عرضنا في هذه المقالة موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - من تحقيق حقوق الإنسان في مجالات مختلفة من الحياة على ضوء القرآن والسنة والذي ينبغي أن يتبعه الإنسان في كل عصر ومصر.
هذه المادة مأخوذة من خطبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين يبين فيها أن الإسلام منهج متكامل، تشريع شامل لكل مجالات الحياة، فهو إيمان وعمل، عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، فكر وعاطفة، أخلاق وعمران. وشمولية الإسلام تعنى احتواء وتضمن رسالة الإسلام لكل ما يمكن أن يحتاجه الإنسان، شرط إن يحسن فهم مضمون ومقاصد مفردات الرسالة.
إن حقوق الإنسان في الإسلام تنبع أصلاً من العقيدة، وخاصة من عقيدة التوحيد، ومبدأ التوحيد القائم على شهادة أن لا إله إلا الله هو منطلق كل الحقوق والحريات، لأن الله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد خلق الناس أحراراً، ويريدهم أن يكونوا أحراراً، ويأمرهم بالمحافظة على الحقوق التي شرعها والحرص على الالتزام بها، ثم كلفهم شرعاً بالجهاد في سبيلها والدفاع عنها، ومنع الاعتداء عليها وهذا ما تكرر في القرآن الكريم في آيات القتال والجهاد. فحقوق الإنسان في الإسلام تنبع من التكريم الإلهي للإنسان بالنصوص الصريحة، وهو جزء من التصور الإسلامي والعبودية لله تعالى وفطرة الإنسان التي فطره الله عليها.
إن الإسلام أول دين ألزم أهله ومعتنقيه احترام حرية عقيدة ودين الآخرين، فليس بسائغ لمسلم أن يحمل غيره بطريقة الإكراه والقسر على ترك عقيدته ودينه ليكون مسلما، لكن مع هذا إن لإسلام وإن سمح لأهل الكتاب بالبقاء على دينهم، إلا أنه يلزمهم بالدخول تحت سلطانه، ودفع الجزية، والامتناع عن إظهار الكفر والدعوة إليه ونشره، وذلك معلوم مشهور فيما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم في التعامل مع أهل الذمة .
جاء الإسلام ليحدث في الأرض إصلاحاً على كل المستويات وفي جميع المجالات.. فهو ليس ديناً يكتفي بالجانب الروحي أو العبادات فقط ، وإنما يتولى تنظيم كافة شئون الدنيا بنصوص وقواعد عامة ثابتة - في القرآن الكريم والسنة المطهرة -، ومن بين الجوانب التي أحدث فيها إصلاحا تحرير العبيد من الرق ، وجعل التفاضل بينهم بالتقوى ، كما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: «لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى». وفي هذه المادة يوضح الكاتب المنهج الإسلامي في تحرير العبيد.
سطور في حقوق الإنسان: في هذه المقالة يُبيِّن الكاتب حقوق الإنسان في بلاد الإسلام، وفي ظل العقيدة والشريعة الإسلامية التي تُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ويقوم منهجُها على أساسٍ دينيٍّ يُرضِي جميعَ الناس.
جاء الإسلام بتعاليم خالدة مباركة، منها المساواة بين البشر، وعدم التفاضل بينهم على أي أساس من الأسس غير العمل الصالح... والآيات والأحاديث في هذا الشأن كثيرة جدا، منها قوله تعالى: ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا فرق لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى»... وقد كانت البشرية قبل ذلك تعيش في كثير من المناطق على التعظيم السلالي لنسل الملوك والحكام وغيرهم، وخاصة في بلاد فارس التي كان أهلها يعظمون ويؤلهون الأسر الكسروية الحاكمة.