوم، فلا نسخ ولا إصدارات أخرى له لكنه على الرغم من إصدار العديد من ترجمات لمعانيه، إلا أنها ليست رائعة وجميلة مثل أصله العربي البسيط، وفيما يلي نموذج منه وهي سورة الإخلاص (رقم 112):
بسم الله الرحمن الرحيم
" قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوًا أحد".
وُلِد محمد (صلى الله عليه وسلم) في عام 570 من الميلاد من نسب شريف يصل إلى نبيين كريمين: إبراهيم (عليه السلام)، وولده البكر إسماعيل (عليه السلام)، وقد نشأ معروفًا بلقب "الصادق الأمين"، واختاره الله في سن الأربعين ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين.
وسنته هي أقواله وأفعاله وتقريراته، وتسمى سنته المروية عنه بالحديث، والتي دونت في كتب مشهورة، وهي كالقرآن وحي من الله - تعالى - إلى رسوله (صلى الله عليه وسلم)، لكنها ليست كلام على الحقيقة كالقرآن، فوحي السنة من الله والتعبير اللفظي من رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وقد اتبعت الأمة مسلكًا دقيقًا في حفظها وتدوينها.
وسنته (صلى الله عليه وسلم) واجبة الاتباع حيث أمر الله - تعالى - المؤمنين في القرآن بطاعته (صلى الله عليه وسلم)، فقال: "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ" (سورة النساء: 59).
فالغاية من الحياة طاعة الله - عز وجل - ويتحقق ذلك باتباع سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) كما قال تعالى: "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (سورة الأحزاب: 21).
وقد بين النبي (صلى الله عليه وسلم) للمسلمين صفة العبادات، وكان دائمًا ما يحيى أصحابه حين لقاءه بهم وانصرافه عنهم مع دعوات بالسلام، وهو أمر مستحب لجميع المسلمين، وتوفي عن 63 عامًا (عام 632 م)، ودفن في بيته بالمدينة المنورة (يثرب)، وفي غضون قرن من الزمان انتشر الإسلام، وامتد إلى ثلاث قارات: من الصين في آسيا، حتى إفريقيا، ثم إلى إسبانيا في أوروبا.
وقد حذر الله المسلمين من أن ينقسموا شيعًا وأحزابًا حيث يُعد الانقسام والابتداع في أمور العبادة انحرافًا من وجهة نظر الإسلام. لذا فقد استنكر الشرع تلك الانحرافات الخطيرة في الأزمنة السابقة بشأن التوحيد مثل عبادة المخلوقين (لكنه من الناحية الأخرى يحثنا على الابتكار في العلم والتكنولوجيا لتحسين حياة البشرية).
وقد أخبرنا الله - الرحمن - على لسان رسوله (صلى الله عليه وسلم) قبيل وفاته أنه قد أتم دين الإسلام، فأي تبديل في أمور العبادة محرم تمامًا في دين الإسلام. فلا يمكن للتدخل البشري - الذي يخضع دائمًا لتأثير الشيطان - أن يضيف شيئًا إيجابيًا بل سيساهم في تدهور الدين التام الكامل الذي أقامه الله تعالى، فكل بدعة في الدين ضلالة وكل ضلالة في النار، ولا ينبغي للمسلمين أن يسمحوا بهذا الانحراف (سواءًا أكان إضافة، أم حذفًا)،[15] حتى ولو كان قيد أنملة في أمور الشرع، ولو سمح المسلمون بإحداث أية تغييرات، فإن تلك الانحرافات ستتضاعف بأيدي الأجيال القادمة، وتكون النتيجة دينًا آخر من صنع البشر، وليس الإسلام الذي أتمه الله تعالى، فإقامة الدين من خلال منهجية عربة التسوق أو التقليد الأعمى لقيادة دينية أمر مرفوض تمامًا في دين الإسلام.
ويحرم تغيير شيء من شرع الله، ومن يحاول ذلك، فقد أنزل نفسه منزلة الله - تعالى - مرتكبًا لأحد أنواع الشرك، ولذلك استنكر الشرع تغيير تلك القيادات الدينية لتعاليم الإسلام.
(ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن رمز الهلال لا يمثل دين الإسلام، حيث لم يستخدمه أو يذكره النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قط، فلقد كان رمزًا وثنيًا وابتكارًا أحدثته الأجيال اللاحقة كرمز سياسي، وتم تبنيه بطريق الخطأ - للأسف - بشكل شائع باعتباره رمزًا إسلاميًا).
وقد بين الله - تعالى - قصة آدم وحواء في القرآن، وعلى الرغم من أنها تتشابه في كثير من تفاصيلها مع ما تبقى من كتب مقدسة، إلا أنها تخالفه في بعض تفاصيلها الهامة.
فقد بين سبحانه لملائكته أنه سيخلق خلقًا جديدًا في الأرض، فخلق آدم (عليه السلام) من الطين، ونفخ فيه من روحه، وعلمه الأسماء كلها، وخلق من روحه زوجته حواء، وسمح لهما بالبقاء في الجنة، وأمر ملائكته بقوله: "اسجدوا لآدم" (وهو سجود احترام لا سجود عبادة)، وكان إبليس حاضرًا بينهم، وليس واحدًا منهم بل كان من الجن،[16] وهي مخلوقات مخيرة خلقهم الله - تعالى - قبل آدم من مارج من نار.
وعندما أمر الله ملائكته، ومن معهم من مخلوقات أخرى بالسجود لآدم (عليه السلام)، امتثلوا جميعًا عدا إبليس الذي أبى كبرًا السجود له مدعيًا أنه أفضل منه لأنه خُلق من نار بينما خُلق آدم (عليه السلام) من طين، فكان حقًا أول من نادى بالعنصرية في الكون.
فطُرد إبليس من رحمة الله تعالى، وأنكر عليه - الحسيب - عصيانه لكنه – الملعون - سأله أن ينظره إلى يوم القيامة حتى يدنس آدم (عليه السلام) وذريته، فقال: "وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ"، فمنحه الله هذه المهلة اختبارًا للبشر، وهو - سبحانه - يعلم ما لا يعلمه إبليس فهو خلق من خلقه كسائر مخلوقاته لا قبل له بحربه تعالى، وأفعاله خاضعة لمشئية الله - تعالى - لا تنفك عنها، فلو شاء الله لأزال الشيطان وأعوانه من الحياة، ولما استطاعوا البقاء ولو للحظة.
وليس للشيطان في دين الإسلام أي صفة ربانية، بل يدحض الإسلام فكرة أنه كان ثمت حرب دائرة بين الله والشيطان، وانتهت باستيلاء الشيطان على ثلث جنود السماء. فالشيطان عدو ظاهر للبشرية لكنه - مع ذلك - مجرد مخلوق يعتمد بالكلية في وجوده على الله تعالى، وإنه رغم كبره وسقوطه من رحمة الله يسعى لغايته وهدفه.
وقد منح الله البشر حرية الاختيار بين الخير والشر، وفطرهم على التعرف على خالقهم والتوجه إليه، وخلقهم مائلين للحق، وأتو إلى هذه الدنيا أنقياء مسلمين، لكن الشيطان وجنوده أثنوهم عن الخير وأمروهم بالشر ساعين إلى تضليل البشرية - عدوهم اللدود - وتوجيهها نحو الشر والوثنية بعيدًا عن التوحيد، والصلاح، وسبيل الله تعالى، لكن الله - الحكيم - دعا البشرية للخير، وحذرهم من الشر، فبمجاهدة المرء إغواء الشيطان يصل إلى أعلى درجات التشريف.
وفيما يلي ملخص لمحنة آدم وحواء في الجنة حيث تمتع كلا منهما بالحرية الكاملة والسعادة في الجنة، وسُمح لهم بالأكل من ثمارها كما شاءوا، لكن الله حرم عليهم الاقتراب من شجرة واحدة، وحذرهم من أنهم إذا فعلوا ذلك، فسيكونا من الظالمين، لكن إبليس خدعهم بقوله أن الله إنما حرمهم تلك الشجرة لأنها تجلب لهم الخلود، أو تجعلهم مثل الملائكة، فبهذا الأسلوب خدعهم الشيطان، وأكلوا من الشجرة، وبعدها شعر آدم وحواء بالخزي، لكنهم أنابوا إلى الله تائبين بإخلاص، فغفر الله لهم إنه هو الغفور الرحمن الرحيم.
ولا شك أن الإسلام يرفض مفهوم الخطيئة الأصلية، أو القول بأن البشر قد وُلدوا مذنبين بسبب خطئية آدم (عليه السلام)، فلا تزر وازرة وزر أخرى (فالله هو العدل)، فكل إمرىء مسؤول عن أفعاله حيث يُولد المرء مسلمًا سالمًا من تلك الخطيئة.
وعليه فمن المهم أن نلاحظ أن الإسلام لا يلوم حواء حيث كان لكل منهما حرية الاختيار وأكل كلاهما من الشجرة، وعصى ربه، ولذلك يرفض الإسلام فكرة وصف المرأة بالمخلوق الشرير الغاوي الذي تبعته لعنة إصر الحيض، وألم الولادة بسبب خطيئة حواء.
وبعد ذلك أنزل الله آدم وحواء من الجنة، وأسكنهم الأرض، وقد قال - سبحانه - قبل ذلك لملائكته أنه جاعل في الأرض خلق جديد، فهو المكان الذي أراد لنا - العليم المحيط - أن نسكنه منذ بدء الخليقة.
دعا نبي الله عيسى (عليه السلام) إلى وحدانية الله، ولم ينسب إلى نفسه صفة الألوهية، ولم يشأ من الناس عبادته، وُلد من غير أب، وأمه مريم البتول، وتلك إحدى معجزاته التي أيده الله بها حيث يقول في القرآن الكريم: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (آل عمران: 59)
وقد خلق الله عيسى (عليه السلام) مثل باقي المخلوقات لكن خلقه، وكذا خلق آدم وحواء أمر معجز، فقد خلق الله عيسى من غير أب، وآدم وحواء من غير أب ولا أم، وخلق سائر البشر من أب وأم، فالاعتقاد بأن عيسى (عليه السلام) ابن الله أو أن لله أبًا أو أمًا أو ابنًا أو ابنة شرك وحرام في دين الإسلام حيث ننسب صفة التكاثر لله تعالى.[17]
ومن الشرك أيضًا الاعتقاد بأن أحدًا من خلق الله يشاركه في صفاته حيث يتعارض ذلك مع رسالة التوحيد التي أرساها جميع أنبياء الله ورسله،[18] فالله تعالى أعلى من أن يتصف بصفات أحد من خلقه.
والمسيح عيسى (عليه السلام) كلمة الله - الرحمن – ورسوله إلى الناس، وقد بين - سبحانه - أن عيسى لم يمت بل رفعه الله إليه، ويؤمن المسلمون بأن عودته علامة من علامات يوم القيامة، ولن يأت حينها بصفته نبيًا أو رسولا بشرع جديد، بل يأتِ قائدًا للمؤمنين متبعًا للوحي المنزل على رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) هازمًا للمسيح الدجال سبب الشرور والبلايا في ذلك الزمان.
الذنب هو عصيان الله - تعالى - عن علم وتعمد، وعلى الرغم من أن أي عصيان لشرع الله يُعد معصية له إلا أن أعظمها الشرك به سبحانه، وحرم سبحانه عدة أمور تضر بالفرد أو المجتمع مثل: القتل، والاعتداء، والسرقة، والاحتيال، والربا (الحاشية رقم 19)، والزنا، والسحر (الحاشية رقم 16)، وتناول المسكرات، وأكل لحم الخنزير، وتعاطي المخدرات.
يرفض الإسلام عقيدة الخطيئة الأصلية، العقيدة الجائرة حيث يؤكد أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، فالله - تعالى - رحيم عدل، وكل منا محاسب مسؤول أمام البصير عن أعماله، ومع ذلك، إذا حرَّض المرء غيره على اقتراف إثم، عوقب كلاهما، فيستحق الأول العقوبة جراء عصيانه والثاني على تحريضه.
والحمد لله أنه - سبحانه - الرحمن الغفور، وأفعاله كلها تدور بين العلم المطلق والعدل المطلق، فلا يؤمن المسلمون بأن عيسى بن مريم (عليه السلام) كان عليه أن يموت تكفيرًا لخطايا البشرية، فالله هو الرحمن يغفر لمن يشاء، ويعد هذا الاعتقاد إنكارًا لقوة الله وعدله المطلق ذي الرحمة واسعة.
وعدنا الله - المجيب - بمغفرة ذنوبنا إذا أنبنا وتبنا إليه توبة صادقة، وهي طريق نجاة المرء برحمته سبحانه، فينبغي على المرء أن يجتهد في الاستقامة عليها وشروطها كما يلي:
1) الاعتراف بالذنب والندم على اقترافه
2) الانابة إلى الله وطلب مغفرته.
3) العزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى.
4) بذل ما في الوسع في إزالة الضرر إذا تعلق الذنب بحق العباد.
لكن عودة المرء إلى الذنب مرة أخرى لا تعني عدم قبول توبته السابقة، فالمطلوب هو نيته القلبية الصادقة على عدم العودة مرة أخرى فباب التوبة مفتوح دائمًا - وهي عبادة في حد ذاتها - والمرء لا يعلم ما في غده، وربه - الغفور - يفرح بإنابة ابن آدم إليه طلبًا لغفرانه، ولا يغفر الذنوب إلا هو، فمن الشرك طلب مغفرته من غيره أو من خلال غيره تعالى.
يعطي الإسلام أهمية كبيرة لعلاقة الفرد بربه، وقد بينت معالمها في القرآن والسنة حيث تحدد هذه العلاقة بدورها علاقة المسلم مع من حوله مما يؤدي إلى العدل والنظام والوئام المجتمعي. يقول تعالى في كتابه الكريم: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (سورة الحجرات: 13)، فالحكماء، وأهل الورع، والعلماء هم قادة الإسلام على الحقيقة.
وليس في الإسلام حدًا وتعريفًا للعالم، فكل من أوتي حظًا من الذكاء والتحصيل والعزيمة له أن يسعى ليصير عالمًا، فأدوات تحصيل العلم والوقت الذي ينفقه المرء في اكتسابه لا يتوافر لجل الخلق لكنه ينبغي عليهم السعي جاهدين في هذا الطريق مع اليقين بأنه - سبحانه - واهب العلم والفهم، فللعلماء دور حاسم في المجتمع حيث كرس كل واحد منهم سنوات عمره لدراسة الإسلام، لكنهم في الوقت ذاته ليس لهم الحق في مغفرة ذنوب العباد، أو مباركتهم، أو تغيير شرع ربهم حيث ينقلون تعاليم القرآن والسنة ويلهمون غيرهم بسلوكهم النبيل نحو حال أفضل.
وقد استخدم البعض كلمة clerk لوصف العالم المسلم، وهي تسمية ليست بدقيقة، فليس في الإسلام ما يسمى برجال الدين، أو الكهنوت، ولا هيئة جائت بالتعيين، أو كانت صورتها مثل التسلسل الهرمي حيث العلاقة بين العبد وربه علاقة مباشرة، فلا أحد غيره - سبحانه - له حق التشريع بالإباحة أو التحريم، وليس لأحد مباركة أحد، فكل امرىء مسؤول عن نفسه أمام ربه وخالقه.
يختار المسلمون أحدهم لإمامتهم في صلاة الجماعة ليصلي الجميع في وحدة وانسجام، ويفضل أن يكون الإمام – هكذا يسمى لأنه يقودهم في الصلاة - أكثرهم معرفة بالقرآن والإسلام. ويقيم المسلمون صلاة يوم الجمعة في جماعة، وهي صلاة ذات شأن عظيم حيث يلزم كل رجل أن يشهدها بخلاف النساء لا يلزمهن ذلك، وتسبقها خطبة قصيرة يلقيها أفضل من لديه فهم عميق لمبادئ الإسلام.
تستمد الشريعة الإسلامية أحكامها من القرآن الكريم، وسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، والسنة كالقرآن وحي من الله تعالى. تشمل الشريعة جميع نواحي الحياة، وتبين العلاقة بين العبد وربه، وبين العباد وبعضهم، فقد أمرنا الله بأمور ونهانا عن أخرى، وله وحده - العدل العليم - الحق في الإباحة والتحريم، لكنه يمكن للمجتمع أن يسن بعض القوانين الخاصة بتحسين الحياة (مثل قوانين المرور) طالما أنها لا تتعارض مع الشرع حيث أرشدنا الله - الهادي - إلى بعض الأفعال دون فرضها وكره لنا أخرى دون تحريمها، والكل تشمله الشريعة بأحكامها، فإذا أضفنا لذلك أمورًا تبيحها الشريعة نتج عن ذلك خمسة أحكام أساسية يمكن من خلالها تصنيف أي عمل بشري:
1. الواجب
2. المستحب
3. المباح
4. المكروه
5. الحرام
والشريعة الإسلامية أصلها من عند الله - تعالى - ونتبع أحكامها امتثالا لأمره سبحانه لكن في الوقت ذاته يدعونا الإسلام إلى فهم الحكمة من وراء تلك الأحكام وإن كان ينبغي علينا اتباعها وإن لم نعلم الحكمة من ورائها بشكل كامل، فمعرفة الحكمة منحة إضافية. على سبيل المثال حرم الله أكل لحم الخنزير، فنمتنع عن تناوله لهذا السبب، وليس بسبب ما أثبته العلم من كونه سبب في الإصابة بأمراض معينة، أو لأنه إلى جانب ذلك أقل أنواع اللحوم فائدة، فسيظل لحم الخنزير محرمًا في الإسلام حتى لو تمكن المختصون من تنشئته وتعديله وراثيًا ليكون طعامًا مغذيًا خاليًا من الأمراض. (ومع ذلك، فلا حرج على المسلم إذا تناوله حفظًا لحياته إذا لم يكن ثمت خيار آخر).
والقرآن الكريم والسنة النبوية مصدرا التشريع الإسلامي، ومن الشرك قيام أهل العلم بإباحة ما حرمه الله أو تحريم ما أحله،[19] فله - سبحانه - حق الإباحة والتحريم، وله وحده الحكمة والقدرة في الآخرة على جزاء المحسنين ومعاقبة المسيئين.
يدعو الإسلام إلى الحياء، ويسعى إلى الحد من الرذيلة والفجور في المجتمع، وارتداء الملابس المحتشمة أحد الطرق لتحقيق ذلك حيث وضع الإسلام معايير لذلك لكل من الرجل والمرأة.
وقد حددت معظم الدول الغربية قوانين لذلك حيث يلتزم الرجل بستر أعضائه التناسلية، وكذلك المرأة بما في ذلك ثدييها، فإن لم يتم الالتزام بهذا الحد الأدنى، فإن أقصى ما يمكن اتهام الشخص به هو الإخلال بالآداب العامة، ويرجع الاختلاف بين المطلوب ارتداءه من الجنسين إلى الاختلاف في بنية كل منهما.
وقد فرض الإسلام حدًا أدنى للملابس لكنه أكثر تحفظًا في حق كل من الرجل والمرأة حيث يرتدي الرجال والنساء ملابس بسيطة ومتواضعة، ويلتزم الرجل بتغطية جسده دومًا بملابس واسعة ساترة لما بين سرته إلى ركبتيه، فلا يرتدي ملابس السباحة القصيرة في الأماكن العامة.
وتلتزم المرأة إن خرجت من بيتها - على الأقل - بتغطية شعرها وجسدها بملابس فضفاضة تخفي تفاصيل جسدها عن الناس؛ ويفضل البعض تغطية وجهها ويديها إلى جانب ذلك.
والحكمة من وراء هذه الأحكام هي تقليل الإثارة الجنسية بين الرجل والمرأة وتجنب إغراق المجتمع فيها قدر الإمكان، ويأتي امتثال تلك الأحكام طاعة لله - تعالى - حيث يحرم الإسلام أي إثارة أو إغراء جسدي إلا في إطار الزواج.
ومع ذلك افترض بعض المراقبين الغربيين أن ستر المرأة إنما يعبر عن دونيتها للرجل، وهو أمر بعيد تمامًا عن الحقيقة لأن المرأة إذا التزمت هذه الأحكام في لباسها فرضت احترامها على غيرها، وبالتزامها خلق العفاف رفضت استرقاقها جنسيًا، فرسالتها للمجتمع حال حجابها هي "احترمني على ما أنا عليه فلست أداة للإشباع الجنسي".
يعلمنا الإسلام أن عواقب التبرج لا تقع على الفرد فحسب، وإنما على المجتمع الذي يسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء دون قيود، ولا يمنع الإغراء فيما بينهم، وتلك عواقب وخيمة لا يمكن تجاهلها، فليس من التحرر تحويل المرأة لتكون أداة للمتعة الجنسية لدى الرجال، فذاك شكل من أشكال الانحطاط الإنساني الذي يرفضه الإسلام لأن تحررها إنما يكون من خلال الاعتراف بسماتها الشخصية وليس بصفاتها الجسدية، ولذا يرى الإسلام تلك النسوة المتحررة من الغرب المهتمات دومًا بمظهرهن وشكلهن وشبابهن من أجل متعة الآخرين إنما وقعن في فخ العبودية.
والرجل والمرأة في عين الله سواء محاسبون على أفعالهم بين يديه لينال كل واحد منهما أجره في الآخرة على إيمانه وحسن عمله.
يشجع الإسلام على الزواج الذي هو اتفاق شرعي ورباط مقدس، ويرى كل امرأة - متزوجة أم غير متزوجة - فرد مستقل ولها ذات الحق مثل الرجل في التملك والكسب والإنفاق، ولا حق لزوجها في ثروتها بعد الزواج أو الطلاق، ولها الحق أيضًا في اختيار من تتزوج، ولا يلزمها - احتراما لنسبها - أن تنسب نفسها لعائلة زوجها، ولها أن تطلب الطلاق إذا لم تر فائدة من استمرار هذه العلاقة الزوجية.
وكل رجل وامرأة - من الناحية الاقتصادية - كيان قانوني مستقل، ولكل واحد منهما الحق في التملك ومزاولة التجارة والإرث، وكذلك تلقي العلم والتقدم للوظائف طالما أن ذلك لم ينتهك أيًا من مبادئ الشريعة الإسلامية.
وطلب العلم واجب على كل مسلم ومسلمة، والعلم الشرعي آكد تلك العلوم، وينبغي أن تتوافر المهن المختلفة داخل المجتمع من كلا الجنسين، فعلى سبيل المثال يحتاج المجتمع إلى أطباء، ومعلمين، ومستشارين، وأخصائيين اجتماعيين إلى جانب العديد من المهن المهمة الأخرى، فمتى عانى المجتمع من نقص كوادره المؤهلة صار لزامًا على النساء أو الرجال اكتساب الخبرة في هذه المجالات لتلبية احتياجات المجتمع المسلم مع الالتزام بمبادئ الإسلام أثناء ذلك.
يشجع الإسلام النساء على طلب العلم الشرعي، ومواصلة جهودهن لتحقيق ذلك في إطار تعاليم الإسلام إشباعًا لفضولهن الفكري لأن حرمان أي امرىء من حقه في تلقي العلم أمر مخالف لتعاليم الإسلام.
يتولى الرجل مسؤولية إعالة أسرته، وحمايتها، وتوفير احتياجاتها الأساسية مثل المأكل، والملبس، والمأوى لزوجته، وأطفاله، وأقربائه من النساء إذا لزم الأمر، وليست المرأة مسؤولة عن ذلك - بشكل أساسي - حتى ولو كانت متزوجة، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا أحسَنُهم خلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم".
ينظر كثير من الناس إلى الإسلام على أنه دين يمجد الرجل ويستخف بالمرأة، ومن أجل إثبات ذلك[20] يستشهدون بحال المرأة في بعض البلدان "الإسلامية" لكنهم مخطئون في الربط بين ثقافة تلك الشعوب وبين التعاليم النقية للإسلام الذي يعتنقونه. من المؤسف استمرار تلك الممارسات الشنيعة بحق المرأة في العديد من الثقافات حول العالم حيث تعيش النساء في العديد من دول العالم الثالث حياة مروعة يسيطر عليهن الرجال ويجردونهن من العديد من حقوق الإنسان الأساسية، وعليه فلا يقتصر ذلك على البلدان الإسلامية وحدها، فدين الإسلام دين يستنكر الظلم.
ومن الجور لوم تلك الممارسات الثقافية استنادًا على معتقدات شعوبها الدينية بينما لا تدعو تعاليم هذا الدين إلى مثل هذا السلوك حيث يحرم الإسلام اضطهاد المرأة، ويؤكد بجلاء أنه يجب احترام كلا من الرجال والنساء على حد سواء.
ومن تلك الممارسات الشنيعة "جرائم الشرف"، حيث يقتل الرجل إحدى قريباته لأنه يشعر بالخزي والإهانة من سلوكها، وهو سلوك - على الرغم من ندرته الشديدة - فلا زالت تمارسه جماعات معينة بشبه القارة الهندية، والشرق الأوسط، وأماكن أخرى، ولا يختص بها المسلمون والدول "الإسلامية" فحسب، وهي جريمة قتل مكتملة الأركان في دين الإسلام حيث لا يجوز للإنسان أن يقتل أحدًا في إطار ما يسمى بجرائم الشرف، فالعنصرية والتمييز على أساس الجنس، وجميع أشكال التعصب أو التحيز أمور محرمة في دين الإسلام.
ومن ناحية أخرى يُمارس الزواج القسري - للأسف - في العديد من المجتمعات التقليدية، وهي ممارسة أخرى محرمة في دين الإسلام، فحينما أجبر بعض الآباء بناتهم على الزواج على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم اشتكين له، أبطل زواجهن أو أعطاهن خيار إنهاء الزواج حتى ولو كان قائمًا بالفعل مما أنشأ سابقة واضحة للشريعة الإسلامية بشأن حرية الاختيار في الزواج، ووضع حدًا لتلك الممارسة القمعية لكنها - مع الأسف - لا تزال تُمارس في أجزاء كثيرة من عالمنا اليوم بما في ذلك عدد من البلدان "الإسلامية". فعلى الرغم من أن تلك الممارسة مجرمة قانونًا في جميع البلدان تقريبًا إلا أن العديد من النساء في المجتمعات التقليدية إما لا يعرفن حقوقهن أو يخشين المطالبة بها، وكل تلك الممارسات تخالف شرع الإسلام، وتقع على عاتق المسلمين مسؤولية القضاء عليها في مجتمعاتهم.
لا شك أن الإسلام متسامح مع التنوع الثقافي، ولا يؤمن بالقضاء على أسلوب حياة مختلف الشعوب، ولا يجبر الناس على التخلي عن هويتهم الثقافية عندما يعتنقونه، لكنه حينما تتعارض تلك الممارسات الثقافية لدى البعض مع قوانين الإسلام أو تحرمهم حقوقهم الأصيلة الثابتة التي منحها الله لهم كحقهم في الاختيار، يصبح التخلي عن تلك الممارسات واجبًا دينيًا.
ومن السمات المميزة لدين الإسلام انسجامه التام مع العلم حيث يرى المسلم التعارض بين الحقائق العلمية والإسلام أمرًا مستحيلاً، فقد نشأ هذا الكون، وأتت شريعة الإسلام من الله وحده - الأول والآخر - فمن المستحيل أن يتعارض أحد منهما مع الآخر.
ويرى المسلم أنه يمكن الحصول على تفسير طبيعي لكل شيء في خلق الله من نشأة النجوم والمجرات إلى أصل السلالات المختلفة وتنوعها، لكن لا ينبغي عليه أن يعتمد على المعجزات في تفسير الظواهر الطبيعية إذ يعتقد أن المعجزات هي أمور خالف الله فيها قوانين ونواميس خلقه لسبب معين، مثل استجابته الدعاء، أو مساعدته أحد أنبيائه، فلا ينبغي أبدًا اللجوء إلى تلك التفسيرات المعجزة لشرح شيء ما في الطبيعة أو لإخفاء جهل الإنسان بأمر علمي.
فلا توجد حقيقة أو نظرية علمية صحيحة تتعارض مع تعاليم الإسلام، ومهما اكتشف العلم من اكتشافات، فهذا يزيد معرفتنا بخلق الله - البديع – ولذا شجع الإسلام الجهود العلمية وأمر في القرآن بدراسة آيات الله في خلقه، والذي احتواى على العديد من الإشارات العلمية المدهشة التي أصبحت مؤخرًا مفهومة تمامًا بمساعدة التطورات التكنولوجية الحديثة.
ويسمح الإسلام أيضًا بالاستفادة من ثمار الإبداع البشري حيث يدعونا إلى رفع وتحسين الحياة البشرية، ويرحب بالتطورات التكنولوجية، والتي يمكن استخدامها في الخير أو الشر، فهي في ذاتها محايدة، ويقع على عاتقنا مسؤولية كيفية استخدام المعرفة التي أنعم الله بها علينا من أجل خير البشرية جمعاء.
وقد ازدهر العلم والثقافة والتجارة والتكنولوجيا عندما تمسك الناس بعقيدة الإسلام ومبادئه في أيامه الأولى، وأجرى العلماء في العالم الإسلامي أبحاثًا، وطوروا مجالات الرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، والطب، والفلك، والهندسة المعمارية، والفن، والأدب، والجغرافيا، والتاريخ، وغير ذلك من العلوم.
على سبيل المثال اخترع العلماء المسلمون البوصلة المغناطيسية، والأسطرلاب، وبندول الساعة، وأدخلوا العديد من الأنظمة الهامة مثل الجبر، والأرقام العربية (وهي ذات الأرقام التي نستخدمها في الغرب حاليًا)، ومفهوم الصفر (مفهوم حيوي في تقدم علم الرياضيات) إلى أوروبا في العصور الوسطى، وجلبت تعاليم الإسلام هذا الوعي العلمي الذي أشعل - في النهاية - ودفع بالنهضة الأوروبية، ثم بعد ذلك بدأ الناس في الانحراف عن المبادئ والمعتقدات الإسلامية الأصلية البسيطة، وبدأت إنجازات المسلمين وتقدمهم العلمي يتلاشى ويغرق في الظلام.
الإسلام دين العدل والسلام والرحمة والتسامح، وهو دين غالبًا ما يُساء فهمه ويُبدل مقصده، فهو دين يعني استسلام المرء لإرادة الله السلام، وهو أسلوب حياة لمن اختار قبول أنه لا إله إلا إله واحد، وهو وحده المستحق للعبادة، فالحياة ليست أكثر من تجربة مؤقتة للبشرية، وبعدها نموت جميعًا، ونعود إلى الله تعالى، وحياتنا في الآخرة أبدية. ومن أجل هداية البشرية أرسل الله - النور – جميع أنبياءه مثل: إبراهيم، موسى، عيسى، محمدًا (عليهم الصلاة والسلام) خاتم الأنبياء والمرسلين، وأكرمه بكتابه القرآن الكريم كلامه على الحقيقة - وهو ليس بكلام محمد (صلى الله عليه وسلم) النبي الأمي - المنزه عن التغيير والتبديل والمحفوظ من أجل البشرية جمعاء.
وأركان الإسلام خمسة:
1. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
2. إقامة الصلاة خمس مرات في اليوم
3. إيتاء الزكاة
4. صوم رمضان
5. حج بيت الله الحرام في مكة
وقد ذكر سبحانه أنه لا إكراه في دين الإسلام حيث حقوق الإنسان وحرية اختياره أمر مقدس، وللمرأة في الإسلام دور بالغ الأهمية، وهي مساوية للرجل ومكرمة من جانبه، وذكر - سبحانه - أنه أكمل وأتم دين الإسلام، وجعله دليلا ونورًا وهاديًا للبشرية إليه.
أخبرنا العلماء أن الكون يحوي أكثر من 120 مليار مجرة، ونعلم أن الله - العظيم - قد خلق كل واحد منا من خلية واحدة، فعندما أمعن النظر في هذا لا يسعني إلا أن أتواضع، وأدرك ضآلتي الشديدة بجانب عظمة الله تعالى. وقد أقسم الشيطان، وتوعد بخداع البشرية ليجلب لنا سوء الفهم، والعداوة، والبغضاء، والحرب. ودوري في مواجهة الشيطان إنما يكون بإرضاء ربي، ونشر السلام، وفهم شرعه.
والحياة قصيرة وغالية، ومن المحزن أن نضيعها بسبب الحرص على تجميع المكاسب المادية الزائلة متجاهلين الغرض الحقيقي من الخلق، وهو عبادة الله وحده حيث يقضي كثير من الناس حياتهم الثمينة في تجميع تلك المكاسب، والله يدعونا في دينه إلى ما هو أبدي ودائم، وكلٌ محاسب على علمه وعمله يوم القيامة، ومسؤول عن عبادته، فلنعد للسؤال جوابًا.
هذا الكتاب هو مضمون ما ألقيته من محاضرات عن الإسلام طيلة العقدين الماضيين، ولم يكن لهذا الكتاب أن يظهر للنور لولا رحمة الله، ومساعدة إخوتي وأخواتي. أشكركم أيها القراء على وقتكم، واهتمامكم بفهم الإسلام عقيدة خمس سكان العالم، وأرحب بأسئلتكم وتعليقاتكم لمراعاة ذلك في أي عمل قادم، وأدعوكم لمشاركة هذا العمل مع غيركم راجيًا ألا يقتبس القارىء أي معلومات منه خارج سياقها.
أرجو أن تسامحوني إن كنت قد أسأت إلى أي شخص في هذا العمل فإني أتكلم عن الإسلام بقوة بسبب شغفي به، وأقدر كثيرًا اختيارات كل منا واحترام الاختلافات فيما بيننا، فالتفاهم والعدل طريق السلام، ولأنه غالبًا ما يُنظر إلى الإسلام في الغرب على أن ضيق الأفق من سمات معتنقيه لإجبار الناس على اعتناقه، فأنني أشعر أنه لزامًا علي أن أبين عقيدتي بيانًا واضحًا لا لبس فيه لمواجهة تلك المفاهيم الخاطئة.
أسال الله - تعالى - لنا البركة والهداية، فكل خير في هذا العمل كرم من الله، وأي خطأ ورد به إنما تقصير مني، فهو سبحانه العظيم منزه عن كل نقص، وأسأله سبحانه السميع أن يحفظنا من كل شر وأن يهدينا إلى الحق والسلام على من اتبع الهدى.
كتبه: بيت سيدا
[1] يرمز بهذا الرمز () إلى قوله: صلى الله عليه (أو عليهم) وسلم. وهو عرف إسلامي بسؤال الله الصلاة والسلام على الأنبياء عند ذكرهم احترامًا وتوقيرًا لهم.
[2] تشير الكلمات المكتوبة بالخط العريض في النص إلى آية قرآنية أو إلى أحد أسماء الله وصفاته.
[3] لا يستسيغ بعض المسلمين تسمية الإسلام بـ "الدين" لأنه ليس عقيدة ذات طابع مؤسسي حيث يشار إلى الإسلام في اللغة العربية على أنه دين أي "طريق للحياة"، وهو ذات المسلك الذي انتهجه المسيحيون الأوائل حيث أطلقوا على دينهم "الطريق".
[4] ولا يراد بكلمة "طوعًا" بهذا السياق "عدم الإكراه" حيث تعني كلمة الإسلام الإخلاص والاستسلام لله بالكلية دون تحفظ أو دوافع خفية.
[5] وقد تمت كتابة الأناجيل المختلفة التي بين أيدينا اليوم بعد زمان عيسى (عليه السلام) من جانب مؤلفين آخرين لذا فإن المقصود بالإنجيل المشار إليه في القرآن الكتاب المنزل على عيسى بن مريم (عليه السلام).
[6] وفيما يلي بيان من جاء ذكرهم في القرآن من أنبياء الله ورسله: آدم، إدريس، نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، شعيب، أيوب، موسى، هارون، حزقيال، داود، سليمان، إلياس، إليسع، يونس، زكريا، يحيى، عيسى، ومحمد (عليهم السلام).
[7] وقد أوحى الله لنبيه في القرآن وقال: "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ" (سورة الشورى: 13)
[8] يشير بعض المسلمين إلى الفقرات التالية من الكتاب المقدس باعتبارها دليلا على نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): [سفر التثنية. 18:15، 18:18؛ إنجيل يوحنا 1:19 - 21، 14:16، 14:17، 15:26، 16: 7 - 8، 16:12 - 13]
[9] ويعني هذا النفي أن لا معبود بحق الله، وأن لا أحد يشاركه في صفات ربوبيته، ولا خالق ولا قيوم إلا هو وحده لا شريك ولا ند له.
[10] وقد يتساءل المرء: "إذا كانت تعاليم الإسلام تؤكد أن جميع الأنبياء والمرسلين متساوون، فلماذا يتم النص في الشهادتين على نبوة محمد دون غيره من سائر الأنبياء؟" والإجابة هي أنه من المعلوم من الدين بالضرورة أن من آمن بنبوة النبي محمد، فقد آمن بجميع الأنبياء والمرسلين قبله، فإذا شهد المرء على سبيل المثال أنه "لا إله إلا الله وأن موسى رسول الله"، فهذا لا يستلزم قبول الشخص نبوة الأنبياء والمرسلين الذين أتو بعده مثل عيسى، أو محمد (عليهم الصلاة والسلام).
[11] يدعو الإسلام أتباعه إلى التحلي بالعفة ويحرم عليهم أي علاقات جنسية قبل الزواج.
[12] تبين تعاليم الإسلام أن المراد بروح القدس جبريل (عليه السلام)، وهو ملك فلا يُعبد. (من الواضح أن عقيدة الثالوث تتعارض مع المبدأ الجوهري للعقيدة الإسلامية، وهو التوحيد).
[13] انظر جوزيف فان اس "محمد والقرآن: النبوة والوحي" المسيحية وأديان العالم: طرق الحوار مع الإسلام والهندوسية والبوذية، تحرير هانز كونغ (جاردن سيتي، نيويورك: دوبليداي وشركاه، 1986)، ومايكل سيلز، نحو القرآن: الكتب المقدسة الأولى (أشلاند، أوريجون: مطبعة وايت كلاود، 1999).
[14] يتكون القرآن من 114 سورة، وهو كتاب واحد على عكس النسخ الحالية المختلفة من الكتاب المقدس حيث يؤمن المسيحيون البروتستانت بنسخة تحوي 66 كتابًا، والكاثوليك الرومان بنسخة تحوي 72 كتابًا، وهناك المزيد من الكتب في إصدارات أخرى.
[15] فقد علمنا الإسلام أن العبادة إنما تكون مقبولة بشرطين: أن يكون العمل خالصًا لله - تعالى - وأن يكون موافقًا لعمل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فدين الله كامل لا يحتاج إلى "تحديث" من جانب أحد، فقد منحنا الله حرية الاختيار بين طاعته و عصيانه، بين اتباع دينه، واتباع أهوائنا، لكنه حرم علينا تغيير شرعه.
[16] خلق الله الجن قبل آدم، ومنحهم حرية الاختيار، ويسمى العاصي منهم شيطانًا. يعيش الجن معنا في هذه الحياة الدنيا حيث يروننا ولا نراهم إلا إذا اختاروا إظهار أنفسهم لنا، ويتم السحر - المحرم في الإسلام - بمساعدتهم.
[17] كان ذلك في مدينة نيقية القديمة (تقع حاليًا في تركيا على بعد حوالي 700 ميل أو 1100 كم شمال غرب مدينة القدس العاصمة الشرقية للرومان). انعقد مجلس نيقية الأول عام 325 ميلادي. وفيه أعلن غالبية أعضاءه ألوهية عيسى (عليه السلام)، وأنه ليس نبيًا كسائر الأنبياء، وأُعلن عن مفهوم الثالوث الذي يقضي بأن عيسى (عليه السلام) مساويًا لله تعالى، وهذا تناقض مباشر للمبادئ الإبراهيمية للتوحيد، التي أكدها ودعا لها عيسى (عليه السلام).
[18] حتى لو انتهك المسيحيون واليهود بعض مبادئ عقيدة التوحيد الأصلية لنبي الله إبراهيم (عليه السلام)، فلا يزال الإسلام يشير إليهم باسم "أهل الكتاب" لأنهم تلقوا وحي الله - تعالى - وأقروا بنبوة بعض أنبيائه.
[19] فرض أي فائدة على القروض في الأصل أمر محرم في اليهودية والمسيحية والإسلام، ومع ذلك، فقد غير مسيحيو أوروبا منذ العصور الوسطى هذا التحريم بصورة تدريجية لدرجة أن دولا "الإسلامية" قد أقرت هذا التدخل المشين في شرع الله.
[20] مصطلح دولة "إسلامية" للأسف لا يعني بالضرورة اتباع حكومة هذه الدولة أو شعبها للشريعة الإسلامية.