الزواج وفوائده وآثاره النافعه
نبذة مختصرة
الزواج وفوائده وآثاره النافعه : فلأهمية الزواج في الإسلام وكثرة فوائده وأضرار غلاء المهور على الفرد والمجتمع فقد جمعت في هذه الرسالة ما أمكنني جمعة من الحث على النكاح وذكر فوائده والتحذير من غلاء المهور وبيان أضراره وسوء عواقبه والحث على تسهيل الزواج وتذليل عقباته والترغيب في الزواج المبكر وفضله وحسن عاقبته والحث على تيسير الصداق. وذكر الشروط والمواصفات للزواج المفضل وذكر آداب الزواج ليلة الزفاف وما بعدها وصفات المرأة الصالحة وذكر الحقوق الزوجية وحكمة تعدد الزوجات ... إلخ
-
1
PDF 1.1 MB 2019-05-02
-
2
DOC 1.3 MB 2019-05-02
تفاصيل
- المقدمة
- الشروط والمواصفات للزواج المفضل
- (من آداب الزواج)([1])
- (آداب الدخول على الزوجة ليلة الزفاف)
- بعض الحقوق الزوجية
- الحث على الزواج
- من فوائد النكاح
- غلاء المهور وأضراره
- الحث على تسهيل الزواج([15])
- حكم بقاء المرأة المتزوجة من زوج لا يصلي وله أولاد منها وحكم تزويج من لا يصلي
- التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج
- في حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح(*)
- في قضائه صلى الله عليه وسلم في الصداق بما قل وكثر، وقضائه بصحة النكاح على ما مع الزوج من القرآن(*)
- نصيحة وتنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع
- استحباب الاقتصار على صداق النبي صلى الله عليه وسلم لمن قدر على بذله
- (ما يشترط لجواز إكثار المهر بدون كراهة)
- (قضية عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم مع القرشية)
- التحذير من أخذ الصور في الأعراس([106])
- يسن الختان وقيل يجب ما لم يخف على نفسه([115])
- حجاب المرأة المسلمة([131])
- بعض الحقوق الزوجية([141])
- بعض آداب خروج المرأة من البيت([158])
- ما ينبغي أن يحذره المسلم والمسلمة([171])
- (نصيحة إلى الأولياء)([188])
- (تحريم اللباس الضيق والشفاف والقصير على النساء)
- (شرعية احتجاب القواعد من النساء بالخمار عن الأجانب)
- حكمة الإسلام في تعدد الزوجات
- (أضرار موانع الحمل والتغذية الصناعية للأطفال)
- أضرار التغذية الصناعية على الأطفال
- الإرضاع سبب لتأخر الحمل....
- أحكام المولود
الزواج وفوائده وآثاره النافعه
جمع وتحقيق الفقير إلى الله تعالى
عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
}وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ [الروم: 21].
نداء إلى كل مسلم ومسلمة
إن أعدانا من اليهود والنصارى يخططون لأن يكون في بلاد المسلمين جيش من النساء بلا رجال حتى تنتشر الرذيلة وتعم الفاحشة بشتى أنواع الطرق والوسائل، ليفسدون علينا ديننا ودنيانا، فهل أنتم مستيقظون؟!!
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فلأهمية الزواج في الإسلام وكثرة فوائده وأضرار غلاء المهور على الفرد والمجتمع فقد جمعت في هذه الرسالة ما أمكنني جمعة من الحث على النكاح وذكر فوائده والتحذير من غلاء المهور وبيان أضراره وسوء عواقبه والحث على تسهيل الزواج وتذليل عقباته والترغيب في الزواج المبكر وفضله وحسن عاقبته والحث على تيسير الصداق. وذكر الشروط والمواصفات للزواج المفضل وذكر آداب الزواج ليلة الزفاف وما بعدها وصفات المرأة الصالحة وذكر الحقوق الزوجية وحكمة تعدد الزوجات وذكر هي الرسول ﷺ في الصداق بما قل أو كثر وذكر هديه في الأسماء والكنى والحث على تحجب المرأة المسلمة صيانة لها وما ورد في الكفاءة والتحذير من الأنكحة المنهي عنها كنكاح الشغار والإجبار والنهي عن تزويج من لا يصلي والحث على إرضاع الأم ولدها وبيان أضرار الإرضاع الصناعي وأخيراً ما يتعلق بأحكام المولود من الولادة حتى البلوغ إلى غير ذلك مما يفيد القراء ويحل مشاكلهم ويرشدهم إلى ما ينفعهم ويحذرهم مما يضرهم في دنيهم ودنياهم وآخرتهم وخصوصاً المزوجين والمتزوجين منهم. وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ وكلام المحققين من أهل العلم وأسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو قرأها أو طبعها أو نشرها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المؤلف في 15/4/1408 هـ
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الشروط والمواصفات للزواج المفضل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: بناء على ما ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة من الحث على الزواج المبكر والترغيب فيه وتيسير أسبابه طاعة لله ورسوله ومحافظة على غض الأبصار وحفظ الفروج وصيانة الأعراض والأنساب وحصول الراحة النفسية والطمأنينة القلبية إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فيسرني أن أتحف الأخوة الكرام من المزوجين والمتزوجين ببعض الشروط والمواصفات التي تنبغي مراعاتها لمن أراد أن يتزوج أو يزوج موليته وهي:
(1) أن يكون المتقدم للخطبة ملتزماً بتعاليم الإسلام الحنيف قولاً واعتقاداً وعملاً ومن ذلك.
(2) أن يكون محافظاً على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة التي هي عماد الدين والصلة برب العالمين، فإن الزوج المتمسك بالدين الإسلامي الملتزم بتعاليمه إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها لم يظلمها، والتارك للصلاة لا يحل تزويجه لأن تركها كفر.
(3) أن يكون متمسكاً بالسنة النبوية عموماً معفياً للحيته قاصاً لشاربه طاعة لله ورسوله.
(4) أن لا يكون مسبلاً لثيابه إلى ما تحت الكعبين لأن ذلك من مظاهر الكبر وكبائر الذنوب.
(5) أن يكون بعيداً عن تناول المسكرات والمخدرات المسببة للعداوة والبغضاء والصادة عن ذكر الله وعن الصلاة.
(6) أن يلتزم بصحبة الأخيار (المطيعين لله) والبعد عن الأشرار (العصاة لله) فالمرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل.
(7) أن يحسن إلى زوجته وأن يعاشرها بالمعروف قولاً وعملاً ومن ذلك.
(8) عدم السهر في الليل خارج المنزل وعدم استعمال السب والشتم واللعن فليست هذه الأشياء من صفات المؤمن.
(9) أن يراعي تعاليم الإسلام الحنيف في أكله وشربه ولباسه ومعاملته لزوجته ونفقاته وجميع مجالات حياته ليكون نموذجاً طيباً وقدوة حسنة لغيره.
(10) أن لا يسافر بزوجته إلى البلاد الخارجية إلا برضاها عند الضرورة بعد معرفة حكم هذا السفر من الناحية الشرعية.
(11) أن لا يكون مضيعاً لأوقاته الثمينة فيما لا تحمد عقباه من الملاعب والملاهي بل ينبغي حفظها فيما ينفع في الدين والدنيا والآخرة فإنه سوف يسأل عن أوقاته ويحاسب عليه ويجزي على ما عمل فيها من خير أو شر والأوقات محدودة والأنفاس معدودة.
(12) أن لا يزاد في الصداق عن خمسين ألف ريال سعودي بالإضافة إلى الكسوة المعقولة والوليمة المختصرة فأعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
(13) أن تكون الزوجة صالحة ملتزمة بتعاليم الإسلام في عباداتها ومعاملاتها وأخلاقها وآدابها ولباسها وأقوالها وفي جميع مجالات حياتها غير متشبهة بالرجال وبالكفرة قال ﷺ (فاظفر بذات الدين) متفق عليه فصاحبة الدين تعينه على دينه إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله فإذا كانت الزوجة كذلك فهي الضالة المنشودة فليستمسك بها وهنيئاً لمن ظفر بها بالسعادة الزوجية فهي شريكة الحياة ومربية الأولاد وراحة النفس وقرة العين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
(من آداب الزواج)([1])
قال تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ الروم آية 21.
فقد دلت الآية الكريمة على حكمة الزواج، وهي السكن الجسمي، والنفسي، وحصول المودة والرحمة بين الزوجين، ومن آداب الزواج:
1- ملاطفة الزوجة عند البناء بها بالقول الطيب والرفق واللين.
2- وضع اليد على مقدمة رأس الزوجة، ويقول: بسم الله اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، للحديث الذي أخرجه البخاري في هذا المعنى.
3- ويستحب لهما أن يصليا ركعتين لأنه منقول عن السلف.
4- ويقول عند الجماع (بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا) للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس وفيه (فإنه إن يقدر بينها ولد لم يضره الشيطان أبداً) وهذا شيء مهم عظيم لا يستهان به لأنه سبب صلاح الولد، وعصمته من الشيطان.
5- ويجامعها في القبل، ويبتعد عن الدبر لأنه حرام متوعد عليه بالوعيد الشديد.
6- ويتوضأ بين الجماعين، فإنه أنشط له، والغسل أفضل.
7- وينبغي أن ينويا النكاح إعفاف أنفسهما، وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عليهما، فإنها تكتب مباضعتهما صدقة لهما، كما قال -ﷺ- «وفي بضع أحدكم صدقة» رواه مسلم.
8- ويتوضأ الجنب قبل النوم، والغسل أفضل لينام طاهراً.
9- ويحرم نشر وإفشاء أسرار الزوجين في الاستمتاع.
10- وينبغي للمتزوج أن يعمل وليمة مختصرة، يدعى إليها الجيران، والأقارب، ولو بشاة وتجوز بغير لحم، ويحرم الإسراف فيها بأن يذبح ويطبخ ما لا يؤكل، ويرمى به.
11- وينبغي تخفيف المهر، والاقتصاد فيه، وعدم الإسراف تأسياً بالنبي -ﷺ- وبخلفائه الراشدين، وأصحابه الكرام والتابعين لهم بإحسان، فأعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
12- وليحذر الزوجان من السفر إلى الخارج بعد الزواج شهراً يسمى شهر العسل فإن فيه عدة محاذير، منها نبذ الستر، والحياء، والحجاب، ومنها الإسراف في النفقات ذهاباً وإياباً، ومنها تقليد الأجانب، والتشبه بهم، وقد نهينا عن مشابهتهم، وأمرنا بمخالفتهم، إلى غير ذلك من المفاسد، والمحاذير.
13- ويجب الابتعاد عن اختلاط الرجال بالنساء، والتصوير في الأعراس، لأن فاعله ملعون على لسان محمد ﷺ.
14- ويحرم على المتزوج وغيره حلق اللحية، وإسبال الثياب، ولبس خاتم الذهب، وما يسمى (دبلة) من ذهب.
15- ويكره تخصيص الأغنياء بالدعوة دون الفقراء، لقوله -ﷺ- «شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء، ويترك الفقراء» متفق عليه.
والإجابة إليها واجبة ولو كان صائماً، فإن شاء أفطر وإن شاء دعا وانصرف، والإجابة مشروطة بأن لا يكون هناك منكر لا يستطيع إنكاره وتغييره، وإلا حضر وأنكره.
16- ويشرع إعلان النكاح، والضرب عليه بالدف للنساء خاصة بدون أغاني، ومكبرات الصوت.
17- ويقال للمتزوج بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، ويبتعد عن تهنئة الجاهلية (بالرفاء والبنين).
18- كما يجب أن يبتعد المتزوج عن جماع زوجته في الحيض والنفاس، فإن فاعله ملعون، فإن فعل فإن عليه أن يستغفر الله ويتوب إليه مما فعل.
19- ويجب على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف لقوله تعالى }وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ 19 سورة النساء.
20- وعلى الزوجين أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله وطاعة رسوله -ﷺ-، وأن يلتزم كل واحد منهما القيام بما فرض الله عليه من الواجبات والحقوق تجاه الآخر وعلى المرأة بصورة خاصة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به بالمعروف في حدود طاقتها، واستطاعتها.
21- وعلى الزوج أن يختار الزوجة الصالحة، ذات الدين والخلق الكريم فإنها سوف تكون شريكة حياته ومربية أولاده.
22- وعلى الزوجة أن تختار الزوج الصالح صاحب الدين والخلق الكريم، فإنه إذا كان كذلك إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
23- وعلى الشاب الصالح أن يسأل الله أن يرزقه الزوجة الصالحة، وكذلك الفتاة الصالحة تسأل الله أن يرزقها الزوج الصالح }وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ غافر آية 60.
24- وعلى كل من الزوج والزوجة أن يسأل الله أن يرزقه أولاداً صالحين }رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ{([2])، }رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ{([3])، }رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{([4])، }رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ{([5])، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(إرشادات)(*)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([7]).
وقال تعالى: }هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ{([8]).
وقال رسول الله ﷺ في حديث طويل: «وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» رواه البخاري ومسلم.
وصح عنه ﷺ أنه قال:
«تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي.
وقال عليه الصلاة والسلام:
«الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» رواه مسلم.
(إرشادات ونصائح)
أخي الولي، أختي الزوجة: يتوجب عليكما أن تختارا الزوج الصالح ذا الدين والأخلاق الفاضلة وأن لا تعيرا أي اهتمام إلى المال أو المنصب.
وقد قال رسول الله ﷺ: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن في الأرض فتنة وفساد عريض». رواه الترمذي وغيره.
أخي الولي: هناك أمران مهمان هما:
1- إياك أن تكره الفتاة البالغة على الزواج ممن لا ترضاه لأن الإسلام حرم ذلك.
2- إذا أتاك الخطيب الصادق الذي ترضى دينه فعليك أن لا تمنعه من رؤية مخطوبته فإن الرؤية الشرعية سنة من سنن الإسلام، فقد خطب المغيرة بن شعبة t امرأة، فقال رسول الله ﷺ: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ـ أي يوفق بينكما». رواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
ولكن ذلك النظر لا يتجاوز الوجه والأطراف مع ذي محرم لأن الخلوة بالمخطوبة حرام حتى يتم العقد.
أخي الولي:
الحذر كل الحذر من التغالي في المهور لأنه من الطمع المذموم وقد يمنع المتقدم إلى خطوبة ابنتك أو أختك وبهذا تكون قد جنيت عليها وحرمتها من متعة الزواج الذي هو حق وأمل كل فتاة.
وكل زواج يتم بمهر بسيط وعدم كلفة في إقامة الفرح فإن الله سبحانه وتعالى يوفق بين الزوجين ويكون زواجهما مباركاً، وكل زواج يبذر فيه سواء كان مهراً أو إقامة فرح كبير يعج بالبذخ وبالمطربات وآلات اللهو المنهي عنها شرعاً لا يبارك الله فيه ويكون مآله للفشل، وما أكثر ما حصل من هذا النوع جنب الله الجميع طرق الزلل.
إرشادات ينبغي قراءتها
(آداب الدخول على الزوجة ليلة الزفاف)
يستحب للزوج ملاطفة زوجته عند الدخول بها وأن يقدم لها شيئاً ما ولو كان شراباً.
وأن يأخذ بناصيتها (مقدمة رأسها) ويقول: «بسم الله اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه».
ويستحب أن يصليا ركعتين معاً.
وينبغي أن يقول حين يأتي أهله:
«بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا».
ومن السنة أن يتوضأ الرجل بين الجماعين والغسل أفضل كما يجوز لهما أن يغتسلا معاً.
كما لا يحل للرجل أن يترك الصلوات في المسجد إطلاقاً عند البناء بها في أول زواجه. وفي كل وقت يمكنه ذلك.
بعض الحقوق الزوجية
حقوق الزوج منها:
1- يلزمها طاعته بالمعروف وهي طاعة يحتمها كتاب الله وسنة رسوله -ﷺ- لما في ذلك من المصلحة المشتركة بينهما، ولا يجوز طاعته إذا أمرها بمعصية لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2- يلزمها الاعتناء ببيتها وأن تحفظ له ماله وتوفر له راحته وهدوءه.
3- ينبغي لها أن تراعي شعوره فتبتعد عما يؤذيه من قول أو فعل أو خلق سيء.
4- لا يجوز لها الخروج من المنزل إلا بإذنه ولا يحق لها أن تأذن لأحد في دخول منزله من غير إذنه ورضاه.
حقوق الزوجة منها:
1- أن ينفق عليها بالمعروف وأن لا يقصر عليها في مأكل أو مشرب أو كساء. وأن يرشدها إلى ما تحتاج إليه من معرفة دينية.
2- أن يغار عليها فلا يعرضها للشبهة ولا يسمح لها بالتبرج والاختلاط.
3- أن يحسن خلقه معها فيكلمها برفق ويتجاوز عن توافه الأمور ويقدم لها النصح بلين تبدو فيه المودة والرحمة.
4- أن يصبر على ما يكره منها من معاملة أو سوء خلق ويحاول إصلاحه وأن لا يلجأ إلى طلاقها إلا عند الضرورة القصوى.
5- أختي العاقلة: اعلمي وفقنا الله وإياك للخير أن العناد والإضرار على مخالفة الزوج لهو من أكبر أسباب نكد العيش والفراق. وأن طاعته وترك مخالفته ولين الجانب لهو من أكبر أسباب السعادة والوئام.
تنبيه هام
اعلم أخي المسلم أن الطلاق له عواقب وخيمة وسيئة فلا يلجأ إلى فك رابطة الزوجية وتشتيت الأولاد لأمور غير مشروعة فالإسلام أباح الطلاق حينما تدعو الحاجة إليه وأن تكون المطلقة في حمل أو في طهر لم يجامعها زوجها فيه كما أن عليه أن لا يزيد في طلاقه على طلقة واحدة.
هذا هو الطلاق المشروع الذي أمر به رسول الله -ﷺ- فلو طلقها في حال الحيض كان آثماً وطلاقه مخالف للمشروع وكذلك لو طلقها في طهر جامعها فيه لأنه لا يدري هل اشتمل الرحم على حمل أم لا أو طلقها بالثلاث بلفظ واحد أو بألفاظ متفرقة فهو آثم أيضاً وطلاقه مخالف للمشروع وعليه مراجعة رئاسة الإفتاء في حالة رغبته مراجعة مطلقته. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،،،،
الحث على الزواج
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. وبعد: فقد شرع الله الزواج لحكم سامية وغايات نبيلة وفوائد جليلة وأمر بتيسير أسبابه لأنه هو الطريق السليم للتناسل وعمران الأرض بالذرية الصالحة قال الله تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ{([9]) وقال تعالى }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ سورة الروم آية 21 وقال تعالى }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{ سورة النور آية 32. قال أبو بكر الصديق t (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى)، والأيامى جمع أيم وهو من لا زوج له من الرجال والنساء. وقال عليه الصلاة والسلام «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» رواه البخاري ومسلم وغيرهما. والباءة: مؤنة الزواج والوجاء: الحد من الشهوة. وقال عليه الصلاة والسلام منكراً على من رغب عن الزواج وغيره من المباحات «لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» رواه مسلم. وعن أنس t أن رسول الله ﷺ قال «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر (نصف) دينه فليتق الله في الشطر الباقي» رواه الطبراني في الأوسط والحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي في رواية قال رسول الله ﷺ «إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي» وعن أبي هريرة t قال قال رسول الله ﷺ «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء، والناكح يريد العفاف» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح. على شرط المسلم.
قال ابن كثير: والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله. وعن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وعن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت لا قال تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء رواه أحمد والبخاري وقال عليه الصلاة والسلام: «أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وبدناً على البلاء صابراً وزوجة لا تبغيه حوباً في نفسها وماله» رواه الطبراني بإسناد جيد والحوب الإثم. وقال ابن مسعود، لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوماً ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة، وقال الإمام أحمد: ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء ومن دعاك إلى غير التزوج فقد دعاك إلى غير الإسلام ولو تزوج بشر كان قد تم أمره.
وقال في الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية: والإعراض عن الأهل والأولاد ليس مما يحبه الله ورسوله ولا هو دين الأنبياء قال الله تعالى }وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً{ سورة الرعد آية 38.
أخي المسلم: الزواج حرث للنسل وسكن للنفس ومتاع للحياة وطمأنينة للقلب وإحصان للجوارح كما أنه نعمة وراحة وسنة وستر وصيانة وسبب لحصول الذرية الصالحة التي تنفع الإنسان في الحياة وبعد الممات والزواج في الإسلام عقد لازم وميثاق غليظ وواجب اجتماعي وسكن نفساني وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء يزول به أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل ولا ترتاح النفس ولا تطمئن بدونه، كما أنه عبادة يستكمل الإنسان بها نصف دينه ويلقى ربه بها على أحسن حال من الطهر والنقاء فاتقوا الله يا شباب الإسلام وغضوا أبصاركم عن النظر المحرم وحصنوا فروجكم بالحلال الطيب وأطيعوا ربكم فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى وإياكم والإحجام عن الزواج خوفاً من الاضطلاع بتكاليفه فالأمر منوط بالله تعالى في الفرج بعد الضيق والشدة واليسر بعد العسر وقد سمعتم فيما تقدم وعده تعالى للمتزوج بالغنى والمعونة والرزق إذا اتقى الله وأطاعه واعتمد عليه في جميع أموره }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ{ }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا{ سورة الطلاق آية 2 – 4.
من فوائد النكاح
للنكاح فوائد كثيرة دينية ودنيوية واجتماعية وصحية نذكر منها:
1- امتثال أمر الله ورسوله الذي هو غاية سعادة العبد في الدنيا والآخرة.
2- اتباع سنن المرسلين الذين أمرنا باتباعهم والاقتداء بهم.
3- قضاء الوطر وفرح النفس وسرور القلب.
4- تحصين الفرج وحماية العرض وغض البصر والبعد عن الفتنة.
5- تكثير الأمة الإسلامية وبالكثرة تقوى الأمة وتهاب بين الأمم وتكتفي بذاتها عن غيرها إذا استعملت طاقتها فيما وجهها إليه الشرع المطهر.
6- تحقيق مباهاة النبي ﷺ بأمته يوم القيامة.
7- ترابط الأسر وتقوية أواصر المحبة بين العائلات وتوكيد الصلات الاجتماعية فإن المجتمع المترابط هو المجتمع القوي السعيد.
8- النكاح سبب لكثرة الرزق والغنى كما تقدم في قوله تعالى }إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{ وقوله ﷺ (ثلاثة حق على الله عونهم) وذكر منهم المتزوج يريد العفاف.
9- الإبقاء على النوع الإنساني بالتناسل الناتج عن النكاح وقرة العين بحصول الأولاد.
10- حاجة كل من الزوجين إلى صاحبه من السكن النفسي والجسمي والروحي.
11- تلبية الرغبة الطبيعية المستقرة في الرجل والمرأة التي جعلها الله لكمال الحياة البشرية.
12- تعاون كل من الزوجين على تربية النسل وبناء الأسرة والمحافظة عليها.
13- تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس من تبادل الحقوق والتعاون المثمر في دائرة المودة والرحمة والمحبة والاحترام والتقدير.
14- حصول الأجر العظيم والثواب الجسيم بالقيام بحقوق الزوجة والأولاد والإنفاق عليهم قال عليه الصلاة والسلام «وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيء امرأتك» متفق عليه.
15- تمام الدين وطهارة النفس والبدن وحفظ السمعة.
16- دعاء الولد الصالح لوالديه كما قال ﷺ «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم.
17- التحصن من الشيطان ودفع ضرر الشهوة والابتعاد عن الزنا.
18- حفظ الأنساب والحقوق في المواريث.
19- ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة والمؤانسة والنظر المباح والملاعبة وفي ذلك راحة للقلب وتقوية له على العبادة.
20- جاء في تقرير الأمم المتحدة أن المتزوجين يعيشون مدة أطول مما يعيشها غير المتزوجين وبناء على ذلك يمكن القول بأن الزواج مفيد صحياً للرجل والمرأة على السواء.
21- مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية والقيام بحقوق الأهل والأولاد وتحمل المسئولية في ذلك والصبر عليها واحتساب الأجر والثواب المرتب على ذلك.
22- وقد جعل الإسلام الزواج عبادة لأن به يحفظ نفسه من شرور الفتن ومن النظر المحرم ومن الوقوع في الفاحشة.
23- سلامة الفرد والمجتمع من الانحلال الخلقي ومن الأمراض النفسية. والبدنية فمن كان يستطيع الزواج فعليه أن يبادر إليه لتتحقق له هذه الفوائد والمصالح المتعددة المترتبة على النكاح ومن لا يستطيع ذلك فعليه أن يصبر وأن يتق الله تعالى ويتعفف عما حرم الله وأن يغض بصره ويحفظ فرجه وأن يتحصن بالصوم حتى يغنيه الله تعالى من فضله. قال الله تعالى: }وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{ سورة النور آية 33 وتقدم قوله ﷺ «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
انظر المراجع الآتية:
1- تفسير ابن كثير جـ 3 ص 286 – 287.
2- الترغيب والترهيب للمنذري جـ 3 ص 323.
3- فقه السنة للشيخ سيد سابق جـ 2 ص 9 – 15.
4- منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري ص 430.
5- حكمة التشريع وفلسفته جـ 2 ص 9 – 10.
6- خطب الشيخ بن عثيمين ص 557.
7- خطب الشيخ إبراهيم بن علي الناصر جـ 1 ص 309.
غلاء المهور وأضراره
لاشك أن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة إذ به تحصل مصالح الدين والدنيا ويحصل به الارتباط بين الناس، وبسببه تحصل المودة والتراحم ويسكن الزوج إلى زوجته والزوجة إلى زوجها قال تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([10]).
وبالتزوج يحصل تكثير النسل المندوب إلى طلبه كما في الحديث عنه ﷺ أنه قال: « تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم» رواه أبو داود والنسائي، والتزوج أدعى إلى غض البصر وإحصان الفرج والعفة، ونرى أن حياة المتزوج أحسن من حياة الأعزب بكثير فإن المتزوج تكون نفسه مطمئنة وعيشته هنيئة وتتوفر لديه أسباب الراحة والدعة والسكون وتزكو بذلك أمور دينه ودنياه كما في الحديث «إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني» رواه البيهقي، خصوصاً إن وفق لامرأة صالحة قانتة حافظة للغيب بما حفظ الله إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وأن غاب عنها حفظته في نفسها وماله، وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الأمر بالتزويج والترغيب فيه من ذلك قول الله تعالى:
}فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{([11]) وقال تعالى: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{([12]) والأيامى جمع أيم وهو الذي لم يتزوج من الرجال والنساء وفيها حث على التزوج ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر.
وقال أبو بكر الصديق t: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى وقال ابن مسعود t: التمسوا الغنى في النكاح }إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{.
وفي الحديث «ثلاثة حق على الله عونهم المتزوج يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء والغازي في سبيل الله» رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه. قال ابن كثير رحمه الله: والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، فينبغي لمن يستطيع الزواج أن يتزوج امتثالاً لأمر الله ورسوله وإعفافاً لنفسه وزوجته فإنه يحصل بعدم الزواج أضرار كثيرة منها: النظر المحرم الذي هو سهم مسموم من سهام إبليس وهو بريد الزنا وأمراض تعترض الإنسان بسبب التأيم ولكن ويا للأسف نرى كثيراً من الشباب عندهم عزوف عن الزواج الشرعي وهروب عن مسئوليته وفي ذلك خطر عظيم عليهم وعلى أمتهم. وقد قال رسول الله ﷺ الذي هو بأمته رؤوف رحيم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» متفق عليه والباءة مؤونة الزواج وتكاليفه وفي الحديث الحث على النكاح لما فيه من تحصين الفرج وغض للبصر، وعن أنس بن مالك t: أن النبي ﷺ حمد الله وأثنى عليه وقال: «لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» متفق عليه وكثير من الناس اليوم قد لا يستطيع الزواج بسبب غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج وهي مشكلة عويصة أضرت بالمجتمع وحصل بسببها من الظلم الفتيات والفتيان ما الله به عليم، ولم يؤثر عن النبي ﷺ ولا عن أحد من أصحابه والتابعين لهم بإحسان أنهم تغالوا في المهور ولا أمروا بذلك بل ورد في الحديث أن النبي ﷺ قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وابن ماجه والحاكم.
وفي رواية الترمذي: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»، وإسناده حسن وقال عليه الصلاة والسلام: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة» رواه أحمد ورواه البيهقي في شعب الإيمان. وكان صداق أزواج النبي ﷺ وبناته في حدود خمسمائة درهم وزوج امرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن بعد أن قال له التمس ولو خاتماً من حديد فلم يجد شيئاً، متفق عليه.
وتزوج عبد الرحمن بن عوف t امرأة على وزن نواة من ذهب متفق عليه والله تعالى يقول: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا{([13]) وليس من الحكمة ولا من المصلحة التغالي في المهور والإسراف في حفلات الزواج وطلب الأولياء من المتزوج الأموال الباهظة التي يعجز عنها الفقير وتكون سبباً للحرمان من الزواج وتأيم الفتيان والفتيات، والمغالاة في المهور وجعل الزوجة كأنها سلعة تباع وتشترى مما يخل بالمروءة وينافي الشيم ومكارم الأخلاق.
وينبغي لمن لا يستطيع الزواج أن يصوم وأن يستعفف حتى يغنيه الله تعالى من فضله كما قال تعالى: }وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{([14]) وقال ﷺ في الحديث المتقدم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» رواه البخاري ومسلم والوجاء قطع شهوة النكاح. وعلى أولياء الفتيان والفتيات تخفيف المهور وتيسير سبل الزواج ومراعاة الفقراء ومواساتهم وعدم الطمع والجشع وتزويج الأيامى بما يتيسر وبذلك يتحقق التكافل الاجتماعي والتضامن الإسلامي وتسود الأخوة والمحبة والتعاون بين المسلمين الذين هم كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحث على تسهيل الزواج([15])
الحمد لله القائل في كتابه المبين: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([16]) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. حكم فقدر. وشرع فيسر. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله حث على الزواج ورغب في تيسيره وتسهيله لما فيه من المصالح الدينية والدنيوية والعواقب الحميدة. وقال «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»([17]) فصلى الله وسلم على هذا النبي الكريم وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله واعلموا أن في الزواج مصالح كثيرة. منها إعفاف المتزوجين وحمايتهم من الوقوع في الفاحشة يقول ـ ﷺ-: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» الحديث([18]) ومنها حصول النسل الذي يكثر به عدد الأمة وتقوى به جماعتها.
قال ﷺ: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم» رواه أحمد وابن حبان وصححه. ومن فوائد الزواج حصول التعاون بين الرجل والمرأة على مهمات الحياة. فالمرأة تجد في الرجل القوامة عليها بطلب الرزق لها والإنفاق عليها وتولي شئونها التي لا تستطيع القيام بها بحكم أنوثتها وضعفها. والرجل يجد في المرأة ما يكفيه متاعب البيت وتربية الأطفال. وبالجملة فليس المقصود بالزواج قضاء الشهوة فحسب بل هو أسمى من ذلك فهو علاقة حب ومودة وأنس. علاقة تآلف بين القلوب. علاقة بناء للأسرة. بل بناء للمجتمع بأسره ـ إنه هدف جليل. ومقصد نبيل.
أيها المسلمون: من أجل هذه المصالح وغيرها رغب الشرع في الزواج وحث على تيسيره وتسهيل طريقه ونهى عن كل ما يقف في طريقه أو يعوق مسيرته أو يعكر صفوه ـ ولكن الناس بتصرفاتهم السيئة وبما تمليه عليهم شياطين الإنس والجن وضعوا في طريق الزواج عراقيل ومعوقات كثيرة حتى أصبح في زماننا هذا من أصعب الأمور بل هو أصعب الأمور. ومن هذه المعوقات:
أولاً: عضل النساء ـ أي منع المرأة من الزواج بكفئها فإذا تقدم لها خاطب كفء منعت منه إما من قبل وليها أو لتدخل قصار النظر من النساء والسفهاء بحجج فاسدة كأن يقولوا هذا كبير السن هذا فقير هذا متدين مشدد إلى غير ذلك. وما آفته عندهم في الحقيقة إلا أنه لا يوافق مزاج هؤلاء السفهاء. ويوم يتولى السفهاء زمام أمر النساء تضيع المسئولية وتهدر المصالح ويفسد الأمر ـ إنه يجب على ولي المرأة الرشيد الحازم إذا اقتنع من صلاحية الخاطب ورضيته المخطوبة أن يقدم على التزويج ولا يدع فرصة للعابثين والمفسدين قال ﷺ: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»([19]) وفي منع المرأة من التزويج بكفئها ثلاث جنايات ـ جناية الولي على نفسه بمعصية الله ورسوله ـ وجناية على المرأة حيث منعها من كفئها وخوت عليها فرصة الزواج الذي هو عين مصلحتها، وجناية على الخاطب حيث منعه من حق أمر الشارع بإعطائه إياه. ومثل هذا الولي تسقط ولايته على المرأة وتنتقل إلى من هو أصلح منه ولاية عليها من بقية أوليائها ـ بل إذا تكرر منه العضل صار فاسقاً ناقص الإيمان والدين. لا تقبل شهادته عند جمع من العلماء.
ثانيا: ومن معوقات الزواج رفع المهور وجعلها محلاً للمفاخرة والمتاجرة لا لشيء إلا لملء المجالس بالتحدث عن ضخامة هذا المهر دون تفكير في عواقب ذلك ولا يعلمون أنهم قد سنوا في الإسلام سنة سيئة عليهم وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً. وأنهم حملوا الناس عنتاً ومشقة يوجبان سخطهم عليهم وسخريتهم منهم. وأن ضخامة المهر مما يسبب كراهة الزوج لزوجته وتبرمه منها عند أدنى سبب وأن سهولة المهر مما يسبب الوفاق والمحبة بين الزوجين ومما يوجد البركة في الزواج. قال ﷺ: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة» رواه الإمام أحمد. وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t: (لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي ﷺ). وقال ابن القيم: تضمنت الأحاديث: أن الصداق لا يتقدر أقله وأن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين يصح تسميتها مهراً وتحل بها الزوجة. وتضمنت: أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره.
ثالثا: ومن معوقات الزواج تكاليف ابتدعها الناس وتمادوا فيها حتى أثقلت كاهل الزوج ونفرت عن الزواج ـ من ذلك الإسراف في شراء الأقمشة المرتفعة الأثمان وشراء المصاغات الطائلة الباهظة الثمن. والمبالغة في تأثيث غرفة الزوجة. والإسراف والتبذير في إقامة الولائم وإفساد الطعام واللحوم وكلف الزيارات المتبادلة بين أسرة الزوجين وكل هذه الأمور تثقل كاهل الزوج وليست هي في صالح الزوجة، إنما تستفيد منها جيوب أصحاب الدكاكين والمعارض ـ إنها أموال تذهب هدراً. وتضاع سدى. وتسد طريق المسلمين إلى الزواج الذي هو من ضرورياتهم ـ أضف إلى ذلك أن بعض الهمج والرعاع جلبوا إلى المسلمين عادات سيئة وأفعالاً محرمة جعلوها من إجراءات الزواج. من ذلك إقامة السهرات والحفلات في الفنادق وغيرها. واستقدام المطربين والمطربات ليرفعوا أصواتهم بواسطة مكبرات الصوت بالألحان والمزامير. وفي حشود مختلطة من الرجال والنساء ـ ويؤتى بالعروسين أمام الناس لتؤخذ لهما الصور المحرمة وربما تكون العروسة سافرة على هيئة النساء الخليعات. فقد انقلب هذا الزواج إلى بؤرة فساد تعلن فيه محادة الله ورسوله بارتكاب المعاصي. ويتبع ذلك أن الزوج يسافر بزوجته على أثر الزواج لقضاء ما يسمونه بشهر العسل في بلاد خليعة من البلاد الخارجية. ليخلعا هناك جلباب الحياء والحشمة ويعودا إلينا يحملان كل فكرة سيئة وتنكر لدينهم وبلادهم ـ إنها مخاز يندى لها الجبين وتستغيث منها الكرامة ـ ولكن ما لجرح بميت إيلام.
عباد الله: إن عرقلة الزواج بهذه الأمور وبغيرها يترتب عليها مفاسد عظيمة منها: قلة الزواج بسبب العجز عن كلفه مما يفضي إلى الفساد بممارسة الفاحشة بين الرجال والنساء لأن منع المشروع يفضي إلى غير المشروع ـ فكل شيء جاوز حده انقلب إلى ضده.
ومنها: حصول الإسراف والتبذير المحرمين شرعاً في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة.
ومنها: غش الولي لموليته بامتناعه من تزويجها بالكفء الصالح الذي يظن أنه لا يدفع له صداقاً كثيراً. أو لا يبذل هذه الكلف الطائلة فيعدل عنه إلى تزويج من يبذل هذه الأشياء ولو كان غير مرضي من جهة دينه وخلقه ولا يرجى للمرأة الهناء عنده. وهذا هو العضل الذي يعتبر من تكرر منه فاسقاً ناقص الدين ساقط العدالة حتى يتوب إلى الله.
فاتقوا الله عباد الله وتنبهوا لهذا الأمر وأعطوه ما يستحق من أهمية ـ قال الله تعالى: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{([20]).
(نصيحة في الحث على المبادرة بتزويج الفتيات)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يبلغه هذا الكتاب من المسلمين سلك الله بي وبهم صراطه المستقيم وجعلنا جميعاً من حزبه المفلحين آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى قد أوجب على المسلمين التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله والتواصي بالحق والصبر عليه ورتب على ذلك خير الدنيا والآخرة وصلاح الفرد والمجتمع والأمة وقد بلغني أن كثيراً من الناس قد يؤخرون تزويج مولياتهم من البنات والأخوات وغيرهن لأغراض غير شرعية كخدمة أهلها في رعي أو غيره وكطلب الأكثر مالاً أو لترضى بمن لا يناسبها من بني عمها وغيرهم وكذلك من يؤخر زواجها من أجل أن يأخذ بها زوجة له وتأخير تزويج المولية لهذه الأسباب ونحوها من الأمور المحرمة ومن الظلم للموليات من البنات وغيرهن قال تعالى: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{([21]) والأيامى جمع أيم يقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له يقال امرأة أيم ورجل أيم قال ابن عباس رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى فقال }إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ{ وروى الترمذي عن أبي هريرة t قال قال رسول الله ﷺ: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» وروى الترمذي أيضاً عن أبي حاتم المزني t قال قال رسول الله ﷺ «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد» قالوا يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: «إذا جاءكم من ترون دينه وخلقه فانكحوه ثلاث مرات» وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،
الرئيس العام
لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
أهمية الزواج المبكر للفرد والجماعة
بقلم: د. فهد التميمي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فقد جاء الإسلام ليرفع كرامة الإنسان متمثلاً بالمجتمع الإسلامي الذي يتكون من الفرد والجماعة وليربط بينهما برباط قوي ومتين لكل منهما حقوق وعلى كل منهما واجبات. ولما كانت الأسرة هي أساس تكوين الجماعة فقد اهتم بها الإسلام إيما اهتمام ودعا إلى تكوينها وبنائها ونفر عن كل ما يصدعها ويزلزلها.
ولما كان الزواج من أهم أسباب بناء الأسرة فقد اهتم به الإسلام ودعا إليه وحث الناس على المسارعة عليه قال الله تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{([22]) وقال الله تعالى: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{([23]) ويقول ﷺ «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»([24]).
ولما أراد نفر من أصحاب الرسول ﷺ اعتزال النساء ليتفرغوا للعبادة لامهم رسول الله ﷺ عندما قال: (وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)([25]).
ورد ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل. والتبتل يعني: ترك الزواج والانقطاع للعبادة.
ومن هنا حث الإسلام على المحافظة على الأعراض وجعلها إحدى الضرورات الخمس التي لا تقوم الأمة إلا بالمحافظة عليها.
ومن هنا ندرك حكمة الإسلام في تحريم الزنا وعقوبة فاعله في الدنيا والآخرة. قال تعالى:
}وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً{([26]).
ولما أسري برسول الله ﷺ ورأى أناساً يعذبون بمثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع فسأله من هؤلاء فقيل له هؤلاء الزناة. ولذلك فرض الإسلام على الزاني والزانية عقوبة في الدنيا تصل إلى حد الإعدام. فإن كان غير محصن فجلد مائة وتغريب عام وإن كان محصناً فالرجم بالحجارة حتى الموت. قال تعالى: }الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ{([27]) وقد رجم ﷺ في عهده رجلاً وامرأة. وذلك لدفع الناس إلى الزواج الشرعي نظراً لما في الزواج الشرعي المبكر من الفوائد الفردية والاجتماعية وهي كما يلي:
1- في الزواج المبكر إسراع لإحصان المرء ذكراً كان أم أنثى وإعفاف للنفس عن الحرام: ومعلوم أنه كلما كثر الزواج في المجتمع الإسلامي وبكر فيه فذلك من أكبر العوامل على طرد الزنا وتقليله في المجتمع الإسلامي وذلك لما في الزنا من الخطر على الفرد والجماعة من كونه سبباً في تفتيت الأسرة وتشريد الأولاد وكثرة اللقطاء وانتشار الأمراض الجنسية المتعددة وفي كونه سبباً في امتهان كرامة المرأة وسحقاً لإنسانيتها وما واقع المرأة الآن في الغرب والشرق عنا ببعيد. عندما أباحت قوانينهم الزنا سراً وعلناً باعتبار أنه من الحريات الشخصية فكثرت فيهم الأمراض المستعصية كالزهري والسيلان والإيدز والهربس. وكثر الأولاد اللقطاء وصار النسل الشرعي يقل عندهم. حتى أنهم وضعوا حوافز في الأيام الأخيرة لمن يزيد في نسله. وتفتت أسرهم ولم يعد الزوج قادراً على حماية أسرته من الإباحية فللزوجة أن تتخذ ما شاءت من الأصدقاء الذين يمارسون معها كل رذيلة على علم من الزوج الذي بدوره يتأبط مئات الخليلات ويمارس معهن كل رذيلة. وما تبادل الزوجات وإباحة الشذوذ الجنسي وأندية العراة إلا صيحة خطر تبين أنهم يسيرون إلى الهاوية إن لم يعودوا إلى السنن الربانية التي وضعها الإسلام وشرحها للناس منذ أربعة عشر قرناً.
2- من فوائد الزواج المبكر أن فيه المسارعة إلى القضاء على كثير من الأمراض النفسية التي يبتلى بها كثير ممن لم يتزوجوا من ذكور وإناث. ذلك أن هذه الغريزة التي ركبها الله في الإنسان للإبقاء على الجنس البشري تظل مهيأة للخروج في سن مبكرة لدى كل من الذكر والأنثى فبقدر ما ينفس لها في الخروج عن طريق الزواج الشرعي بقدر ما تهدأ نفس هذا الإنسان وتبعد عنه الوساوس والشكوك ويظل إنساناً سوياً يخدم نفسه ومجتمعه. فمعظم العلاجات التي تعطى للشباب والشابات الذين يراجعون العيادات النفسية تظل عقيمة الجدوى لا فائدة منها. ذلك أن علاجها الحقيقي يكمن في الرجوع إلى المنهج الرباني بتقوية الإيمان وتطبيق أحكام الإسلام ومنها المبادرة إلى الزواج الشرعي.
3- في الزواج المبكر نقضي على كثير من الجرائم المتعددة في المجتمع الإسلامي من نحو جرائم الزنا وتعاطي الخمور والمخدرات وتقليل جرائم السرقات والقتل وغيرها من الجرائم المتعددة. ذلك أن معظم هذه الجرائم تحصل بسبب جلساء السوء الذين حذر منهم المصطفى ﷺ عندما قال: «مثل الجليس الصالح كبائع المسك. ومثل جليس السوء كنافخ الكير»([28]) وللشباب نصيب كبير من مثل هذه الجرائم حسب الإحصاءات العالمية. فلو أشغلنا هذا الشاب بالزواج المبكر لانصرف عن جلساء السوء إلى الاهتمام بزوجته وأولاده ولجد واجتهد في تحصيل لقمة العيش فلا مجال عنده ولا فراغ لحضور مجالس السوء فانظر كيف كان الزواج المبكر سبباً من أسباب مكافحة الجريمة ولذلك دعا الإسلام إلى استغلال طاقة الشباب والاهتمام بها وتحويلها إلى ما يفيده ويفيد الفرد والجماعة وحث على توجيه الشباب منذ الصغر إلى الفضيلة وإبعادهم عن الرذيلة واهتم في الجانب التربوي على جميع المستويات قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{([29]) وقال تعالى: }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا{([30]). وقال ﷺ: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»([31]) وقال ﷺ: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع»([32]) ولذلك لفت الرسول ﷺ نظر الشباب إلى أهمية الزواج في فترة الشباب فقال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج»([33]) وبشر ﷺ الشباب الصالح منذ الصغر ببشرى سارة وذلك عندما قال ﷺ: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. ثم ذكر منهم شاباً نشأ في طاعة الله»([34]).
4- إن المسارعة في الزواج المبكر من أسباب كثرة النسل بتقدم ولادتهم فينعكس ذلك على الفرد والجماعة. فالذرية إذا أصلحها الله تعالى تعد ثروة عظيمة يكسبها الفرد في الدنيا وبعد الممات.
أما في الدنيا. فما يحصل للأبوين من البر من أولادهم وقيامهم بشؤونهم ومساعدتهم في كبرهم وجلب الراحة والسعادة لهم قال تعالى: }الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{([35]) وأما بعد مماتهم. فيكسب الميت إحياء ذكره وامتداد نسله وما يحصل عليه من الدعاء الصالح منهم وما يحصل له من قيامه بالحج عنه والأضحية له والتصدق بنية الثواب له وغيرها من القربات التي يفعلها أبناء الميت وحفدته ومعلوم أنها تنفع الميت في قبره. ولذلك لفت الرسول ﷺ إلى ذلك بقوله: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»([36]). وأما انتفاع الجماعة بهؤلاء المواليد الذين أتوا مبكرين بسبب الزواج المبكر: ففي ذلك أكبر خدمة للجماعة حيث استفدنا زيادة سنوات في اشتغالهم بشتى القطاعات المتعددة من زراعية وصناعية وتجارية وقتالية ونحوها مما يعود بفائدته على الفرد أولاً ومن ثم الجماعة. فـ:
الناس للناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
وفي تكثير النسل استجابة لدعوة رسولنا محمد ﷺ عندما قال: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»([37]).
5- في الزواج المبكر تكثير الحسنات للأب والأم لما يحصل لهما من التعب والأرق: فالأب بسبب ما يقوم به من التربية والنفقة ونحو ذلك مما يحتاجه الولد. وأما الأنثى فلما يحصل لها من الحمل والإرضاع وغير ذلك من التعب وما يحصل لهما من الأجر العظيم بسبب موت الأولاد إذا صبروا واحتسبوا لقوله ﷺ: «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة»([38]) أخرجه مالك والترمذي.
6- المسارعة في تعويد الفرد نفسه على تحمل المسئولية والقيام بأعبائها. فالمتزوج مبكراً يحس أن كاهله أصبح ثقيلاً بسبب الزوجة والولد. فتجده يسارع إلى العمل ويترك البطالة. فإن كان طالباً جد واجتهد في تحصيل العلم وتحول هذا الزواج إلى محرك يدفعه إلى الأمام. وإن كان من أهل القطاع الزراعي أو الصناعي أو التجاري أو غير ذلك فهو يحاول مضاعفة إنتاجه بتكثيف نشاطه وزيادة همته. وأنه بهذا يعف نفسه وأسرته عن الكسب الحرام والمسألة وأنه ليكسب الأجر والثواب من الله على هذا العمل الشريف متى ما أصلح نيته.
ولذلك نجد الإسلام يحث على العمل الشريف ويدعو إليه قال ﷺ «لأن يأخذ أحدكم حبله ويذهب إلى الجبل فيحتطب فيبيعها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه»([39]) ومعلوم ما قاله ﷺ بشأن الرجل الذي خرج مبكراً لعمله فقال بعض الحاضرين لو كان جلده في الجهاد فقال لهم رسول الله ﷺ إن كان خرج ينفق على نفسه ليكفها أو فينفق على أبوين شيخين كبيرين أو على أولاد صغار فهو في سبيل الله([40]) وبالعمل الشريف يكثر الخير ويتضاعف الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري وتتقدم الأمة الإسلامية على أسس قوية ونستغني عن أعدائنا ونبني أنفسنا بأنفسنا:
ما حك جلدك مثل ظفرك
فتول أنت جميع أمرك
7- كذلك بالزواج المبكر يتحقق للذكر والأنثى سعادة حقيقية في حياتهما حيث لذة الزواج وما يحصل من أنس الذكر بالأنثى والعكس والتعاون على طاعة الله تعالى ولذلك يقول رسولنا ﷺ: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة»([41]) ويقول ﷺ: «ما أعطي الرجل في دنياه خير من امرأة صالحة إن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته وإن نظر إليها سرته»([42]).
8- بالزواج المبكر نساهم بالتقليل من سفر أبنائنا إلى بلاد الكفر. ذلك أن الشاب إن لم يحمل المسئولية من صغره فهو يتطلع إلى الانفلات والذهاب هنا وهناك وفي هذا السفر للشاب في مثل هذا السن المبكر خطر عليه في دينه ودنياه وفي ذلك إهدار لطاقته المالية والتربوية. لكن لو سهل طريق هذا الشاب إلى الزواج المبكر لربما صرف هذا المال القليل إلى هذا الزواج بدل أن يسافر به. وكم في ذلك من الفوائد على مستوى الفرد والجماعة. ومعلوم أن السفر بهذا المال بدون سبب وجيه يعتبر مضيعة للمال الذي دعا الإسلام إلى المحافظة عليه. قال تعالى: }وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا{([43]) وقد نهى ﷺ عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. ومن هنا طالب الإسلام بالحجر على السفيه والصغير والمجنون وذلك لصالح أموالهم حتى لا يفسدوها فيما يضرهم ولا ينفعهم.
9- وبناء على ما تقدم من المصالح الفردية والاجتماعية، فينبغي تسهيل الزواج من قبل الناس جميعاً. وعلى الجميع أن يدركوا أنه بقدر ما يسارعوا في تزويج شبابهم وشاباتهم بقدر ما يساهموا في حل كثير من المشكلات. ولا تقولوا يفضل سن معين للزواج فلو كان ذلك مستحسن لما عقد ﷺ على السيدة عائشة وعمرها تسع سنوات وإن مما يسهل الزواج المبكر:
1- تكاتف المجتمع على تقليل المهور ما أمكن، فكثير من الناس خاصة بعض الشباب الذين يعولون أنفسهم لا يستطيعون دفع مهور مرتفعة. مما يجعلهم يؤخرون زواجهم إلى سن متأخرة. وفي هذا ضرر على الفرد والجماعة ولذلك يرى الحنابلة عدم المغالاة في المهور لحديث «أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة» ويرى الشافعية الاعتدال في الصداق وألا يزاد على ما أصدق رسول الله ﷺ نساءه وبناته وذلك خمسمائة درهم وقال عمر t: (لا تغالوا بصداق النساء أي بمهورهن فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولى بها رسول الله ﷺ). ويرى المالكية كما في حاشية الدسوقي أنه تكره المغالاة في الصداق وفي بدائع الصنائع للحنفية أن أدنى المهر عشرة دراهم.
ولنعلم أن في تخفيف المهر راحة للزوج من الديون التي تثقل كاهله وفي تخفيف المهور يضطر الناس إلى عدم الإسراف بالولائم. لأن الوليمة تكفي ولو كانت مختصرة.
ألم يقل النبي ﷺ: «أولم ولو بشاة»([44]) فعلى الآباء أن يتقوا الله في شباب الإسلام ولا يكلفوهم ما لا يطيقون ويعملوا على تحصين بناتهم وشبابهم بأسرع ما يكون ويقتدوا برسول الله ﷺ في التيسير في كل أمورهم.
إذن مما يعرقل الزواج ويؤخره تعنت بعض الآباء وشروطهم القاسية التي لا تليق بكرامة المرأة المسلمة فمنهم من يشترط المهر المرتفع الذي لا يطيقه الزوج. ومعلوم حث الإسلام على تقليله كما سبق. ومنهم من يرد الخاطب الذي خطب فلانة لأن فلانة التي تكبرها سناً لم تتزوج. ألم يعلم هذا الأب أن كلاً لا يأخذ إلا نصيبه. ألا يعلم أن كل شيء يسير بقدر فقد يمنع زواج الصغيرات قبل الكبيرة ومن ثم تكبر الصغيرات ويصبحن كلهن عوانس فبدل إن كانت عنده عانساً واحدة أصبح عنده ثلاث أو أربع أو أكثر أو أقل فهل هذا من الحكمة وهل هناك دليل شرعي على مراعاة الترتيب في الزواج، وبعض الآباء يكونوا سبباً في تأخر الزواج حيث يعتبرون الفتاة خادمة لإخوانها الذكور ويقولون لا نزوجها حتى يتزوج جميع إخوانها وفي هذا من الحيف والظلم ما لا يعلمه إلا الله ومن يجهل حديث رسول الله ﷺ عندما قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»([45]) ولم يفرق ﷺ بين الذكور والإناث والأنثى أحق بالشفقة والرحمة حيث أن عصمتها بيد وليها الذي حمل الأمانة من فوق سبع سموات.
قال تعالى: }إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً{([46]).
وبعض الآباء يكونوا سبباً في تأخير الزواج لأنه يقول بنتي لولد عمها والبنت لا تريد ولد عمها. ثم يرد ويقول والله إن تأخذينه أو تمشطينها شيبة. فبأي حق يفرض على هذه البنت رجلاً لا تريده ألم يقل ﷺ «لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الأيم حتى تستأمر قالوا يا رسول الله ما إذن البكر قال صماتها»([47]) فما يسمى (بالتحجير) المشتهر بين بعض القبائل من أعظم أسباب تأخر الزواج ويعد هضماً لكرامة المرأة التي عززها الإسلام، ورفع مكانتها منذ أربعة عشر قرناً فلو رفعت الفتاة المحجرة أمرها إلى القاضي الشرعي لساعد في حل مشكلتها ورفع عنها هذا الظلم المفروض عليها بحكم الأعراف والعادات المخالفة للدين وتعاليمه السمحة. وبعض الآباء يشترط نسباً (أو بلداً) معيناً ويرد كثيراً من الخطاب بحجة أنهم أقل منهم نسباً أو ليسوا من قبيلته ولا من بلده. وفي هذا تأخير للزواج وتفويت للفرص الثمينة التي كان من المفروض حصولها لو بودر بالزواج من المتقدم إذا كان ممن يرضى دينه وأمانته انطلاقاً من قوله تعالى: }وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ{([48]) فالتقوى والدين والأمانة هي المقاييس التي ينظر إليها الشارع. ولذلك يقول رسولنا ﷺ: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه لا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير»([49]) ألم يتزوج ﷺ زينب وقد طلقها مولاه زيد بن حارثة. ألم يزوج الرسول ﷺ فاطمة بنت قيس لأسامة. ألم يتزوج ﷺ صفية بنت حيي بن أخطب وكانت ابنة يهودي. ألم يزوج أبو حذيفة ابنة أخيه هند لمولاه سالم. ألم يبح الإسلام زواج المسلم من الكتابية اليهودية أو النصرانية مع مخالفة المعتقد. وبعض الآباء يشترطون على الزوج شروطاً شكلية ربما لا يستطيع الزوج تحقيقها في أول حياته مثل: اشتراط أن يكون معه سيارة أو يكون معه شهادة مثل شهادتها أو أعلى أو عنده سائق أو شغالة أو يكون ممن يسكن وحده ولا شأن لأبويه فيه. ونحو ذلك من الشروط التي تعرقل الحياة الزوجية وتؤخرها وتكون سبباً في تعطيل مصالح كثيرة فلو حصل التساهل والتسامح لما تأخر كثير من الشباب والشابات عن الزواج إلى سن متأخرة قد تصل بهما أو ببعضهما إلى سن الثلاثين وما فوقها.
2- بعض أولياء الأمور وبعض الفتيات يجعلون الدراسة عقبة أمام الزواج المبكر وفي هذا ضرر على الفتاة وعلى المجتمع من عدة أمور منها أن التعلم الطويل بالنسبة للفتاة في الغالب أنها لا تستفيد منه إذ تتزوج ثم بعد ذلك تنشغل بزوجها وأولادها وتصبح هذه المرأة كغيرها من الفتيات اللاتي تزوجن في سن مبكرة. ومعلوم أن الفتاة إذا ردت نصيبها من الزواج المبكر بحجة الدراسة فإن الخطاب قد ينصرفوا عنها لأن كثيراً من الشباب يفضلون زوجات أقل منهم مستوى علمي وبعض الشباب لا يفضلوا المرأة التي تخرجت من الجامعة وانشغلت بالعمل وجمع المادة مع أن السن قد تقدم بها وبدأت تذبل فحري بالمرأة وولي أمرها أن لا يردوا الخاطب في أي لحظة من اللحظات التي يتقدم لهم إذا رضوا دينه سواء قبل أن تواصل دراستها وعملها أم لم يقبل أن تواصل الدراسة والعمل مع أن بعض الشباب لا يمانعون من مواصلة زوجاتهم للدراسة لأنهم يحسون أن المجتمع بحاجة إلى مثل زوجاتهم للتدريس أو للتطبيب ونحو ذلك مما يحتاجه المجتمع الإسلامي المحافظ.
3- ومما يساعد على الزواج المبكر خاصة بالنسبة للإناث ألا يردوا الرجل صاحب الدين والخلق الفاضل حتى ولو كان متزوجاً إذا كان عنده القدرة الدينية والمالية والصحية على جمع أكثر من امرأة واحدة. فرسولنا ﷺ يقول: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير»([50]) وقال ﷺ «ثلاث لا تؤخرهن وذكر منها الأيم إذا وجدت كفؤاً»([51]) وتزداد المسارعة في تزويج مثل هذا الرجل فيما لو كانت الفتاة مطلقة أو أرملة أو تقدم بها السن أو كان بها عيب خلقي ونحو ذلك من الأسباب.
فلربما يكتب الله لها ذرية صالحة من هذا المعدد أفضل لها من جلوسها كذا من السنوات بدون زوج، وحذار حذار من الرجل الفاسد الذي لا يصلي أو يتعاطى المحرمات كالخمر والمخدرات أو يسافر للفساد ونحو ذلك. حتى ولو كان منفرداً فضرره ينتقل إلى المرأة وإلى أولادها على المدى القريب والبعيد.. وعلى نفسها جنت براقش - وذلك فيما لو قبلته وهو على تلك الحالة حرصاً على الانفراد.
ومن هنا فعلى الرجال المتزوجين خاصة الذين امتن الله عليهم بنعمة الدين والأخلاق الفاضلة والصحة والمال أن يبادروا ويعددوا زوجاتهم وذلك لما فيه من المصالح الفردية والاجتماعية ولما فيه من حل لكثير من المشكلات في المجتمع.
4- وأن مما يؤخر الزواج وقد يحطمه بعد تمامه عدم تمكين بعض أولياء الأمور الخاطب من رؤية ابنتهم بعد الخطبة وقبل العقد. مما يضطر الشاب إلى أن يبحث طويلاً لعله يجد الأسرة التي تقتنع بالرؤية الشرعية وهذا البحث الطويل مما يؤخر الزواج ويفوت فرصاً ثمينة لكل من الذكر والأنثى.
ومعلوم أنه قد يبحث طويلاً ولا يجد من يساعده في ذلك ثم يقدم على الزواج ومن ثم لا يقتنع بهذه الزوجة ويحصل الطلاق. أو الضم مع الكره وعدم الراحة النفسية لأنه لا يستطيع الطلاق بسبب المهر الذي دفعه أو بسبب المجاملة مع أهله أو أهلها خاصة إن كانوا من أقربائه أو بسبب الولد الذي جاء منها. ومعلوم النتائج السلبية التي تحصل من جراء مثل هذا الزواج الذي لم يعتمد على الوضوح الكامل.
ونحمد الله أن ديننا الإسلامي لم يقف حصاة عثرة أمام هذه المشكلة بل حبب للناس أن يعتمدوا على الزواج الكامل الوضوح حيث أجاز الرؤية الشرعية لكل من الخاطب والمخطوبة بشرط عدم الخلوة أي بحضور ولي أمر الفتاة من أب وأخ وإليك الأدلة وأقوال العلماء في هذه المسألة.
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوا إلى نكاحها فليفعل»([52]).
وقال ﷺ للمغيرة لما خطب امرأة «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»([53]). ولما خطب رجل امرأة قال له الرسول ﷺ نظرت إليها قال: لا قال ﷺ «اذهب وانظر إليها»([54]).
يقول أحمد: ينظر الوجه والكفين. وبعض الحنابلة يرى جواز رؤية ما يظهر غالباً كالرقبة والقدم والشعر لأنه زينة لكن لا يمكنه ولي الأمر من الرؤية إلا بعد العزم على تزويجه.
ويقول الإمام مالك: ينظر الوجه والكفين بشرط ألا يقصد اللذة ويعلم أنه سيجاب إلى طلبه.
وللمرأة النظر إلى الرجل كذلك. فقال الشافعية: لها هذا الحق لنفس المعنى الذي بني عليه جواز نظر الرجل إليها. لأنه يعجبها منه ما يعجبه منها.
وفي الواقع أن الرؤية الشرعية فكرة معقولة ومنطقية حتى لا يتورط كل من الذكر والأنثى بشكل لا يريده ومن ثم يحصل الطلاق أو الضم على كره ومجاملة.
5- ومما يساعد على الزواج المبكر ألا يتشدد بعض الشباب في اختيار الإبكار صغيرات السن. فلربما كبيرة مطلقة أو عانساً أفضل بكثير وكثير من هذه الصغيرات سواء في شكلها أو في علمها أو تجاربها في الحياة ومعلوم أن المطلقة أو الأرملة تقنع باليسير من المهر الذي ربما يثقل كاهل الشاب ويجعله يتأخر في زواجه. فهذا رسول الله ﷺ يتزوج السيدة خديجة بنت خويلد. وعمرها أربعون وعمره ﷺ خمس وعشرون سنة: وعلى الناس أن يتعاونوا على قبول من به بعض العيوب الخلقية من الذكر والأنثى ويحتسبوا الأجر والثواب من الله تعالى لقبول مثل هذا الزواج. فلربما كتب الله لهم خيراً كثيراً بسبب الإقدام على الزواج من مثل تلك الحالة. }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ{([55]) وبعض الشباب يحتج بتأخير الزواج بقلة المال وعدم سعة اليد ويقول أنه مشغول بمواصلة الدراسة وتجده خائفاً من أين يدفع المهر. وخائفاً من النفقة على الزوجة والأولاد. وبحق فهذا الخوف لا مبرر له. لأن الله جلت قدرته قد وعد الذين يبادرون إلى الزواج الشرعي بالمعاونة والتأييد وضمن للجميع الرزق من فوق سبع سموات. قال تعالى: }إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{([56]). وقال رسولنا ﷺ «ثلاثة حق على الله عونهم المكاتب يريد الأداء والناكح يريد العفاف والمجاهد في سبيل الله»([57]) رواه النسائي. وقد تكفل الله برزق جميع الكائنات صغيرها وكبيرها. قال تعالى: }وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ{([58]). وقال تعالى: }وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ{([59]) وقال تعالى مؤنباً كفار قريش الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر: }وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ{([60]) وقال تعالى: }وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ{([61]) ولذا فالمطلوب من المسلم الإيمان بالقضاء والقدر وعدم الخوف من المستقبل وأن يتوكل على الله تعالى. ويفعل الأسباب ويترك النتائج إلى الله فهو العليم بكل شيء. ويحسن نيته بإعفاف نفسه وصيانتها عن الحرام. ولذلك يقول الله تعالى: }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{([62]) ويقول الرسول ﷺ: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً»([63]).
6- ومما يساعد على الزواج المبكر أن يقوم أهل الخير والصلاح بتعريف الناس بعضهم على بعض لمن يريد الزواج أو لمن يوجد عنده بنات لربما تقدم بهن السن أو كن مطلقات أو أرامل أو نحو ذلك. وعلى الوسيط ألا يتردد في تعريف من يعرف من الذكور والإناث. وأن يقوم بما يستطيع محاولة التوفيق بينهم وألا يقول لا أستطيع التوسط والتدخل في هذا الموضوع خشية العواقب من طلاق أو مشاحنة بين الزوجين. لأن هذا الكلام مخالف لما دل عليه الدين الإسلامي من الأمر بالإصلاح بين الناس. ومساعدتهم على قضاء حوائجهم وأي شيء أعظم حاجة من حاجة الرجل للمرأة وحاجة المرأة للرجل وهذا العمل إذا قصد به وجه الله فهو من التعاون الذي حثنا عليه الدين الإسلامي. قال تعالى: }وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{([64]) وقال ﷺ «الدال على الخير كفاعله»([65]) وقال ﷺ: «اشفعوا تؤجروا»([66]) وقال ﷺ «والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»([67]) فالذي يظهر من الأدلة أن المسلم يؤجر على ذلك العمل إذا صلحت نيته. والمسلم وهو يقوم بمثل هذا العمل مطلوب منه فعل الأسباب فقط. والنتائج بيد الله تعالى. أما إن يكون مسئولاً عما يحدث في المستقبل من طلاق ونحوه فهذا لا يقول به دين ولا عقل. لأن الله تعالى يقول: }مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ{([68]) ومعلوم: (أن حافر القبر لا يضمن الجنة) وياحبذا لو تولى هذه المهمة بعض أئمة المساجد أو بعض مأذوني الأنكحة. أو يوجد مكاتب بالمدن الرئيسية يشرف عليها رجال، أمناء صالحون يحملون مؤهلات شرعية عالية ويشرف على هذه المكاتب الجهات الشرعية ويوضع لها شروط وقيود تحفظ له أهميته واستمراريته. ولا شك أنه سيقدم خدمات كبيرة جداً في هذا الجانب وسيحل مشكلات اجتماعية ليس بالحسبان حلها خاصة مشكلة الأرامل والمطلقات والعوانس ومن في حكم هؤلاء من أصحاب العاهات ونحوها. ومما هو معلوم أن بعض أصحاب الملل الضالة المنحرفة عن الخط الإسلامي الصحيح صاروا يكثرون نسلهم ويحلون مشكلتهم فيما بينهم حتى وصل بهم الأمر إلى أن يزوجوا بمهر قليل جداً يصل إلى حد لا يذكر. ويزوجوا المجانين وكذلك من حرصهم على الزواج المبكر يزوجون الولد والبنت ولم يتجاوزوا العاشرة من عمره وعمرها. ويمنعوا حبوب منع الحمل فيما بينهم بشتى الطرق. وكذلك الحرص على التعدد حتى وصل الأمر إلى أن يزوجوا الأرملة التي وصلت إلى سن الخامسة والأربعين ولو كانت الرابعة وذلك لاستغلال ما تبقى بها من الذرية قبل أن يصل إليها سن اليأس.
أليس المسلمون الذين هم على الخط الصحيح الذي سار عليه السلف الصالح أولى من غيرهم بالتمسك بهذه الأسس التي دعا إليها الدين الحنيف(*).
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم بقاء المرأة المتزوجة من زوج لا يصلي وله أولاد منها وحكم تزويج من لا يصلي
إذا كانت امرأة متزوجة وزوجها لا يصلي مع الجماعة ولا مع غير الجماعة فإنه لا نكاح بينهما ولا تكون له زوجة لتركه للصلاة.
ولا يجوز أن تمكنه من نفسها وليس له الحق في أن يستبيح منها ما يستبيحه الرجل من زوجته لأنها امرأة أجنبية منه ويجب عليها في هذه الحال أن تتركه وتذهب إلى أهلها وأن تحاول قدر ما تستطيع التخلص من هذا الرجل لأنه كافر بتركه للصلاة.
فعليه نقول ونرجو أن يعلم كافة المسلمين أن أي امرأة زوجها لا يصلي لا يجوز لها أن تبقى معه حتى لو كان لها أولاد منه فإن الأولاد في هذه الحال سيتبعونها ولا حق لأبيهم بحضانتهم لأنه لا حضانة لكافر على مسلم وعلى المسلم الذي يخاف الله أن يعلم أن من عقد زواجاً لابنته على رجل لا يصلي فإن العقد باطل وغير صحيح حتى ولو كان على يد مأذون شرعي فإن من الناس من يخفي الواقع على المأذون فاتقوا الله في نسائكم ولا تعرضوهن للتجارب كما يفعل بعض الناس الآن يزوج ابنته على من لا يصلي ويقول لعل الله يهديه قال الله تعالى }فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ{([70]) أما من تاب وأقام الصلاة فإنه يعقد له عقد جديد والله الهادي إلى سواء السبيل.
إجابة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من إخواننا المسلمين وفقني الله وإياهم لما يحبه ويرضاه وجنبنا جميعاً الوقوع فيما حرمه ونهى عنه آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أما بعد:
فقد شكا إليّ العديد من أهل الغيرة والصلاح ما فشا في المجتمع من ظاهرة المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج وتنافس الناس في البذخ وإنفاق الأموال الطائلة في ذلك وما يقع في الحفلات غالباً من الأمور المحرمة المنكرة كالتصوير واختلاط الرجال بالنساء وإعلان أصوات المغنيين والمغنيات بمكبرات الصوت واستعمال آلات الملاهي وصرف الأموال الكثيرة في هذه المحرمات وكل ذلك مما أدى بكثير من الشباب إلى الانصراف عن الزواج لعدم قدرتهم على دفع تكاليفه الباهظة وإنما الجائز في الأعراس للنساء خاصة ضرب الدف والغناء العادي بينهن إعلاناً للنكاح وتمييزاً له عن السفاح كما جاءت السنة بذلك بدون إعلان ذلك بمكبرات الصوت وحيث أن الكثير من الناس يفعلون تلك الأمور المحرمة تقليداً للآخرين وجهلاً بسنة سيد الأولين والآخرين رأيت كتابة هذه الكلمة نصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فأقول والله المستعان.. من المعلوم أن النكاح من سنن المرسلين وقد أمر الله ورسوله به قال تعالى }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{([71]) الآية وقال تعالى }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ{([72]) وقال النبي ﷺ «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»([73]) وقال في حديث آخر «لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني»([74]) وأن على المسلمين عامة وولاة أمورهم خاصة أن يعملوا على تحقيق هذه السنة وتيسيرها تحقيقاً لما روي عنه ﷺ أنه قال «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»([75]).
وروى مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن قال: سألت عائشة رضي الله عنها كم كان صداق رسول الله ﷺ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا. قالت أتدري ما النش قلت لا. قالت نصف أوقية فذلك خمسمائة درهم وقال عمر t. ما علمت رسول الله ﷺ نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية قال الترمذي حديث حسن صحيح وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن سهل بن سعد الأنصاري t أن النبي ﷺ زوج امرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن وروى أحمد والبيهقي والحاكم أن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها ومع هذه السنة الواضحة الصريحة من أقوال الرسول ﷺ وفعله فقد وقع كثير من الناس فيما يخالفها كما خالفوا أمر الله ورسوله في إنفاق الأموال في غير وجهها فقد حذر الله في كتابه العزيز من الإسراف والتبذير فقال }وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا{([76]) وقال سبحانه }وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا{([77]) وأخبر عز وجل أن من صفات المؤمنين التوسط والاعتدال في الإنفاق فقال تعالى }وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا{([78]) وقال تعالى }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{([79]) فأمر بإنكاح الأيامى أمراً مطلقاً ليعم الغني والفقير وبين أن الفقر لا يمنع التزويج لأن الأرزاق بيده سبحانه وهو قادر على تغيير حال الفقير حتى يصبح غنياً وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد رغبت في الزواج وحثت عليه فإن على المسلمين أن يبادروا إلى امتثال أمر الله وأمر رسوله ﷺ وبتيسير الزواج وعدم التكلف فيه وبذلك ينجز الله لهم ما وعدهم قال أبو بكر الصديق t (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى) وعن ابن مسعود t قال: (التمسوا الغنى في النكاح) فيا عباد الله اتقوا الله في أنفسكم وفيمن ولاكم الله عليهن من البنات والأخوات وغيرهن وفي إخوانكم المسلمين واسعوا جميعاً إلى تحقيق البر في المجتمع وتيسير سبل نموه وتكاثره ودفع أسباب انتشار الفساد والجرائم ولا تجعلوا نعمة الله عليكم سلماً إلى عصيانه وتذكروا دائماً أنكم مسئولون ومحاسبون على تصرفاتكم كما قال تعالى }فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ{([80]).
روي عنه ﷺ أنه قال: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به»([81]) وبادروا إلى تزويج أبنائكم وبناتكم مقتدين بنبيكم وصحابته الكرام والسائرين على هديهم وطريقتهم واحرصوا على تزويج الأتقياء ذوي الأمانة والدين واقتصدوا في تكاليف الزواج ووليمته ولا تغالوا في المهور أو تشترطوا دفع أشياء تثقل كاهل الزوج وإذا كانت لديكم فضول أموال فأنفقوها في وجوه البر والإحسان ومساعدة الفقراء والأيتام وفي الدعوة إلى الله وإقامة المساجد فذلك خير وأبقى وأسلم في الدنيا والآخرة من صرفها في الولائم الكبيرة ومباهاة الناس في مثل هذه المناسبات وليتذكر كل من فكر في إقامة الحفلات الكبيرة وإحضار المغنيين والمغنيات لها ما في ذلك من الخطر العظيم وأنه يخشى عليه بذلك أن يكون ممن كفر نعمة الله ولم يشكرها وسوف يلقى الله ويسأله عن كل ما عمل فليقتصد في ذلك وليتحرى في حفلات الأعراس وغيرها ما أباح الله دون ما حرم. وينبغي لعلماء المسلمين وأمرائهم وأعيانهم أن يعنوا بهذا الأمر وأن يجتهدوا في أن يكونوا أسوة حسنة لغيرهم لأن الناس يتأسون بهم ويسيرون وراءهم في الخير والشر فرحم الله امرءًا جعل من نفسه أسوة حسنة وقدوة طيبة للمسلمين في هذا الباب وغيره ففي الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجره شيئاً»([82]) الحديث. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الزوجة الصالحة(*)
مدح الله سبحانه الصالحات من النساء اللاتي رضين بالمنزلة التي وضعهن الله فيها بقول سبحانه: }فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ{ [النساء: 34].
وقال ابن كثير رحمه الله: }فَالصَّالِحَاتُ{ أي من النساء }قَانِتَاتٌ{ قال ابن عباس وغير واحد: يعني المطيعات لأزواجهن }حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ{.
وقال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله اهـ([84]).
وقال عطاء وقتادة: يحفظن ما غاب عنه الأزواج من الأموال وما يجب عليهن من صيانة أنفسهن لهم([85])، قلت: ويزيد الآية بياناً قول النبي (ﷺ): «إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها -يعني زوجها- دخلت من أي أبواب الجنة شاءت»([86]) وسئل رسول الله (ﷺ) أي النساء خير؟ قال: «التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله»([87]).
هذه هي صفات النساء المؤمنات الممدوحات مع أزواجهن:
1- صالحات، بعمل الخير والإحسان إلى الأزواج.
2- مطيعات لأزواجهن فيما لا يسخط الله.
3- محافظات على أنفسهن في غيبة أزواجهن.
4- محافظات على ما خلفه الأزواج من الأموال.
5- لا يرين أزواجهن إلا ما يسرهم، من طلاقة الوجه، وحسن المظهر، وتسلية الزوج.
إذا كانت إحداهن كذلك فلتبشر إذن بالفوز بمغفرة الله سبحانه وجنته، وقد ثبت عن النبي (ﷺ) أنه قال: «نساؤكم من أهل الجنة الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها، وتقول: لا أذوق غمضاً حتى ترضى»([88]) الودود: أي المتحببة إلى زوجها، والولود: أي الكثيرة الولادة، والعؤود: أي التي تعود على زوجها بالنفع، ومعنى قوله: لا أذوق غمضاً" أي تقول لزوجها: لا أذوق نوماً حتى ترضى، قال المناوي: فمن اتصفت بهذه الأوصاف منهن فهي خليقة بكونها من أهل الجنة، وقلما نرى فيهن من هذه صفاتها([89]) اهـ.
فلتحرص صاحبة الدين أن تكون بهذه الصفة لتنال الجنة.
فصل
في حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح(*)
قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ{ [الحجرات: 13]. وقال تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{ [الحجرات: 10]. وقال: }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ{ [التوبة: 71]. وقال تعالى: }فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ{ [آل عمران: 195]. وقال ﷺ: «لا فضل لعربي على عجمي. ولا لعجمي على عربي. ولا لأبيض على أسود. ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم، وآدم من تراب»([91]).
وقال ﷺ: «إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء. إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا»([92]).
وفي الترمذي: عنه ﷺ: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». قالوا: يا رسول الله! وإن كان فيه؟ فقال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه». ثلاث مرات([93]).
وقال النبي ﷺ لبني بياضة: «أنكحوا أبا هند. وأنكحوا إليه»([94]) وكان حجاماً.
وزوج النبي ﷺ زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه. وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه([95])، وتزوج بلال ابن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف، وقد قال الله تعالى: }وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ{ [النور: 26]. وقد قال تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ{ [النساء: 3].
فالذي يقتضيه حكمه ﷺ اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً. وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث. ولم يعتبر نسباً ولا صناعة. ولا غنى ولا حرية. فجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفاً مسلماً، وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات.
فصل
في قضائه صلى الله عليه وسلم في الصداق بما قل وكثر، وقضائه بصحة النكاح على ما مع الزوج من القرآن(*)
ثبت في "صحيح مسلم": عن عائشة رضي الله عنها: كان صداق النبي ﷺ لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا، فذلك خمسمائة([97]).
وقال عمر t: ما علمت رسول الله ﷺ نكح شيئاً من نسائه، ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية([98]). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. انتهى.
والأوقية: أربعون درهماً.
وفي "صحيح البخاري": من حديث سهل بن سعد، أن النبي ﷺ قال لرجل: «تزوج ولو بخاتم من حديد»([99]).
وفي سنن أبي داود: من حديث جابر، أن النبي ﷺ قال: «من أعطى في صداق ملء كفيه سويقاً أو تمراً، فقد استحل»([100]).
وفي الترمذي: أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله ﷺ: «رضيت من نفسك ومالك بنعلين"؟ قالت: نعم، فأجازه»([101]). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي مسند الإمام أحمد: من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي ﷺ: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة»([102]).
وفي "الصحيحين": أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ، فقالت: يا رسول الله! إني قد وهبت نفسي لك، فقامت طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله، ﷺ: «فهل عندك من شيء تصدقها إياه»؟ قال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله ﷺ: «إنك إن أعطيتها إزارك جلست ولا إزار لك، فالتمس شيئاً»، قال: لا أجد شيئاً، قال: «فالتمس ولو خاتماً من حديد»، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله ﷺ: «هل معك شيء من القرآن»؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال رسول الله ﷺ: «قد زوجتكها بما معك من القرآن»([103]).
وفي النسائي: أن أبا طلحة خطب أم سليم، فقالت: والله يا أبا طلحة، ما مثلك يرد ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم، فذاك مهري، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها، قال ثابت: فما سمعنا بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم، فدخل بها، فولدت له([104]).
فتضمن هذا الحديث أن الصداق لا يتقدر أقله، وأن قبضة السويق، وخاتم الحديد، والنعلين يصح تسميتها مهراً، وتحل بها الزوجة.
وتضمن أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره.
وتضمن أن المرأة إذا رضيت بعلم الزوج، وحفظه للقرآن أو بعضه من مهرها، جاز ذلك، وكان ما يحصل لها من انتفاعها بالقرآن والعلم هو صداقها، كما إذا جعل السيد عتقها صداقها وكان انتفاعها بحريتها وملكها لرقبتها هو صداقها، وهذا هو الذي اختارته أم سليم من انتفاعها بإسلام أبي طلحة، وبذلها نفسها له إن أسلم، وهذا أحب إليها من المال الذي يبذله الزوج، فإن الصداق شرع في الأصل حقًا للمرأة تنتفع فإذا رضيت بالعلم والدين، وإسلام الزوج، وقراءته للقرآن، كان هذا من أفضل المهور وأنفعها وأجلها، فما خلا العقد عن مهر، وأين الحكم بتقدير المهر بثلاثة دراهم، أو عشرة من النص؟ والقياس إلى الحكم بصحة كون المهر ما ذكرنا نصاً وقياساً، وليس هذا مستوياً بين هذه المرأة وبين الموهوبة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ وهي خالصة له من دون المؤمنين، فإن تلك وهبت نفسها هبة مجردة عن ولي وصداق، بخلاف ما نحن فيه، فإنه نكاح بولي وصداق، وإن كان غير مالي، فإن المرأة جعلته عوضاً عن المال لما يرجع إليها من نفعه، ولم تهب نفسها للزوج هبة مجردة كهبة شيء من مالها بخلاف الموهوبة التي خص الله بها رسوله ﷺ، هذا مقتضى هذه الأحاديث.
وقد خالف في بعضه من قال: لا يكون الصداق إلا مالاً، ولا تكون منافع أخرى، ولا علمه، ولا تعليمه صداقاً، كقول أبي حنيفة وأحمد ي رواية عنه. ومن قال: لا يكون أقل من ثلاثة دراهم كمالك. وعشرة دراهم كأبي حنيفة. وفيه أقوال أخر شاذة لا دليل عليها من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا قول صاحب.
ومن ادعى في هذه الأحاديث التي ذكرناها اختصاصها بالنبي ﷺ، أو أنها منسوخة، أو أن عمل أهل المدينة على خلافها، فدعوى لا يقوم عليها دليل. والأصل يردها، وقد زوج سيد أهل المدينة من التابعين سعيد بن المسيب ابنته على درهمين، ولم ينكر عليه أحد، بل عد ذلك في مناقبه وفضائله، وقد تزوج عبد الرحمن بن عوف على صداق خمسة دراهم، وأقره النبي ﷺ، ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلا من جهة صاحب الشرع.
بسم الله الرحمن الرحيم
نصيحة وتنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين وفقني الله وإياهم لمعرفة الحق واتباعه آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فالداعي لهذا الكتاب هو التنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع قد وقع فيها كثير من الناس، منها نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليه على أن يزوجه الآخر أو يزوج ابنه أو ابن أخيه ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو نحو ذلك وهذا العقد على هذا الوجه فاسد سواء ذكر فيه مهر أم لا لأن الرسول ﷺ نهى عن ذلك وحذر منه وقد قال الله تعالى }وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا{ وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي ﷺ نهى عن الشغار وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن الرسول ﷺ نهى عن الشغار قال والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي وقال عليه الصلاة والسلام لا شغار في الإسلام فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده وأنه مخالف لشرع الله ولم يفرق النبي ﷺ بين ما سمى فيه مهر وما لم يسم فيه شيء وأما ما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي عن ابن عمر وليس هو من كلام النبي ﷺ وقد فسره النبي ﷺ في حديث أبي هريرة بما تقدم وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل وليس بينهما صداق فدل ذلك على أن تسمية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك وإنما المقتضى للفساد هو اشتراط المبادلة وفي ذلك فساد كبير لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه إيثاراً لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء وذلك منكر وظلم للنساء ولأن ذلك أيضاً يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله كما أنه كثيراً ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن هرمز أن العباس بن عبد الله ابن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وقد كانا جعلا صداقاً فكتب أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان t إلى أمير المدينة مروان ابن الحكم يأمره بالتفريق بينهما وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله ﷺ فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول ﷺ في الأحاديث المتقدمة وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه عن كونه شغاراً لابن العباس بن عبد الله وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقاً ولكن لم يلتفت معاوية t إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما وقال هذا هو الشغار الذي نهى عنه رسول الله ﷺ ومعاوية t أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول ﷺ من نافع مولى ابن عمر رضي الله عن الجميع، ومن المسائل المنكرة في النكاح ما يفعله بعض الناس من إجبار ابنته أو أخته أو بنت أخيه على نكاح من لا ترضى بنكاحه وذلك منكر ظاهر وظلم للنساء لا يجوز للأب ولا لغيره من الأولياء أن يتعاطاه لما في ذلك من ظلم النساء ومخالفة السنة الثابتة عن النبي ﷺ في النهي عن تزويج النساء إلا بإذنهن ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال إن تسكت وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويستثنى من هذا تزويج الرجل ابنته التي لم تبلغ تسع سنين بالكفء إذا رأى المصلحة لها في ذلك بغير إذنها لكونها لا تعرف مصالحها، ويدل لذلك تزويج الصديق ابنته عائشة أم المؤمنين للنبي ﷺ وهي دون التسع بغير إذنها فالواجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتقي الله في كل أموره وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله في النكاح وغيره وفي اتباع الشريعة والتمسك بهدي الرسول ﷺ خير الدنيا والآخرة والسعادة الأبدية جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وكم جرى بسبب إجبار النساء على من لا يرضين به في النكاح من فتن ومشاكل وشحناء وخصومات وذلك بعض ما يستحقه من خالف الشريعة المطهرة وتابع هواه نسأل الله العافية مما يخالف رضاه، ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنة العم ومنعها من التزويج بغيره وهذا منكر عظيم وسنة جاهلية وظلم للنساء وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم وسفك دماء وغير ذلك فالواجب على من يخاف الله أن يحذر ذلك ويحذره أقاربه وقد أرشد الرسول ﷺ إلى استئذان النساء وأن لا يزوجن إلا برضاهن فالواجب على الأولياء أن ينظروا في مصلحة النساء وأن لا يزوجوهن إلا بالأكفاء ديناً وخلقاً بعد إذنهن وبذلك تبرأ الذمة ويسلم الأولياء من العهدة والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن عليهم بالفقه في دينه والتواصي بطاعته وطاعة رسوله ﷺ وأن يصلح ولاتهم ويمنحهم البطانة الصالحة إنه على كل شيء قدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
حكم المغالاة في مهور النساء
لسماحة مفتي الديار السعودية
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
المتوفي عام 1389 هـ رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكلة غلاء المهور
من محمد بن إبراهيم إلى من يراه من إخوانه المسلمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد، فإن مشكلة غلاء المهور في زماننا هذا من أكبر المشاكل التي يجب الاعتناء بحلها وذلك لما ترتب على غلاء المهور في زماننا هذا من أضرار كثيرة نخص منها بالذكر ما يأتي:
1- قلة الزواج التي تفضي إلى كثرة الأيامى وانتشار الفساد.
2- الإسراف والتبذير المنهي عنهما شرعاً.
3- غش الولي لموليته بامتناعه من تزويجها بالكفء الصالح الذي يظن أنه لا يدفع له صداقاً كثيراً رجاء أن يأتي من هو أكثر صداقاً ولو كان لا يرضى ديناً ولا خلقاً ولا يرجى للمرأة الهناء عنده وهذا مع كونه غشاً فيه العضل الذي يعتبر من تكرر منه فاسقاً ناقص الدين ساقط العدالة حتى يتوب وفيه مخالفة الحديث «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» فلهذا وجب أن نبين ما دلت عليه النصوص في هذا الأمر المهم وما اشترطه العلماء لجواز إكثار المهر بدون كراهة ثم نجيب عما يظنه البعض دليلاً لهذا العمل المنافي لمقاصد الشرع وهو الآية الكريمة }وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ وقضية عمر بن الخطاب مع القرشية. فنقول وبالله التوفيق.
(سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الصداق)
عقد الإمام ابن القيم في كتابه "زاد المعاد" فصلاً خاصاً لقضاء النبي ﷺ في الصداق قال فيه ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "كان صداق النبي ﷺ لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا فذلك خمسمائة". وقال عمر t "ما علمت رسول الله ﷺ نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية". قال الترمذي "حديث حسن صحيح" أ. هـ والأوقية أربعون درهماً. وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أن النبي ﷺ قال لرجل «تزوج ولو بخاتم من حديد» وفي سنن أبي داود من حديث جابر أن النبي ﷺ قال «من أعطى في صداق ملء كفه سويقاً أو تمراً فقد استحل» وفي سنن الترمذي أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله ﷺ «رضيت من نفسك ومالك بنعلين قالت نعم ـ فأجازه» قال الترمذي حديث صحيح. وفي مسند الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة». وفي الصحيحين أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: «يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقال رجل يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة فقال هل عندك من شيء تصدقها إياه قال ما عندي إلا إزاري هذا فقال ﷺ إنك إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً فقال ما أجد شيئاً قال فالتمس ولو خاتماً من حديد فالتمس فلم يجد شيئاً فقال ﷺ هل معك شيء من القرآن قال نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها فقال قد زوجتكما بما معك من القرآن».
قال ابن القيم فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله وإن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين يصح تسميتها مهراً وتحل بها الزوجة وتضمنت إن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وإنها من قلة بركته وعسره.
استحباب الاقتصار على صداق النبي صلى الله عليه وسلم لمن قدر على بذله
قال النووي في شرح حديث عائشة عند مسلم في صداق النبي ﷺ لأزواجه المتقدم ذكره استدل بهذا الحديث على أنه يستحب كون الصداق خمسمائة درهم. وقال ابن قدامة في "المغني" (لا تستحب الزيادة على هذا أي على صداق النبي ﷺ لأنه إذا كثر ربما تعذر عليه فيتعرض للضرر في الدنيا والآخرة). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" (كلام الإمام أحمد في رواية حنبل يقتضي أنه يستحب أن يكون الصداق أربعمائة درهم وهذا هو الصواب مع القدرة واليسار فيستحب بلوغه ولا يزاد عليه).
إنكار زيادة الشخص على المقدار المناسب
لحاله ولو كان دون صداق النبي ﷺ
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة t قال: «جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي ﷺ هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً قال قد نظرت إليها قال على كم تزوجتها قال على أربع أواق فقال له النبي ﷺ على أربع أواق؟ كأنما تنتحون الفضة من عرض([105]) هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصب منه قال فبعث بعثاً بعث ذلك الرجل فيهم».
قال النووي في شرح صحيح مسلم (معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج). واستدل النووي بهذا الحديث على أن استحباب كون الصداق خمسمائة درهم إنما هو في حق من يحتمل ذلك ولا يجحف به.
وقال أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي في "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار" (الحق أن الإنكار على من زاد على المقدار الذي يناسب حاله وحالها لأنه من الإسراف المذموم لا عن مطلق الزيادة فإنها مباحة). وقال القرطبي (هو إنكار بالنسبة إلى هذا الرجل فإنه كان فقيراً في تلك الحالة وأدخل نفسه في مشقة تعرض للسؤال بسببها ولهذا قال (ما عندنا ما نعطيك) ثم أنه ﷺ لكرم أخلاقه دبر انكسار قلبه بقوله "ولكن عسى أن نبعثك في بعث - أي سرية للغزو- فتصيب منه فبعثه" نقل هذا عن القرطبي صاحب "فتح الملهم" قلت ومن أحاديث الباب ما رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط والحاكم في المستدرك عن أبي حدرد الأسلمي أنه أتى النبي ﷺ يستعينه في مهر امرأة قال كم أمهرتها قال مائتي درهم قال لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم. قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (رجال أحمد رجال الصحيح). وقال المناوي في "فيض القدير" (قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي).
(ما يشترط لجواز إكثار المهر بدون كراهة)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" لو قيل أنه يكره جعل الصداق ديناً سواء كان مؤخر الوفاء وهو حال أو كان مؤجلاً لكان متجهاً لحديث الواهبة. قال (والصداق المقدم إذا كثر وهو قادر على ذلك لم يكره إلا أن يقترن بذلك ما يوجب الكراهة من معنى المباهاة ونحو ذلك فأما إذا كان عاجزاً عن ذلك كره بل يحرم إذا لم يتوصل إليه إلا بمسألة أو غيرها من الوجوه المحرمة فأما إن كثر وهو مؤخر في ذمته فينبغي أن يكره هذا كله لما فيه من تعريض نفسه لشغل الذمة). وقال أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (وقد تباهى الناس في الصدقات حتى بلغ صداق امرأة ألف ألف وهذا قل أن يوجد من حلال). وتقدم قول ابن قدامة في "المغني" (لا تستحب الزيادة على هذا أي على صداق النبي ﷺ لأنه إذا كثر ربما تعذر عليه فيتعرض للضرر في الدنيا والآخرة).
ومن هذه النقول يستفاد أن لجواز الإكثار بدون كراهة من الشروط ما يلي:
1- أن لا يكون الصداق كله ديناً.
2- أن لا يقصد الشخص بالإكثار المباهاة.
3- القدرة واليسار.
4- أن لا تكون الطريق التي يتوصل بها إلى الصداق محرمة.
5- أن يكون الصداق كله من الحلال.
الجواب عن قوله تعالى
}وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{
أما قوله تعالى }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ فغاية ما تدل عليه هذه الآية جواز دفع القادر على القنطار لا تكليف العاجز ما لا يقدر عليه بدليل إنكار النبي ﷺ على أبي حدرد الأسلمي إمهاره مائتين وعلى الرجل المتزوج امرأة من الأنصار بأربع أواق صنيعه لكون ذلك لا يناسب حالهما وسنة النبي ﷺ هي المبينة لكتاب الله عز وجل. هذا جوابنا لمن يرى دلالة الآية على جواز المغالاة في الصداق.
أما من لا يرى ذلك فقد سلكوا في الآية مسلكين:
أحدهما: ما ذكره أبو حيان في "البحر المحيط" حيث قال: قال قوم لا تدل على ذلك أي على إباحة المغالاة في الصداق لأنه تمثيل على جهة المبالغة في الكثرة كأنه قيل وأتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد وهو شبيه بقوله ﷺ "من بنى مسجداً لله ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة" ومعلوم أن مسجداً لا يكون كمفحص قطاة وإنما هو تمثيل للمبالغة في الصغر. وقد قال ﷺ لمن أمهر مائتين وجاء يستعين في مهره وغضب ﷺ كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحرة.
ثانيهما: ما نقله أبو حيان عن الفخر الرازي أنه قال (لا دلالة فيها على المغالاة لأن قوله تعالى (وآتيتم) لا يدل على جواز إيتاء القنطار ولا يلزم من جعل الشيء شرطاً لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع كقوله ﷺ (من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين) هذا ما ذكره وبه يتبين أن لا مبرر في الآية لتكليف العاجز ما لا يقدر عليه ولا لعضل النساء والتضحية بكرامتهن في سبيل الوصول إلى الأغراض الشخصية.
(قضية عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم مع القرشية)
أما ما روى أبو يعلى من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال ركب عمر بن الخطاب t منبر رسول الله ﷺ ثم قال أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله ﷺ وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفن ما زاد الرجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم قال ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت (يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم؟ قال نعم فقالت أما سمعت الله يقول }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ الآية. فقال اللهم غفراً كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر فقال أيها الناس إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل. قال أبو يعلى وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل.
فالجواب عن هذه القضية أن قول عمر بن الخطاب t فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل يدل على تقييد ذلك بالقدرة واليسار كما تقدمت الأدلة عليه مع أن زيادة اعتراض المرأة على عمر بن الخطاب في الحديث لها طرق لا تخلو من مقال.
أولها: طريقة أبي يعلى المتقدمة وفيها مجالد بن سعيد قال البخاري في "التاريخ الصغير" (كان ابن مهدي لا يروي عنه) اهـ وفي "الميزان" قال ابن معين وغيره لا يحتج به وقال أحمد يرفع كثيراً مما لا يرفعه الناس ليس بشيء وقال النسائي ليس بالقوي وذكر الأشج أنه شيعي وقال الدارقطني ضعيف وقال البخاري كان يحيى بن سعيد يضعفه. وكان ابن مهدي لا يروي عنه وقال الفلاس سمعت يحيى بن سعيد يقول لو شئت أن يجعلها لي مجالد كلها عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله فعل) أ. هـ. ومن هنا يظهر أشكال جزم بعض أهل العلم بجودة إسناد هذه الرواية.
الثانية: رواية ابن المنذر من طريق قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال عمر بن الخطاب لا تغالوا في مهور النساء فقالت امرأة ليس ذاك لك يا عمر إن الله يقول }وآتيتم إحداهن قنطارًا من ذهب{ قال وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود (فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئاً) فقال عمر إن امرأة خاصمت عمر فخصمته. وفي إسناد هذه الرواية قيس بن الربيع قال البخاري في "التاريخ الصغير" حدثني عمرو بن علي قال كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس بن الربيع وكان عبد الرحمن حدثنا عنه ثم تركه. حدثنا علي قال وكان وكيع يضعف قيساً قال أبو داود أيضاً أتى قيس من ابنه وكان ابنه يأخذ أحاديث الناس فيدخلها في فرج كتاب قيس ولا يعرف الشيخ ذلك. أ. هـ وذكره البخاري في الضعفاء أيضاً وقال النسائي في كتاب الضعفاء والمتروكين قيس ابن الربيع متروك الحديث كوفي.
الثالثة: رواية الزبير بن بكار حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي قال: قال عمر بن الخطاب t لا تزيدوا في مهور النساء وإن كانت بنت ذي القصية يعني يزيد بن الحصين الحارثي فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال قال فقالت امرأة من صفة النساء طويلة في أنفها فطس ما ذاك لك قال ولم قالت أن الله تعالى قال }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ الآية. فقال عمر امرأة أصابت ورجل أخطأ. وهذه الرواية أعلها الحافظ بن كثير في تفسيره بالانقطاع.
الرابعة: رواية إسحاق من طريق عطاء الخرساني عن عمر هذا الحديث بزيادة ثم أن عمر خطب أم كلثوم أي بنت علي وأصدقها بأربعين ألفاً فهذه الرواية أعلها الحافظ بن حجر العسقلاني في تخريج أحاديث الكشاف بالانقطاع هذا وعند البيهقي من طريق حميد عن بكر ما يعارض هذه الروايات بلفظ قال عمر بن الخطاب لقد خرجت أنا أريد أن أنهي عن كثرة مهور النساء حتى قرأت هذه الآية }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ ففي هذه الرواية لو صحت دلالة على أن عمر هو الذي فهم من الآية جواز الكثرة لكنها مرسلة كما في سنن البيهقي كما أن عند عبد الرزاق في مصنفه رواية تعارض رواية اعتراض المرأة بالآية وقبول عمر كلامها فقد روى عبد الرزاق عن عبد العزيز ابن أبي رواد عن نافع قال: قال عمر بن الخطاب لا تغالوا في مهور النساء فلو كان تقوى لله كان أولاكم به بنات رسول الله ﷺ ما نكح ولا أنكح إلا على اثنتي عشرة أوقية. قال نافع فكان عمر يقول مهور النساء لا يزدن على أربعمائة درهم إلا فيما تراضوا عليه فيما دون ذلك قال نافع وزوج رجل من ولده ابنة له على ستمائة درهم قال ولو علم بذلك نكله قال وكان إذا نهى عن الشيء قال لأهله إني قد نهيت عن كذا وكذا والناس ينظرون إليكم كما ينظر الحدا إلى اللحم فإياكم وإياه. هذا لفظ عبد الرزاق فذكر نافع في هذه الرواية أن عمر بن الخطاب لو اطلع على تزوج ولد ابنته بستمائة درهم لنكله. مما يشكك في قضية المرأة ولما ذكرنا تركها أصحاب السنن الأربعة وكثير من أئمة الحديث الذين رووا نهي عمر عن المغالاة بالصداق واقتصروا على استدلال عمر بصداق النبي ﷺ وفي رواية بعضهم بدل اعتراض المرأة زيادة (وإن الرجل ليغلي بصداق امرأته حتى يكون لها عداوة بقلبه وحتى يقول كلفت لكم علق القربة).
وقد نص أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن على أن الرواية المشهورة عن عمر هي التي لم تتعرض لقضية المرأة يضاف إلى هذا كله أن الحديث عند أصحاب السنن الذين تركوا زيادة اعتراض المرأة. من طريق أبي العجفاء هرم بن نسيب وهو وإن كان قد وثقه بعض الحفاظ فقد قال أبو أحمد الحاكم ليس حديثه بالقائم وقال البخاري في حديثه نظر وبهذا تعقب المنذري في مختصر السنن سكوت أبي داود عنه وعبارة البخاري في التاريخ الصغير قال سلمة ابن علقمة عن ابن سيرين نبئت عن أبي العجفاء عن عمر في الصداق قال هشام عن ابن سيرين حدثنا أبو العجفاء وقال بعضهم عن ابن سيرين عن ابن أبي العجفاء عن أبيه في حديثه نظر هذا نص البخاري في تاريخ الصغير وللحديث بلفظ أصحاب السنن عند أبي نعيم في "الحلية" إسناد آخر فإنه رواه في ترجمة شريح من طريق القاسم بن مالك عن أشعث بن سوار عن الشعبي عن شريح قال قال عمر بن الخطاب t فذكره وهذا الإسناد قال أبو نعيم فيه غريب من حديث الشعبي عن شريح والمشهور من حديث ابن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر تفرد به القاسم بن مالك المزني عن أشعث.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
التحذير من أخذ الصور في الأعراس([106])
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروا نعمة الله عليكم بهذا الدين الذي أكمله لكم وأتم عليكم به النعمة وبعث به محمداً ﷺ ليتمم به مكارم الأخلاق فكان هذا الدين دين عبادة ودين أخلاق ومعاملة ألا وإن من أفضل الأخلاق التي بعث الله بها نبيه خلق الحياء فإن الحياء من الإيمان والحياء خلق النبي ﷺ فكان حيياً سخياً كريم الخلق.
إن الحياء من الله والحياء من الناس من صميم دينكم فاستحيوا أيها المؤمنون من الله واستحيوا أيها المؤمنون من الناس لا تضيعوا دينكم أيها المؤمنون بالتهور والتدهور والانحطاط.
لقد سمعنا أيها الناس أنه حصل زواج دخل فيه مع النساء بعض شباب دخلوا لأخذ صور للحفل وأن هؤلاء المصورين كانوا بين النساء يلتقطون صورهن فيا سبحان الله كيف بلغ بنا الحد إلى هذا التدهور وفي هذه السرعة الخاطفة تصوروا عظم الفتنة في تجول هؤلاء الشباب وأخذهم صور النساء وهم في غمرة الفرح بالعرس تحت سيطرة نشوة النكاح وفي ظل التبرج والتطيب ماذا يحصل للجميع من الفتنة إنها لفتنة كبيرة ومحنة عظيمة. أما يستحيي هؤلاء من الله أولاً ومن الناس ثانياً ما الذي سوغ لهم وما الذي أباح لهم أن يتجولوا بين النساء لأخذ صورهن هل يرضى أحد من الناس أن تؤخذ صورة ابنته أو أخته أو زوجته لتكون بين هؤلاء يعرضونها متى شاءوا على من يريدون أو يستمتعون بالنظر إليها متى يشاءون هل يرضى أحد أن تكون نساؤه محلاً للسخرية عند عرض صورتها إن كانت قبيحة أو محلاً للفتنة عند عرضها إن كانت جميلة.
عباد الله ما بالنا ننحدر إلى الهاوية في تقاليد الكفار وأشباه الكفار الذين لا دين لهم ولا أخلاق كيف ندع تقاليدنا المبنية على التستر والحياء بوحي من شريعة الله ورسوله إلى تقاليد جلبناها من غيرنا وغيرنا تلقاها من اليهود والنصارى المستعمرين لأراضيهم مدة طويلة من الزمن كيف نرضى وقد سلم الله بلادنا من استعمار الأوطان أن نستسلم لاستعمار الأفكار والعقول والأديان كيف نرضى وقد من الله علينا بالتقدم بهذا الدين أن نرجع إلى الوراء بتبرج الجاهلية الأولى وأعمال الكافرين كيف يليق بنا وقد أعطانا الله شهامة الرجولة وولاية العقل أن ننتكس فننقاد لسيطرة النساء والسفهاء.
أيها الناس إنكم إن سرتم وراء هذه التيارات بدون نظر ولا رؤية ولا تفكير في العواقب فسوف تندمون وستكون العاقبة وخيمة وسيحل بالبلاد من العقوبة ما يعم الصالح والفاسد }وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{([107]).
أيها الناس احذروا هذه التقاليد المنحرفة وهذه التيارات الجارفة الضالة وقابلوها بقوة الإيمان وسيطرة العقل لتندحر وتقبر في مهدها وإلا فهي كشرارة النار في المواد المشتعلة إن لقيت منكم قبولاً لها واتجاهاً إليها فأنتم ولله الحمد في بلاد محافظة على دينها وعلى أخلاقها وعلى تقاليدها الطيبة فاحذروا أن تخرق سياجكم تلك العادات التي جاء بها من زين له سوء عمله فرآه حسناً ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
إن أخذ صورة للزوج وزوجته عند أول لقاء لا يزيد الزوجين إيماناً بالله ولا مودة في القلب ولا صحة في الجسم وإذا فرض أن المسألة من باب التقاليد المحضة أفليس من الأجدر بنا أن نعتز بتقاليدنا ونحمي كياننا ونربأ بأنفسنا عن أن نكون تبعاً لغيرنا هذا فضلاً عن كون هذه التقاليد هدماً للأخلاق ونقصاً في الإيمان. إن أخذ الصور مع كونه سبباً للفتنة وتداول صور النساء فهو كذلك عرضة للعنة الله سبحانه والتعذيب بالنار لأن النبي ﷺ حذر من التصوير فقال ﷺ «أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون"([108]) وقال "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جنهم»([109]) ولعن رسول الله ﷺ المصورين([110]) وهذه الأحاديث ثابتة عن رسول الله ﷺ فليحذر المصور أن يكون داخلاً فيها فإنه معرض نفسه لذلك والصورة الفوتوغرافية وإن كان من العلماء من أباحها فإن منهم من رأى إنها داخلة في الوعيد وقد قال ﷺ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»([111]) وقال «من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه»([112]) وحتى إذا كانت الصورة الفوتوغرافية مباحة فإنها لا تحل إلا إذا لم يكن فيها محذور شرعي([113]) وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{([114]).
فصل
يسن الختان وقيل يجب ما لم يخف على نفسه([115])
فصل
في هديه ﷺ في الأسماء والكنى(*)
ثبت عنه ﷺ أنه قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله"([117]).
وثبت عنه أنه قال: "أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة"([118]).
وثبت عنه أنه قال: "لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح، فإنك تقول: أثمت هو؟ فلا يكن، فيقال: لا"([119]).
وثبت عنه أنه غير اسم عاصية، وقال: "أنت جميلة"([120]).
وكان اسم جويرية برة فغيره رسول الله ﷺ باسم جويريه([121]).
وقالت زينت بنت أم سلمة: نهى رسول الله ﷺ أن يسمى بهذا الاسم، فقال: "لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم"([122]).
وغير اسم أصرم بزرعة([123])، وغير اسم أبي الحكم بأبي شريح([124]).
وغير اسم حزن جد سعيد بن المسيب وجعله سهلاً فأبى، وقال: "السهل يوطأ ويمتهن"([125]).
قال أبو داود: وغير النبي ﷺ اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب، فسماه هشاماً، وسمى حرباً سلماً، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضاً (تسمى) عفرة سماها خضرة، وشعب الضلالة سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بني الرشدة، وسمى بني مغوية بني رشدة([126]).
فصل
في فقه هذا الباب
لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها، اقتضت الحكمة ان يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:
إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب
وكان ﷺ يستحب الاسم الحسن، وأمر إذا أبردوا إليه بريداً أن يكون حسن الاسم حسن الوجه([127]). وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، كما رأى أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع، فأتوا برطب من رطب ابن طاب، فأوله بأن لهم الرفعة في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب([128])، وتأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو إليه([129]).
وندب جماعة إلى حلب شاة، فقام رجل يحلبها، فقال: "ما اسمك؟" قال: "مرة، فقال: اجلس، فقام آخر فقال: "ما اسمك؟" قال: أظنه حرب، فقال: اجلس، فقام آخر فقال: "ما اسمك؟" فقال: يعيش، فقال: "احلبها"([130]).
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء، يكره العبور فيها، كما مر في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما فقالوا: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما.
حجاب المرأة المسلمة([131])
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فلا يخفى على كل من له معرفة ما عمت به البلوى من تبرج الكثير من النساء وسفورهن وعدم تحجبهن من الرجال، وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم عليهن إبداؤها، ولاشك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة. ومن أعظم أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات لما يترتب على التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة الحياء وعموم الفساد، فاتقوا الله أيها المسلمون وخذوا على أيدي سفهائكم وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن وألزموهن التحجب والتستر واحذروا غضب الله سبحانه وعظيم عقوبته فقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه»([132]).
وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بتحجب النساء ولزومهن البيوت وحذرهن من التبرج والخضوع بالقول للرجال صيانة لهن عن الفساد وتحذيراً من أسباب الفتنة فقال تعالى: }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{([133]) الآية، نهى سبحانه في هذه الآيات نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين، وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وهو تليين القول وترقيقه لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على ذلك، وأمر بلزومهن البيوت، ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا، وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وطهارتهن فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن، ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله سبحانه في هذه الآية }وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{ فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي ﷺ وغيرهن، وقال عز وجل }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([134]).
فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها، وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة، وأن التحجب طهارة وسلامة، فيا معشر المسلمين تأدبوا بتأديب الله، وامتثلوا أمر الله، وألزموا نساءكم بالتحجب الذي هو سبب الطهارة ووسيلة النجاة، قال تعالى }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا{([135]) والجلابيب جمع جلباب والجلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب والتستر به، أمر الله سبحانه جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة فلا يفتنن ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن.
وقال تعالى:
}قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{([136]) الآية أمر سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وحفظ الفروج، وما ذاك إلا لعظم فاحشة الزنا وما يترتب عليها من الفساد الكبير بين المسلمين، ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب ووقوع الفاحشة، وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك فغض البصر وحفظ الفرج أزكى للمؤمن في الدنيا والآخرة، وإطلاق البصر والفرج من أعظم أسباب العطب والعذاب في الدنيا والآخرة، نسأل الله العافية من ذلك.
ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة، ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها خمرت وجهها لما سمعت صوت صفوان بن المعطل السلمي وقالت: إنه كان يعرفها قبل الحجاب([137]) فدل ذلك على أن النساء بعد نزول الآية ـ آية الحجاب ـ لا يعرفن بسبب تخميرهن وجوههن، ولا يخفى ما وقع فيه النساء اليوم من التوسع في التبرج، وإبداء المحاسن، فوجب سد الذرائع وحسم الوسائل المفضية إلى الفساد وظهور الفواحش. ومن أعظم أسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء، وسفرهم بهن من دون محرم، وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ولا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم"([138]) وقال ﷺ: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"([139]) وقال ﷺ: "لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجا أو ذا محرم" رواه مسلم في صحيحه. فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى ومن تشبه بهم واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه، عافانا الله وإياكم من شر ذلك.
ومن أعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" متفق عليه.
ومن أعظم الفساد: تشبه الكثير من النساء بنساء الكفار من النصارى وأشباههم في لبس القصير من الثياب وإبداء الشعور والمحاسن ومشط الشعور على طريقة أهل الكفر والفسق ووصل الشعر ولبس الرؤوس الصناعية المسماة (الباروكة). وقال ﷺ «من تشبه بقوم فهو منهم»([140]) ومعلوم ما يترتب على هذا التشبه وهذه الملابس القصيرة التي تجعل المرأة شبه عارية من الفساد والفتنة وقلة الدين وقلة الحياء فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر ومنع النساء منه والشدة في ذلك لأن عاقبته وخيمة وفساده عظيم ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له وكراهيتهن لما سواه إذا كبرن فيقع بذلك الفساد والمحذور والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات من النساء.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم وتعاونوا على البر والتقوى وتواصوا بالحق والصبر عليه، واعلموا أن الله سبحانه سائلكم عن ذلك ومجازيكم على أعمالكم وهو سبحانه مع الصابرين ومع المتقين والمحسنين فاصبروا وصابروا واتقوا الله وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين، وأسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يصلح ولاة أمرنا ويقمع بهم الفساد وينصر بهم الحق ويصلح لهم البطانة وأن يوفقنا وإياكم وإياهم وسائر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد في المعاش والمعاد إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الحقوق الزوجية([141])
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
أولاً: حقوق الزوجة على زوجها
يجب للزوجة على زوجها حقوق كثيرة ثبتت لها بقول الله تعالى }وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ{([142]) سورة البقرة. ولقوله ﷺ «إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً». رواه الترمذي وصححه ومن هذه الحقوق:
أولاً: نفقتها من طعام وشراب وكسوة وسكن بالمعروف وأن يكون ذلك حلالاً لا إثم فيه ولا شبهة فلا يجوز أن يهدم دينه ويهلك نفسه بالإنفاق عليها من المال الخبيث والكسب الحرام كما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به([143]) فعلى الزوج أن يطعم نفسه وأهله وأولاده حلالاً حتى يؤجر على ذلك لقول الرسول ﷺ إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة. متفق عليه ومعنى يحتسبها أي يقصد بها وجه الله والتقرب إليه وهذا هو أهم ما يجب على الزوج.
ثانياً: أن يعلمها الضروري من أمور دينها إن كانت لا تعلم ذلك أو يأذن لها أن تحضر مجالس العلم لتتعلم ذلك ويحرم عليه منعها إلا أن يسأل هو ويخبرها لقول الله تعالى في سورة التحريم }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{([144]) ولقوله ﷺ: ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان أي أسيرات عندكم متفق عليه.
ثالثاً: أن يلزمها بتعاليم الإسلام وآدابه فيمنعها أن تتبرج ويحول بينها وبين الاختلاط بغير محارمها من الرجال ويأمرها بإطالة ملابسها إن كانت قصيرة ويأمرها بتوسيعها إن كانت ضيقة ويبين لها ما قال الرسول ﷺ صنفان من أهل النار لم أراهما كذا وكذا([145]).
رابعاً: العدل فيجب على الزوج أن يعدل بين أزواجه فإن الله تعالى عندما أباح للرجل الزيادة على الواحدة قيد ذلك بالعدل لقول الله تعالى }إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ{([146]) ولقوله تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً{([147]) ويكون العدل في أمور كثيرة أذكر منها الطعام والشراب والكسوة والسكن والمبيت وقد سأل رجل النبي ﷺ فقال يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال: «أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت» حديث حسن رواه أبو داود، وقال معنى لا تقبح أي لا تقل قبحك الله. كما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال «من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً»([148]).
خامساً: أن لا يفشي سرها وأن لا يذكر عيباً فيها إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها لقوله ﷺ «إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها» رواه مسلم.
سادساً: أن يأمر أهله وأولاده وسائر من في رعايته بالصلاة والمحافظة عليها لقول الله تعالى: }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا{ سورة طه. ولقول الرسول ﷺ: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع». حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن.
سابعاً: أن يسمح لها بالخروج إذا احتاجت إليه كزيارة أهلها وأقاربها وجيرانها وكذلك إذا استأذنته بالخروج إلى صلاة الجماعة وكان خروجها شرعياً بحيث لا تمس طيباً ولا تخرج بزينة تفتن بها الرجال فمن السنة أن يأذن لها ولكنه ينبغي أن ينصحها بأن صلاتها في بيتها أفضل لها.
ثامناً: على الزوج أن يتحمل أذى زوجته ويتغافل عن كثير مما يبدر منها رحمة بها وشفقة عليها وقد أمر الله تعالى بمعاشرة النساء بالمعروف كما أمر بمصاحبة الوالدين فقال تعالى في الوالدين }وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا{ وقال تعالى في النساء }وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{.
تاسعاً: أن لا يسمح لها أن تشتري مجلات خليعة أو تقرأ القصص الفاسقة وأن لا يسمح لزوجته بالاختلاط بالنساء ذوات السمعة السيئة إذ هو الراعي المسئول عنها والمكلف بحفظها وصيانتها لقوله تعالى }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ{([149]) ولقوله ﷺ: «الرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته». متفق عليه.
عاشراً: على الزوج أن لا يسهر خارج المنزل إلى ساعة متأخرة من الليل لما صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: لأبي الدرداء لما بلغ قيام الليل وصيام النهار وإهمال أهله قال له ﷺ «إن لأهلك عليك حقاً»([150]) كذلك في الرجال من لا يحفظ حق زوجته إلا مادام راغباً فيها ومتعلقاً بها فإذا كبرت أو مرضت أو افتقرت طلقها أو أعرض عنها ونسى ما كان بينهما ألم يسمع قول الله تعالى }وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{([151]) سورة البقرة.
ثانياً: حقوق الزوج على زوجته
وللزوج على زوجته حقوق ثابتة لقول الله تعالى }وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{([152]) ولقوله ﷺ: «إن لكم على نسائكم حقاً»([153]) وهذه الحقوق هي:
أولاً: طاعته في المعروف فتطيعه في غير معصية الله تعالى وبالمعروف فلا تطيعه فيما لا تقدر عليه أو يشق عليها لقوله تعالى }فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً{([154]) من سورة النساء.
ثانياً: صيانة عرض الزوج والمحافظة على شرفها ورعاية ماله وسائر شئون منزله لقوله تعالى }فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ{([155]) وقول الرسول ﷺ «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها». متفق عليه.
ثالثاً: تلزم بيت زوجها فلا تخرج منه إلا بإذنه ورضاه لقوله تعالى }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{([156]) سورة الأحزاب.
رابعاً: السفر معه إذا شاء ذلك ولم تكن قد اشترطت عليه في عقدها عدم السفر بها إذ سفرها معه من طاعته الواجبة عليها.
خامساً: تسليم نفسها له متى طلبها للاستمتاع بها لقوله ﷺ "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأت فبات غضباناً عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" متفق عليه.
سادساً: استئذانه في صوم التطوع إذا كان حاضراً غير مسافر لقوله ﷺ "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" متفق عليه.
سابعاً: أن تحسن القيام على تربية أولادها منه في صبر فلا تغضب على أولادها أمامه ولا تدعو عليهم ولا تسبهم فإن ذلك قد يؤذيه منها ولربما استجاب الله دعاءها عليهم فيكون مصابها بذلك عظيم لقوله ﷺ «لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم».
ثامناً: لا تضيعي فراغك سدى ولا تشغليه باللهو بل عليك بالقرآن وتلاوة آياته بالأخص سورة النور لما فيها من الآداب الواجب إحاطة كل فتاة بها وكذلك سورة الأحزاب وبسيرة الرسول وصحابته لقول الله تعالى }وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا{([157]) سورة الأحزاب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
بعض آداب خروج المرأة من البيت([158])
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
الأصل للمرأة أن تجلس في البيت قال الله تعالى }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{([159]) وقال الله تعالى }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([160]) في هذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة وأن التحجب طهارة وسلامة وقد حدد الإسلام لخروج المرأة من البيت للحاجة الماسة بشروط منها:
(1) الخروج للحاجة لا للهو وإضاعة الأوقات كما صح عن النبي ﷺ أنه قال: «أذن لكن في الخروج لحاجتكن»([161]).
(2) الخروج بإذن الزوج أو الولي من الأب أو الأم أو الأخ والعم ولقد قال ﷺ «أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها كانت في سخط الله تعالى حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عنها زوجها». هذا الحديث عن أنس بإسناد صحيح([162]).
(3) أن تطيل المسلمة لباسها إلى أن يستر قدميها وأن تسبل خمارها على رأسها فتستر عنقها ونحرها وصدرها ووجهها لأن الوجه مجمع المحاسن وأن لا يكون حجابها خفيفاً ولا ضيقاً ولا قصيراً بل يكون سميكاً وأن يكون خالياً من الألوان المغرية والزينة الظاهرة ولا متعطرة ولا تلبس ملابس الرجال ولا غيرها مما هو خاص بهم وقد ورد في الأحاديث الصحيحة اللعن للمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال قال تعالى }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ{([163]) وقوله تعالى }وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ{([164]) إلى آخر الآية الكريمة.
(4) وأن تغض نظرها في سيرها فلا تنظر هنا وهناك لغير حاجة وإذا احتاجت إلى محادثة الرجال تتحدث إليهم بعادي الكلام فلا تلين بصوتها ولا تخضع به لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، قال الله تعالى }فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا{([165]) ولقوله تعالى }وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ{([166]).
(5) ترك التعطر واستعمال أدوات الزينة فتخرج من البيت ويجد الناس رائحة العطر منها كما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية»([167]).
(6) تمشي متواضعة في أدب وحياء ولا تتخذ خلاخل ولا حذاء يضرب على الأرض بقوة فيسمع قرع حذائها فربما وقعت الفتنة، وقال الله تعالى }وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ{([168]).
(7) لا ترفع النقاب عن وجهها في الطريق والأسواق ومجامع الرجال إلا أن تضطرها إلى ذلك حاجة وعلى قدر تلك الحاجة.
(8) وإذا دخلت على صديقة لها تزورها فلا تضع ثيابها فقد يكون في البيت رجل يتلصص أو يكون في المجلس امرأة سوء فتصفها لمن يرغب فيها ولا ريب أنه يحرم على المرأة أن تصف امرأة أجنبية لزوجها فقد يدعو ذلك إلى الإثم كما صح عن الرسول ﷺ أنه قال: «لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها»([169]) أي لا تصف لزوجها ما رأت من حسن المرأة.
(9) ولا تسافر المرأة سفر يوم وليلة إلا مع ذي محرم لها لقول الرسول ﷺ: «لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها» وهو زوجها أو من تحرم عليه متفق عليه. وقال رجل يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وأني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال انطلق وحج مع امرأتك([170])، وقد كانت الزوجة من السلف الصالح تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله اتق الله وإياك والكسب الحرام إنا نصبر على الجوع والضر ولا نصبر على النار.
بسم الله الرحمن الرحيم
ما ينبغي أن يحذره المسلم والمسلمة([171])
الحمد لله العليم والصلاة والسلام على محمد ﷺ وبعد:
فلا يخفى على كل من له معرفة ما عمت به البلوى في كثير من البلدان من تبرج الكثير من النساء واختلاطهن وخلوتهن بالرجال الأجانب وتغييرهن لخلق الله تعالى وسفورهن وعدم تحجبهن من الرجال وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن إبداءها ولاشك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة، قال الله تعالى }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{([172]) نهى سبحانه في هذه الآيات نساء النبي أمهات المؤمنين وهن خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وأمرهن أن يلزمن البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنى وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة، وقال عز وجل }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([173]) ففي هذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وقد أوضح سبحانه أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد لهن عن الفاحشة وأسبابها وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة وأن التحجب طهارة وسلامة ومن أعظم أسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء كما صح عن رسول الله ﷺ أنه قال «لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم لها ولا يخلو رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»([174]) وهو زوجها أو من تحرم عليه، فاتقوا الله أيها المسلمون وخذوا على أيدي نسائكم وأمنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى واليهود واعلموا أن السكوت عنهن هو مشاركة لهن في الإثم ومن أعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء"([175]).
وقال: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"([176])، فيا معشر المسلمين تأدبوا بآداب الله وامتثلوا أمر الله وألزموا نساءكم بالتحجب الذي هو سبب الطهارة، أيها الأخوات بهذا التبرج الذميم قد خرجت المرأة المسلمة من السنن الإسلامية والآداب الدينية وبهذا التبرج قد خسرت نفسها وأضاعت كرامتها ولوثت سمعتها وأزالت الثقة منها وأصبح حال المرأة أسوأ من حالها أيام الجاهلية فإنا لله وإنا إليه راجعون، عباد الله ما لكم تركتم بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم يخرجن إلى الأسواق خالعات جلباب الحياء ومتزينات ومتعطرات ولابسات الملابس الضيقة الخفيفة القصيرة والتي تحدد أجزاء الجسم ورافعات العباءة إلى منتصف ظهورهن كاشفات الصدور والنحور ومبديات السيقان والنهود وغيرها وذاهبات بهذا الشكل الفاضح إلى الأفراح والأسواق ويمشي الرجل اليوم إلى جنب المرأة المتكشفة المتعرية جنباً إلى جنب في الشوارع ويتضاحكان بلا حياء ولا خجل وتمد يدها إلى البائع بلا حياء ولا خجل وتتكلم معه، أيتها الأخوات المسلمات إنه يحرم على المرأة المسلمة اختلاطها بالرجال الذين ليسوا من محارمها وخلوتها بهم وتبرجها أمامهم وإبداء محاسنها، يا أيها المسلمون اتقوا الله في نسائكم فكيف تسمحون لنسائكم يذهبن إلى بعض أهل المعارض وغيرهم الذين يجعلون لدكاكينهم أبواباً مسترة بالزجاج والأقمشة وتدخل الفتاة عند صاحب المعرض يخلو بها لا يراهم أحد لقد حرم الله سبحانه وتعالى هذا العمل إنه لا يجوز خلوة الرجل مع المرأة ولو كان أخا زوجها فكيف يخلو بها صاحب المعرض المستور لقد احتاط الإسلام للمرأة من الأقارب وجعل النبي ﷺ مخالطة القريب كالموت حين قال: «إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت» رواه البخاري. والحمو هو أخو الزوج وأقاربه كابن العم ونحوه فإذا كان أقارب الزوج موتاً وهلاكاً للمرأة فكيف بالأجنبي وكذلك التساهل في اختلاط الفتيان بالفتيات وإتاحة المجال للخلوة في البيت مع بعضهم البعض فهذا مما ينشأ عنه الفساد الكثير ومتى تكشفت الفتاة في الأسواق والشوارع وصافحت ومازحت تساهلت بعرضها وتسامحت. لقد حذر الرسول ﷺ عن الخلو فقال: «لا يخلو رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان». رواه الترمذي.
كذلك حذر عليه أفضل الصلاة والتسليم من مس يد امرأة لا تحل له فقال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»([177]) والمخيط كالإبرة وقال ﷺ. «ما من ذنب بعد الشرك بالله أعظم من نطفة وضعها رجل في فرج لا يحل له»([178]) وإن كنت أيتها المؤمنة تخافين من عقاب الله وعذابه الشديد لا تتزيني ولا تتبرجي ولا تلبسي الملابس الفاضحة ولا مغيرة لخلق الله ولا متشبهة بنساء الكفرة من النصارى وأشباههم.
وأما ما عليه النساء اليوم من وضع المكياج والمناكير والمساحيق وتلويث أظافيرها وغير ذلك من التغير الواضح ولا أدري لماذا لم يعجبهن خلق الله تعالى ولقد قال سبحانه }فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ{([179]) سورة الروم. وما الداعي إلى التبديل يا معشر النساء إذا كان هذا هو التقدم فلا أهلاً ولا مرحباً به الذي يجعل الرب غاضباً علينا فويل لهذه المتعلمة المتجاهلة التي لا تستطيع أن تعصي هواها وتستطيع أن تعص خالقها ومولاها وهي تسمع آيات الله تتلى عليها وتفهم أمره المؤكد بالاحتشام ثم تصر على تبرجها متكبرة كأنها لم تسمعها ألم تسمع وعيد الله لها ولأمثالها في قوله تعالى }وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{ سورة الجاثية الآيتان 6/7.
فهذه الظالمة لنفسها التي عرفت الحق ورأت نوراً ثم عصت الله على علم وتغافلت عن أمره على فهم تلك التي ينطبق عليها قول الله تعالى }أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ{([180]) سورة الجاثية إلى آخر الآية فيا لهذه المتبرجة من ضالة غافلة تبيع الجنة بثمن بخس وتشتري الجحيم بثمن غالي. مهلاً أيها الساخرات الضاحكات بالصالحات فإن تضحكن من هذا فسوف يضحكن منكن غداً بين يدي أحكم الحاكمين. قال تعالى }إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ{([181]) سورة المطففين إلى آخر السورة.
أيها الأب كيف أهملت تربية ابنتك الدينية ولم تفكر في سعادتها الأبدية وسعيت على تعليمها العادات والتقاليد الفاسدة وتركتها أيها الأب ترتفع في المدارس على غير هدى تتعلم ما لا ينفعها ولكن يضرها. ولقد حذر النبي ﷺ النساء من لبس الملابس الخفيفة التي تشف عما تحتها ولا تسترها عن أعين الناظرين فقد وصف صنفاً من أهل النار يوم القيامة بقوله ﷺ: «ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». رواه مسلم. معنى كأسنمة البخت: أي يكبرن رؤوسهن بنحو عصابة وغير ذلك لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء»([182]) وذلك بسبب قلة طاعتهن لله ولرسوله ولأزواجهن وكثرة تبرجهن والتبرج هو أنه إذا أرادت الخروج لبست أفخر ملابسها وخرجت تفتن الناس بنفسها فإن هي سلمت لم يسلم الناس منها.
وكذلك ما من امرأة تعبد ربها وتطيع زوجها وتحفظ فرجها وتلزم بيتها إلا رضي الله عنها وأرضاها وثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت»([183]).
إنه لثواب عظيم ما أجدر زوجاتنا أن يحرصن عليها، (جنة عرضها السموات والأرض) تعطى ثمناً لطاعة الزوج وعبادة الله تعالى، ما أرخص الثمن وما أغلى المبيع فإن أمرها زوجها بمعصية الله ورسوله فلا طاعة له لقول الرسول ﷺ: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»([184]).
أختي المسلمة الرجاء التستر العام الذي أمرك الله به في البيت وفي الشوارع والأسواق وفي الأفراح وفي ركوب السيارات والطائرات وغيرها من وسائل المواصلات وفي الدوائر الحكومية بأنواعها وأنت تعلمين ماذا جاء عن الله ورسوله في التي تتكشف عند الأجانب وكل من ليس محرم لها وأنت تعلمين يا أختي المسلمة اللباس الذي شرعه الله تبارك وتعالى لك، أما الذي عليه بعض نساء اليوم من اللباس فكثير منها غير جائز فمن حق القيم عليها أن يلزمها الاحتشام واتخاذ اللباس الساتر والنظر إلى ملابسها إذ هو الراعي المسئول عنها والمكلف بحفظها وصيانتها لقول الله سبحانه }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ{([185]).
ولقوله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{([186]) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «الرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته وكذلك المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها»([187]) فاتقوا الله أيها المسلمون وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن وألزموهن التحجب، وإن المرأة أيها المسلم في كل اتجاهاتها عورة وإكرام العورة سترها وذلك حفظ لشرفها وكرامتها، أيها المسلمون احذروا غضب الله تعالى وانظروا يا عباد الله ماذا فعل الله ببني إسرائيل حينما أهملوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاستحقوا الطرد واللعن والغضب بسبب تركهم النهي عن المنكر والأمر بالمعروف فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم وتعاونوا على البر والتقوى وتواصوا بالحق والصبر عليه وهو سبحانه مع الصابرين ومع المتقين والمحسنين فاصبروا وصابروا واتقوا الله.
أسأل الله الهداية لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات وأن يهدينا ونساءنا إلى سبيل الرشاد والتوفيق لما يحبه ربنا ويرضاه وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.
(نصيحة إلى الأولياء)([188])
إلى كل مسلم إلى كل منصف إلى كل من استرعاه الله رعية من بنات وأخوات وقرائب أسوق هذا الرجاء -فأوصيك أيها المسلم الكريم ونفسي بتقوى الله }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ{([189]) وأوصيك بالإحسان إلى مولياتك من بنات وأخوات وقرائب فهن أمانة في عنقك وقد استرعاك الله عليهن ومن الإحسان إليهن تزويج البالغة من الخاطب الكفء والمبادرة بذلك حينما يتقدم لخطبتها واتخاذ جانب اليسر والتسامح من باب التعاون على البر والتقوى والحذر كل الحذر من وضع العوائق دون تحقيق الزواج أو رفع المهور بحيث يتعذر على الخاطب إحضار المطلوب فيتعطل هو ويلتمس غيرها وقد يجد من يقنع باليسير مع الكفاف والعفاف بينما تبقى مخطوبته الأولى في سجن الوحدة والانفراد والحرمان الذي قد يفضي بها يوماً إلى الترمل والعجز فاتق الله يا أخي المسلم وأحسن إلى مولياتك كما أحسن كثيرون جداً إلى مولياتهم بالمبادرة إلى تزويجهن وتسهيل أمور الزواج وإعانتهن من أموالهم لإظهارهن بالمظهر المناسب، ومنهم من يدفعون تكاليف الزواج والمهور من جيوبهم لوجه الله حينما تكون أحوال الزوج المادية تقتضي ذلك، ومنهم من إذا شعر بحاجة ابنته أو موليته للزواج التمس لها من أقاربه أو من غير أقاربه ممن يتفرس فيه الكفاءة والصلاحية ويدفع المهر من ماله وقد يؤمن لهما مع ذلك النفقة والمسكن كل ذلك لراحة ابنته وإنقاذها من زوبعة الوحدة والوساوس والأفكار السوداء والخواطر المتجهمة وليفوز بثواب إحسانه عند الله حيث أحسن إليها بإخراجها إلى دنيا الحياة الزوجية فأصبحت زوجة وأماً ومدبرة في بيتها وراعية أمينة بعد أن كانت معطلة مطمورة مقهورة معذبة وأحسن إلى نفسه بحسن الاختيار لها وسلم من ظلمها وحرمانها ومآسيها ورعى الأمانة وأصاب السنة والفطرة فأحسن الله إلى كل من أحسن إلى موليته كهذا المحسن ولم يوصد الباب دون الخطاب ولم يعرقل زواجها لأغراضه ومن يفعل ذلك قد خان أمانته وظلم نفسه وعرضها لأعظم مسئولية أمام الله حينما يسأله تعالى لم حرم موليته من الزواج الشرعي ومن الذرية ومن معنويتها ومقامها في المجتمع ولم أيمها وأرملها وحسرها وقسرها وأذلها وأضاع نصيبها وحقوقها في الحياة وعرضها للأخطار والأضرار والأمراض والأفكار ولم خالف فيهن وصية رسول الله ﷺ القائل «استوصوا بالنساء خيراً»([190]): "فإنهن عنوان عندكم ـ أي أسيرات ـ أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله"([191]) الحديث.
وقال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»([192]) فهي وصية نبوية شاملة لازمة الامتثال لما تضمنته من معاني السمو والعطف والرحمة وفيض الإحسان من نبي الرحمة ورسول الهدى ﷺ.
(نهي النساء المؤمنات عن قص شعورهن إلا في الحج والعمرة)([193])
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى وبعد:
فقد نهى النبي ﷺ النساء المسلمات عن التشبه بالرجال بلفظ اللعن الدال على أن فعل ذلك حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وهذا عام فيما فيه مشابهة للرجال فيما يختصون به سواء كان في اللباس أو المشاركة لهم في الأعمال والمصانع والمكاتب والمطابع ونحو ذلك أو في قص الشعور ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال "لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" فقص شعر المرأة منهي عنه لعموم الحديث وقد مضت القرون السابقة على محافظة المرأة على شعر رأسها والعمل على تحسينه وتجميله والرجال على إعفاء اللحى ثم حدثت المشابهة المنهي عنها المخالفة لهدي النبي ﷺ وهدي أصحابه والسلف الصالح والاقتداء بأعداء الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين ومن أدلة النهي عن قص شعورهن ما في ذلك من التشبه بأعداء الإسلام المنهي عنه والوعيد على من فعل ذلك ففي المسند والسنن عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «من تشبه بقوم فهو منهم» وهذا التشبه في قص الشعر سواء كان من الأمام المسمى بالقصة أو من جميع الرأس، وطول شعر رأس المرأة من مظاهر جمالها عند العرب أما قص شيء قليل منه في الحج والعمرة فهو عبادة ومنسك وشعيرة من شعائر الحج وواجب من واجباته ومع ذلك لم يسمح لهن إلا بقص شيء يسير منه ففي المسند عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير» وعن ابن عمر أن النبي ﷺ قال «تجمع رأسها وتأخذ قدر أنملة» رواه سعيد بن منصور فإذا لم يرخص لهن إلا بقص جزء قليل في مناسك الحج والعمرة فما دليل من أجاز لهن القص بلا حدود حتى صارت المرأة المسلمة مع الأسف كالبريطانية والفرنسية والأمريكية في لباسها وقص شعرها وحذائها وأصباغها وتركت السنة خلف ظهرها وتعرضت للوعيد الشديد والله المستعان.
(تحريم اللباس الضيق والشفاف والقصير على النساء)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن من جملة ما أخبر به النبي ﷺ من المعجزات وحذر منه لبس الثياب القصيرة والشفافة والضيقة مجاراة ومشابهة لأعداء الإسلام وسبباً للفتنة والفساد لأهل الإجرام والعقول الضعيفة وامتحاناً لشرف المرأة وكرامتها وفي ذلك الوعيد الشديد.
وهو ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا».
وعن أسامة بن زيد قال «كساني رسول الله ﷺ قبطية كانت مما أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي» فقال لي رسول الله ﷺ «ما لك لم تلبس القبطية قلت يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال رسول الله ﷺ مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها» رواه أحمد والبيهقي والطبراني وابن أبي شيبة قال في المصباح القبطي بضم القاف ثوب كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط والغلالة قال في التهذيب الثوب الذي يلبس تحت الثياب.
وعن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ «بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم» رواه أحمد وأبو داود والطبراني (وإسناده حسن قال شيخ الإسلام ابن تيمية إسناده قوي).
فدلت هذه الأحاديث على تحريم الثياب الضيقة التي تبين مقاطع وحجم أعضاء المرأة ومحاسنها من الثديين ودقة الخصر ونحو ذلك وعلى تحريم اللباس الذي يصف لون البشرة من بياض وحمرة وسواد وعلى تحريم التشبه بغير المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين وأن هذه الثياب محرمة سواء كانت للبيت أو خارجه لإطلاق الأحاديث في ذلك ودلت أيضاً على الوعيد الشديد في ذلك وأن الواجب على المرأة المسلمة تقوى الله سبحانه وأن لا تعرض نفسها للفتنة بها وانتهاك عرضها وشرفها في الدنيا والعذاب في الآخرة فإنها لا تطيقه ولا تتحمله. وأن على المسؤولين منع المدرسات والطالبات من هذه الألبسة الدخيلة على الإسلام والمسلمين المختلفة الأسماء والمتفقة في معارضة هذه الأحاديث الثابتة عن النبي ﷺ وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
أحمد بن عبد الرحمن القاسم
(شرعية احتجاب القواعد من النساء بالخمار عن الأجانب)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد يقول تعالى }وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{([194]) وقد فسر الصحابة رضي الله عنهم الذين شاهدوا الوحي والتنزيل وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ الآية بأن المرأة إذا بلغت سن اليأس فارتفع حيضها لكبرها وطابت نفسها عن الزواج وذهب جمالها أن تخفف من لباسها لعدم الرغبة فيها في الغالب فتترك الجلباب كالعباءة أو الرداء وتقتصر على تغطية وجهها مع سعة ثيابها وطولها أما أن تكشف وجهها وتترك الحجاب فهذا لم يرد فعله في عهد النبي ﷺ وعهد خلفائه والسلف الصالح ولو جاز ذلك لكان قسم كبير من الصحابيات والتابعيات يكشفن وجوههن وإليك الآثار عن الصحابة في تفسير الآية الكريمة فعن ابن عباس قال المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج لما يكرهه الله" رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي وعن ابن مسعود في قوله }فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ{ قال الجلباب أو الرداء رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي وعن مجاهد في قوله }وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ{ قال يلبسن جلابيبهن رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم قال ابن كثير رحمه الله وكذلك روي عن ابن عباس وابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم وقال أبو صالح تضع الجلباب وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار وقال ابن الجوزي قوله (أن يضعن ثيابهن أي عند الرجال ويعني بالثياب الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار وهذا المراد بالثياب لا جميع الثياب وإنما ذكرنا هذا لأن بعض المفتين سامحهم الله يفتون بجواز السفور لكبيرات السن مع مخالفة ذلك للآثار السابقة المفسرة للآية الكريمة وفق الله الجميع لهدي كتابه وسنة رسوله ﷺ والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
أحمد بن عبد الرحمن القاسم
حكمة الإسلام في تعدد الزوجات
الإسلام دين عالمي شامل كامل يصلح لكل العصور والأمكنة. لذا فقد أباح الإسلام تعدد الزوجات ذلك أن الظروف قد تقتضي التعدد لصالح الذكر أو الأنثى أو كليهما فالله تعالى أعلم بما يصلح خلقه فهو المتصف بالعلم المطلق ولا يصف الدواء إلا من علم بالداء. قال الله تعالى }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً{([195]).
وعن عمير الأسدي قال: (أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت الرسول ﷺ فذكرت له ذلك فقال: اختر منهن أربعاً)([196]) وقال ﷺ: «وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني»([197]) وقد أكثر ﷺ من الزوجات وعدد الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم من أهل العلم وممن عدد نساءه الحسين. وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما كثير.
(فهذا سيدنا عمر t يعرض ابنته حفصة على أبي بكر الصديق مع أن عنده امرأة تدعى أم رومان) ولم تكن زوجة أبي بكر مريضة ولا عاقراً.
ولا يحق للأنثى والذكر الاعتراض على مشروعية التعدد فذلك اعتراض على المشرع الخالق الواحد الأحد سبحانه وتعالى }لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{ سورة الأنبياء آية 23.
فكما أن المريض لا يحق له الاعتراض على الصحيح. وكذلك الفقير لا يحق له الاعتراض على الغني. وكذلك المشوه الخلقة لا يحق له الاعتراض على السليم وكذلك العقيم لا يحق له الاعتراض على من يولد له. وهكذا مما لا يعلم حكمته إلا الله فكذلك التعدد لا يعترض عليه ولا تشوه صورته أمام الناس. لأن به حكم وفوائد منها ما نعلمه ومنها ما نجهله. ولما تمنى بعض النساء ما يخص الرجال نزل قوله تعالى: }وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ{ والذي يظهر لنا بعلمنا القاصر أن التعدد تقتضيه الحياة خاصة لفئة من الناس أعطاهم الله نعمة الدين والعقل والصحة والمال وفي الغالب أن الرجال لهم النصيب الأوفر من هذه النعم. ولذا جعل التعدد من نصيبهم دون النساء. فلو أخذنا تركيب الرجل النفسي والجسمي والعضوي وما كلفه الله به من العمل لوجدناه أحق بالتعدد. وإليك تفصيل ذلك فيما يلي:
1- لو جمع الرجل أكثر من امرأة بعقد شرعي لما حصل اختلاط في الأنساب بخلاف العكس. فجهاز الرجل التناسلي يؤهله لذلك بخلاف المرأة.
2- التركيب الجسمي للرجل أصح من المرأة في الغالب فبحكم طبيعة عمله وخلوه من الحيض والنفاس والحمل والإرضاع فيكون جسمه أصح من المرأة التي قضى الله عليها بالحمل والحيض والنفاس والولادة والإرضاع والرجل في الغالب يتحكم بعقله وبواسطته يستطيع إدارة امرأتين وثلاث وأربع وهذا بخلاف من تتحكم فيه العاطفة التي يحتاج إليها لتربية الأطفال والحنان عليهم ولذلك نجد النساء لا يصمدن أمام المشاهد المؤثرة وينسين سريعاً ويبكين لأتفه الأسباب. ومن هنا جاءت شهادتها فيما لا يطلع عليه في الغالب إلا الرجال على النصف من شهادة الرجل كالبيع والشراء ونحو ذلك.
3- وشرع الجهاد بحق الرجال دون النساء حيث الجهاد فيه دماء وجثث لا يتحمل منظرها كثير من النساء.
4- الرجل في الغالب يتمكن من الإنجاب إلى سن متأخرة من حياته بخلاف النساء فإنهن يتوقفن عن الإنجاب في سن مبكرة المعروف بسن اليأس. فالبعض منهن في الأربعين والبعض في الخامسة والأربعين والغالب في الخمسين من عمرها.
5- ويوجد بعض الرجال أعطاهم الله قدرة جنسية زائدة ومعلوم ما يطرأ على المرأة من حيض وحمل ونفاس فالتعدد يساعد على حل المشكلة. ويرى الإمام أحمد بن حنبل في زمانه أن يتزوج الرجل أربعاً.
6- حسب الإحصاءات ثبت أن موت الرجال أكثر من النساء بسبب الحوادث والحروب التي يتعرض لها الرجال أكثر من النساء مما يترتب عليه بقاء نسبة الإناث أكثر من نسبة الرجال فلا حل لهذه المشكلة إلا بالتعدد يضاف إلى ذلك أن نسبة مواليد الإناث أكثر من الذكور مما يضاعف المشكلة حتى يعلم أنه ليس من علاج إلا بالتعدد مع وجود نسبة قليلة من الرجال لا يتزوجون البتة بسبب ظروف النفقة وغيرها. وبعضهم يؤخر الزواج إلى سن متأخرة بخلاف الفتاة التي تكون مستعدة للزواج في سن مبكرة.
7- الرجل بحكم اختلاطه بالناس. قد يكون كريماً أو عالماً يبحث الناس عنه لعلمه أو صاحب جاه. أو تكون طبيعة علمه يحتاج إلى من يساعده. فالرجل في تلك الأحوال بحاجة إلى عدد من النساء يتكاتفن في العناية بشئون الأولاد من جهة وتقديم الخدمة الكاملة للرجل من جهة أخرى فالتعدد يحل كثير من مثل هذه المشكلات.
8- كذلك ما يطرأ على المرأة من عقم أو مرض ونحوهما مثل كراهته لها أو حبه لغيرها ونحو ذلك فأيهما أولى. التعدد. أم الطلاق. الحقيقة أن التعدد أفضل بكثير للمرأة الأولى. والثانية. أما الأولى فسلمت من الطلاق. والثانية استفادت من هذا الرجل الناضج في دينه وعقله وماله. وربما كانت المرأة الثانية مطلقة أو أرملة أو عانساً أو بها عيب خلقي ونحو ذلك.
ولنفرض أن الأولى سليمة من العقم والمرض. نسألها يا مسلمة أين التجرد عن الأنانية أين الإيثار أين التضحية أين الأخوة الإسلامية.
ونوجه السؤال كذلك للمرأة الثانية المترددة في قبول الرجل المتزوج أين الإيثار أين التضحية أين الأخوة الإسلامية ولربما فتح الله للأولى والثانية والزوج خيراً كثيراً وسعة في الرزق والمال والولد وجمع بينهم إذا علم منهم صدق النية. صحيح أن الأولى والثانية قد يكرهون مثل هذا الزواج. ولكن هل المكروه معلومة نتائجه. الجواب "لا" قال تعالى: }وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ{([198]) وقال تعالى: }فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا{([199]).
9- أليس تكثير النسل مطلباً شرعياً. يساعد الأمة في زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري ويسد بهم ثغور المسلمين ويكثر بهم أمة محمد ﷺ يوم القيامة. وبكثرة النسل نستغني عن الأيدي المخالفة لنا في المعتقد والدين. ولذلك يقول رسولنا ﷺ «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»([200]) أليس التعدد وسيلة من وسائل تكثير النسل لهذه الغايات السامية.
10- إن المرأة لا يمكن أن تستغني عن الرجل بأي حال من الأحوال مهما عملت ومهما كسبت ومهما توصلت إلى أعلى المراكز الاجتماعية والثقافية.
11- مما تقدم يتبين لنا أن التعدد أمر يقتضيه النقل والعقل لمصلحة الفرد والجماعة فحري بالمرأة الأولى والثانية والثالثة والرابعة أن يرضوا بما قسم الله لهم ومعلوم أنه لا يأخذ أحد في هذه الدنيا شيئاً إلا نصيبه وحري بالمرأة ألا ترد الرجل المتدين صاحب الخلق سواء كان متزوجاً أم لا ولقد رسم لنا رسول الله ﷺ المقياس الذي نتبعه في ذلك فقال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير»([201]) ولم يفرق ﷺ بين المتزوج وغير المتزوج. المهم الدين والأمانة.
وقال ﷺ: «ثلاثة لا تؤخرهن: الصلاة إذا وجبت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفء»([202]).
ولما سئل أحد السلف ممن تزوج ابنتك.
قال: (أزوجها صاحب الدين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها) دعونا نفترض أن هذه المرأة التي رفضت التعدد أنها تزوجت برجل منفرد لكنه لا يصلي أو يتعاطى المخدرات والخمور والدخان أو يسهر الليالي بما لا فائدة فيه أو يسافر للفساد أو أنه رجل بخيل أو أحمق أو أخرق. أو قد تتزوج برجل كفء ثم يتزوج عليها فوقعت فيما هربت منه. ونقولها بحق إن المرأة العاقلة هي التي تقبل نصف وثلث وربع زوج عاقل متدين خير لها من منفرد يتصف بما مضى من الصفات المنحرفة. وخير لها من أن تمضي زهرة شبابها بدون زوج فتندم ولا ينفع الندم. وما قلناه يتضح إذا حكم العقل. وأبعدت العاطفة. ولذلك جعل الله ولاية المرأة بيد الرجل حتى يكمل النقص الموجود لديها.
قال ﷺ: «لا نكاح إلا بولي»([203]) لذلك فالواجب على الرجال ألا يدخروا وسعاً في تقديم النصح والمشورة لمن جعل الله ولايتها في يده وعليه بذل الجهد في إقناعها بالرجل العاقل المتدين سواء كان معه زوجة أم لا. وعليه أن يصبر في مناظرتها ومقارعتها بالحجة حتى يزول هذا الخوف الذي زرع في قلبها نتيجة الافتراءات على التعدد بسبب المشاهدة والقراءة التي تشوه التعدد.
ولا ننسى حديث بعض النساء اللاتي مررن بتجربة فاشلة مع التعدد إما لحمقها أو بسبب ضعف الوازع الديني لديها فنغصت حياة زوجها فطلقها. أو بسبب أنها وقعت بيد أحمق أو بيد رجل ضعيف الوازع الديني فطلقها. وهذا لا غرابة فيه فقد يظلم وقد يطلق. ولكن مثل هذا الصنيع أليس يحصل من المنفرد الذي ليس عنده إلا زوجة واحدة.
فإذا عرف السبب بطل العجب. وكلنا يعلم أن الدين الإسلامي يحرم الظلم بشتى ألوانه ويحرم ظلم الزوجة. ويزداد تحريم الظلم فيمن عنده أكثر من زوجة ولذلك يقول المصطفى ﷺ «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل»([204]).
إذن ما يفعله بعض الرجال من ظلم لزوجاتهم وتنكر بعضهم لزوجاتهم القديمات أمر لا يقره الشرع ويأثمون على ذلك. ولذلك يستحسن للرجل أن يبادر بالتعدد ما دام أنه في مرحلة الشباب وهذا لصالح زوجته الأولى. حتى يجد في القديمة ما يجده في الجديدة من الحيوية والشباب. وبمبادرته سيساعد في حل كثير من المشكلات.
ولقد بين ﷺ وهو صفوة الخلق طريقة التعامل بين الزوجات فقال ﷺ: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك»([205]).
ومعلوم أن الذي يملكه ﷺ من حيث النفقة والكسوة والمسكن وغيرها مما هو في مقدور الرجل أن يعدل فيه.
والذي لا يملكه الحب ودواعيه فإنه لا يلام شرعاً على ذلك إذا لم يتكلم به أمامهن. فالمقصود هو الميل القلبي الذي لا يتحكم به الإنسان إنما هو إلى الله تعالى والمهم أن يجتهد المسلم ويتحرى العدل ويعقد النية على ذلك والله عليه شهيد ورقيب حتى نكون بحق خير أمة أخرجت للناس. انظر إلى وضع الغرب والشرق.
حينما تنكبوا طريق الإسلام كيف ضلوا وأضلوا فمنعوا تعدد الزوجات وفي المقابل سمحوا بتعدد العشيقات والخليلات فانتشر الزنا وقل الحياء فتبودلت الزوجات وامتهنت الكرامات وتمزقت الأسرة وشرد الأطفال وكثر اللقطاء وتفشت بينهم الأمراض المزمنة كالإيدز والهربس والسيلان والزهري.... }وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{([206]) وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
(أضرار موانع الحمل والتغذية الصناعية للأطفال)
(الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على آخر الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وأصحابه الطيبين).
ابتليت المجتمعات الإسلامية ببلاء التقليد الأعمى للغرب فكلما جد جديد هناك سواء النافع والضار تلقفته أجهزة الإعلام ومهدت له وبينما يتم شحنه وتصديره فإذا ما نزل إلى الأسواق الإسلامية إذا بوسائل الإعلام قد سبقته وحببته إلى النفوس الضعيفة فيتهافت عليه طلابه وهكذا دون تثبت أو اختبار وسواء كان هذا الشيء ضاراً في الدين والصحة والمال إلى آخر ما هنالك من الشرور التي لا تخفى.
والذي أحب أن أتكلم عنه هو بعض أضرار موانع الحمل وكذلك أضرار تغذية الأطفال بالأغذية الصناعية. واستبدال لبن الأم باللبن الصناعي.
فأولاً: أضرار موانع الحمل: ثبت طبياً أن الأقراص المانعة للحمل فيها ضرر على المرأة التي تأكلها، منها:
(أ) ضعف في القوة وضيق في التنفس وسرعة ضربات القلب خصوصاً عند القيام بأي مجهود عملي أو صعود درج أو كثرة مشي.
(ب) اضطراب في العادة الشهرية ونزيف في بعض الأحيان.
(ج) عدم شهية للطعام.
(د) ظهور تورم وترهل في مراق اللحم إلى آخر ما هنالك، الشيء الذي دعا النساء في أوروبا إلى تركها والعدول عنها إلى موانع أخرى ليس لها دخل في الجسم ـ هذا من الناحية الصحية.
(ه) هذه الأضرار المذكورة تصيب المرأة التي سبق أن أنجبت أما البكر فهي أشد تعرضاً للأخطار مع إصابتها بخطر العقم الدائم إذا تناولت مانعاً للحمل وهي لا تزال بكراً.
أما من الناحية الدينية فلا يحل لامرأة صحيحة متعافية لا تشكو من مرض لا يحل لها أن تأكل مانعاً للحمل بالكلية فهذا لا يجوز أبداً إلا في حالات نادرة جداً عند بعض النساء التي ربما يكون لديها مرض عضال يكون الحمل معه سبباً للوفاة.
لأنه من المعروف أن الإسلام يأمر بتكثير سواد المسلمين والرسول عليه الصلاة والسلام يحث الأمة على التزاوج واختيار الولود من النساء ولو كانت سوداء على المرأة الحسناء لكنها عاقر. ويفيد عليه الصلاة والسلام أنه مكاثر بنا الأمم يوم القيامة.
أضرار التغذية الصناعية على الأطفال
مما لا شك فيه أن كل أبوين يريدان لأطفالهما الصحة والعافية:
وقبل أن أكتب بعض أضرار التغذية الصناعية.
تعالوا بنا لنلقي الضوء على مدى تكريم الله للإنسان وتشريفه له منذ أن تنفخ فيه الروح وهو في رحم أمه إلى أن يعقل فيكلفه الله بعبادته فقد ثبت في الحديث الشريف أن الله يرسل ملكاً إلى الجنين وهو في بطن أمه فيؤمر بكتابة رزقه وأجله وشقي أو سعيد([207]) كذلك يراعي الإسلام الأم الحامل ويأمر بالرفق بها حفاظاً عليها وعلى جنينها فالصيام مثلاً ركن من أركان الإسلام ومع ذلك فالحامل إذا خافت على نفسها أو على جنينها في بطنها أو طفلها الرضيع إذا خافت عليه حق لها أن تفطر وتقضي مكانه إذا زال العذر.
ثم إن وضع الجنين في بطن أمه وضع عجيب فالله تعالى قد حماه وهو في رحم أمه من تقلبات الجو الخارجية فنجد أن الأم الحامل في فصل الصيف تتصبب عرقاً بينما الجنين في بطنها لا يحس بشيء من ذلك إذ أن جو الرحم مكيف له تكييفاً لا يزيد ولا ينقص بل ثابت على درجة حرارة مناسبة، وكذلك بالنسبة لفصل الشتاء فتجد أن الجو شديد البرودة والناس يحتمون منه بالوسائل المعروفة وتتعرض الحامل للبرد بينما الجنين في بطنها لا يحس بالبرد إذ أن لديه تدفئة طبيعية ومناسبة فسبحان الخلاق العظيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
ثم إن وضع الجنين في رحم أمه له وضع يناسب كل حالة من حالات وضع الأم فهي واقفة له وضع وهي جالسة له وضع وهي نائمة على جنبها الأيمن أو الأيسر أو على ظهرها فللجنين أوضاع وهيئة وجلوس ونوم على حسب هذه الحالات.... وهكذا حتى لو تدحرجت الأم مع الدرج أو سقطت من عال فللجنين وضع يتناسب والحادث.
وهكذا بالنسبة للأمراض والأوبئة فالجنين في رحم الأم في مأمن منها وما ذكرت هو قليل من كثير من رحمة الله وتكريمه لبني الإنسان فكيف ببعض الناس يجني على طفله ويحرمه رزقاً ساقه الله إليه وذلك بالعدول عن إرضاع الطفل من أمه وإعطائه حليباً صناعياً بحجة أن الأم ليس فيها حليب أو حفاظاً على صحتها وهذا خطأ واعتداء على حق وحرمة الطفل فالله تعالى هو الذي أمر بإرضاع الطفل من أمه حولين كاملين وحاشا الله أن يأمر بذلك ولا يوجد الحليب في ثدي المرأة حولين كاملين قال الله عز وجل }وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{ الآية 232 من سورة البقرة.
فهذا إرشاد من الله للوالدات أن يرضعن أولادهن حولين كاملين فالله الخالق المدبر الرزاق الذي أوجد هؤلاء الأولاد من ماء مهين قادر على أن يوجد اللبن في صدر المرضع ولمدة عامين، دون أن يؤثر ذلك على المرضع أو أن ينقص من صحتها، كما يتوهمه من لا علم عنده بحكمة الله وقدرته، وإلا لو تفكر بالحيوانات الثديية لوجد أنها تلد خمسة وستة وأقل وأكثر وبقدرة الله تغذي جميع ما تلد دون الاستعانة بأحد إلا الله الواحد الأحد.
قد تدعي بعض النساء أن صدرها ناشف وليس فيها لبن فكيف تصدق وقد تلونا قبل قليل قول الله عز وجل }وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ..........{ الآية... فهل تصدق المرأة بادعائها وهذا قول الله، ثم قد لا يكون بها لبن في الأيام الأولى للولادة وهنا تعالوا نلقي نظرة على حياة المولود في أسبوعه الأول ومن أين يتغذى، فمن حكمة الله جل وعلا أن أي مولود جديد يخرج للدنيا سواء من بطن الأم أو من بطن البيضة فإن الله عز وجل يزوده بغذاء يكفيه بينما يحضر طعامه الجديد ثم يأمر كبد الأم أن تفرز غذاء خاصاً ذا تركيب مركز يتزود به الجنين قبل أن يترك رحم الأم ثم بعد خروجه للدنيا يكون معه من الغذاء ما يكفيه لمدة من أربعة إلى سبعة أيام... مع أن هذا الغذاء به مخزون لتغطية نقص الفيتامينات والغذاء لمدة ستة أشهر قادمة فيما لو أعطى الطفل غذاء ناقصاً مع أنه يشتمل أي هذا المخزون على مادة وقائية لكثير من الأمراض... فالطفل لا يحتاج في أيامه الخمسة الأولى إلى شيء إلا أن حنك بتمر فطيب كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحنك صبيان الصحابة فقد كانوا عندما يولد لأحدهم مولود قبل أن يذق أي مطعوم يأتي به إلى النبي ﷺ فيأخذ تمراً ثم يلوكه بفمه الشريف ويختلط التمر بريقه عليه الصلاة والسلام ثم يطعمه الطفل فيكون أول ما يدخل فمه ريق النبي عليه الصلاة والسلام...
وهذه المدة أي الأسبوع الأول لولادة الطفل كافية لتحضير اللبن بقدرة الله بصدر الأم، فيكون الطفل محتاجاً للغذاء ومستعد لالتقام ثدي أمه بل أن رضاعته في هذا الوقت ضرورية جداً لأن ثدي الأم يكون مستعداً الآن بغذاء عظيم الفائدة يسمى بلغة الطب المسمار وهو ما يسمى باللبأ وهو مهم جداً لأنه يبني عظام الوليد ويقويه على مقاومة الأمراض فقد قيل على قوله تعالى }إِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى{([208]) لو رفضت الأم إرضاع ولدها فللحاكم إجبارها على إرضاعه باللبأ لأنه لا يوجد حليب يقوم مقامه.
كما أنه ثبت طبياً أن إرضاع الوليد للبأ ضروري له كما أنه ضروري للأم أيضاً لأنها بإرضاعها وليدها إياه تساعد بذلك على سرع التئام رحمها لأن الرحم يكون بحجم المولود عندما يتركه فإذا قامت الأم بإرضاع مولودها اللبأ فإن الرحم يلتئم ويتقلص بإذن الله ويرجع إلى وضعه الطبيعي إلى أن يكون بحجم الكمثرى.
أما إن لم ترضع في أيامها الأولى.... فتصاب بما يأتي:
1- بالتهاب الرحم وتأخر التئامه مع ما يحصل من نزيف مؤذ وربما تعفن بالرحم والتهابات شديدة.
2- يكون ذلك سبباً لنضوب اللبن وجفاف الثديين لأن الثدي كما يقال إن حرك در وإن ترك قر.
الإرضاع سبب لتأخر الحمل....
يلاحظ أن بعض النساء تحمل بسرعة وهذا بسبب عدم إرضاعها مولودها فالمرأة التي ترضع غالباً لا تحمل إلا بعد أن تفطم ولدها.
· عدم الإرضاع يسبب سرطان الثدي:
ثبت طبياً أن عدم الإرضاع من الثدي يسبب السرطان فيه فتدل الإحصائيات أن 17% من النساء اللائي استؤصلت أثدائهن بسبب السرطان والأورام الخبيثة حصل ذلك لهن لعدم استعمال الثدي لما خلق له وهو الإرضاع.
· معظم وفيات الأطفال بسبب عدم إرضاعهم من أمهاتهم.
ثبت طبياً حسب الإحصاءات الأخيرة أن 20% من وفيات الأطفال سببها عدم إرضاعهم من أمهاتهم، وأن السلامة 100% للأطفال الذي يرضعون من أمهاتهم، إذ أنه ثبت أن السرطان لم يكن فيما سبق يصيب الأطفال لأنه من مرض الكبار أما وقد غذوا تغذية صناعية فإن السرطان بدأ يصيب الأطفال والحالة هذه كما يشير بعض الأطباء أن سبب مرض السرطان للأطفال جاء أيضاً من أقراص موانع الحمل التي كانت الأم تأكلها قبل أن تحمل بهذا المولود مع أن معظم النساء التي تستعمل حبوب موانع الحمل دون حاجة إليها ودون أخذ رأي الطب فيها فحصل لبعضهن ولادات غير طبيعية كما أن بعضهن ولدن أولاداً مشوهين أو ناقصي الخلقة وما ذاك إلا عقوبة عافانا الله من الشر وغفر للجميع ما ارتكبوه من الآثام.
وبعد يا أختي المسلمة...
اتقي الله فالله يقول لك لا تضار والدة بولدها وأي ضرر أكبر من حرمانه من رزق ساقه الله إليه، وثقي أنك باعتمادك على الله فإن اللبن سيوجد في صدرك ويتربى ولدك عليه ويسلم من الأمراض، كما أن في ذلك سلامتك أنت فجربي الرجوع إلى الله وإلى أمره فالله أصدق القائلين... فبمجرد أن يلامس فم طفلك ثديك سوف يدر عليه ويتربى المولود على حبك وحب ذويه ويكون صالحاً معافى أما إن ترك الصبي إن بكى وضعت في فمه الرضاعة التي تكون سبباً لنقل الأمراض لتعرضها للجراثيم ثم بعد ذلك يقدم له الحليب الصناعي. فاعلمي أن ثديك سوف يجف من اللبن وابنك سوف يرضى بالأمر الواقع ويشرب ما قدم له ويظهر ضعيف البنية هش العظام مع تعرضه للأمراض الجسمية والنفسية إذ أنه ثبت أن الأطفال الذين تغذوا تغذية صناعية فقدوا كثيراً من آدميتهم وأصيبوا بكثير من الأمراض النفسية والجسمية... حتى أن التجارب أثبتت أن معظم الجرائم الكبيرة كالقتل والخطف والسرقة في البلاد الأوروبية لا يقوم بها إلا أولئك الذين غذوا تغذية صناعية وتولت دور المحاضن تربيتهم، كما أنه يلاحظ في الآونة الأخيرة ظهور العقوق في الأولاد وعدم انصياعهم لأوامر الوالدين من أولئك الذين لم يتغذوا من أمهاتهم.
فعليك أختي المسلمة الرجوع إلى أمر الله تعالى وتنفيذه بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية ليحصل ارتباط ولدك بك ارتباطاً وثيقاً فيكون ذلك سبباً في إظهار جيل قوي البنية نافع لوالديه ولمجتمعه والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف([209]).
والتجربة أكبر برهان ودليل كما يقال ـ فهل الجيل الأول مثل جيلنا الحاضر وهل تشتكي المرأة الأولى ما تشتكيه امرأة الوقت الحاضر من الأمراض والالتهابات في الأرحام ومن تعرضها للنزيف الهائل الذي قد يؤدي بحياة كثيرات من أولئك النسوة التي ابتليت بهذه الأدواء نتيجة لتغيير فطرة الله التي فطر الناس عليها.
أرجو الله أن يوفق الجميع رجالاً ونساء إلى الرجوع إلى كتاب ربنا وتوجيه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي لم يترك خيراً في الدنيا والآخرة إلا وجهنا إليه... وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
عبد الله بن الشيخ علي الغضية
بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام المولود
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد:
فهذه نصيحة فيما يتعلق بالأحكام المتعلقة بالمولود من ولادته إلى بلوغه فأقول:
أولاً: المطلوب بعد ولادته:
1- استحباب البشارة لقوله تبارك وتعالى: }فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ{([210]) وقوله }أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى{([211]).
2- استحباب تحنيكه عندما يولد ـ والتحنيك مضغ تمرة ثم يدلك بها حنك المولود ـ لحديث أبي موسى (t) قال "ولد لي غلام فأتيت به النبي (ﷺ) فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة"([212]).
ثانياً: المطلوب في اليوم السابع:
1- حلق الرأس والتصدق بوزن الشعر فضة، لقوله (ﷺ) لفاطمة لما ولدت الحسن «احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين»([213]).
2- التسمية: وتجوز في اليوم الأول أو الثالث إلى اليوم السابع يوم العقيقة لقوله (ﷺ) «ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم»([214]) وعلى الوالد أن يحسن اسم مولوده.
3- الختان: وهو من سنن الفطرة لقوله (ﷺ) «الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط»([215]) ولقوله ﷺ للرجل الذي أتاه فقال: قد أسلمت يا رسول الله قال (ﷺ): «ألق عنك شعر الكفر واختتن»([216]) ووقت الختان: قيل في أيام الأسبوع الأولى من ولادته، وقيل إلى مشارفة سن البلوغ، والصحيح والأفضل هو اليوم السابع لحديث جابر قال «عق رسول الله (ﷺ) عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام»([217]). وهو واجب في حق الرجال، ومكرمة في حق النساء لقوله (ﷺ): «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»([218])، وكان (ﷺ) يقول لأم عطية «أشمي ولا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل»([219]) وختان المرأة جلدة كعرف الديك فوق الفرج.
ثالثاً: العقيقة وأحكامها:
1- العقيقة: ومعناها لغة: القطع، وشرعاً: الذبح عن المولود.
حكمها: سنة مؤكدة لقوله (ﷺ) وفعله، فأما قوله: فهو ما أخرجه البخاري في صحيحه عن سلمان الضبي قال: قال رسول الله (ﷺ): «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى»([220]) وأما فعله: فلحديث ابن عباس، أن رسول الله (ﷺ) «عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً»([221]) وفي رواية أخرى عن أنس: "كبشين"([222]) ولحديث سمرة قال: قال رسول الله (ﷺ) «كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه»([223]) ووقتها: قال الإمام أحمد "تذبح يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربعة عشر، فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين"، ولما رواه البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها([224]).
2- المثل والمفاضلة بين الذكر والأنثى: العقيقة في حق الجنسين مشروعة وليس هناك خلاف إلا في المفاضلة، فإنه يعق عن الغلام شاتان، وعن الأنثى شاة واحدة، لحديث عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (ﷺ): «عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة»([225]) وفي رواية أخرى "أمرنا رسول الله (ﷺ) أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتان"([226]) ومعنى متكافئتان: أي متساويتان في السن، والنوع والجنس، والسمن.
3- هناك أحكام عامة يجب مراعاتها في العقيقة وهي: يجري في العقيقة ما يجري في الأضحية من الأحكام، من بلوغ السن، والسلامة من العيوب، والصدقة والإهداء، والأكل منها، ويستثنى من حكم الأضحية الاشتراك في الإبل والبقر، فلا يصح في العقيقة امتثالاً لأمره (ﷺ) رغبة في حصول المقصود من إراقة الدم عن الولد، فإذا عق ببقرة أو بدنة فلابد أن تكون العقيقة بأحدهما كاملة عن مولود واحد.
كما أن من الأمور التي يجب مراعاتها في عقيقة المولود، ألا يكسر من عظام الذبيحة شيئاً، سواء حين توزيعها، أو عند الأكل، لما روي عن جعفر بن محمد عن أبيه، وعن عائشة أيضاً، أن النبي (ﷺ) قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: «أن ابعثوا إلى القابلة برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظماً: وكان يقول. تقطع جزولاً ولا يكسر لها عظم»([227]) والجزول: الأعضاء.
رابعاً: واجبات الأبوين نحو موالديهم:
1- يجب تربيتهم تربية إسلامية، لأن الله تعالى فطرهم على الإسلام كما أخبر الرسول (ﷺ) فقال: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»([228]).
2- يؤمر بالعبادات وهو في سن السابعة. كما ورد في الحديث([229]).
3- يجب تعريفه أحكام الحلال والحرام عند بلوغه سن التكليف.
4- يجب تربيته على حب الله وحب رسوله وتلاوة القرآن والعمل بالسنة المطهرة.
5- تعليمه التوحيد، والسيرة النبوية، وغرس التقوى والعبودية ومراقبة الله في قلبه، والرحمة والأخوة والإيثار والعفو والجرأة.
6- يجب تحذيره من الكذب والسرقة والخصام والسباب والميوعة والانحلال.
7- يجب نهيه عن التقليد للآخرين، فيما يخالف تعاليم الإسلام وعن الإسراف، وعن استماع الغناء، وعن التخنث والتشبه بالنساء والاختلاط المحرم والنظر إلى محارم الناس.
8- يجب نهي البنت عن السفور والاختلاط بغير محارمها والتشبه بالرجال، كما يجب تعليمها العفاف والاحتشام وما يجب عليها أن تعمله فيما يرضى الله.
9- يجب الابتعاد عن جليس السوء، فإنه هو المؤثر الأول في حياة الطفل.
10- أمرهم بمراعاة حقوق الوالدين، والأرحام، والجيران، والمعلم، والرفيق، والكبير، والصغير.
خامساً: أسباب انحراف الأطفال:
1- حالات الطلاق وما يصحبها من شتات وضياع وغل وترك للأطفال، وعدم متابعتهم وسؤالهم عما ينقصهم. وتفقد أحوالهم ونفسياتهم وتلبية احتياجاتهم.
2- الفراغ الذي يتحكم في حياتهم.
3- مخالطة أهل الفساد ورفاق السوء.
4- سوء تربية ومعاملة الأبوين.
5- مشاهدة أفلام الجريمة والخلاعة.
6- تخلي الأبوين عن تربية أولادهم.
وهذه الأسباب الستة تؤدي بهم إلى الظواهر المتفشية مثل ظاهرة التدخين، وظاهرة تعاطي المسكرات والمخدرات، وظاهرة الزنا واللواط، وسيحاسب الأولياء على إهمال أولادهم ويسألون عنهم يوم القيامة أمام رب العالمين لقوله (ﷺ) «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، فكلكم راع ومسئول عن رعيته»([230]).
كتبت هذه النصيحة لي، ولإخواني من المسلمين وللمسئولين فيهم في المستشفيات. أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبها الفقير إلى ربه
عمر بن غرامة العموري
(انظر تحفة الودود في أحكام المولود لابن القيم)
([1]) من رسالة آداب الزفاف للألباني باختصار، وبعض تصرف.
([2]) سورة آل عمران آية 38.
([3]) سورة الصافات آية 100.
([4]) سورة الفرقان آية 74.
([5]) سورة الأنبياء آية 89.
(*) هذه الرسالة في النكاح صدرت من وزارة العدل في المملكة العربية السعودية.
([7]) سورة الروم آية 21.
([8]) سورة البقرة آية 187.
([9]) سورة النساء آية 3.
([10]) سورة الروم آية 21.
([11]) سورة النساء آية 3.
([12]) سورة النور آية 32.
([13]) سورة الأحزاب آية 21.
([14]) سورة النور آية 33.
([15]) من خطب الشيخ الدكتور صالح الفوزان صـ 341 – 344 جـ1.
([16]) سورة الروم آية 21.
([17]) رواه البخاري ومسلم.
([18]) رواه البخاري ومسلم.
([19]) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب.
([20]) سورة النور آية 32.
([21]) سورة النور آية 32.
([22]) سورة النساء الآية 3
([23]) سورة النور الآية 32.
([24]) رواه البخاري ومسلم.
([25]) رواه البخاري ومسلم.
([26]) سورة الإسراء الآية 32.
([27]) سورة النور الآية 2.
([28]) رواه البخاري ومسلم.
([29]) سورة التحريم الآية 6.
([30]) سورة طه الآية 132.
([31]) رواه البخاري ومسلم
([32]) رواه أبو داود وأحمد والحاكم.
([33]) رواه البخاري ومسلم.
([34]) متفق عليه.
([35]) سورة الكهف الآية 46.
([36]) رواه مسلم.
([37]) رواه أحمد وابن حبان.
([38]) أخرجه مالك والترمذي.
([39]) رواه البخاري.
([40]) قال الهيثمي رواه الطبراني في الثلاثة ورجال الكبير رجال الصحيح.
([41]) رواه مسلم.
([42]) رواه أحمد والنسائي.
([43]) سورة النساء الآية 5.
([44]) رواه البخاري ومسلم.
([45]) رواه البخاري ومسلم.
([46]) سورة الأحزاب الآية 72.
([47]) رواه مسلم.
([48]) سورة الحجرات الآية 13.
([49]) رواه مسلم.
([50]) رواه مسلم.
([51]) رواه الترمذي، وقال غريب ورمز السيوطي لحسنه.
([52]) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.
([53]) رواه أحمد والنسائي.
([54]) رواه مسلم.
([55]) سورة الطلاق آية 2 – 3.
([56]) سورة النور الآية 32.
([57]) رواه الترمذي والنسائي.
([58]) سورة هود الآية 6.
([59]) سورة الذاريات الآية 22.
([60]) سورة الأنعام الآية 151.
([61]) سورة الإسراء الآية 31.
([62]) سورة الطلاق الآية 3.
([63]) رواه الترمذي.
([64]) سورة المائدة الآية 2.
([65]) رواه مسلم بلفظ "من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو عامله".
([66]) رواه البخاري ومسلم.
([67]) رواه البخاري ومسلم.
([68]) سورة التوبة الآية 91.
(*) عن مجلة البلاغ العدد 862 في 8/2/1407.
([70]) سورة الممتحنة آية 10.
([71]) سورة النساء آية 3.
([72]) سورة النور آية 32.
([73]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([74]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([75]) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب.
([76]) سورة الإسراء آية 26 – 27.
([77]) سورة الإسراء آية 29.
([78]) سورة الفرقان آية 67.
([79]) سورة النور آية 32.
([80]) سورة الحجر آية 92 – 93.
([81]) رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح.
([82]) رواه مسلم.
(*) من رسالة (الزوجة الصالحة في الكتاب والسنة) للشيخ عبد الله بن يوسف.
([84]) تفسير ابن كثير 2/276.
([85]) زاد المسير لابن الجوزي 2/74 – 75.
([86]) حديث حسن، رواه ابن حبان ص 315 ـ موارد ـ من حديث أبي هريرة، وسنده ضعيف، ورواه أحمد 1/191 من حديث عبد الرحمن بن عوف وسنده حسن في الشواهد، ورواه البزار 2/177 ـ كشف الأستار ـ من حديث أنس وسنده ضعيف، أفاد ابن معين أن رواد بن الجراح غلط فيه كما في "الميزان" 2/56، وله طريق أخرى عن أنس عند أبي نعيم في "الحلية" 6/308 وسنده واه رواه الطبراني من حديث عبد الرحمن بن حسنة كما في المجمع 4/306، قال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وسعيد بن عفير لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح" قلت فالحديث بهذه الشواهد حسن على أقل الأحوال عدا رواية أبي نعيم.
([87]) رواه أحمد 2/251، 432 والنسائي 6/68 والحاكم 2/161 والبيهقي 7/82 من حديث أبي هريرة وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي، قلت: وهو كما قالا، وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام، قال الهيثمي في "المجمع" 4/273: "رواه الطبراني، وفيه رزيك بن أبي رزيك ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
([88]) حديث حسن، رواه النسائي في "عشرة النساء" وتمام الرازي في "الفوائد" وعنه ابن عساكر من حديث ابن عباس، وفيه خلف بن خليفة وهو ثقة لكنه اختلط بآخره. لكن له شاهد من حديث أنس، رواه الطبراني في "المعجم الصغير" 1/46 و "الأوسط" كما في المجمع 4/312، قال المنذري في "الترغيب" 3/57: "رواته محتج بهم في الصحيح إلا إبراهيم بن زياد القرشي فإنني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل" ـ انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للأستاذ الشيخ ناصر الدين الألباني رقم "287".
([89]) فيض القدير 3/106.
(*) من زاد المعاد لابن القيم بتحقيق الأرنؤوط 5/158.
([91]) أخرجه أحمد في "المسند" 5/411 عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، وإسناده صحيح.
([92]) أخرجه البخاري 10/351، 352 في الأدب: باب تبل الرحم ببلالها، ومسلم (215) في الإيمان: باب موالاة المؤمنين وأحمد 4/302 من حديث عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله ﷺ جهاراً غير سر يقول: إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، وإنما ولي الله وصالحوا المؤمنين" وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (897) من حديث أبي هريرة مرفوعاً "إن أوليائي يوم القيامة المتقون، وإن كان نسب أقرب من نسب، فلا يأتيني الناس بالأعمال، وتأتوني بالدنيا تحملونها على رقابكم، فتقولون: يا محمد فأقول هكذا وهكذا: لا" وأعرض في كلا عطفيه. وسنده حسن.
([93]) أخرجه الترمذي (1085) في النكاح: باب ما جاء فيمن ترضون دينه من حديث أبي حاتم المزني، وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو كما قال لشواهده، منها ما أخرجه الترمذي (1084) وابن ماجه (1967)، والحاكم 2/164، 165 من حديث أبي هريرة مرفوعاً "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" وأخرجه ابن عدي من حديث ابن عمر.
([94]) أخرجه أبو داود (2102) وسنده جيد، وصححه الحاكم 2/164، ووافقه الذهبي.
([95]) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1480).
(*) من زاد المعاد لابن القيم بتحقيق الأرنؤوط 5/176 - 179.
([97]) أخرجه البخاري 5/173، 174 في الهبة: باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته. ومسلم (1620) في الهبات: باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه. أخرجه مسلم (1426) في النكاح: باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن.
([98]) أخرجه الترمذي (1114) في النكاح، وأحمد (285) و (287) و (340)، والنسائي 6/117، وأبو داود (2106)، وسنده حسن.
([99]) أخرجه البخاري 9/187 في النكاح: باب المهر بالعروض وخاتم من حديد.
([100]) أخرجه أبو داود (2110) في النكاح: باب قلة المهر، وأحمد 3/355 وفي سنده موسى بن مسلم، وصوابه صالح بن رومان، قال أبو حاتم: مجهول، وضعفه الأزدي، وفيه تدليس أبي الزبير أيضاً. وقال أبو داود: رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن صالح بن رومان، عن أبي الزبير عن جابر موقوفاً.
([101]) أخرجه الترمذي (1113) في النكاح: باب ما جاء في مهور النساء، وابن ماجه (1888) من حديث عامر بن ربيعة وفي سنده عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف.
([102]) أخرجه أحمد في "المسند" 6/82 و 145، والحاكم 2/178، وفي سنده ابن سخبرة واسمه عيسى بن ميمون، قال البخاري: منكر الحديث، وباقي رجاله ثقات، أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1256) من طريق آخر عنها بلفظ "من يمن المرأة تسهيل أمرها وقلة صداقها" وسنده حسن، وفي الباب عن عقبة بن عامر عند أبي داود (2117) بلفظ "خير النكاح أيسره" وإسناده قوي، وصححه ابن حبان (1257) وعن ابن عباس عند ابن حبان (1255) بلفظ "خيرهن أيسرهن صداقاً" وفي سنده، رجاء بن الحارث وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات.
([103]) أخرجه البخاري 9/176، 179 في النكاح: باب التزويج على القرآن وبغير صداق، ومسلم (1425) في النكاح: باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد.
([104]) أخرجه النسائي 6/114 في النكاح: باب التزويج على الإسلام، وإسناده صحيح.
([105]) عرض بضم العين وإسكان الراء جانب كما في شرح النووي.
([106]) من خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين 573 – 575.
([107]) سورة الأنفال آية 25.
([108]) رواه البخاري ومسلم.
([109]) رواه البخاري ومسلم.
([110]) رواه البخاري.
([111]) رواه النسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
([112]) رواه البخاري ومسلم.
([113]) والصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم تحريم التصوير مطلقاً لعموم الأدلة الصحيحة الواردة في هذا المعنى انظر الجواب المفيد في حكم التصوير للشيخ عبد العزيز بن باز وشرح صحيح مسلم للنووي 14/81 وانظر إعلان النكير على المفتونين بالتصوير للشيخ حمود بن عبد الله التويجري وكذلك صدر فتوى بعموم التحريم للهيئة الدائمة للإفتاء، وانظر رد الشيخ الدكتور صالح الفوزان على من أباح التصوير الضوئي في مجلة كلية أصول الدين العدد الثاني لعام 99 – 1400 هـ صـ 337 ورده كذلك على من أباح التصوير الضوئي في مجلة الدعوة الصادرة في 22/3/1399 هـ.
([114]) سورة النور آية 21.
([115]) والختان من خصال الفطرة كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط" وقد ذهب إلى وجوبه الشعبي، وربيعة والأوزاعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وعن أبي حنيفة، واجب وليس بفرض، وعنه سنة يأثم بتركه، واحتجوا بأدلة كثيرة وفيرة بسطها المؤلف رحمه الله في كتابه "تحفة المودود" صـ 160، 184 فراجعه.
(*) من زاد المعاد لابن القيم بتحقيق الأرنؤوط 2/334.
([117]) أخرجه البخاري 10/486 في الأدب: باب أبغض الأسماء إلى الله، ومسلم (2143) في الأدب: باب تحريم التسمي بملك الأملاك، والترمذي (2839)، وأبو داود (4961) من حديث أبي هريرة t. ومعنى أخنع اسم، أي: أذل وأفجر وأفحش.
([118]) أخرجه مسلم (2132) في الآداب: باب النهي عن التكني بأبي القاسم، والترمذي (2835) و (2836) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن" وأما لفظ المؤلف، فقد أخرجه أبو داود (4950) والنسائي 6/218 و 219، والبخاري في "الأدب المفرد" 2/277 من حديث أبي وهب الجشمي، وفي سنده عقيل بن شبيب وهو مجهول، وباقي رجاله ثقات.
([119]) أخرجه مسلم (2137) في الأدب: باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، والترمذي (2838)، وأبو داود (4958) من حديث سمرة بن جندب. قال الخطابي رحمه الله: قد بين النبي ﷺ المعنى في ذلك، وكراهة العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها إما التبرك بها، أو التفاؤل بحسب ألفاظها، فحذرهم أن يفعلوا لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد، وذلك إذا سألوا، فقالوا: أثم يسار، أثم رباح، فإذا قيل: لا، تطيروا بذلك وتشاءموا به، وأضمروا على الإياس من اليسر والنجاح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الإياس من خيره.
([120]) أخرجه مسلم (2139) وأبو داود (4952) من حديث ابن عمر.
([121]) أخرجه مسلم (2140) من حديث ابن عباس.
([122]) أخرجه مسلم (2142) (19) من حديث زينب بنت أبي سلمة.
([123]) أخرجه أبو داود (4954) من حديث أسامة بن أخدري، وإسناده صحيح.
([124]) أخرجه أبو داود (4955) والنسائي 8/226، 227، والبخاري في "الأدب المفرد" من حديث المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده هانئ أنه لما وفد على رسول الله ﷺ مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله ﷺ فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء، أتوني فحكمت بينهم، فرضى كلا الفريقين، فقال رسول الله ﷺ: ما أحسن هذا، فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلم وعبد الله، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال: فأنت أبو شريح، وإسناده صحيح.
([125]) أخرجه البخاري 10/473، 474 في الأدب: باب اسم الحزن، وأبو داود (4956).
([126]) ذكره أبو داود في "سننه" بعد حديث الحزن (4956) وقال: تركت أسانيدها للاختصار.
([127]) أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي ﷺ" صـ 274 من حديث أبي هريرة، وفي سنده عمر بن راشد وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه البزار صـ 242 من حديث بريدة بنحوه، ورجاله ثقات، فيتقوى به، وذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" صـ 82 من حديث أبي هريرة، ومن حديث بريدة، وقال: وأحدهما يقوي الآخر.
([128]) أخرجه مسلم (2270) في الرؤيا: باب رؤيا النبي ﷺ، وأبو داود (5025) في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، وأحمد 3/286.
([129]) أخرجه البخاري 5/251 عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو، قال النبي ﷺ: "قد سهل لكم من أمركم" قال الحافظ: وهو مرسل، ولم أقف على من وصله بذكر ابن عباس فيه، لكن له شاهد موصول عند ابن أبي شيبة من حديث سلمة بن الأكوع، قال: بعثت قريش سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى إلى النبي ﷺ ليصالحوه، فلما رأى النبي ﷺ سهيلاً، قال: قد سهل لكم من أمركم، وللطبراني نحوه من حديث عبد الله بن السائب.
([130]) أخرجه مالك في "الموطأ" 2/973 في الاستئذان: باب ما يكره من الأسماء من حديث يحيى بن سعيد وهو مرسل أو معضل، وقد وصله ابن عبد البر من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن يعيش الغفاري. ورجاله ثقات.
([131]) مختصر من رسالة الحجاب ـ للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
([132]) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.
([133]) سورة الأحزاب آية 32 – 33.
([134]) سورة الأحزاب آية 53.
([135]) سورة الأحزاب آية 59.
([136]) سورة النور آية 30 – 31.
([137]) في الحديث الذي رواه أحمد والبخاري ومسلم.
([138]) رواه البخاري ومسلم.
([139]) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.
([140]) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه ابن حبان.
([141]) من رسالة (نصائح دينية) تأليف دخيل ربه مفرج الحجيلي.
([142]) سورة البقرة آية (227).
([143]) رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن أبي بكر بلفظ (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) وصححه الألباني.
([144]) سورة التحريم آية (6).
([145]) جزء من حديث رواه مسلم وأحمد ولفظه (صنفان من أهل النار لم أراهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس. ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
([146]) سورة النحل آية 90.
([147]) سورة النساء آية 3.
([148]) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي عن أبي هريرة.
([149]) سورة النساء آية 34.
([150]) جزء من حديث أخرجه البخاري.
([151]) سورة البقرة آية 228.
([152]) سورة البقرة آية 228.
([153]) رواه الترمذي وصححه.
([154]) سورة النساء آية 34.
([155]) سورة النساء آية 34.
([156]) سورة الأحزاب آية 32.
([157]) سورة الأحزاب آية 34.
([158]) المصدر السابق.
([159]) سورة الأحزاب آية 33.
([160]) سورة الأحزاب آية 53.
([161]) جزء من حديث أخرجه البخاري.
([162]) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من طريق أبي نعيم الحافظ بسنده عن إبراهيم بن هدبة: حدثنا أنس مرفوعاً. قال الألباني هذا الحديث موضوع.
([163]) سورة الأحزاب آية 59.
([164]) سورة النور آية 31.
([165]) سورة الأحزاب آية 32.
([166]) سورة النور آية 31.
([167]) رواه ابن ماجه عن أبي هريرة.
([168]) سورة النور آية 31.
([169]) رواه البخاري وأحمد والترمذي وأبو داود عن ابن مسعود t.
([170]) رواه البخاري.
([171]) المصدر السابق.
([172]) سورة الأحزاب آية 33.
([173]) سورة الأحزاب آية 53.
([174]) متفق عليه.
([175]) رواه البخاري ومسلم.
([176]) رواه مسلم.
([177]) رواه الطبراني. وصححه الألباني.
([178]) رواه ابن أبي الدنيا. وضعفه الألباني.
([179]) سورة الروم آية 30.
([180]) سورة الجاثية آية 23.
([181]) سورة المطففين آية 29.
([182]) أخرجه مسلم وأحمد والترمذي.
([183]) أخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني.
([184]) أخرجه أحمد والحاكم. وصححه الألباني.
([185]) سورة النساء آية 34.
([186]) سورة التحريم آية 6.
([187]) متفق عليه.
([188]) من رسالة (الطرق الشرعية لحل المشاكل الزوجية) للشيخ سليمان الحميضي.
([189]) سورة الطلاق آية 2 – 3.
([190]) رواه البخاري ومسلم.
([191]) رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن.
([192]) رواه الترمذي والدارمي وصححه الألباني.
([193]) كتبها الشيخ أحمد بن عبد الرحمن القاسم.
([194]) سورة النور آية (6).
([195]) الآية رقم 3 من سورة النساء.
([196]) رواه أبو داود وابن ماجه وحسن إسناده ابن كثير.
([197]) جزء من حديث رواه البخاري.
([198]) الآية رقم 216 من سورة البقرة.
([199]) الآية رقم 19 من سورة النساء.
([200]) رواه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار.
([201]) رواه الترمذي.
([202]) رواه الترمذي من حديث علي بن أبي طالب وقال: غريب وليس إسناده بمتصل.
([203]) جزء من حديث رواه الشافعي والبيهقي عن ابن عباس ولفظه: لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل.
([204]) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة t.
([205]) رواه الخمسة إلا أحمد.
([206]) من أراد الاستزادة من هذا الموضوع فليقرأ الكتب التالية:
أ- الإسلام وتعدد الزوجات لإبراهيم النعمة.
ب- تعدد الزوجات لا تعدد العشيقات لعبد الحليم عويس.
ج- تعدد الزوجات لعبد الناصر العطار.
د- حكمة تعدد زوجات النبي ﷺ للصواف.
ه- المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي.
و- الإسلام وتعدد الزوجات لعبد التواب هيكل.
([207]) حديث ابن مسعود "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكاً ويؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقياً أو سعيداً"..... إلخ أخرجه البخاري ومسلم والأربعة.
([208]) الآية رقم (5) من سورة الطلاق.
([209]) جزء من حديث رواه مسلم عن أبي هريرة t ولفظه "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان".
([210]) سورة هود آية 71.
([211]) الآية رقم 39 من سورة آل عمران.
([212]) أخرجه البخاري. وتمامه "ودعا له بالبركة ودفعه إلي" وكان أكبر ولد أبي موسى.
([213]) رواه الإمام أحمد والبيهقي والطبراني في المعجم الكبير. وحسنه الألباني.
([214]) رواه البخاري ومسلم عن أنس t.
([215]) رواه الجماعة عن أبي هريرة t.
([216]) رواه أبو داود والبيهقي وأحمد من حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جده. وحسنه الألباني.
([217]) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في المعجم الصغير وابن عدي في الكامل والبيهقي عن جابر بن عبد الله t وأخرجه النسائي وأحمد والطبراني في الكبير عن بريده بدون "وختنهما لسبعة أيام" قال الحافظ بن حجر: وسنده صحيح.
([218]) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي والشافعي وابن ماجه وأحمد. وأخرجه مسلم بلفظ "إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل".
([219]) أخرجه الطبراني والحاكم عن الضحاك بن قيس بلفظ "أخفضي ولا تنهكي فإنه أنظر للوجه وأحظى عند الزوج" وصححه الألباني.
([220]) أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي وأحمد ورواه البخاري في صحيحه معلقاً.
([221]) أخرجه أبو داود والطحاوي والبيهقي والطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس t قال الألباني إسناده صحيح على شرط البخاري.
([222]) أخرجه الطحاوي في المشكل وابن حبان والطبراني في المعجم الأوسط وابن عدي في الكامل.
([223]) رواه الخمسة وصححه الترذمي.
([224]) ورواه الحاكم وفيه "قالت عائشة: بل السنة أفضل عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة تقطع جدولاً ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذاك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين" وقال الحاكم صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
([225]) رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي والترمذي وصححه.
([226]) وهذا لفظ ابن ماجه.
([227]) ذكره أبو داود في :كتاب المراسيل".
([228]) أخرجه البخاري ومسلم وأحمد من حديث أبي هريرة t.
([229]) وهو ما أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي والحاكم والطحاوي والبيهقي من حديث سبرة بن معبد أن النبي ﷺ قال: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها" قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
([230]) رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما.
التصانيف العلمية: