إن الإنترنت ثورة كبرى في عالم المعلومات، وميدان فسيح لامتحان الإيمان والأخلاق بل والعقول. فالخير مفتوح الأبواب، والشر معروض بشتى الأساليب، وبإمكان الذي يتعامل مع الإنترنت أن يطلق لسانه بما شاء، وأن يُسَرِّحَ بصرَه كما يريد، وأن يخط بيده ما يرغب؛ فلا حسيب عليه، ولا رادع له، ولا مُوْقِف له عند حد. فإن تسامى واستعلى، ونظر في العاقبة، واستحضر رقابة ربه، وشهوده عليه - أفلح ونجح، واقتحم تلك العقبة. وإنْ هو أطلق لنفسه العنان، ومال حيث يميل الهوى، وغاب عنه رادع الإيمان ووازع التقوى - أوشك أن يرتكس في حمأة الرذيلة، ويسقط على أم رأسه في الحضيض، فلا يكون من رواء ذلك إلا إذلال النفس، وموت الشرف، والضعة والتسفُّل. ولهذا كان حرياً بالعاقل أن يحسن التعامل مع الإنترنت، وأن لا يْفْرِطَ في الثقة في نفسه، فيوقعها في الفتنة، ثم يصعب عليه الخلاص منها.