فإنَّ (عِلْمَ التَّوحِيدِ) أَشرَفُ العُلُومِ، وأَجَلُّها قَدْرًا، وأَوْجَبُها مَطْلَبًا؛ لأنَّه العِلمُ بِاللَّهِ تَعَالى، وأَسمَائِهِ، وصِفَاتِهِ، وحُقُوقِهِ عَلَى عِبَادِهِ، ولأنَّه مِفتَاحُ الطَّرِيقِ إلى اللَّهِ تَعَالَى، وأسَاسُ شَرَائِعِهِ. ولِذا: أَجمَعَتِ الرُّسُلُ عَلَى الدَّعوَةِ إلَيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ 25﴾ [الأنبياء:25]. وشَهِدَ لِنَفْسِهِ تَعَالى بِالوَحْدَانِيَّة، وشَهِدَ بِها لَهُ مَلائِكَتُه، وأهْلُ العِلم، قَالَ اللَّهُ تَعَالى: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ 18﴾ [آل عمران:18]. ولمَّا كان هذا شَأْنُ التَّوحِيدِ كان لِزَامًا على كُلِّ مُسلِمٍ أن يَعتَنِي بِهِ تَعَلُّمًا، وتَعْلِيمًا، وتَدَبُّرًا، واعْتِقَادًا؛ لِيَبْنِيَ دِينَهُ على أسَاسٍ سَلِيمٍ، واطْمِئْنَانٍ وتَسلِيمٍ؛ حتَّى يَسْعَدَ بِثَمَرَاتِهِ، وَنَتَائِجِهِ.